الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و - قَتْل الْهِرَّةِ الصَّائِلَةِ:
7 -
نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ هَلَكَتِ الْهِرَّةُ فِي الدَّفْعِ عَنْ حَمَامٍ وَنَحْوِهِ فَهَدَرٌ؛ لِصِيَالِهَا، وَذَلِكَ إِذَا تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا، وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا بِدُونِهِ كَالصَّائِل، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا بِأَنْ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا، بَل يَدْفَعُهَا بِالأَْخَفِّ فَالأَْخَفِّ كَدَفْعِ الصَّائِل، فَلَوْ كَانَتِ الْهِرَّةُ صَغِيرَةً مَثَلاً وَلَا يُفِيدُ مَعَهَا الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنَ الْبَيْتِ وَيُغْلِقَهُ دُونَهَا، أَوْ بِأَنْ يُكَرِّرَ دَفْعَهَا عَنْهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا ضَرْبُهَا ضَرْبًا شَدِيدًا.
وَيَشْمَل حُكْمُ وُجُوبِ دَفْعِ الْهِرَّةِ بِالأَْخَفِّ فَالأَْخَفِّ كَالصَّائِل مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ هَذِهِ الْعَادَةِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَال الدَّمِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، كَمَا فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ.
وَلَوْ صَارَتِ الْهِرَّةُ ضَارِيَةً مُفْسِدَةً فَهَل يَجُوزُ قَتْلُهَا فِي حَال سُكُونِهَا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا - وَبِهِ قَال الْقَفَّال - لَا يَجُوزُ؛ لأَِنَّ ضَرَاوَتَهَا عَارِضَةٌ وَالتَّحَرُّزَ عَنْهَا سَهْلٌ، وَجَوَّزَ الْقَاضِي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَتْلَهَا مُطْلَقًا؛ أَيْ سَوَاءٌ فِي حَال صِيَالِهَا أَوْ حَال سُكُونِهَا، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَ دَفْعُهَا
بِدُونِ الْقَتْل أَمْ لَمْ يُمْكِنْ؛ لأَِنَّهَا قَدْ تَعُودُ وَتُتْلِفُ مَا دُفِعَ عَنْهَا مَعَ التَّغَافُل عَنْهُ؛ وَلأَِنَّهَا - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - لَا يُكَفُّ شَرُّهَا إِلَاّ بِالْقَتْل (1) .
وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَوْل ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ أَفْتَى بِقَتْل الْهِرِّ إِذَا خَرَجَ أَذَاهُ عَنِ الْعَادَةِ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَاخْتَارَهُ الأَْذْرَعِيُّ: فِي هِرٍّ مُهْمَلٍ لَا مَالِكَ لَهُ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَأَلْحَقَهُ الْقَاضِي بِالْفَوَاسِقِ الْخَمْسَةِ.
وَالْوَجْهُ جَوَازُ الدَّفْعِ كَذَلِكَ فِي الْهِرَّةِ الْحَامِل، بَل وُجُوبُهُ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا حَامِلاً أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ يُعْلَمُ الْحَمْل؛ لأَِنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ، وَتَيَقَّنَّا إِضْرَارَهَا لَوْ لَمْ يَدْفَعْهَا فَرُوعِيَ (2) .
وَسُئِل الْبُلْقِينِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأْلَفُ ذَلِكَ الْمَحَل بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إِلَيْهِ لِلإِْيوَاءِ فَهَل يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَل مُتْلَفَهَا؟ وَأَجَابَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ وَإِلَاّ ضَمِنَ ذُو الْيَدِ (3)
(1) تُحْفَة الْمُحْتَاج مَعَ الْحَوَاشِي 9 / 209 - 210، ونهاية الْمُحْتَاج 8 / 40 - 41، ومغني الْمُحْتَاج 4 / 207 وقليوبي 4 / 213.
(2)
تُحْفَة الْمُحْتَاج بِشَرْحِ الْمِنْهَاجِ مَعَ حَاشِيَة الشرواني 9 / 210.
(3)
نِهَايَة الْمُحْتَاجِ بِشَرْحِ الْمِنْهَاجِ 8 / 41، وحاشية الشرواني مَعَ تُحْفَة الْمُحْتَاج 9 / 210