الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّأْيُ الثَّالِثُ: لِلْحَنَفِيَّةِ رِوَايَتَانِ فِي جَوَازِ إِبْدَال الْهَدْيِ الْمُعَيَّنِ: رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ، فَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ يَجُوزُ إِبْدَال الْهَدْيِ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ بِمِثْلِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَا يَجُوزُ إِبْدَالُهُ بِقِيمَتِهِ، وَيَجُوزُ إِبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِخَيْرٍ مِنْهُ بِالأَْوْلَى.
وَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُْولَى: اعْتِبَارُ الْبَدَنَةِ بِالأَْمْرِ، ثُمَّ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنَ النَّعَمِ: يَجُوزُ الْقِيمَةُ فِيهِ وَكَذَا فِي النُّذُورِ. وَوَجْهُ الثَّانِيَةِ: إِنَّ الْقُرْبَةَ تَعَلَّقَتْ بِشَيْئَيْنِ: إِرَاقَةُ الدَّمِ، وَالتَّصَدُّقُ بِاللَّحْمِ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا فِي الْقِيمَةِ، وَهُوَ إِرَاقَةُ الدَّمِ فَلَمْ يُجْزِئْ (1) .
الاِنْتِفَاعُ بِالْهَدْيِ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ:
19 -
يَجُوزُ رُكُوبُ الْهَدْيِ، إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ بِلَا ضَرَرٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُكْرَهُ رُكُوبُهَا فِي غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال: " سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى
(1) بَدَائِع الصَّنَائِع 2 / 224 - 225، والمبسوط 4 / 146 - 147، وحاشية الطحطاوي عَلَى الدَّرِّ الْمُخْتَارِ 2 / 555.
تَجِدَ ظَهْرًا (1) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ حَاجَةٌ لِرُكُوبِهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الرُّكُوبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ الرُّكُوبُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ. أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَال: ارْكَبْهَا فَقَال لَهُ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَال: ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ، فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ (2) .
فَإِنْ رَكِبَهَا بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ فَانْتَقَصَتْ بِهِ، ضَمِنَ قِيمَةَ النُّقْصَانِ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّهُ صَرَفَ جُزْءًا مِنْهَا إِلَى حَاجَتِهِ (3) .
حُكْمُ شُرْبِ لَبَنِ الْهَدْيِ:
20 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمُهْدِيَ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ الْهَدْيِ إِلَاّ مَا فَضَل عَنْ وَلَدِهَا وَلَمْ يَضُرَّهَا وَلَا يُنْقِصْ لَحْمَهَا، لأَِنَّهُ انْتِفَاعٌ لَا يَضُرُّهَا وَلَا وَلَدَهَا.
(1) حَدِيث: " ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا إلجئت إِلَيْهَا. . . " أَخْرَجَهُ مُسْلِم (2 / 961 - ط الْحَلَبِيّ) .
(2)
حَدِيث: " أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَة. . . " أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي 3 / 536 - ط السَّلَفِيَّة) ، ومسلم (2 / 960 - ط الْحَلَبِيّ) وَالسِّيَاق لِمُسْلِم.
(3)
الْمَبْسُوط 4 / 144 - 145، والدسوقي 2 / 92، والمجموع 8 / 278، والمغني 3 / 450.