الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْهَزْل فِي الثَّمَنِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي تَحْتَمِل النَّقْضَ:
21 -
إِذَا اتَّفَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ عَلَى الْجِدِّ فِي الْعَقْدِ، لَكِنَّهُمَا هَزَلَا فِي الثَّمَنِ، فَإِنَّ الْهَزْل فِي الثَّمَنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، أَوْ فِي جِنْسِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا الْبَيْعِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (بَيْع التَّلْجِئَة ف 10 وَمَا بَعْدَهَا) .
النَّوْعُ الثَّانِي: الْهَزْل فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل النَّقْضَ
.
22 -
التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَحْتَمِل النَّقْضَ - هِيَ الَّتِي لَا يَجْرِي فِيهَا الْفَسْخُ وَالإِْقَالَةُ بَعْدَ ثُبُوتِهَا - وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْهَزْل فِيهَا بِاخْتِلَافِ حَالَاتِهَا، مِنْ حَيْثُ اقْتِرَانُ الْمَال بِهَا، أَوْ عَدَمُ اقْتِرَانِهِ؛ لأَِنَّهَا إِمَّا أَلَاّ يَكُونَ فِيهَا مَالٌ أَصْلاً، أَوْ يَكُونَ فِيهَا مَالٌ تَبَعًا؛ أَوْ يَكُونَ الْمَال فِيهَا مَقْصُودًا (1)، وَهِيَ كَمَا يَلِي:
الْحَالَةُ الأُْولَى: الْهَزْل فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل النَّقْضَ وَلَا يَكُونُ فِيهَا مَالٌ أَصْلاً:
وَيَشْمَل هَذَا النَّوْعُ الطَّلَاقَ، وَالظِّهَارَ، وَالْعِتْقَ، وَالْعَفْوَ عَنِ الْقِصَاصِ - عِنْدَ مَنْ يَرَى
(1) كَشْف الأَْسْرَارِ 4 / 1482.
أَنَّ مُوجِبَ الْقَتْل الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ الْقِصَاصُ عَيْنًا - وَالْيَمِينَ وَالنَّذْرَ (1) .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْهَزْل فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
23 -
الْقَوْل الأَْوَّل:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الْجِدَّ وَالْهَزْل فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ سَوَاءٌ، وَمِنْ ثَمَّ فَطَلَاقُ الْهَازِل وَاقِعٌ قَضَاءً وَدِيَانَةً، ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَمِثْلُهُ بَاقِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ (2) .
وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِيهِنَّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ، وَالْعِتْقُ (3) .
(1) بَدَائِع الصَّنَائِع 7 / 241، وحاشية الدُّسُوقِيّ 4 / 212، ومغني الْمُحْتَاج 4 / 48 وَالإِْنْصَاف 10 / 3.
(2)
الْمَبْسُوط 24 / 106، وحاشية ابْن عَابِدِينَ 2 / 423، والاختيار 3 / 124، وفتح الْقَدِير 3 / 231، 345، وفواتح الرَّحَمُوت 1 / 163، وشرح الْمَنَار وَحَوَاشِيه ص 984، ومشكاة الأَْنْوَار 2 / 111، وحاشية الْجُمَل 4 / 338، 339 والقليوبي وَعَمِيرَة 2 / 231، ونهاية الْمُحْتَاج 6 / 433، ونيل الْمَآرِب 2 / 234، ومنار السَّبِيل 2 / 237، والمغني 9 / 463، وإعلام الْمَوْقِعَيْنِ 3 / 123، والإنصاف 7 / 396.
(3)
حَدِيث: فَضَالَّة بْن عَبِيد: " ثَلَاث لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِيهِنَّ. . . " أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِيرِ (18 / 304 - ط وِزَارَة الأَْوْقَافِ الْعِرَاقِيَّةِ) . وأشار ابْن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ (3 / 448 - ط الْعِلْمِيَّة) إِلَى إِعْلَالِهِ بِأَحَدِ رُوَاته.
وَعَنِ الْحَسَنِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ طَلَّقَ أَوْ حَرَّرَ أَوْ أَنْكَحَ أَوْ نَكَحَ فَقَال: إِنِّي كُنْتُ لَاعِبًا فَهُوَ جَائِزٌ (1) .
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِالإِْجْمَاعِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ أَنَّ هَزْل الطَّلَاقِ وَجِدَّهُ سَوَاءٌ (2) .
وَنَصَّ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل النَّقْضَ وَلَا مَال فِيهَا تَأْخُذُ حُكْمَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ (3) .
فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ، وَالرَّجْعَةَ، وَالظِّهَارَ، وَالْيَمِينَ، وَالْعِتْقَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ الْهَزْل وَالْجِدَّ فِيهَا سَوَاءٌ، لِلْحَدِيثِ ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ. . . " فَقَدْ رُوِيَ بِرِوَايَاتٍ: بَعْضُهَا: " النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْيَمِينُ " وَفِي رِوَايَةٍ: " وَالْعِتْقُ " بَدَل
(1) حَدِيث: " مَنْ طَلْق أَوْ حَرَّرَ. . . ". أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي شَيْبَة (5 / 106 - ط السَّلَفِيَّة) مِنْ حَدِيثِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ مُرْسَلاً.
(2)
الْمُغْنِي 7 / 303.
(3)
تَقَدَّمَ تَخْرِيجه فِقْرَة (1) .
" الْيَمِينُ " وَفِي رِوَايَةٍ " وَالرَّجْعَةُ " بَعْدَ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (1)" فَأُخِذَ بِهَا فَكَانَ حُكْمُهَا وَاحِدًا، وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ: الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ وَالنَّذْرُ فَإِنَّهَا مَقِيسَةٌ عَلَيْهَا بِجَامِعِ أَنَّهَا إِنْشَاءَاتٌ لَا تَحْتَمِل الْفَسْخَ، فَقَدْ أُلْحِقَ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ بِ ـ " الْعِتْقُ "، وَالنَّذْرُ بِ ـ " الْيَمِينُ ".
وَجَعَل الْمَالِكِيَّةُ الرَّجْعَةَ مُلْحَقَةً بِالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ، قَال فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي شَرْحِ قَوْل ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي الْهَزْل فِي الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ. . . وَيُلْحَقُ بِالثَّلَاثِ الرَّجْعَةُ، وَالْمَشْهُورُ اللُّزُومُ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ.
وَلَكِنْ نَصَّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ كَرَجَعْتُ. . . وَتَكُونُ بِهِ مَعَ النِّيَّةِ رَجْعَةً ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، أَمَّا مَعَ الْهَزْل فَإِنَّهَا تَكُونُ رَجْعَةً فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ لِعَدَمِ
(1) وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ (3 / 186، 187) : " فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ مَعَ الإِْكْرَاهِ، وَالْهَزْل، وَاللَّعِبِ، وَالْخَطَأِ؛ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِبْقَاءُ النِّكَاحِ، وَأَنَّهُ دُونَ الإِْنْشَاءِ، وَلَمْ تَشْتَرِطْ هَذِهِ الأَْشْيَاء لِلإِْن