الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَدُوًّا أَوْ يَقْتُلُوا فِي السِّرِّ مُسْلِمًا، أَوْ يَأْخُذُوا لَهُ مَالاً، أَوْ يَزْنُوا بِمُسْلِمَةٍ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْمُهَادِنَ لَوْ تَجَسَّسَ أَخْبَارَ الْمُسْلِمِينَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ كَرْهًا أَوْ سَرَقَ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ (2) .
وَإِذَا اسْتَشْعَرَ الإِْمَامُ مِمَّنْ هَادَنَهُ وَظَهَرَتْ أَمَارَةٌ تَدُل عَلَى خِيَانَتِهِمْ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ إِلَى أَنَّهُ جَازَ لِلإِْمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ بِأَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنْ لَا عَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ (3) } ، يَعْنِي إِذَا خِفْتَ غَدْرَهُمْ وَخُدْعَتَهُمْ وَإِيقَاعَهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ وَفَعَلُوا ذَلِكَ خَفْيًا وَلَمْ يُظْهِرُوا نَقْضَ الْعَهْدِ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ أَيْ أَلْقِ إِلَيْهِمْ فَسْخَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الْعَهْدِ وَالْهُدْنَةِ حَتَّى يَسْتَوِيَ الْجَمِيعُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:{عَلَى سَوَاءٍ} لِئَلَاّ يَتَوَهَّمُوا أَنَّكَ نَقَضْتَ الْعَهْدَ بِنَصْبِ الْحَرْبِ (4) .
(1) الْحَاوِي 18 / 443، وروضة الطَّالِبِينَ 10 / 337، ومطالب أُولِي النُّهَى 2 / 589، 622، 623.
(2)
حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 3 / 249.
(3)
سُورَة الأَْنْفَال / 58.
(4)
أَحْكَام الْقُرْآنِ لِلْجَصَّاصِ 3 / 67، وعمدة الْقَارِئ 15 / 100 - 101، والدسوقي 2 / 206، وروضة الطَّالِبِينَ 10 / 338، ومطالب أُولِي النُّهَى 2 / 590.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ نَبْذُ عَهْدِهِمْ وَإِنْذَارُهُمْ، فَإِنْ تَحَقَّقَ خِيَانَتُهُمْ نَبَذَهُ بِلَا إِنْذَارٍ.
قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِذَا ظَهَرَتْ آثَارُ الْخِيَانَةِ وَثَبَتَتْ دَلَائِلُهَا وَجَبَ نَبْذُ الْعَهْدِ لِئَلَاّ يُوقِعَ التَّمَادِي عَلَيْهِ فِي الْهَلَكَةِ، وَجَازَ إِسْقَاطُ الْيَقِينِ هَهُنَا بِالظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ، وَإِذَا كَانَ الْعَهْدُ قَدْ وَقَعَ فَهَذَا الشَّرْطُ عَادَةٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَفْظًا، إِذْ لَا يُمْكِنُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا (1) .
وَقَال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يَنْتَقِضُ عَهْدُ أَهْل الذِّمَّةِ بِمُجَرَّدِ خِيَانَتِهِمْ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ الإِْمَامِ لِنَقْضِهَا.
وَحُكِيَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْبِذُ عَقْدَ الْهُدْنَةِ كَمَا لَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِالتُّهْمَةِ (2) .
ثَالِثًا: الْعُدُول عَنِ الْمُجَامَلَةِ فِي الْقَوْل وَالْفِعْل:
23 -
مِنْ مُوجِبَاتِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ الْمُجَامَلَةُ فِي الأَْقْوَال وَالأَْفْعَال، فَهِيَ فِي حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ
(1) أَحْكَام الْقُرْآنِ لاِبْنِ الْعَرَبِيِّ 2 / 860 - 861، وحاشية الدُّسُوقِيّ 2 / 206.
(2)
رَوْضَة الطَّالِبِينَ 10 / 338.