الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ وَالْبَيْعِ بَعْدَهُ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ فَهِيَ هِبَةٌ ابْتِدَاءً وَبَيْعٌ انْتِهَاءً.
أَمَّا لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولاً بَطَل اشْتِرَاطُهُ، فَيَكُونُ هِبَةً ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُل بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ (1) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَحْصُل قَبْضٌ، فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ الْوَاهِبَ، أَمَّا إِذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَازِمَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاهِبِ، أَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّهَا لَا تَلْزَمُ فِي حَقِّهِ؛ وَلِذَلِكَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِعَيْنِهَا، فَإِنْ فَاتَتْ عِنْدَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ الْقِيمَةِ (2) .
تَكْيِيفُ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ:
35 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّكْيِيفِ الْفِقْهِيِّ لِلْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَيْعٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَتَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ، فَلَا يَبْطُل
(1) الاِخْتِيَار 3 / 53، وَالدَّرّ الْمُخْتَار 2 / 519، وَتَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير 9 / 50.
(2)
الْخَرَشِيّ 7 / 117، وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 4 / 114.
بِالشُّيُوعِ، وَيُفِيدُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَبْضِ، وَلَا يَمْلِكَانِ الرُّجُوعَ عَنِ التَّصَرُّفِ.
وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْل عِنْدَ زُفَرَ: أَنَّ مَعْنَى الْبَيْعِ مَوْجُودٌ فِي هَذَا الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِعِوَضٍ وَقَدْ وُجِدَ، إِلَاّ أَنَّهُ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَةُ، وَاخْتِلَافُهَا لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ، كَحُصُول الْبَيْعِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ (1) .
الْقَوْل الثَّانِي: يَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ عَقْدُ هِبَةٍ ابْتِدَاءً بَيْعٌ انْتِهَاءً إِذَا حَصَل التَّقَابُضُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَبْل الْقَبْضِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لَا يَجُوزُ هِبَةُ الْمُشَاعِ الَّذِي يَنْقَسِمُ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَقْبِضِ الآْخَرُ فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ، الْقَابِضُ وَغَيْرُ الْقَابِضِ فِيهِ سَوَاءٌ حَتَّى يَتَقَابَضَا جَمِيعًا.
(1) الْخَرَشِيّ 7 / 117، وَالْحَطَّاب 6 / 66 - 67، وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 4 / 114، وَالْقَوَانِينِ الْفِقْهِيَّةِ ص 315، وَبِدَايَة الْمُجْتَهِدِ 2 / 248، والزرقاني 7 / 107، وَالْمُهَذَّب 1 / 447، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 404، وَالْمُغْنِي مَعَ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ 6 / 299، وَالإِْنْصَاف 7 / 116، الْمَبْسُوط 12 / 75، وَتَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير 7 / 133، وَالْبَدَائِع 6 / 32.