الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال النَّوَوِيُّ: فَلَوْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ، فَهَل يَزُول الإِْثْمُ؟ نُظِرَ إِنْ كَانَتْ مُوَاصَلَتُهُمَا قَبْل الْهِجْرَانِ بِالْمُكَاتَبَةِ أَوِ الْمُرَاسَلَةِ ارْتَفَعَ الإِْثْمُ، وَإِلَاّ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْكَلَامُ لِغَيْبَةِ أَحَدِهِمَا، فَكَذَلِكَ، وَإِلَاّ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ، حَتَّى لَوْ حَلَفَ أَنْ يُهَاجِرَهُ، فَهَل يَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ؟ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. وَأَطْلَقَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ الإِْثْمُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ إِنَّمَا تَرْفَعُ الإِْثْمَ إِذَا خَلَتْ عَنِ الإِْيذَاءِ وَالإِْيحَاشِ، وَإِلَاّ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَلَّمَهُ بِالشَّتْمِ وَالإِْيذَاءِ، فَإِنَّهُ لَا تَزُول بِهِ الْمُهَاجَرَةُ، بَل هُوَ زِيَادَةُ وَحْشَةٍ، وَتَأْكِيدٌ لِلْمُهَاجَرَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِمِثْل هَذِهِ الْمُكَاتَبَةِ إِذَا حَلَفَ عَلَى الْمُهَاجَرَةِ (1) .
الصَّلَاةُ خَلْفَ أَحَدِ الْمُتَهَاجِرَيْنِ:
10 -
جَاءَ فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل: سُئِل أَبُو مُحَمَّدٍ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَحَدِ الْمُتَهَاجِرَيْنِ، فَأَجَابَ: إِنْ كَانَ تَهَاجُرُهُمَا لأَِمْرٍ دُنْيَوِيٍّ فَالصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِمَا أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ أَحَدِهِمَا (2) .
(1) الرَّوْضَة 11 / 64.
(2)
مَوَاهِب الْجَلِيل بِشَرْحٍ مُخْتَصَرٍ خَلِيلٍ (دَار الْفِكْرِ - بَيْرُوت) 2 / 95.
الْهَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَمَّا يُوجِبُ الْهَجْرَ:
11 -
قَال الْعُلَمَاءُ: لَا يَجُوزُ الْهَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَمَّا يُوجِبُ الْهَجْرَ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذُ بِالْقَرَفِ وَلَا يَقْبَل قَوْل أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ (1)، قَال الْمُنَاوِيُّ: وُقُوفًا مَعَ الْعَدْل لأَِنَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَوْقُوفٌ عَلَى ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ بِطَرِيقِهِ الْمُعْتَبَرِ، وَقَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَال مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه: " إِذَا كَانَ لَكَ أَخٌ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُمَارِهِ وَلَا تَسْمَعْ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ، فَرُبَّمَا قَال لَكَ مَا لَيْسَ فِيهِ فَحَال بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ (2) ".
زَوَال الْهَجْرِ بِالسَّلَامِ:
12 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَوْنِ الْهَجْرِ يَزُول بِالسَّلَامِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ أَنَّ السَّلَامَ يَقْطَعُ الْهِجْرَةَ وَيَرْفَعُ إِثْمَهَا وَيُزِيلُهُ (3) .
(1) حَدِيث: " كَانَ لَا يَأْخُذُ بِالْقَرَفِ. . . ". أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم فِي الْحِلْيَةِ (6 / 310 ط السَّعَادَة) مِنْ حَدِيثِ أَنَس بْن مَالِك، وَقَال:" غَرِيب "، وَضَعَّفَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (5 / 18 - بِشَرْحِهِ الْفَيْض - ط الْمَكْتَبَة التِّجَارِيَّة) ، وَالْقِرْف - بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُون الرَّاءِ - التُّهْمَة.
(2)
فَيْض الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير 5 / 181، وَالآْدَاب الشَّرْعِيَّة 1 / 240 وَمَا بَعْدَهَا.
(3)
عُمْدَة الْقَارِّيّ 18 / 179، وَمِرْقَاة الْمَفَاتِيح 4 / 717، وَالنَّوَوِيّ عَلَى مُسْلِمِ 16 / 117، وَالْمُنْتَقَى 7 / 215، وَالأُْبِّيّ عَلَى مُسْلِم 7 / 16، وَفَتْح الْبَارِي 10 / 496، وَغِذَاء الأَْلْبَاب للسفاريني 1 / 274، وَالآْدَاب الشَّرْعِيَّة 1 / 244