الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الأَْنْصَارِيِّ: وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ صَاحِبَهُ بِالسَّلَامِ (1) وَقَالُوا: فَلَوْلَا أَنَّ السَّلَامَ يَقْطَعُ الْهِجْرَةَ لَمَا كَانَ أَفْضَلُهَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ (2) .
وَالثَّانِي: لأَِحْمَدَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَهُوَ أَنَّ تَرْكَ الْكَلَامِ إِنْ كَانَ يُؤْذِيهِ لَمْ تَنْقَطِعِ الْهِجْرَةُ بِالسَّلَامِ (3) .
قَال أَبُو يَعْلَى: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْهِجْرَةِ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ، بَل حَتَّى يَعُودَ إِلَى حَالِهِ مَعَ الْمَهْجُورِ قَبْل الْهِجْرَةِ، ثُمَّ قَال: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ أَحْمَدُ خَارِجًا عَنِ الْهِجْرَةِ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ حَتَّى يَعُودَ إِلَى عَادَتِهِ مَعَهُ فِي الاِجْتِمَاعِ وَالْمُؤَانَسَةِ؛ لأَِنَّ الْهِجْرَةَ لَا تَزُول إِلَاّ بِعَوْدَتِهِ إِلَى عَادَتِهِ مَعَهُ (4) .
(1) حَدِيث: " وَخَيْرهمَا. . ". سَبَقَ تَخْرِيجه ف 6.
(2)
النَّوَوِيّ عَلَى مُسْلِمِ 16 / 117، وَالْمُنْتَقَى 7 / 215.
(3)
الأُْبِّيّ عَلَى مُسْلِم 7 / 16، وَفَتْح الْبَارِي 10 / 496، وَالنَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمِ 16 / 117، وَعُمْدَة الْقَارِئ 18 / 179.
(4)
الآْدَاب الشَّرْعِيَّة 1 / 254، وَغِذَاء الأَْلْبَاب للسفاريني 1 / 274.
وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَنِيَّةِ فِي الَّذِي يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ وَلَا يُكَلِّمُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، بَل يَجْتَنِبُ كَلَامَهُ: إِذَا كَانَ - أَيِ اجْتِنَابُ مُكَالَمَتِهِ - غَيْرَ مُؤْذٍ لَهُ، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الشَّحْنَاءِ، وَإِنْ كَانَ مُؤْذِيًا لَهُ، فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا (1) .
وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يُؤْذِيهِ تَرْكُ مُكَالَمَتِهِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنَ الْهِجْرَةِ؛ لأَِنَّهُ أَتَى مِنَ الْمُوَاصَلَةِ بِمَا لَا أَذًى فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يُؤْذِيهِ، فَلَا يَبْرَأُ مِنَ الْمُهَاجَرَةِ؛ لأَِنَّ الأَْذَى أَشَدُّ مِنَ الْمُهَاجَرَةِ (2) .
فَضْل الْبَدْءِ بِالسَّلَامِ بَعْدَ الْهَجْرِ:
13 -
تَجْدُرُ الإِْشَارَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا ابْتَدَأَ أَحَدُ الْمُتَهَاجِرَيْنِ صَاحِبَهُ بِالسَّلَامِ فَلَمْ يَرُدَّ الآْخَرُ، فَإِنَّ إِثْمَ الْهَجْرِ يَسْقُطُ عَنْ مُلْقِي السَّلَامِ، وَيَبُوءُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ رَدِّهِ بِالإِْثْمِ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَيَحِل هِجْرَانُهُ (3) يَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ مُؤْمِنًا فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلَاثٌ، فَلْيَلْقَهُ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّ عليه السلام فَقَدِ اشْتَرَكَا فِي الأَْجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ
(1) الْمُنْتَقَى لِلْبَاجِي 7 / 215.
(2)
الْمُنْتَقَى 7 / 215.
(3)
مِرْقَاة الْمَفَاتِيح 4 / 717.