الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهِ دُونَ سَبَبٍ مُلْزِمٍ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ أَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ (1) .
قَال النَّوَوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يَهْدِيَ هَدْيًا مِنَ الأَْنْعَامِ وَيَنْحَرَهُ هُنَاكَ، وَيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْحَرَمِ (2) .
ب - لِمَنْ لَمْ يُرِدِ الْحَجَّ:
5 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ يُرِدِ الذَّهَابَ إِلَى الْحَجِّ أَنْ يُرْسِل هَدْيًا وَأَنْ يُشْعِرَهُ وَيُقَلِّدَهُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِإِرْسَالِهِ شَيْءٌ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ (3) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا (4) .
(1) حَدِيث: " أَهْدَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَة بَدَنَة ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي 3 / 557 - ط السَّلَفِيَّة) .
(2)
الْمَجْمُوع 8 / 356، 414، والإيضاح مَعَ حَاشِيَتِهِ ص 364، وانظر الْهِدَايَة وَشَرْحهَا 2 / 322، و 8 / 76 - 77، والمسلك الْمُتَقَسِّط 271، ومواهب الْجَلِيل 3 / 105.
(3)
الْمَبْسُوط 4 / 140، والمدونة 1 / 412، وَالْمَجْمُوع 8 / 361، والمغني 3 / 82، ومطالب أُولِي النُّهَى 2 / 461 - 462.
(4)
حَدِيث عَائِشَة: " فَتَلَتْ قَلَائِد بَدَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي 3 / 542 - ط السَّلَفِيَّة) ، ومسلم (2 / 957 - ط الْحَلَبِيّ) وَالسِّيَاق لِمُسْلِم.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْهَدْيُ الْوَاجِبُ:
وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
الصِّنْفُ الأَْوَّل: هَدْيٌ وَاجِبٌ لِلشُّكْرِ
6 -
الْهَدْيُ الْوَاجِبُ لِلشُّكْرِ: هُوَ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ، فَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ دَمٌ وَاجِبٌ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ وَفَّقَهُ لأَِدَاءِ النُّسُكَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ.
الصِّنْفُ الثَّانِي: هَدْيٌ وَاجِبٌ لِلْجُبْرَانِ:
7 -
وَهُوَ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ لِجَبْرِ الْخَلَل الْوَاقِعِ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، مِنْ جَزَاءِ جِنَايَةٍ مِنَ الْجِنَايَاتِ أَوْ دَمِ إِحْصَارٍ.
الصِّنْفُ الثَّالِثُ: هَدْيُ النَّذْرِ:
8 -
هَدْيُ النَّذْرِ هُوَ مَا يَنْذِرُهُ الْحَاجُّ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ وَهُوَ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ (1) } .
حُكْمُ وَلَدِ الْهَدْيِ:
9 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ وَلَدَ الْهَدْيِ يَتْبَعُ أُمَّهُ، وَخَصَّ الشَّافِعِيَّةُ ذَلِكَ بِالْهَدْيِ الْمَنْذُورِ وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ بَعْدَ ذَلِكَ.
(1) سُورَة الْحَجّ / 29.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا وَلَدَتِ الْبَدَنَةُ بَعْدَمَا اشْتَرَاهَا لِهَدْيِهِ ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا، لأَِنْ جَعَلَهَا خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا، ثُمَّ انْفَصَل بَعْدَمَا سَرَى إِلَيْهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهُ مَعَهَا، وَلَوْ بَاعَ الْوَلَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، فَإِنِ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا فَحَسَنٌ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا فَحَسَنٌ اعْتِبَارًا لِلْقِيمَةِ بِالْوَلَدِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: حَقُّ الْهَدْيِ يَسْرِي إِلَى الْوَلَدِ كَحَقِّ الْعِتْقِ فِي الاِسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ؛ فَإِذَا وَلَدَتْ سَاقَهُ مَعَ أُمِّهِ إِنْ أَمْكَنَ إِلَى مَحِل الْهَدْيِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ حَمَلَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَحِلٌّ غَيْرَ أُمِّهِ حَمَلَهُ عَلَيْهِ كَمَا يَحْمِل عَلَيْهَا زَادَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يَحْمِلُهُ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: يَتَكَلَّفُ حَمْلَهُ، يُرِيدُ لأَِنَّ عَلَيْهِ بُلُوغَهُ بِكُل حِيلَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، قَال أَشْهَبُ: وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ لَهُ مَحِلًّا وَلَا مَحِل لَهُ دُونَ الْبَيْتِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً كَانَ حُكْمُ هَذَا الْوَلَدِ حُكْمَ الْهَدْيِ إِذَا وَقَفَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْغَبَةٍ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْكُل مِنْهُ كَانَتْ أُمُّهُ تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ وَاجِبٍ، فَإِنْ أَكَل شَيْئًا مِنَ الْوَلَدِ قَال ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ: عَلَيْهِ بَدَلُهُ، ثُمَّ قَال أَشْهَبُ: وَإِنْ نَحَرَهُ فِي
(1) فَتْح الْقَدِير 3 / 165، وتبيين الْحَقَائِق 2 / 91.
الطَّرِيقِ أَبْدَلَهُ بِهَدْيٍ كَبِيرٍ، وَلَا يُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ يُرِيدُ فِي نِتَاجِ الْبَدَنَةِ.
قَال الْحَطَّابُ: وَهَذَا مِمَّا وُلِدَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ، وَأَمَّا مَا وُلِدَ قَبْلَهُ فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِيهِ. قَال مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَنْحَرَهُ مَعَهَا إِنْ نَوَى ذَلِكَ، قَال مُحَمَّدٌ: يَعْنِي نَوَى بِأُمِّهِ الْهَدْيَ.
وَلَوْ وَجَدَ الأُْمَّ مَعِيبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي وَلَدِهَا وَكَانَ تَبَعًا لَهَا فِي حُكْمِ الْهَدْيِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ وَلَدَتِ الَّتِي عُيِّنَتْ هَدْيًا ابْتِدَاءً أَوْ عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ ذُبِحَ وَلَدُهَا مَعَهَا إِنْ أَمْكَنَ حَمْل الْوَلَدِ عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ ظَهْرِ غَيْرِهَا، أَوْ أَمْكَنَ سَوْقُهُ إِلَى مَحَل ذَبْحِ الْهَدْيِ سَوَاءٌ عَيَّنَهَا حَامِلاً أَوْ حَدَثَ الْحَمْل بَعْدَ التَّعْيِينِ، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَسَاكِينِ الْوَلَدَ حُكْمٌ يَثْبُتُ بِطَرِيقِ السَّرَايَةِ مِنَ الأُْمِّ، فَيَثْبُتُ لِلْوَلَدِ مَا يَثْبُتُ لأُِمِّهِ.
وَقَال الْمُغِيرَةُ بْنُ حَذْفٍ " أَتَى رَجُلٌ عَلِيًّا بِبَقَرَةٍ قَدْ أَوْلَدَهَا فَقَال لَهُ: لَا تَشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا إِلَاّ مَا فَضَل عَنْ وَلَدِهَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الأَْضْحَى ضَحَّيْتَ بِهَا وَوَلَدِهَا عَنْ سَبْعَةٍ ".
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَمْل الْوَلَدِ وَلَا سَوْقُهُ إِلَى مَحِلِّهِ فَكَهَدْيٍ عَطِبَ فَيَذْبَحُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(1) مَوَاهِب الْجَلِيل 3 / 194.