الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَوْقُ الْهَدْيِ:
12 - سَوْقُ الْهَدْيِ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ وَمَعَالِمِ النُّسُكِ، وَمِنْ أَحْكَامِهِ مَا يَلِي:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَجِبُ الذَّهَابُ بِالْهَدْيِ إِلَى عَرَفَةَ وَلَا التَّشْهِيرُ بِالتَّقْلِيدِ لأَِنَّ الْهَدْيَ يُنْبِئُ عَنِ النَّقْل إِلَى مَكَانٍ لِيَتَقَرَّبَ بِإِرَاقَةِ دَمِهِ فِيهِ، لَا عَنِ الذَّهَابِ بِهِ إِلَى عَرَفَةَ، فَلَا يَجِبُ.
فَإِنْ ذَهَبَ إِلَى عَرَفَاتٍ بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فَحَسَنٌ؛ لأَِنَّهُ يَتَوَقَّتُ بِيَوْمِ النَّحْرِ، فَعَسَى أَلَاّ يَجِدَ مَنْ يُمْسِكُهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُعَرِّفَ بِهِ، وَلأَِنَّهُ دَمُ نُسُكٍ فَيَكُونُ مَبْنَاهُ عَلَى التَّشْهِيرِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الشَّعَائِرِ، بِخِلَافِ دِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ لأَِنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهَا قَبْل يَوْمِ النَّحْرِ، وَسَبَبُهَا الْجِنَايَةُ فَيَلِيقُ بِهَا السَّتْرُ، وَيَجُوزُ ذَبْحُهَا قَبْل يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعْرِيفِ بِهَا (1) .
وَيَشْتَرِطُ الْمَالِكِيَّةُ لِصِحَّةِ الْهَدْيِ أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ حِلٍّ وَحَرَمٍ، فَلَا يُجْزِئُ مَا اشْتَرَاهُ بِمِنًى أَيَّامَ النَّحْرِ وَذَبَحَهُ بِهَا، بِخِلَافِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ عَرَفَةَ لأَِنَّهَا مِنَ الْحِل، فَإِنِ اشْتَرَاهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ لِلْحِل؛ عَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا، سَوَاءٌ
(1) فَتْح الْقَدِير 3 / 81، وتبيين الْحَقَائِق 2 / 90، والفتاوى الْهِنْدِيَّة 1 / 262.
خَرَجَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ مُحْرِمًا أَمْ لَا، كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا (1) .
وَقَال ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا هَدْيَ إِلَاّ مَا أُحْضِرَ عَرَفَاتٍ (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يَسُوقَ هَدْيَهُ مِنْ بَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَشِرَاؤُهُ مِنَ الطَّرِيقِ أَفْضَل مِنْ شِرَائِهِ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ أَصْلاً بَل اشْتَرَاهُ مِنْ مِنًى جَازَ وَحَصَل أَصْل الْهَدْيِ. وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ (3) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ مِنَ الْحِل مَسْنُونٌ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ، فَسَاقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ (4) ، وَكَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ إِلَى الْحَرَمِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ (5) .
وَلَا يَجِبُ سَوْقُ الْهَدْيِ إِلَاّ بِالنَّذْرِ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَالأَْصْل عَدَمُ الْوُجُوبِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الْهَدْيُ بِعَرَفَةَ، وَيُسَنُّ أَنْ
(1) الشَّرْح الصَّغِير 2 / 448.
(2)
الْمَجْمُوع 8 / 357.
(3)
الْمَجْمُوع 8 / 357 طَبْعَة دَار الْفِكْرِ.
(4)
سَبَقَ تَخْرِيجَهُ ف 4.
(5)
حَدِيث: " أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيهِ إِلَى الْحَرَمِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي 3 / 543 - ط السَّلَفِيَّة) ، ومسلم (2 / 957 - ط الْحَلَبِيّ) .