الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الْكَاسَانِيُّ: إِنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ، وَلَمْ يُرِدْ خِلَافَهُ عَنْ غَيْرِهِمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا. وَاسْتَدَلُّوا: بِأَنَّ الْعِوَضَ الْمَالِيَّ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا مِنْ هِبَةِ الأَْجَانِبِ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ قَدْ يَهَبُ الأَْجْنَبِيَّ إِحْسَانًا إِلَيْهِ وَإِنْعَامًا عَلَيْهِ، وَقَدْ يَهَبُ لَهُ طَمَعًا فِي الْمُكَافَأَةِ وَالْمُجَازَاةِ عُرْفًا وَعَادَةً، فَالْمَوْهُوبُ لأَِجْلِهِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ شَرْعًا.
وَقَدْ لَا يَحْصُل ذَلِكَ الْمَقْصُودُ مِنَ الأَْجْنَبِيِّ، وَفَوَاتُ الْمَقْصُودِ مِنْ عَقْدٍ مُحْتَمَلٍ لِلْفَسْخِ يَمْنَعُ لُزُومَهُ كَالْبَيْعِ؛ وَلأَِنَّهُ يَعْدَمُ الرِّضَا وَالرِّضَا فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا هُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فَهُوَ شَرْطٌ لِلُّزُومِ كَمَا فِي الْبَيْعِ إِذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَقْدُ؛ لِعَدَمِ الرِّضَا عِنْدَ عَدَمِ حُصُول الْمَقْصُودِ وَهُوَ السَّلَامَةُ، فَكَذَا هَذَا.
وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ التَّرَاضِيَ أَوِ التَّقَاضِيَ حَتَّى لَا يَصِحَّ الرُّجُوعُ بِدُونِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الرُّجُوعَ فَسْخُ الْعَقْدِ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَفَسْخُ الْعَقْدِ بَعْدَ تَمَامِهِ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْقَضَاءِ أَوِ الرِّضَا.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ الإِْفْرَازَ فِي الشَّائِعِ؛ لأَِنَّ
الشُّيُوعَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ (1) .
الثَّالِثُ عَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ لِلأَْبِ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ.
الرَّابِعُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ لِلأَْبِ الرُّجُوعَ إِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ كَتَزْوِيجٍ وَفَلَسٍ أَوْ مَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْمُتَّهَبِ مُؤَبَّدًا أَوْ مُؤَقَّتًا (2) .
مَوَانِعُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَوَانِعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:
أَوَّلاً: مَوَانِعُ الرُّجُوعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ
(3) .
40 -
مَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فِي الأَْحْوَال الآْتِيَةِ:
أ - هَلَاكُ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ أَوِ اسْتِهْلَاكُهُ: فَإِذَا تَلِفَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ أَوِ اسْتَهْلَكَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى الرُّجُوعِ فِي الشَّيْءِ الْهَالِكِ، كَمَا أَنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى الرُّجُوعِ فِي قِيمَتِهِ؛ لأَِنَّ قَبْضَ
(1) الْبَدَائِع 6 / 128، وَتَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير 7 / 135.
(2)
الإِْنْصَاف 7 / 145 - 146، وَالْمُغْنِي مَعَ الشَّرْحِ 6 / 270، وَالْفُرُوع 4 / 647
(3)
بَدَائِع الصَّنَائِع 6 / 127، وَتَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير 7 / 129، وَالْبَحْر الرَّائِق 7 / 316، 294، وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 4 / 518.