الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَقْدِ (وَهُوَ الْبَيْعُ) لَمَّا احْتَمَلَتِ الْفَسْخَ، فَإِنَّ الْعَقْدَ بَعْدَ الْعَقْدِ نَاسِخٌ لِلْعَقْدِ الأَْوَّل، فَالْعَقْدُ بَعْدَ الْمُوَاضَعَةِ الَّتِي هِيَ دُونَهَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لَهَا (1) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ:
أَنْ يَتَّفِقَ الْمُتَعَاقِدَانِ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ عِنْدَ الْبَيْعِ الْمُقْتَرِنِ بِالْهَزْل مِنَ الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَمِنَ الإِْعْرَاضِ عَنْهَا - أَيْ لَمْ يَقَعْ فِي خَاطِرِهِمَا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهُمَا بَنَيَا الْعَقْدَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ أَوْ أَعْرَضَا عَنْهَا -.
14 -
فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ؛ لأَِنَّ الصِّحَّةَ هِيَ الأَْصْل فِي الْعُقُودِ، فَيُحْمَل عَلَيْهَا الْعَقْدُ، مَا لَمْ يُوجَدْ مُغَيِّرٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مُغَيِّرٌ إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ، فَجَعَل أَبُو حَنِيفَةَ صِحَّةَ الإِْيجَابِ أَوْلَى إِذَا سَكَتَ الْمُتَعَاقِدَانِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ، فَالاِعْتِبَارُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْعَقْدِ لَا لِلْهَزْل (2) .
وَيَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: أَنَّ الْعَقْدَ فِي
(1) فَتْح الْغَفَّار بِشَرْح الْمَنَار 3 / 110، وكشف الأَْسْرَار لِلْبُخَارِيِّ عَلَى أُصُول البزدوي 4 / 1479.
(2)
فَوَاتِح الرَّحَمُوتِ 1 / 162، وفتح الْغَفَّار بِشَرْح الْمَنَار 2 / 110.
هَذِهِ الصُّورَةِ فَاسِدٌ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُوَاضَعَةِ؛ لأَِنَّهَا أَصْلٌ عِنْدَهُمَا هُنَا، فَقَدِ اعْتَبَرَ الصَّاحِبَانِ الْمُوَاضَعَةَ لأَِنَّ الْعَادَةَ فِي مِثْلِهِ تَحْقِيقُ الْمُوَاضَعَةِ مَا أَمْكَنَ، وَالْمُوَاضَعَةُ أَسْبَقُ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ كَيْ لَا تَلْغُوَ الْمُوَاضَعَةُ السَّابِقَةُ، فَيَكُونُ الاِشْتِغَال بِهَا عَبَثًا، إِلَاّ أَنْ يُوجَدَ نَصٌّ عَلَى مَا يَنْقُضُهَا، وَهُوَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الإِْعْرَاضِ عَنْهَا (1) .
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ:
وَهِيَ صُورَةُ مَا إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَالإِْعْرَاضِ عَنْهَا، فَقَال أَحَدُهُمَا: بَنَيْنَا الْعَقْدَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَال الآْخَرُ: عَقَدْنَاهُ عَلَى سَبِيل الْجِدِّ.
15 -
فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، لأَِنَّ الصِّحَّةَ هِيَ الأَْصْل عِنْدَهُ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا فَيُحْمَل عَلَيْهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مُغَيِّرٌ وَلَمْ يُوجَدْ، إِذِ الأَْصْل فِي الْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ هُوَ الصِّحَّةُ وَاللُّزُومُ حَتَّى يَقُومَ الْمُعَارِضُ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا شُرِعَ لِلْمِلْكِ، وَالْجِدُّ هُوَ الظَّاهِرُ فِيهِ. فَإِذَا اخْتَلَفَا: فَمُدَّعِي الإِْعْرَاضِ عَنِ الْمُوَاضَعَةِ مُتَمَسِّكٌ بِالأَْصْل، فَيَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهُ، وَمُدَّعِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ مُتَمَسِّكٌ بِغَيْرِ الأَْصْل فَلَا
(1) الْمَرْجِعَانِ السَّابِقَانِ.