الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِعَارَة، عُمْرَى ف 6) .
و اشْتِرَاطُ قَبْضِ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ:
21 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لِتَمَامِ الْهِبَةِ، أَيْ أَنَّ الْهِبَةَ حِينَ تَصْدُرُ صِيغَتُهَا فَهَل تُعْتَبَرُ عَقْدًا تَامًّا يُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْحَال أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ؟ لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (1) :
الْقَوْل الأَْوَّل:
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَرِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَاّ بِالْقَبْضِ، فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْل قَبْضِ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ، وَلَيْسَ فِي الإِْيجَابِ وَالْقَبُول فَقَطْ قُوَّةُ إِلْزَامٍ لِلْوَاهِبِ لإِِقْبَاضِ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، بَل لَهُ الْخِيَارُ بِالإِْذْنِ بِالْقَبْضِ أَوِ الرُّجُوعِ عَنِ الْهِبَةِ.
وَإِذَا مَاتَ أَيٌّ مِنَ الْوَاهِبِ أَوِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَامَ وَرَثَةُ كُل وَاحِدٍ مَقَامَهُ، أَيْ أَنَّ وَارِثَ الْوَاهِبِ يَقُومُ مَقَامَ الْوَاهِبِ فِي الإِْقْبَاضِ وَالإِْذْنِ فِي الْقَبْضِ،
(1) المبسوط 12 / 57، وبدائع الصنائع 6 / 123، وتكملة فتح القدير 7 / 113، وبداية المجتهد 2 / 248، الخرشي 7 / 105، وحاشية الدسوقي 4 / 101، والمهذب 1 / 447، ومغني المحتاج 2 / 400، وحاشية البجيرمي على المنهج 3 / 218، والمغني والشرح الكبير 6 / 250 - 251، والإنصاف 7 / 147.
وَيَقُومُ وَارِثُ الْمُتَّهَبِ مَقَامَ الْمُتَّهَبِ فِي الْقَبْضِ.
وَقِيل: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالْمَوْتِ لأَِنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ كَالشَّرِكَةِ وَالْوِكَالَةِ.
وَلَوْ أَذِنَ الْوَاهِبُ بِالْقَبْضِ ثُمَّ مَاتَ بَطَل الإِْذْنُ.
وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ صَحِيحَةً غَيْرَ ضِمْنِيَّةٍ وَغَيْرَ ذَاتِ ثَوَابٍ (1) .
وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إِلَاّ مَقْبُوضَةً مَحُوزَةً، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لأُِمِّ سَلَمَةَ:" إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إِلَاّ قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى هَدِيَّتِي إِلَاّ مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ. وَكَانَ كَمَا قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "(2)
(1) قواعد ابن رجب ق 145 ص 318، وانظر البجيرمي 3 / 218، والإنصاف 7 / 147، وتحفة المحتاج 6 / 307.
(2)
حديث: " إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من مسك. . . ". أخرجه أحمد (6 / 404 - ط الميمنية) والحاكم في المستدرك (2 / 188 ط دائرة المعارف)، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: منكر فيه مسلم الزنجي ضعيف.