الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الإِْنَاثِ فَهُوَ لَهُنَّ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنَ الذُّكُورِ فَهُوَ لَهُمْ، وَمَا يَصْلُحُ لِكِلَيْهِمَا يُنْظَرُ إِلَى الْمُهْدِي: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الرَّجُل أَوْ مَعَارِفِهِ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِهَا فَلَهَا، فَإِذَنِ التَّعْوِيل عَلَى الْعَادَةِ تَحْقِيقُ الْقَضِيَّةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ لِعَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ ص 114 - 116، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ 4 / 383.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْهَدَايَا الْمَحْمُولَةُ عِنْدَ الْخِتَانِ مِلْكٌ لِلأَْبِ. وَقَال جَمْعٌ: هِيَ لِلاِبْنِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْل يَقْبَل لَهُ الأَْبُ وُجُوبًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبُولِهِ مَحْذُورٌ، وَمِنَ الْمَحْذُورِ أَنْ يَقْصِدَ الْمُهْدِي التَّقَرُّبَ لِلأَْبِ وَهُوَ قَاضٍ وَنَحْوُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ وَالْعُمَّال فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَبُول لِنَفْسِهِ وَلَا لِلاِبْنِ، وَمَحَل الْخِلَافِ إِذَا أَطْلَقَ الْمُهْدِي فَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا فَإِنْ عَيَّنَهُ فَهِيَ لِمَنْ قَصَدَهُ اتِّفَاقًا (1) .
د - الْهَدَايَا أَثْنَاءَ الْخِطْبَةِ:
16 -
إِذَا أَهْدَى الْخَاطِبُ إِلَى مَخْطُوبَتِهِ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ الزَّوَاجُ، فَفِي الرُّجُوعِ بِالْهَدِيَّةِ وَالنَّفَقَةِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (خُطْبَة ف 39) .
(1) تُحْفَة الْمُحْتَاج بِهَامِش حَاشِيَتِي الشرواني وَابْن الْقَاسِم 6 / 316 ط دَارَ صَادِر، وروض الطَّالِب 2 / 479.
هـ - أَقْسَامُ الْهَدِيَّةِ:
17 -
الْهَدِيَّةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ كَمَا جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلاً عَنْ أَقْضِيَةِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ:
أ - حَلَالٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كَالإِْهْدَاءِ لِلتَّوَدُّدِ.
ب - وَحَرَامٌ مِنْهُمَا كَالإِْهْدَاءِ لِيُعِينَهُ عَلَى ظُلْمٍ.
ج - وَحَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ فَقَطْ وَهِيَ أَنْ يُهْدِيَهُ لِيَكُفَّ عَنْهُ الظُّلْمَ.
د - أَنْ يَدْفَعَهُ لِدَفْعِ الْخَوْفِ مِنَ الْمُهْدِي إِلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِيَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَهَذِهِ حَلَالٌ لِلدَّافِعِ حَرَامٌ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْمَال لِيَفْعَل الْوَاجِبَ (1) .
18 -
وَمِنَ الْهَدَايَا الْمُحَرَّمَةِ: هَدَايَا الْعُمَّال وَأَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ وَظَائِفَ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً أَمْ تَمَّتْ فِي صُورَةِ مُحَابَاةٍ.
وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَنَحْوِهِ قَبُول هَدِيَّةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، وَإِنْ تَأَذَّى الْمُهْدِي بِالرَّدِّ يُعْطَى قِيمَتَهَا. وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ
(1) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 4 / 303.
بُعْدِ مَكَانِهِ وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَال (1) إِلَى أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهَا فَيُدْفَعَ إِلَيْهِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، هَذَا إِذَا أَهْدَاهُ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ، أَوْ مَنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُهْدَى إِلَيْهِ قَبْل الْوِلَايَةِ؛ لأَِنَّهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْخُصُومَةِ تَدْعُو إِلَى الْمَيْل، وَفِي حَالَةِ عَدَمِهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ سَبَبَ الإِْهْدَاءِ الْعَمَل (2) . (ر: قَضَاء ف 35) .
وَيَجُوزُ لَهُ قَبُول الْهَدِيَّةِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ كَانَ يُهْدَى لَهُ قَبْل الْوِلَايَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ مُرْتَقَبَةٌ، وَكَانَتِ الْهَدِيَّةُ بِالْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يُهْدِيهِ قَبْل الْوِلَايَةِ أَوِ التَّرْشِيحِ، لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِهَا بَعْدَ التَّرْشِيحِ أَوْ مَعَ الزِّيَادَةِ، فَيَحْرُمُ الْكُل إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِالْوَصْفِ، كَأَنْ كَانَ يُهْدَى أَثْوَابًا مِنَ الْكَتَّانِ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ الْحَرِيرُ.
وَسَائِرُ الْعُمَّال مِمَّنْ يَتَوَلَّوْنَ وِلَايَةً عَامَّةً كَالْقَاضِي فِي حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا عَلَيْهِمْ
(1) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310 - 311، وروض الطَّالِب 4 / 300، والمحلي 4 / 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316.
(2)
ابْن عَابِدِينَ 4 / 310 - 311، وروض الطَّالِب 4 / 300، وتحفة الْمُحْتَاج 10 / 137، والمحلي وَحَاشِيَته الْقَلْيُوبِيّ 4 / 302 - 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316 - 317، والشرح الصَّغِير 4 / 192، وتبيين الْحَقَائِق 4 / 178.
وَمِنْهُمْ مَشَائِخُ الأَْسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَالْقُرَى وَمُبَاشِرُو الأَْوْقَافِ وَكُل مَنْ يَعْمَل لِلْمُسْلِمِينَ عَمَلاً حُكْمُهُ فِي الْهَدِيَّةِ حُكْمُ الْقَاضِي (1) .
وَالأَْصْل فِي حُرْمَةِ قَبُول هَؤُلَاءِ الْهَدَايَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: هَدَايَا الْعُمَّال غُلُولٌ (2)، وَفِي لَفْظٍ: هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ (3)، وَوَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " اسْتَعْمَل رَجُلاً مِنَ الأَْسْدِ يُقَال لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي. فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَال: " مَا بَال عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُول: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي؟ أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَال أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَاّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ
(1) ابْن عَابِدِينَ 4 / 310، وروض الطَّالِب 4 / 300، وتحفة الْمُحْتَاج 10 / 137، والمحلي وَحَاشِيَته الْقَلْيُوبِيّ 4 / 302 - 303، وكشاف الْقِنَاع 6 / 316 - 317، والشرح الصَّغِير 4 / 192، وتبيين الْحَقَائِق 4 / 178.
(2)
حَدِيث: " هَدَايَا الْعُمَّال غُلُول " أَخْرَجَهُ أَحْمَد (5 / 424 ط الْمَيْمَنَة) . وأورده الهيثمي فِي الْمَجْمَعِ (4 / 151 ط مَكْتَبَة الْقُدْسِيّ)، وَقَال: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِيرِ وَأَحْمَد مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش عَنْ أَهْل الْحِجَازِ وَهِيَ ضَعِيفَة.
(3)
حَدِيث: " هَدَايَا السُّلْطَان سُحْت " أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَلْخِيصِ الْمُتَشَابِهِ (1 / 331، ط طلاس) مِنْ حَدِيثِ أَنَس.