الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَقْدِهَا، أَوْ وَهْبِهَا لِشَخْصٍ ثَانٍ، وَحَازَ الثَّانِي قَبْل الأَْوَّل، فَالْهِبَةُ لِلثَّانِي لِتَقَوِّي الْهِبَةِ بِالْحِيَازَةِ، وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِلأَْوَّل لأَِنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحَوْزِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الأَْوَّل وَفَرَّطَ أَمْ لَا، مَضَى مِنَ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْقَبْضُ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ تَبْطُل الْهِبَةُ إِذَا أَعْتَقَ الْوَاهِبُ الْعَبْدَ قَبْل أَنْ يَحُوزَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ (1) .
شَرَائِطُ صِحَّةِ الْقَبْضِ:
اشْتِرَاطُ إِذْنِ الْوَاهِبِ:
23 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ إِذْنِ الْوَاهِبِ فِي الْقَبْضِ إِلَى قَوْلَيْنِ:
الأَْوَّل: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ: إِنَّ الإِْذْنَ بِالْقَبْضِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ فِي بَابِ الْبَيْعِ، حَتَّى لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِدُونِ إِذْنِ الْبَائِعِ قَبْل نَقْدِ الثَّمَنِ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ، فَلأََنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ أَوْلَى لأَِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ.
وَلأَِنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ يُشْبِهُ الرُّكْنَ وَإِنْ لَمْ
(1) الحطاب 6 / 54، والخريشي 7 / 105.
يَكُنْ رُكْنًا عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيُشْبِهُ الْقَبُول فِي الْبَيْعِ.
وَالإِْذْنُ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً:
فَالصَّرِيحُ أَنْ يَقُول: اقْبِضْ أَوْ أَذِنْتُ لَكَ بِقَبْضِهِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ.
فَيَجُوزُ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ قَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَضْرَةِ الْوَاهِبِ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ.
وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ حُمِل إِلَيْهِ سِتُّ بَدَنَاتٍ فَجَعَلْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ، فَقَامَ عليه الصلاة والسلام فَنَحَرَهُنَّ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ، وَقَال: " مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ (1) وَانْصَرَفَ.
وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَدْ أَذِنَ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ حِينَ أَذِنَ لَهُمْ بِالْقَطْعِ فَدَل عَلَى جَوَازِ الْقَبْضِ وَاعْتِبَارِهِ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ.
أَمَّا عِنْدَ الإِْمَامِ زُفَرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَبْضُ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ عَنِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَبْضَ عِنْدَهُ رُكْنٌ بِمَنْزِلَةِ الْقَبُول فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ كَالْقَبُول فِي بَابِ الْبَيْعِ.
(1) حديث: " من شاء اقتطع ". أخرجه أحمد في المسند (4 / 350 ط الميمنية) والحاكم في المستدرك (4 / 221 ط دائرة المعارف) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.