الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمُ الْهَزْل فِي النِّكَاحِ
الْهَزْل فِي النِّكَاحِ إِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي أَصْل الْعَقْدِ، أَوْ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ، أَوْ فِي جِنْسِهِ، وَنُبَيِّنُ آرَاءَ الْفُقَهَاءِ فِي كُل صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ فِيمَا يَلِي:
الصُّورَةُ الأُْولَى: الْهَزْل فِي أَصْل عَقْدِ النِّكَاحِ
26 -
إِذَا هَزَل الْعَاقِدَانِ فِي أَصْل النِّكَاحِ، مِثْل أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِمَهْرٍ هُوَ أَلْفٌ - مَثَلاً - وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِكَاحٌ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ إِلَى ثَلَاثَةِ آرَاءٍ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ نِكَاحَ الْهَازِل صَحِيحٌ، وَالْهَزْل بَاطِلٌ، وَتَلْزَمُهُ مُوجِبَاتُ الْعَقْدِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِهِ، قَال بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ - فِي الْمَشْهُورِ - وَالشَّافِعِيَّةُ - وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ (1) .
وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: ثَلَاثٌ لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِيهِنَّ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْعِتْقُ (2) .
وَلِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ إِيضَاحٌ وَتَفْصِيلٌ:
فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْهَزْل بِأَصْل النِّكَاحِ جِدٌّ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُول لاِمْرَأَةٍ: إِنِّي أَتَزَوَّجُكِ بِأَلْفٍ تَزَوُّجًا بَاطِلاً وَهَزْلاً، وَوَافَقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا عَلَى ذَلِكَ، وَحَضَرَ الشُّهُودُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، كَانَ النِّكَاحُ لَازِمًا فِي الْقَضَاءِ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا سَمَّيَا مِنَ الْمَهْرِ لِلْحَدِيثِ: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ؛ وَلأَِنَّ الْهَزْل إِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا يَحْتَمِل الْفَسْخَ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَالنِّكَاحُ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ لِلْفَسْخِ؛ وَلِهَذَا لَا يُجْرَى فِيهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْل، وَالْمَال فِي النِّكَاحِ تَبَعٌ؛ لأَِنَّ الْمَقْصِدَ الأَْصْلِيَّ فِيهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ الْحِل لِلتَّوَالُدِ، وَكَذَا يَصِحُّ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَهْرِ، وَيُتَحَمَّل فِي الْمَهْرِ مِنَ الْجَهَالَةِ مَا لَا يُتَحَمَّل فِي غَيْرِهِ.
(1) فَتْح الْقَدِير 2 / 351، كشف الأَْسْرَار 4 / 1482، 1483، وتيسير التَّحْرِير 2 / 294، 295، والمدونة 2 / 168، وجواهر الإِْكْلِيل 1 / 277، الخرشي 3 / 174، ومواهب الْجَلِيل 3 / 423 - 424، ومغني الْمُحْتَاج 3 / 288، ونهاية الْمُحْتَاج 6 / 273، وحاشية الْجُمَل 4 / 338، 339، وروضة الطَّالِبِينَ 6 / 51، والفروع لاِبْن مُفْلِح 5 / 168، وإعلام الْمَوْقِعَيْنِ 3 / 124.
(2)
حَدِيث: " ثَلَاث لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِيهِنَّ. . . " سَبَقَ تَخْرِيجَهُ ف 24.