الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْهِجْرَةُ قَبْل فَتْحِ مَكَّةَ:
تَتَضَمَّنُ الْهِجْرَةُ قَبْل فَتْحِ مَكَّةَ مَرْحَلَتَيْنِ: مَرْحَلَةَ الإِْذْنِ بِالْهِجْرَةِ، وَمَرْحَلَةَ فَرْضِ الْهِجْرَةِ:
أ - الإِْذْنُ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ:
6 -
قَال الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ زَمَانًا، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِيهِ بِالْهِجْرَةِ مِنْهَا، ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَجَعَل لَهُمْ مَخْرَجًا. فَيُقَال: نَزَلَتْ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا (1) } . فَأَعْلَمَهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَدْ جَعَل اللَّهُ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ مَخْرَجًا. وَقَال تَعَالَى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيل اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَْرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً (2) } . وَأَمَرَهُمْ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ، فَهَاجَرَتْ إِلَيْهَا مِنْهُمْ طَائِفَةٌ، ثُمَّ دَخَل أَهْل الْمَدِينَةِ الإِْسْلَامَ، فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَائِفَةً فَهَاجَرَتْ إِلَيْهِمْ، غَيْرَ مُحَرِّمٍ عَلَى مَنْ بَقِيَ تَرْكَ الْهِجْرَةِ إِلَيْهِمْ (3) . فَكَانَتِ الْهِجْرَةُ فِي أَوَّل الإِْسْلَامِ مَنْدُوبًا إِلَيْهَا غَيْرَ مَفْرُوضَةٍ.
ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِرَسُولِهِ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُحَرِّمْ فِي هَذَا عَلَى مَنْ بَقِيَ بِمَكَّةَ الْمُقَامَ بِهَا، وَهِيَ دَارُ شِرْكٍ، وَإِنْ قَلُّوا بِأَنْ يُفْتَنُوا، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ بِجِهَادٍ.
(1) سُورَة الطلاق / 2
(2)
سُورَة النِّسَاء / 100
(3)
الأُْمّ 4 / 83، 84 ط بُولَاق
ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ بِالْجِهَادِ، ثُمَّ فَرَضَ بَعْدَ هَذَا عَلَيْهِمْ أَنْ يُهَاجِرُوا مِنْ دَارِ الشِّرْكِ (1) .
ب - فَرْضُ الْهِجْرَةِ:
7 -
لَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عز وجل الْجِهَادَ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَاهَدَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ إِذْ كَانَ أَبَاحَهُ، وَأَثْخَنَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَهْل مَكَّةَ، وَرَأَوْا كَثْرَةَ مَنْ دَخَل فِي دِينِ اللَّهِ عز وجل اشْتَدُّوا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، فَفَتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ أَوْ مَنْ فَتَنُوا مِنْهُمْ، فَعَذَرَ اللَّهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنَ الْمَفْتُونِينَ، فَقَال:{إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ (2) } ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَل لَكُمْ مَخْرَجًا، وَفَرَضَ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ الْخُرُوجَ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُفْتَنُ عَنْ دِينِهِ وَلَا يَمْتَنِعُ (3) .
وَقَال الْبَغَوِيُّ (4) : فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، أُمِرُوا بِالْهِجْرَةِ وَالاِنْتِقَال إِلَى حَضْرَتِهِ،
(1) الأُْمّ 4 / 84
(2)
سُورَة النَّحْل / 106
(3)
الأُْمّ 4 / 84، وانظر مَعَالِم السُّنَنِ لِلْخَطَّابِيِّ (بِهَامِشٍ مُخْتَصِرٍ سُنَن أَبِي دَاوُد لِلْمُنْذِرِي 3 / 352) ، وأحكام الْقُرْآن لِلشَّافِعِيِّ 2 / 16
(4)
شَرْح السُّنَّة لِلْبَغَوِيِّ 10 / 372