الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال الْبَهْوَتِيُّ: وَوَقْفُ الْهَازِل. . . إِنْ غَلَبَ عَلَى الْوَقْفِ جِهَةُ التَّحْرِيرِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَل الْفَسْخَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَالْعِتْقِ وَالإِْتْلَافِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شِبْهُ التَّمْلِيكِ، فَيُشْبِهُ الْهِبَةَ وَالتَّمْلِيكَ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ مِنَ الْهَازِل عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَهُ فِي الاِخْتِيَارَاتِ (1) .
ج - الْهَزْل فِي الْوَصِيَّةِ:
38 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ يُبْطِلُهَا الْهَزْل، قَال الْكَاسَانِيُّ: مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى الْمُوصِي: رِضَا الْمُوصِي؛ لأَِنَّهَا إِيجَابُ مِلْكٍ، أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمِلْكِ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الرِّضَا، كَإِيجَابِ الْمَلِكِ بِسَائِرِ الأَْشْيَاءِ، فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْهَازِل وَالْمُكْرَهِ وَالْخَاطِئِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْعَوَارِضَ تَفَوِّتُ الرِّضَا (2) .
د - تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بِطَرِيقِ الْهَزْل:
39 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ هَازِلاً قَبْل طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لأَِنَّ التَّسْلِيمَ بِطَرِيقِ الْهَزْل كَالسُّكُوتِ مُخْتَارًا، إِذِ اشْتِغَالُهُ بِالتَّسْلِيمِ هَازِلاً سُكُوتٌ عَنْ طَلَبِ
(1) كَشَّاف الْقِنَاع 4 / 243، والاختيارات لاِبْن تَيْمِيَّةَ ص 170.
(2)
بَدَائِع الصَّنَائِع 7 / 235، والفتاوى الْهِنْدِيَّة 6 / 92.
الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ ضَرُورَةً، وَأَنَّهَا تَبْطُل بِحَقِيقَةِ السُّكُوتِ مُخْتَارًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ؛ لأَِنَّهُ دَلِيل الإِْعْرَاضِ عَنْ طَلَبِهَا، فَكَذَا تَبْطُل بِالسُّكُوتِ حُكْمًا.
أَمَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالإِْشْهَادِ، فَإِنَّ التَّسْلِيمَ بِطَرِيقِ الْهَزْل بَاطِلٌ، وَالشُّفْعَةُ بَاقِيَةٌ لأَِنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ جِنْسِ مَا يَبْطُل بِخِيَارِ الشَّرْطِ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ، عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَطَل التَّسْلِيمُ، وَبَقِيَتِ الشُّفْعَةُ؛ لأَِنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ؛ لأَِنَّهُ اسْتِبْقَاءُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى مِلْكِهِ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ الأَْبُ وَالْوَصِيُّ تَسْلِيمَ شُفْعَةِ الصَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، كَمَا يَمْلِكَانِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَهُ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا بِالْحُكْمِ، وَالْخِيَارُ يَمْنَعُ الرِّضَا بِهِ، فَيَبْطُل التَّسْلِيمُ، فَكَذَا الْهَزْل يَمْنَعُ الرِّضَا بِالْحُكْمِ، فَيَبْطُل بِهِ التَّسْلِيمُ، كَمَا يَبْطُل بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَتَبْقَى الشُّفْعَةُ (1) .
هـ - إِبْرَاءُ الْغَرِيمِ هَزْلاً:
40 -
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ إِبْرَاءَ الْغَرِيمِ مِنَ الدَّيْنِ مِثْل تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ، فَقَالُوا: يَبْطُل إِبْرَاءُ الْغَرِيمِ مِنْ دَيْنِهِ هَزْلاً، فَلَوْ أَبْرَأَهُ هَازِلاً، لَا
(1) الْمَبْسُوط 24 / 66، وكشف الأَْسْرَار 4 / 1487.