الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2058) - (وعن سعيد أيضا: " أن ابن عباس سئل عن رجل طلق امرأته عدد النجوم؟ قال: أخطأ السنة ، وحرمت عليه امرأته " رواهن الدارقطنى (2/236)
.
* ضعيف بهذا اللفظ.
أخرجه الدارقطنى (433) من طريق مسلم الأعور عن سعيد بن جبير ، زاد فى رواية: ومجاهد كلاهما عن ابن عباس به.
قلت: ومسلم هو ابن كيسان الملائى ضعيف ، وفيما تقدم من الطرق كفاية وقد رواه أيوب عن عمرو بن دينار أن ابن عباس به.
إلا أنه قال: " يكفيه من ذلك رأس الجوزاء " مكان قوله: " أخطأ السنة
…
".
أخرجه ابن أبى شيبة (7/79/1) والبيهقى (7/337) .
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(2059) - (عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهى حائض فسأل عمر النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له: " مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التى أمر الله أن يطلق لها النساء " متفق عليه
.
* صحيح.
وله عن ابن عمر طرق كثيرة ، أذكر منها ما تيسر لنا مع التنبيه على فوائدها الهامة.
الأولى: عن نافع عنه.
أخرجه البخارى (3/458 و480) ومسلم (4/180) وكذا مالك (2/576/53) وعنه الشافعى (1630) وأبو داود (2179 ، 2180) والنسائى (2/94) والدارمى (2/160) وابن أبى شيبة (7/75/2) وعنه ابن ماجه (2019) والطحاوى (2/31) وابن الجارود (734) والدارقطنى
(428/429) والبيهقى (7/323 ـ 324 ، 324) والطيالسى (68 ، 1853) وأحمد (2/6 ، 54 ، 63 ، 64 ، 102 ، 124) وابن النجاد فى " مسند عمر "(ق 118/1 ـ 120/2) من طرق عن نافع به.
وزاد الشيخان وأحمد وابن النجاد فى رواية عنه: " فكان ابن عمر إذا سئل عن الرجل يطلق امرأته وهى حائض يقول: أما أنت طلقتها واحدة أو اثنتين ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يرجعها ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر ، ثم يطلقها قبل أن يمسها ، وأما أنت طلقتها ثلاثا ، فقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امراتك ، وبانت منك ".
والسياق لمسلم.
وفى رواية للدارقطنى وابن النجاد والطبرانى فى " المعجم الأوسط "(1/176/1) من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحى عن عبيد الله بن عمر عن نافع بلفظ: " أن رجلا قال لعمر: إنى طلقت امراتى البتة وهى حائض ، فقال: عصيت ربك ، وفارقت امرأتك ، فقال الرجل: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله حين فارق امرأته وهى حائض يأمره أن يراجعها ، فقال له عمر: رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يراجعها فى طلاق بقى له ، فأنت لم يبق لك ما ترجع به امرأتك ".
قلت: والجمحى هذا صدوق له أوهام كما فى " التقريب ".
وفى رواية من طريق محمد بن إسحاق عن نافع: " فذكره عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بئس ما صنع ، مره فليراجعها ، فإذا طهرت فليطلقها طاهرا فى غير جماع " أخرجه ابن النجاد.
وفى أخرى عن ابن أبى ذئب عن نافع بلفظ: " فأتى عمرالنبى صلى الله عليه وسلم
فذكر ذلك له فجعلها واحدة " أخرجه الطيالسى (68) والدارقطنى (1) .
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وزاد مسلم فى رواية من طريق ابن نمير عن عبيد الله: قال: " قلت لنافع: ما صنعت التطليقة؟ قال: واحدة اعتد بها ".
الطريق الثانية: عن سالم أن عبد الله بن عمر أخبره: " أنه طلق امرأته وهى حائض ، فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ليراجعها
…
" الحديث نحو رواية نافع الأولى.
أخرجه البخارى (3/357 ، 4/389) ومسلم وأبو داود (2181 ، 2182) والنسائى (2/94) والترمذى (1/220) والدارمى والطحاوى وابن الجارود (736) والدارقطنى (427) والبيهقى وأحمد (2/26 ، 58 ، 61 ، 81 ، 130) من طرق عنه ، والسياق للبخارى ، وزاد مسلم والبيهقى وأحمد فى رواية:" وكان عبد الله طلقها تطليقة واحدة ، فحسبت من طلاقها ، وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وفى رواية: " قال ابن عمر: فراجعتها وحسبت لها التطليقة التى طلقتها "(2) .
أخرجه مسلم والنسائى.
ولفظ الترمذى: " أنه طلق امرأته فى الحيض ، فسأل عمر النبى صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا ".
(1) وعزاه الحافظ (9/308) لابن وهب في مسنده عن ابن أبي ذئب ، وزاد: قال ابن أبي ذئب: وحدثني حنظلة بن أبي سفيان أنه سمع سالما يحدث عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وقال: " وهذا نص في موضع الخلاف فيجب المصير إليه " وللدارقطني (429) من طريق ابن جريج عن نافع به " قال: هي واحدة ".
(2)
وفي مسند ابن وهب رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما نقلته من الفتح آنفا.
وهو رواية لمسلم وأبى داود والآخرين وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثالثة: عن يونس بن جبير قال: " قلت لابن عمر: رجل طلق امرأته وهى حائض؟ قال: تعرف ابن عمر؟ إن ابن عمر طلق امرأته وهى حائض ، فأتى عمر النبى صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له فأمره أن يراجعها ، فإذا طهرت فأراد أن يطلقها فليطلقها.
قلت: فهل عد ذلك طلاقا؟ قال: أرأيت إن عجز واستحمق؟ !
" أخرجه البخارى (3/459 ، 480) ومسلم (4/182) وأبو داود (2184) والترمذى (1175) وقال: " حديث حسن صحيح " والنسائى (2/95) وابن ماجه (2022) والطحاوى والدارقطنى (428) والبيهقى (7/325) والطيالسى (رقم 20 ، 1942) وأحمد (2/43 ، 51 ، 79) من طرق عنه والسياق للبخارى.
وفى رواية لمسلم وغيره: " قلت: أفحسبت عليه؟ قال: فمه أو إن عجز واستحمق ".
وفى أخرى له والبيهقى: " أفاحتسبت بها؟ قال: ما يمنعه؟ أرأيت إن عجز واستحمق ".
وفى ثالثة: " وما لى لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت ".
رواه الدارقطنى والبيهقى.
وفى أخرى عن يونس بن جبير: " أنه سأل ابن عمر ، فقال: كم طلقت امرأتك؟ فقال: واحدة ".
أخرجه أبو داود (2183) والدارقطنى.
الرابعة: عن أنس بن سيرين أنه سمع ابن عمر قال: " طلقت امرأتى وهى حائض
…
" الحديث نحو رواية يونس وفيه: " قلت لابن عمر: أفاحتسبت بتلك التطليقة؟ قال: فمه؟ " (1) .
(1) وفي رواية لمسلم: " قال فراجعتها ، ثم طلقتها لطهر ، قلت: فاعتددت بتلك التطليقة التي طلقت وهي حائض؟ قال: مالي لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت ".
أخرجه البخارى (3/458) ومسلم (4/182) والطحاوى وابن الجارود (735) وأبو يعلى فى " حديث محمد بن بشار "(ق 128/1 ـ 2) والدارقطنى والبيهقى وأحمد (2/61 ، 74 ، 78 ، 128)، وفى رواية للبيهقى " قال: فقال عمر رضى الله عنه: يا رسول الله: أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم ".
قلت: وإسنادها ضعيف: لأنها من رواية عبد الملك بن محمد الرقاشى حدثنا بشر بن عمر أخبرنا شعبة عن أنس بن سيرين.
والرقاشى قال الحافظ فى " التقريب " صدوق يخطىء تغير حفظه لما سكن بغداد " فقوله فى " الفتح " (9/308) : " ورجاله إلى شعبة ثقات " لا يخفى ما فيه.
الخامسة: عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: " حسبت على بتطليقة ".
هكذا أخرجه البخارى (3/458) معلقا: وقال أبو معمر: حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير.
وقد وصله أبو نعيم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه مثله.
وقد تابعه أبو بشر عن سعيد به بلفظ آخر أتم منه: " طلقت امرأتى وهى حائض ، فرد النبى صلى الله عليه وسلم ذلك على حتى طلقتها وهى طاهر ".
أخرجه النسائى (2/95) والطحاوى (2/30) والطيالسى (1871) وأبو يعلى فى " مسنده "(ق 269/2) من طرق عن هشيم قال: أخبرنا أبو بشر.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأبو بشر اسمه جعفر بن إياس وهو ثقة من أثبت الناس فى سعيد بن جبير كما قال الحافظ فى " التقريب ".
السادسة: عن أبى الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر ، وأبو الزبير يسمع ، قال: كيف ترى فى رجل طلق امرأته حائضا؟
قال: طلق عبد الله بن عمر امرأته وهى حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر رسول الله فقال: إن عبد الله طلق امرأته وهى حائض؟ قال عبد الله: فردها على ولم يرها شيئا ، وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليمسك.
قال ابن عمر: وقرأ النبى صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن){فى قبل عدتهن} ".
أخرجه مسلم (4/183) والشافعى (1631) وأبو داود (2185) والسياق له والطحاوى (2/29 ـ 30) وابن الجارود (733) والبيهقى (7/327) وأحمد (2/61 ، 80 ـ 81) من طرق عن ابن جريج أخبرنى أبو الزبير وزاد الشافعى وأحمد: " قال ابن جريج: وسمعت مجاهدا يقرؤها كذلك ".
وقال أبو داود عقبه: " روى هذا الحديث عن ابن عمر: يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ، ومنصور عن أبى وائل ، معناهم كلهم أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن شاء طلق ، وإن شاء أمسك ، وروى عطاء الخراسانى عن الحسن عن ابن عمر نحو رواية نافع والزهرى ، والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير ".
قلت: كذا قال ، وأبو الزبير ثقة حجة ، وإنما يخشى منه العنعنة ، لأنه كان مدلسا ، وهنا قد صرح بالسماع ، فأمنا شبهة تدليسه ، وصح بذلك حديثه والحمد لله ، وقد ذهب الحافظ ابن حجر فى " الفتح "(9/308) إلى أنه صحيح على شرط الصحيح وهو الحق الذى لا ريب فيه.
ولكنه ناقش فى دلالته على عدم وقوع طلاق الحائض ، والبحث فى ذلك بين الفريقين طويل جدا ، فراجعه فيه وفى زاد " المعاد " فإنه قد أطال النفس فيه وأجاد.
وأما دعوى أبى داود أن الأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير ، فيرده طريق سعيد بن جبير التى قبله ، فإنه موافق لرواية أبى الزبير هذه فإنه قال:
" فرد النبى صلى الله عليه وسلم ذلك على حتى طلقتها وهى طاهر ".
وإسنادها صحيح غاية كما تقدم فهى شاهد قوى جدا لحديث أبى الزبير ترد قول أبى داود المتقدم ومن نحا نحوه مثل ابن عبد البر والخطابى وغيرهم.
ومن العجيب أن هذا الشاهد لم يتعرض لذكره أحد من الفريقين مع أهميته فاحفظه واشكر الله على توفيقه.
وذكر له الحافظ متابعا آخر فقال: " وروى سعيد بن منصور من طريق عبد الله بن مالك عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهى حائض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك بشىء ".
وسكت الحافظ عليه وعبد الله بن مالك بن الحارث الهمدانى قال فى " التقريب ": " مقبول ".
السابعة: عن طاوس أنه سمع ابن عمر يسأل عن رجل طلق امرأته حائضا فقال: " أتعرف عبد الله بن عمر؟ قال: نعم ، قال: فإنه طلق امرأته حائضا ، فذهب عمر إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر ، فأمره أن يراجعها ، قال: ولم أسمعه يزيد على ذلك ".
أخرجه مسلم (4/183) وأحمد (2/145 ـ 146) والطبرانى فى " المعجم الكبير "(3/202/2) .
الثامنة: عن أبى وائل قال: " طلق ابن عمر امرأته وهى حائض ، فأتى عمر النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها ثم ليطلقها ، (طاهر) [1] فى غير جماع ".
أخرجه ابن أبى شيبة (7/75 ـ 76) والبيهقى (7/326) بسند صحيح على شرط مسلم.
التاسعة والعاشرة: قال الطيالسى (1862) : حدثنا حماد بن سلمة عن بشر بن حرب قال: سمعت ابن عمر
…
فذكره نحوه وزاد: " فقال ابن عمر: فطلقتها ، ولو شئت لأمسكتها ".
وقال: حدثنا حماد بن سلمة عن ابن سيرين سمع ابن عمر يذكر مثله.
قلت: وإسناده الأول ضعيف ، والآخر صحيح.
الحادية عشرة: عن الشعبى قال: " طلق ابن عمر امرأته واحدة وهى حائض ، فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأمره أن يراجعها ، ثم يستقبل الطلاق فى عدتها ، وتحتسب التطليقة التى طلق أول مرة ".
أخرجه الدارقطنى (429) والبيهقى (7/326) من طريقين عن محمد بن سابق أخبرنا شيبان عن فراس عن الشعبى.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وهو ثانى إسناد صحيح فيه التصريح برفع الإعتداد بطلاق الحائض إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، والأول مضى فى بعض الطرق عن نافع فى الطريق الأولى.
الثانية عشرة: عن خالد الحذاء قال: قلت لابن عمر: رجل طلق حائضا؟ قال: " أتعرف ابن عمر.... " الحديث نحو الطريق الثالثة وفيه: " قلت: اعتددت بتلك التطليقة ، قال: نعم ".
أخرجه الدارقطنى (429) عن على بن عاصم أخبرنا خالد وهشام عن محمد عن جابر (1) الحذاء.
قلت: وهذا سند ضعيف على بن عاصم هو الواسطى.
قال الحافظ: " صدوق يخطىء ويصر ".
وجابر الحذاء كأنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد ، أورده ابن حبان فى " الثقات " (1/9) فقال:
(1) الأصل خالد ، والتصحيح من ثقات ابن حبان والأنساب.
" جابر الحذاء يروى عن ابن عمر ، روى عنه ابن سيرين ".
وكذا فى " الأنساب " للسمعانى.
الثالثة عشرة: عن ميمون بن مهران عن ابن عمر مثل حديث أبى وائل عنه فى الطريق الثامنة.
أخرجه البيهقى (7/326) بإسناد صحيح.
وجملة القول: أن الحديث مع صحته وكثرة طرقه ، فقد اضطرب الرواة عنه فى طلقته الأولى فى الحيض هل اعتد بها أم لا؟ فانقسموا إلى قسمين: الأول: من روى عنه الإعتداد بها ، وهم حسب الطرق المتقدمة: الطريق الأولى: نافع.
ثبت ذلك عنه من قوله وإخباره ، وعنه عن ابن عمر مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم أنه جعلها واحدة.
الطريق الثانية: سالم بن عبد الله بن عمر ، وفيها قول ابن عمر أنها حسبت عليه.
الثالثة: يونس بن جبير ، وهى كالتى قبلها.
الرابعة: أنس بن سيرين ، وفيها مثل ذلك ، وفى رواية عنه: أنه اعتد بها ، وفى أخرى رفع ذلك إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ولكن إسناد هذه ضعيف كما سبق بيانه خلافا للحافظ.
الخامسة: سعيد بن جبير ، وفيها قول ابن عمر أنها حسبت عليه.
الحادية عشر: الشعبى عنه رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
والقسم الآخر: الذين رووا عنه عدم الإعتداد بها ، وهم حسب الطرق أيضا: الخامسة: سعيد بن جبير عنه قال: " فرد النبى صلى الله عليه وسلم ذلك على ".
السادسة: أبو الزبير عنه مرفوعا: " فردها على ولم يرها شيئا ".
وطريق ثالثة أوردناها فى التى قبلها: عبد الله بن مالك الهمدانى عنه مرفوعا " ليس ذلك بشىء ".
فإذا نظر المتأمل فى طرق هذين القسمين وفى ألفاظهما تبين له بوضوح لا غموض فيه أرجحية القسم الأول على الآخر ، وذلك لوجهين: الأول: كثرة الطرق ، فإنها ستة ، ثلاث منها مرفوعة ، وثلاث أخرى موقوفة ، واثنتان من الثلاث الأولى صحيحة ، والأخرى ضعيفة ، وأما القسم الآخر ، فكل طرقه ثلاث ، اثنتان منها صحيحة أيضا والأخرى ضعيفة ، فتقابلت المرفوعات فى القسمين قوة وضعفا.
وبقى فى القسم الأول الموقوفات الثلاث فضلة ، يترجح بها على القسم الآخر ، لاسيما وهى فى حكم المرفوع لأن معناها أن عبد الله بن عمر عمل بما فى المرفوع ، فلا شك أن ذلك مما يعطى المرفوع قوة على قوة كما هو ظاهر.
والوجه الآخر: قوة دلالة القسم الأول على المراد دلالة صريحة لا تقبل التأويل ، بخلاف القسم الآخر فهو ممكن التأويل بمثل قول الإمام الشافعى " ولم يرها شيئا " أى صوابا.
وليس نصا فى أنه لم يرها طلاقا ، بخلاف القسم الأول فهو نص فى أنه رآها طلاقا فوجب تقديمه على القسم الآخر ، وقد اعترف ابن القيم رحمه بهذا ، لكنه شك فى صحة المرفوع من هذا القسم فقال:(4/50) : " وأما قوله فى حديث ابن وهب عن ابن أبى ذئب فى آخره: " وهى واحدة " فلعمر الله ، لو كانت هذه اللفظة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدمنا عليها شيئا ولصرنا إليها بأول وهلة ، ولكن لا ندرى أقالها ابن وهب من عنده ، أم ابن أبى ذئب أو نافع ، فلا يجوز أن يضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يتيقن أنه من كلامه ، ويشهد به عليه ، ونرتب عليه الأحكام ، ويقال: هذا من عند الله بالوهم والإحتمال ".
قلت: وفى هذا الكلام صواب وخطأ:
أما الصواب ، واعترافه بكون هذه اللفظة نص فى المسألة يجب التسليم
بها والمصير إليها لو صحت.
وأما الخطأ ، فهو تشككه فى صحتها ، ورده لها بدعوى أنه لا يدرى أقالها ابن وهب من عنده....
وهذا شىء عجيب من مثله ، لأن من المتفق عليه بين العلماء أن الأصل قبول رواية الثقة كما رواها ، وأنه لا يجوز ردها بالإحتمالات والتشكيك ، وأن طريق المعرفة هو التصديق بخبر الثقة ألا ترى أنه يمكن للمخالف لابن القيم لأن يرد حديثه " فردها على ولم يرها شيئا " بمثل الشك الذى أورده هو على حديث ابن وهب بالطعن فى أبى الزبير ونحو ذلك من الشكوك ، وقد فعل ذلك بعض المتقدمين كما تقدمت الإشارة إلى ذلك ، وكل ذلك مخالف للنهج العلمى المجرد عن الإنتصار لشىء سوى الحق.
على أن ابن وهب لم يتفرد بإخراج الحديث بل تابعه الطيالسى كما تقدم فقال: حدثنا ابن أبى ذئب عن نافع عن ابن عمر: " أنه طلق امرأته وهى حائض فأتى عمر النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فجعله واحدة ".
وتابعه أيضا يزيد بن هارون أخبرنا ابن أبى ذئب به.
أخرجه الدارقطنى من طريق محمد بن (أمشكاب)[1] أخبرنا يزيد بن هارون.
ومحمد بن إشكاب لم أعرفه الآن ، وبقية الرجال ثقات.
ثم عرفته فهو محمد بن الحسين بن إبراهيم أبو جعفر بن إشكاب البغدادى الحافظ من شيوخ البخارى ثقة.
وتابع ابن أبى ذئب ابن جريج عن نافع عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هى واحدة ".
أخرجه الدارقطنى أيضا عن عياش بن محمد أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج.
قلت: ورجاله ثقات كلهم ، وعياش بن محمد هو ابن عيسى الجوهرى ترجمه الخطيب وقال (12/279) :" وكان ثقة " ، فهو إسناد صحيح إن كان
ابن جريج سمعه من نافع.
وتابع نافعا الشعبى بلفظ أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ثم يحتسب بالتطليقة التى طلق أول مرة " وهو صحيح السند كما تقدم.
وكل هذه الروايات مما لم يقف عليها ابن القيم رحمه الله تعالى ، وظنى أنه لو وقف عليها لتبدد الشك الذى أبداه فى رواية ابن وهب ، ولصار إلى القول بما دل عليه الحديث من الاعتداد بطلاق الحائض.
والله تعالى هو الموفق والهادى إلى سبيل الرشاد.
(تنبيه) : من الأسباب التى حملت ابن القيم وغيره على عدم الاعتداد بطلاق الحائض ما ذكره من رواية ابن حزم عن محمد بن عبد السلام الخشنى: حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر رضى الله عنه أنه قال فى رجل يطلق امرأته وهى حائض؟ قال ابن عمر: لا يعتد بذلك.
وقال الحافظ فى " الفتح "(9/309) : " أخرجه ابن حزم بإسناد صحيح ".
وقال أيضا: " واحتج بعض من ذهب إلى أن الطلاق لا يقع بما روى عن الشعبى قال: إذا طلق الرجل امرأته وهى حائض لم يعتد بها فى قول ابن عمر.
قال ابن عبد البر: وليس معناه ما ذهب إليه ، وإنما معناه لم تعتد المرأة بتلك الحيضة فى العدة ".
ثم ذكر الحافظ عقبه رواية ابن حزم وقال: " والجواب عنه مثله ".
قلت: ويؤيده أمران:
الأول: ان ابن أبى شيبة قد أخرج الرواية المذكورة بلفظ آخر يسقط الاستدلال به وهو:
نا عبد الوهاب الثقفى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر فى الذى يطلق امرأته وهى حائض؟ قال: " لا تعتد بتلك الحيضة ".
وهكذا أخرجه ابن الأعرابى فى " معجمه "(ق 173/2) عن ابن معين: أخبرنا الثقفى به (1) .
فهو بهذا اللفظ نص على أن الاعتداد المنفى ليس هو الطلاق فى الحيض ، وإنما اعتداد المرأة المطلقة بتلك الحيضة ، فسقط الاستدلال المذكور.
والآخر: أن عبيد الله قد روى أيضا عن نافع عن ابن عمر فى حديثه المتقدم فى تطليقه لزوجته قال: عبيد الله: " وكان تطليقه إيها فى الحيض واحدة ، غير أنه خالف السنة ".
أخرجه الدارقطنى (428) .
والطرق بهذا المعنى عن ابن عمر كثيرة كما تقدم ، فإن حملت رواية عبيد الله الأولى على عدم الإعتداد بطلاق الحائض تناقضت مع روايته هذه ، والروايات الأخرى عن ابن عمر ، ونتيجة ذلك أن ابن عمر هو المتناقض ، والأصل فى مثله عدم التناقض ، فحينئذ لابد من التوفيق بين الروايتين لرفع التناقض ، والتوفيق ما سبق فى كلام ابن عبد البر ، ودعمناه برواية ابن أبى شيبة ، وإن لم يمكن فلا مناص من الترجيح بالكثرة والقوة ، وهذا ظاهر فى رواية عبيد الله الثانية ولكن لا داعى للترجيح ، فالتوفيق ظاهر والحمد لله.
(فائدة) كان تطليق ابن عمر لزوجته إطاعة منه لأبيه عمر رضى الله عنه ، فقد روى حمزة بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال:" كانت تحتى امرأة أحبها ، وكان أبى يكرهها ، فأمرنى أبى أن أطلقها ، فأبيت ، فذكرت للنبى صلى الله عليه وسلم (وفى رواية: فأتىعمر النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له) فقال: يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك [قال: فطلقتها] ".
(1) وكذلك رواه البيهقى (7/418) عن ابن معين به بلفظ: عن ابن عمر إذا طلقها وهى حائض لم تعتد تلك الحيضة.
وقال: " قال يحيى: وهذا غريب ليس يحدث به إلا الثقفى ".
أخرجه أبو داود (5138) والترمذى (1/223 ـ 224) وابن ماجه (2088) والطيالسى (1822) وأحمد (2/20 ، 42 ، 53 ، 157) من طريق ابن أبى ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: ورجاله رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن القرشى وهو صدوق.
ثم وقفت على طريق أخرى عن ابن عمر تؤيد ما سبق من الروايات الراجحة وهو ما أخرجه ابن عدى فى ترجمة حبيب بن أبى حبيب صاحب الأنماط من " الكامل "(103/2) عنه عن عمرو بن هرم قال: قال جابر بن زيد: " لا يطلق الرجل امرأته وهى حائض ، فإن طلقها ، فقد جاز طلاقه ، وعصى ربه ، وقد طلق ابن عمر امرأته تطليقة وهى حائض فأجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يراجعها ، فإذا طهرت طلقها إن شاء ، فراجعها ابن عمر ، حتى إذا طهرت طلقها ".
وإسناده هكذا: حدثنا عمر بن سهل حدثنا يوسف حدثنا داود بن شبيب حدثنا حبيب بن أبى حبيب به.
وهذا إسناد رجاله معروفون من رجال التهذيب لا بأس بهم ، غير يوسف وهو ابن ماهان ، لم أجد له ترجمة ، وعمر بن سهل وهو ابن مخلد أورده الخطيب فى " تاريخه "(11/224) وكناه بأبى حفص البزار ، وقال:" حدث عن الحسن بن عبد العزيز الجروى ، روى عنه عبد الله بن عدى الجرجانى ، وذكر أنه سمع منه ببغداد ".
(فائدة أخرى هامة) روى أبو يعلى فى " حديث ابن بشار " عقب حديث ابن عمر بلفظ 0 " فمه "(الطريق الرابعة) :