المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [الهدية وما في حكمها] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور - جـ ٦

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[إيجاب الاقتداء بهم]

- ‌[الرشد في طاعة أبي بكر وعمر]

- ‌فصل [من وجوه فضل الصحابة]

- ‌[أنواع الأسئلة]

- ‌[للمفتي العدول عن السؤال إلى ما هو أنفع]

- ‌[جواب المفتي بأكثر من السؤال]

- ‌[إذا منع المفتي من محظور دلَّ على مباح]

- ‌[ينبغي للمفتي أن ينبِّه السائل إلى الاحتراز عن الوهم]

- ‌[مما ينبغي للمفتي أن يذكر الحكم بدليله]

- ‌[من أدب المفتي أن يمهد للحكم المستغرب]

- ‌[يجوز للمفتي أن يحلف على ثبوت الحكم]

- ‌[من أدب المفتي أن يفتي بلفظ النصوص]

- ‌فصل [من أدب المفتي أن يتوجه للَّه لِيُلْهَمَ الصواب]

- ‌[لا يفتي ولا يحكم إلا بما يكون عالمًا بالحق فيه]

- ‌[الواجب على الراوي والمفتي والحاكم والشاهد]

- ‌[من أدب المفتي ألا ينسب الحكم إلى اللَّه إلا بالنص]

- ‌[حال المفتي مع المستفتي على ثلاثة أوجه]

- ‌[يفتي المفتي بما يعتقد أنه الصواب وإن كان خلاف مذهبه]

- ‌[لا يجوز للمفتي إلقاء المستفتي في الحيرة]

- ‌[الإفتاء في شروط الواقفين]

- ‌[لا يطلق المفتي الجواب إذا كان في المسألة تفصيل]

- ‌[على المفتي ألا يُفصِّل إلا حيث يجب التفصيل]

- ‌[هل يجوز للمقلد أن يفتي

- ‌[هل يجوز أن يقلَّد الفتوى المتفقه القاصر عن معرفة الكتاب والسنة

- ‌[هل للعامي إذا علم مسألة أن يفتي فيها]

- ‌[الخصال التي يجب أن يتصف بها المفتي]

- ‌[النية ومنزلتها]

- ‌[العلم والحلم والوقار والسكينة]

- ‌[حقيقة السكينة]

- ‌[السكينة الخاصة]

- ‌فصل [السكينة عند القيام بوظائف العبودية]

- ‌[أسباب السكينة]

- ‌[الاضطلاع بالعلم]

- ‌[الكفاية]

- ‌[معرفة الناس]

- ‌[فوائد تتعلق بالفتوى مروية عن الإِمام أحمد]

- ‌[دلالة العالم للمستفتي على غيره]

- ‌[كذلكة المفتي]

- ‌[للمفتي أن يفتي من لا يجوز شهادته له]

- ‌[لا يجوز الفتيا بالتشهي والتخيّر]

- ‌[أقسام المفتين أربعة]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[منزلة كل نوع من المفتين]

- ‌[هل للحي أن يقلد الميت من غير نظر للدليل]

- ‌[هل للمجتهد في نوع من العلم أن يفتي فيه

- ‌[من تصدر للفتوى من غير أهلها أثم]

- ‌[حكم العامي الذي لا يجد من يفتيه]

- ‌[من تجوز له الفتيا، ومن لا تجوز له]

- ‌[هل يجوز للقاضي أن يفتي

- ‌[فتيا الحاكم وحكمها]

- ‌[هل يجيب المفتي عما لم يقع]

- ‌[لا يجوز للمفتي تتبع الحيل]

- ‌[حكم رجوع المفتي عن فتواه]

- ‌[هل يضمن المفتي المال أو النفس

- ‌[أحوال ليس للمفتي أن يفتي فيها]

- ‌[على المفتي أن يرجع إلى العرف في مسائل]

- ‌[لا يعين المفتي على التحليل ولا على المكر]

- ‌[حكم أخذ المفتي أجرة أو هدية]

- ‌[ما يصنع المفتي إذا أفتى في واقعة ثم وقعت له مرة أخرى]

- ‌[كل الأئمة يذهبون إلى الحديث ومتى صح فهو مذهبهم]

- ‌[هل تجوز الفتيا لمن عنده كتب الحديث

- ‌[هل للمفتي أن يفتي بغير مذهب إمامه

- ‌[إذا ترجح عند المفتي مذهب غير مذهب إمامه، فهل يفتي به

- ‌[إذا تساوى عند المفتي قولان فماذا يصنع

- ‌[هل للمفتي أن يفتي بالقول الذي رجع عنه إمامه

- ‌[لا يجوز للمفتي أن يفتي بما يخالف النص]

- ‌[لا يجوز إخراج النصوص عن ظاهرها لتوافق مذهب المفتي]

- ‌[الأديان السابقة إنما فسدت بالتأويل]

- ‌[دواعي التأويل]

- ‌[بعض آثار التأويل]

- ‌[مثل المتأولين]

- ‌[لا يعمل بالفتوى حتى يطمئن لها قلب المستفتي]

- ‌[الترجمان عند المفتي]

- ‌[ما يصنع المفتي في جواب سؤال يحتمل عدة صور]

- ‌[ينبغي للمفتي أن يكون حذرًا]

- ‌[ينبغي له أن يشاور من يثق به]

- ‌[يجمل بالمفتي أن يكثر من الدعاء لنفسه بالتوفيق]

- ‌[لا يسع المفتي أن يجعل غرض السائل سائق حكمه]

- ‌[ذكر الفتوى مع دليلها أولى]

- ‌[هل يقلد المفتي الميت إذا علم عدالته]

- ‌[إذا تكررت الواقعة فهل يستفتي من جديد

- ‌[هل يلزم استفتاء الأعلم

- ‌[هل على العامي أن يتمذهب بمذهب واحد من الأربعة أو غيرهم

- ‌[ما الحكم إذا اختلف مفتيان

- ‌[هل يجب العمل بفتوى المفتي

- ‌[العمل بخط المفتي وما يشبه ذلك]

- ‌[ما العمل إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لأحد من العلماء

- ‌فصل

- ‌[فتاوى في مسائل من العقيدة]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالطهارة]

- ‌[فتاوى تتعلق بالصلاة وأركانها]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالموت والموتى]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق الزكاة]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالصوم]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالحج]

- ‌فصل [فتاوى في بيان فضل بعض سور القرآن]

- ‌[فتاوى في بيان فضل الأعمال]

- ‌فصل [فتاوى في الكسب والأموال]

- ‌[إرشادات لبعض الأعمال]

- ‌فصل [فتاوى في أنواع البيوع]

- ‌فصل [فتاوى في فضل بعض الأعمال]

- ‌فصل

- ‌فصل [فتاوى في الرهن والدين]

- ‌فصل [المرأة تتصدق]

- ‌[مال اليتيم]

- ‌[اللقطة]

- ‌فصل [الهدية وما في حكمها]

- ‌فصل [فتاوى في المواريث]

- ‌[فتاوى تتعلق بالعتق]

- ‌فصل [فتاوى في الزواج]

- ‌فصل

- ‌فصل [فتاوى في أحكام الرضاع]

- ‌فصل من فتاويه صلى الله عليه وسلم في الطلاق

- ‌[الخلع]

- ‌فصل [الظهار واللعان]

- ‌فصل في فتاويه صلى الله عليه وسلم في العدد

- ‌فصل [ثبوت النسب]

- ‌[الإحداد على الميت]

- ‌فصل في فتواه صلى الله عليه وسلم في نفقة المعتدة وكسوتها

- ‌[فصل] [فتاوى في الحضانة وفي مستحقها]

- ‌فصل [فتاوى في جرم القاتل وجزائه]

- ‌[فتاوى في الديات]

- ‌فصل [فتاوى في القسامة]

- ‌فصل [فتاوى في حد الزنى]

- ‌[أثر اللوث في التشريع]

- ‌[العمل بالسياسة]

- ‌[بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم جميع أحكام الحياة والموت]

- ‌فصل [كلام أحمد في السياسة الشرعية]

- ‌فصل

- ‌[فتاوى في الأطعمة]

- ‌فصل [فتاوى في العقيقة]

- ‌فصل [فتاوى في الأشربة]

- ‌فصل [فتاوى في الأيمان وفي النذور]

- ‌[النيابة في فعل الطاعة]

- ‌فصل [فتاوى في الجهاد]

- ‌فصل [فتاوى في الطب]

- ‌فصل [فتاوى في الطيرة والفأل وفي الاستصلاح]

- ‌فصول من فتاويه صلى الله عليه وسلم في أبواب متفرقة

- ‌[التوبة]

- ‌[حق الطريق]

- ‌[الكذب]

- ‌[الشرك وما يلحق به]

- ‌[طاعة الأمراء]

- ‌[من سد الذرائع]

- ‌[الجوار]

- ‌[الغيبة]

- ‌[الكبائر]

- ‌فصل [تعداد الكبائر]

- ‌فصل

- ‌فصل مستطرد من فتاويه صلى الله عليه وسلم فارجع إليها

- ‌[عود إلى فتاوى الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌فصل [الهدية وما في حكمها]

لا يكتم، ولا يغيب، فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال اللَّه يؤتيه من يشاء (1).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل جلس لحاجته فأخرج جُرْذ من جُحرٍ دينارًا، ثم أخرج آخر، ثم أخرج آخر حتى أخرج سبعة عشر دينارًا، ثم أخرج طرف خرقة حمراء فأتى بها السائل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرها، وقال:"خذ صدقتها". قال: "ارجع بها، لا صَدَقة فيها، باركَ اللَّه لك فيها" ثم قال: "لعلك أهويت بيدك في الجحر؟ " قلت: لا، والذي أكرمك بالحق. فلم يفن آخرها حتى مات (2).

وقوله -واللَّه أعلم-: "لعلك أهويت بيدك في الجحر" إذ لو فعل ذلك لكان ذلك في حكم الركاز، وإنما ساق اللَّه هذا المال إليه بغير فعل منه، أخرجته له الأرض بمنزلة ما يخرج من المباحات، ولهذا -واللَّه أعلم- لم يجعله لقطة إذ لعله علم أنه من دفن الكفار.

‌فصل [الهدية وما في حكمها]

وأهدى له صلى الله عليه وسلم عياض بن حمار إبلًا قبل أن يُسلم فأَبى أن يقبلها، وقال:

(1) مخرّج في موطن آخر.

(2)

رواه أبو داود (3087) في (الخراج والإمارة): باب ما جاء في الركاز وما فيه، وابن ماجه (2508) في (اللقطة): باب التقاط ما أخرج الجرذ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(293) -ولم يسق لفظه- والطبراني في "الكبير"(20/ 611 و 612)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(رقم 389)، والبيهقي (4/ 155 - 156)، والمزي في "تهذيب الكمال" (35/ 222) من طرق عن موسى بن يعقوب الزمعي: حدثتني عمتي قُريبة بنت عبد اللَّه عن أمها كريمة بنت المقداد بن عمرو عن ضباعة بنت الزبير زوجة المقداد عن المقداد بن عمرو به.

وفي سياق بعض الروايات أنه من مسند ضباعة، كما قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف"(8/ 504)، وهو لا يضر فضباعة هذه صحابية، وهذا إسناد فيه مقال، موسى بن يعقوب، وثقه ابن معين، وابن القطان، وقال ابن عدي: لا بأس به عندي، وقال ابن المديني: ضعيف الحديث، منكر الحديث.

وقال أبو داود: روى عنه ابن مهدي، وله مشايخ مجهولون.

وقال أحمد: لا يعجبني حديثه.

وقريبة هذه لم يرو عنها إلا ابن أخيها موسى، وقال الحافظ في "التقريب": مقبولة، فهي في عداد المجاهيل، وكذلك كريمة، والحديث في "ضعيف سنن ابن ماجه"(545).

ص: 416

"إنَّا نقبل زبد المشركين" قال: قلت: وما زَبْد المشركين؟ قال: "رفدهم وهديتهم (1)، ذكره أحمد، ولا ينافي هذا قبوله هدية أُكْيدِر وغيره من أهل الكتاب (2)؛ لأنهم أهل كتاب فقبل هديتهم، ولم يقبل هدية المشركين (3).

وسأله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت فقال: رجل أهدى إليَّ قوسًا ممن كنت أعلِّمه الكتاب والقرآن، وليست بمال، وأرمي عليها في سبيل اللَّه؟ فقال:"إن كنت تحب أن تطوَّق طوقًا من نار فاقبلها"(4).

(1) رواه أحمد في "مسنده"(4/ 162)، وأبو داود الطيالسي (1416 - منحة)، والطبراني في "الكبير"(17/ 998)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 216) من طرق عن الحسن البصري عن عياض بن حمار به، والحسن البصري مدلس، وقد عنعن، وقد توبع.

فقد رواه أبو داود الطيالسي (1417)، ومن طريقه أبو داود في "سننه" (3057) في (الخراج والإمارة): باب في الإمام يقبل هدايا المشركين، والترمذي (1581) في (السير): باب كراهية هدايا المشركين، والطبراني في "الكبير"(17/ 999)، والبيهقي (9/ 216) عن عمران القطان عن قتادة عن زيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن عياض به.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وذكره الحافظ في "الفتح"(5/ 235 - 231)، وقال: وصححه الترمذي وابن خزيمة.

(2)

رواه مسلم (2071) بعد (18) في (اللباس والزينة): من حديث علي بن أبي طالب، وعلقه البخاري (2616) في (الهبة): من حديث أنس.

(3)

هذا وجه للجمع، وللترمذي والبيهقي والحافظ ابن حجر أوجه أخرى في المصادر المذكورة قبل.

(4)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 223 - 224) وفي "مسنده"(ق 93/ ب)، وعبد بن حميد (183)، وأحمد (5/ 315)، وأبو داود (3416) في (البيوع): باب من كسب المعلِّم، وابن ماجه (2157) في (التجارات): باب الأجر على تعليم القرآن، والطحاوي في "المشكل"(4333) وفي "شرح معاني الآثار"(3/ 17 و 4/ 127)، والشاشي في "المسند"(1266، 1267) وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(2/ 82)، والحاكم (2/ 41)، والبيهقي (6/ 125)، والمزي في "تهذيب الكمال"(3/ 221) من طرق عن المغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت به.

قال الحاكم: صحيح الإسناد.

قال الذهبي: متعقبًا: قلت: مغيرة صالح الحديث، وقد تركه ابن حبان، وقال البيهقي: قال ابن المديني: إسناده كله معروفون إلا الأسود بن ثعلبة فإنه لا يحفظ عنه إلا هذا الحديث.

ورد ابن التركماني في "الجوهر النقي" أن له أحاديث أخرى ثلاثة، ولكن الأسود هذا قال الذهبي في "الميزان":"لا يعرف".

وحاول ابن التركماني تقوية حال الأسود هذا فقال: ذكره ابن حبان في "الثقات"، =

ص: 417

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وصحح الحاكم حديثه، وقال صاحب "التمهيد": حديثٌ معروف عند أهل العلم؛ لأنه روي عن عبادة من وجهين.

أقول: ذكر ابن حبان له في "الثقات" لا يقوي أمره فتوثيق ابن حبان للمجاهيل معروف، والحاكم صحح أحاديث لرواة متروكين!، وكلام ابن عبد البر غريب!

ورواه أبو داود (3417)، ومن طريقه البيهقي (6/ 125)، وأحمد (5/ 324)، والشاشي (1223) في "مسنديهما"، والحاكم (3/ 356) من طريق بشر بن عبد اللَّه بن يسار: حدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت.

قال البيهقي: هذا حديث مختلف فيه على عبادة بن نسي، كما ترى.

أقول: وبشر هذا وإن كان صدوقًا، إلا أنه خالف جماعة من الثقات، منهم: وكيع، وحميد بن عبد الرحمن، وأبو عاصم النبيل، فرووه كما سبق بالإسناد الأول.

وعندي أن هذا من أوهام بشر، لكن شيخنا الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(1/ 460) رجح أن يكون لمغيرة بن زياد فيه شيخان، وجعل جنادة متابعًا للأسود وهذا فيه نظر لا يتمشى مع قواعد المحدثين في ترجيح رواية الجماعة من الثقات على الثقة، كبف وبشر أصلًا لم يوثقه أحد إلا ابن حبان فقط!! وهذا ما يفهم من صنيع أبي حاتم الرازي، فيما نقل عنه ابنه في "العلل"(2/ 74 رقم 1716).

ثم وجدت الحافظ رحمه الله في "التلخيص"(4/ 7) قال عن هذا الحديث: مغيرة هذا مختلف فيه، واستنكر أحمد حديثه، وناقض الحاكم فصحح حديثه في "المستدرك"، واتهمه به في موضع آخر.

وله شاهد من حديث أبي الدرداء، رواه البيهقي (6/ 126) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي.

قال ابن حجر: سنده على شرط مسلم لكن شيخه (أي شيخ الدارمي) لم يخرج له مسلم، وقال فيه أبو حاتم: ما به بأس، وقال دحيم: حديث أبي الدرداء في هذا ليس له أصل.

وله شاهد آخر من حديث أبي بن كعب، رواه ابن ماجه (2158)، والروياني -كما في "النكت الظراف" (1/ 35) - والبيهقي (6/ 125 - 126) من طريق ثور بن يزيد: حدثنا خالد بن معدان (وسقط خالد من سند البيهقي)، حدثني عبد الرحمن بن سلم عن عطية الكلاعي عنه.

قال البوصيري (2/ 9): هذا إسناد مضطرب قاله الذهبي في ترجمة عبد الرحمن بن سلم، وقال العلائي في "المراسيل": عطية بن قيس عن أبي بن كعب مرسل.

أقول: وعبد الرحمن بن سلم هذا من المجاهيل.

فهذا إسناد ضعيف جدًا.

فإن سلم حديث أبي الدرداء من كلام دحيم يمكن أن يتقوى حديثه بحديث عبادة بن الصامت، والا فإن حديث أبيّ هذا لا يعول عليه لما فيه من علل. =

ص: 418

ولا ينافي هذا قوله: "إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتاب اللَّه"(1) في قصة الرقية لأن تلك جعالة على الطب، فطبَّه بالقرآن، فأخذ الأجرة على الطب لا على تعليم القرآن وهاهنا منعه من أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فإن اللَّه تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الأنعام: 90]، وقال تعالى:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ: 47]، وقال تعالى:{اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} [يس: 21]، فلا يجوز أخذ الأجرة على تبليغ الإسلام والقرآن.

وسأله صلى الله عليه وسلم أبو النعمان بن بشير أَنْ يَشهد على غلامِ نَحَله لابنه فلم يشهد، وقال:"لا تُشْهدني على جُور" وفي لفظ: "إن هذا لا يصلح" وفي لفظ: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ " قال: لا. قال: "فاتقوا اللَّه وأعدلوا بين أولادكم" وفي لفظ: "فارجعه" وفي لفظ: "اشْهِدْ على هذا غيري"(2)، متفق عليه، وهذا أمر تهديد قطعًا لا أمر إباحة لأنه سماه جورًا وخلاف العدل وأخبر أنه لا يصلح، "وأمر برده ومحال مع هذا أن يأذن [اللَّه له](3) في الإشهاد على ما هذا شأنه، وباللَّه التوفيق.

وسأله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال: يا رسول [اللَّه](4) قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا [رجل](3) ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثُلُثيّ مالي؟ قال:"لا" قلت: فالشَّطر يا رسول اللَّه؟ قال: "لا" قلت: فالثلث؟ قال: "الثلثُ، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياءَ خير من أن تذرهم عالة يتكفَّفون الناس، وإِنَّك لن تُنفقَ نفقة تبتغي بها وجه اللَّه إلا أجرت بها حتى ما تجعله (5) في فِيِّ امرأتك"(6)، متفق عليه.

وسأله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص فقال: يا رسول اللَّه إن أبي أوصى أن يُعتق عنه مئة رقبة فأعتق ابنه هشام خمسين وبقيت عليه خمسون رقبة أفأعتق عنه؟ فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنه لو كان مسلمًا فأعتقتم عنه أو تصدَّقتم عنه أو حججتم

= والحديث ذكره العلامة شيخنا الألباني في "الإرواء"(5/ 316)، و"السلسلة الصحيحة"(256) مصححًا له بطرقه، واللَّه أعلم.

(1)

رواه البخاري (5737) في (الطب): باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب، من حديث ابن عباس.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من (د).

(5)

في المطبوع: "تجعل" والمثبت من (ك).

(6)

تقدم تخريجه.

ص: 419