الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأدلة" (1)، وقد ذكر التأويل وجنايته على الشريعة إلى أن قال: "{فَأَمَّا (2) الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7] وهؤلاء أهل الجدل والكلام، وأشدُّ ما عرض على الشريعة من هذا الصنف أنهم تأوَّلوا كثيرًا مما ظنوه ليس على ظاهره، وقالوا: إن هذا التأويل [ليس](3) هو المقصود به، وإنما أتى (4) اللَّه به في صورة المتشابه ابتلاءً لعباده واختبارًا لهم، ونعوذ باللَّه من هذا الظن (5) باللَّه، بل نقول: إن كتاب (6) اللَّه العزيز إنما جاء معجزًا من جهة الوضوح والبيان، فإذا ما (7) أبعد من مقصد الشارع من قال فيما ليس بمتشابه إنه [متشابه](8)، ثم أوَّل ذلك المتشابه بزعمه، ثم (9) قال لجميع الناس: إن فرضكم [هو](8) اعتقاد هذا التأويل مثل ما قالوه في آية [الاستواء](8) على العرش، وغير ذلك مما قالوا: إن ظاهره متشابه" ثم قال: "وبالجملة فأكثر التأويلات التي زعم [القائلون بها](10) أنها [من] المقصود من الشرع إذا تؤمِّلتْ وجدت ليس يقوم عليها برهان".
[مثل المتأولين]
إلى أن قال: "ومثال [مَنْ أوَّل](11) شيئًا من الشرع وزعم أن ما أوله (12) هو الذي قصده الشرع (13) مثال من أتى إلى دواء قد ركّبه طبيبٌ [ماهرٌ](10) ليحفظ صحَّة جميع الناس أو الأكثر (14)، فجاء رجل فلم يلائمه ذلك الدواءُ [المركب] الأعظم لرداءة مزاج [كان به ليس](10) يعرض إلا للأقل من الناس، فزعم أن
(1)(ص 97 - 99) ضمن كتاب: "فلسفة ابن رشد" ط دار العلم، و (ص 89 - 90 ط مكتبة التربية).
(2)
"في الطبعات السابقة: "وأما"، والصواب ما أثبته"(و).
(3)
ما بين المعقوفتين في "الكشف" لابن رشد، وسقط من جميع النسخ.
(4)
كذا في "الكشف" وبدلها في جميع النسح: "أمر"!!
(5)
كذا في "الكشف" و (ت)، وفي سائر النسح:"سوء الظن".
(6)
في (ك): "كان" وفي هامشها: "لعله: القرآن العزيز".
(7)
كذا في "الكشف" وفي سائر النسح: "فما أبعد" ولعدم استقامته أثبت في ط الجيل: "فما أبعده"!!
(8)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(9)
في المطبوع و (ت) و (ك): "و".
(10)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(11)
في (ك): "تأول" وسقط من (ق).
(12)
في (ت): "ما قالوه".
(13)
عبارته في "الكشف": "وزعم أن ما أوّله هو ما قصد الشرع، وصرح بذلك التأويل للجمهور".
(14)
في المطبوع و (ت) و (ك): "أو أكثرهم".
[بعض](1) تلك الأدوية التي صرَّح باسمها الطبيب الأول [في ذلك الدواء](1) العام المنفعة [المركب] لم يرد به ذلك الدواء العام الذي جرت العادة في اللسان أن يدل بذلك الاسم عليه، وإنما أراد به دواء [آخر مما يمكن أن](1) يدل عليه بذلك باستعارة بعيدة، فأزال ذلك الدواء الأول من ذلك المركب الأعظم، وجعل فيه بدله الدواءَ الذي ظن أن قصده الطبيب، [وقال للناس: هذا هو الذي قصده الطبيب] (1) الأول، فاستعمل الناس ذلك الدواء المركب على الوجه الذي تأوله [عليه](1) هذا المتأول، ففسدت [به] أمزجة كثير من الناس، فجاء آخرون فشعروا بفساد أمزجة الناس من ذلك الدواء المركب، فراموا إصلاحه بأن بدلوا بعض أدويته بدواء آخر غير الدواء الأول، فعرض من ذلك للناس (2) نوع من المرض غير النوع الأول، فجاء ثالث فتأول في أدوية ذلك المركب غير التأويل الأول والثاني، فعرض للناس من ذلك نوع ثالث من المرض غير النوَعيْن المتقدِّمين، فجاء متأوّلٌ رابعٌ فتأوَّل دواءً آخر غير الأدوية المتقدّمة، [فعرض منه للناس نوع رابع من المرض غير الأمراض المتقدمة](1)، فلما طال الزمان بهذا الدواء المركب الأعظم، وسلَّط الناس التأويل على أدويته وغيَّروها، وبدَّلوها عرض [منه](1) للناس أمراض شتى حتى فسدت المنفعة المقصودة بذلك الدواء المركب في حق أكثر الناس. وهذه هي حالة (3) الفرق الحادثة [في هذه الطريقة](4) مع الشريعة؛ وذلك أنَّ كلَّ فرقة منهم تأوَّلت [في الشريعة تأويلًا] غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى، وزعمت أنه [هو الذي](5) قصده صاحب الشرع حتى تمزق الشرع كلَّ ممزق، وبَعُد جدًا عن موضعهه (6) الأول. ولما علم صاحب الشرع [صلوات اللَّه وسلامه عليه وعلى آله] (1) لأن مثل هذا يعرض -ولا بد- في شريعته قال صلى الله عليه وسلم:"ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة"(7) يعني بالواحدة
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
في (ق): "فعرض للناس من ذلك".
(3)
في "الكشف" و (ق) و (ك): "حال".
(4)
كذا في "الكشف"، وفي سائر النسح:"الشريعة"، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
في المطبوع و (ك): "موضوعه".
(7)
أخرجه ابن ماجه في "السنن"(رقم 3992)، وابن أبي عاصم في "السنة"(رقم 63)، -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال"(14/ 181) -، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(رقم 149) بسند جيد من حديث عوف بن مالك مرفوعًا.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 128 - 129) من طريق أخرى، ولكن فيها كثير بن عبد اللَّه المزني، لا تقوم به الحجة. =