الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعند الترمذي عن الربيّع بنت مُعَوِّذ أنها اختلَعَتْ على عهد رسول اللَّه فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أو أمرت- أن تعتد بحيضة (1).
قال الترمذي: حديث الربيّع الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة، وعند النسائي وابن ماجه -واللفظ له- عن الربيع قالت: اختلعت من زوجي، ثم جئت عثمان فسألت: ماذا عليَّ من العدَّة؟ فقال: "لا عدة عليك إلا أن يكون حديث عهد بك فتمكثين عنده حتى تحيضي حيضة" قالت: وإنما تبع في ذلك قضاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مريم المغالية، وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه (2).
فصل [ثبوت النسب]
واختصم إليه صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زَمْعَة في الغلام فقال سعد: هو ابن أخي عُتبة بن أبي وقاص عهِدَ إليَّ أنه ابنهُ انُظْر إلى شَبَهِه، وقال عبدُ بن زَمْعة: هو أخي ولد على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبهًا بينًا بعتبة، فقال:"هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجَر، واحتجبِي منه يا سودة" فلم تره سودة قط (3) متفق عليه.
وفي لفظ البخاري: "هو أخوك يا عبد"(4)، وعند النسائي:"واحتجبي منه يا سودة فليس لك بأخ"(5)، وعند الإمام أحمد: أما الميراث فله، وأما أنْتِ
(1) رواه الترمذي (1187) في (الطلاق): باب ما جاء في الخلع من طريق سفيان أنبأنا محمد بن عبد الرحمن بن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار عن الربيع بنت معوذ به.
ورواته كلهم ثقات من رجال الصحيح، وله طرق عن الربيع، تقدم بعضها.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه البخاري في مواطن منها (2053) في (البيوع): باب تفسير المشَبهات، و (2218) في باب شراء المملوك من الحربي، و (2421) في (الهبة): باب الخصومات، ومسلم (1457) في (الرضاع): باب الولد للفراش وتوقي الشبهات، من حديث عائشة.
(4)
هو في "صحيح البخاري"(4303) في (التفسير): باب (53).
(5)
رواه النسائي (6/ 180 - 181) في (الطلاق): باب إلحاق الولد بالفراش إذا لم ينفعه صاحب الفراش، وأبو يعلى (6813)، والبيهقي (6/ 87) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور عن مجاهد عن يوسف بن الزبير، مولى لهم عن عبد اللَّه بن الزبير به.
وهذا حديث قد تكلم فيه البيهقي في إسناده وفي متنه في قوله: "فإنه ليس لك بأخٍ"، وقد طعن في هذه اللفظة أيضًا الخطابي والنووي كما في "الفتح"(12/ 37). =
فاحتجبي منه، فإنه ليس لك بأخ" (1)، فحكم وأفتى بالولد لصاحب الفراش عملًا بموجب الفراش وأمر سَوْدة أن تحتجب منه عملًا بشبهه بعتبة، وقال: "ليس لك بأخ" للشبهة وجعله أخًا في الميراث فتضمن فتواه صلى الله عليه وسلم أن الأمة فِرَاش، وأن الأحكام تتبعض في العين الواحدة عملًا بالاشتباه، كما تتبعض في الرضاعة وثبوتها يثبت بها الحرمة والمحرمية دون الميراث والنفقة [وليس ولدًا في الميراث والنفقة](2) وكما في ولد الزنا هو ولد في التحريم وليس ولدًا في الميراث ونظائر
= قال البيهقي: فإسناد هذا الحديث لا يقاوم إسناد الحديث الأول -أي حديث عائشة السابق-؛ لأن الحديث الأول رواته مشهورون بالحفظ والفقه والأمانة، وعائشة تخبر عن القصة وكأنها شهدتها. والحديث الآخر -أي هذا- في رواته من نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ، وهو جرير بن عبد الحميد، وفيهم من لا يعرف بسبب يثبت به حديثه، وهو يوسف بن الزبير، وقد قيل في غير هذا الحديث: عن مجاهد عن يوسف بن الزبير، كأنه لم يشهد القصة لصغره.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله -إن كان قاله-: "ليس لك بأخ" شبهًا، وإن كان لك بحكم الفراش أخًا، فلا يكون لقوله:"هو أخوك يا عبد" مخالفًا، فقد ألحقه بالفراش حتى حكم له بالميراث، واللَّه الموفق.
وقد رد الحافظ ومن قبله ابن التركماني على البيهقي، فقال:"ورجال سنده رجال الصحيح إلا شيخ مجاهد، وهو يوسف مولى آل الزبير"، وقال من قبل: إسناده حسن.
وقال: "وتعقب بأن جريرًا هذا لم ينسب إلى سوء حفظ، وكأنه اشتبه عليه بجرير بن حازم، وبأن الجمع بينهما ممكن، فلا ترجيح وبأن يوسف معروف في موالي آل الزبير، وعلى هذا فيتعين تأويله، وإذا ثبتت هذه الزيادة تعين تأويل نفي الأخوة عن سودة على نحو ما تقدم من أمرها بالاحتجاب منه".
أقول: يوسف بن الزبير قال عنه الحافظ في "التقريب": مقبول! أي إذا توبع وإلا فليّن.
وقد نقل في كتابه "التهذيب" عن ابن جرير أنه قال فيه: مجهول لا يحتج به، وقد وثقه ابن حبان.
وقد رواه الطبري في "تهذيب الآثار" كما قال ابن حجر في "النكت الظراف"(5/ 333) من طريق إسرائيل عن منصور عن مجاهد عن مولى لابن الزبير عن سودة بإسقاط عبد اللَّه بن الزبير.
ورواه أيضًا عبد الرزاق (13820)، ومن طريق أحمد (4/ 5) عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن الزبير.
وهذا الإسناد الأخير إن سلم من الوهم إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، ومجاهد أدرك ابن الزبير إدراكًا بينًا، لكن أخشى أن يكون عبد الرزاق وهم فيه.
(1)
انظر ما قبله.
(2)
ما بين المعقوفتين من (ك) و (ط. دار الحديث) وسقط من سائر النسخ.