الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمفتي مخبر غير منفذ، والشاهد مخبر عن الحكم الكوني القدري المطابق للحكم الديني الأمري، فمن أخبر منهم عما يعلم خلافه، فهو كاذب على اللَّه عمدًا {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: 60]، ولا (1) أظلم ممن كذب على اللَّه وعلى دينه، وإن أخبروا بما لم يعلموا، فقد كذبوا على اللَّه جهلًا، وإن أصابوا في الباطن وأخبروا بما لم يأذن اللَّه لهم في الإخبار به، وهم أسوأ حالًا من القاذف إذا رأى الفاحشة وحده فأخبر بها، فإنه (2) كاذب عند اللَّه، وإن أخبر بالواقع، فإن اللَّه لم يأذن له في الإخبار بها إلا إذا كان رابع أربعة (3)، فإن كان (4) كاذبًا عند اللَّه في خبر مطابق (5) لمخبره حيث لم يأذن له في الإخبار [به](6)، [كيف بمن أخبر عن حكمه بما لم (7) يعلم أن اللَّه حكم به، ولم يأذن له في الإخبار به؟](8)، قال اللَّه تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ] (9) وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116 - 117]، وقال تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ} [الزمر: 32]، والكذب [على اللَّه](6) يستلزم التكذيب بالحق والصدق، وقال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وهؤلاء [الآيات](8) وإن كانت في حق المشركين والكفَّار، فإنها متناولة لمن كذب على اللَّه في توحيده ودينه وأسمائه وصفاته وأفعاله، ولا تتناول المخطئ المأجور إذا بذل جهده (10)، واستفرغ وسعه في إصابة حكم اللَّه وشرعه، فإن هذا هو الذي فرضه اللَّه عليه، فلا يتناول المطيع للَّه إن أخطأ، وباللَّه التوفيق.
[الواجب على الراوي والمفتي والحاكم والشاهد]
الفائدة الثانية عشرة: حكم اللَّه ورسوله يظهر على أربعة ألسنة: لسان
(1) في (ق): "فلا".
(2)
في (ق): "فهو".
(3)
في (ق): "إلا أم يكون رابع أربعة".
(4)
في (ت): "فإذا كان"
(5)
في (ك): "يطابق".
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(7)
في (ك): "لا".
(8)
ما بين المعقوفتين سقط من (ت).
(9)
بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(10)
قال (د): "في نسخة: "إذا بذل اجتهاده".
قلت: وهي كذلك في (ت) و (ك).
الراوي، ولسان المفتي، ولسان الحاكم (1)، ولسان الشاهد، فالراوي يَظْهر على لسانه لفظ حكم اللَّه ورسوله، والمفتي يظهر على لسانه معناه وما استنبطه من لفظه، والحاكم يظهر على لسانه الإخبار بحكم اللَّه وتنفيذه، والشاهد يظهر على لسانه الإخبار بالسبب الذي يثبت حكم الشارع، والواجب على هؤلاء الأربعة أن يُخبروا بالصدق المستند إلى العلم فيكونون عالمين بما يخبرون به صادقين في الإخبار به، وآفة أحدهم الكذب والكتمان، فمتى كَتمَ الحق أو الكذب فيه فقد خان اللَّه (2) سبحانه في شرعه ودينه، وقد أجرى اللَّه سنَّته أن يمحق عليه (3) بركة علمه ودينه ودنياه إذا فعل ذلك، كما أجرى عادته سبحانه في المتبايعَيْن إذا كتما وكذبا أن يمحق بركة بيعهما (4)، ومن التزم الصدق والبيان [منهم](5) في مرتبته بُورك له في علمه [ووقته](6) ودينه ودنياه، وكان مع {النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا] (69) (7) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء: 69 - 70]،
(1) في (ق): "ولسان الحاكم، ولسان المفتي".
(2)
في المطبوع و (ت) و (ك): "فقد حاد اللَّه".
(3)
في (ق) و (ك): "بالمحق عليه".
(4)
يشير إلى حديث حكيم بن حزام: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صَدَقا وبيّنا بورك لهما. . . ".
رواه البخاري في مواطن منها: (2079) في (البيوع): باب إذا بيّن البيعان، ولم يكتما ونَصَحَا، ومسلم (1532) في (البيوع): باب الصدق في البيع والبيان.
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ت).
(7)
يشير إلى حديث التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين.
رواه الترمذي (1212) في "البيوع": باب ما جاء في التجار، والدارمي (2/ 247)، والدارقطني (3/ 7)، والحاكم (2/ 6)، والبغوي (4/ 8) من طريق أبي حمزة عن الحسن البصري عن أبي سعيد الخدري به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
كذا في المطبوع، وفي "تحفة الأشراف" كذلك، وفي بعض النسخ المطبوعة: غريب. . . ولم يذكر: "حسن"، وقال الحاكم: هذا من مراسيل الحسن، أي أنه منقطع بين الحسن وأبي سعيد.
وله شاهد من حديث ابن عمر: رواه ابن ماجه (2139) في التجارات، باب الحث على المكاسب والدارقطني (3/ 7) والحاكم (2/ 6)، والبيهقي (5/ 266) من طريق كلثوم بن جوشن القشيري عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
قال الحاكم: كلثوم قليل الحديث، فرده الذهبي بقوله:"ضعّفه أبو حاتم"، وقال أبو حاتم كما في "علل ابنه" (1/ 386):"هذا حديث لا أصل له، وكلثوم ضعيف الحديث".=