الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طائفة: اللام بمعنى على، أي اشترطي عليهم الولاء، فإنك أنت التي تعتقين، والولاء لمن أعتق، وهذا وإن كان أقل تكلفًا مما تقدم ففيه إلغاء الاشتراط، فإنها لو لم تشترطه لكان الحكم كذلك، وقالت طائفة: هذه الزيادة ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي من قول هشام بن عروة، وهذا جواب الشافعي نفسه، وقال شيخنا (1): بل الحديث على ظاهره، ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم باشتراط الولاء تصحيحًا لهذا الشرط، ولا إباحة له، ولكن عقوبة لمشترطه، إذ أبى أن يبيع جارية للمعتق إلا باشتراط ما يخالف حكم اللَّه تعالى وشرعه، فأمرها أنْ تدخل تحت شرطهم الباطل ليظهر به حكم اللَّه ورسوله؛ [في أن](2) الشروط الباطلة لا تغيّر شرعه، وإن من شرط ما يخالف دينه لم يجز أنْ يوفّى له بشرطه، ولا يبطل البيع به، وإن من عرف فساد الشرط وشرطه ألغى اشتراطه، ولم يعتبر، فتأمل هذه الطريقة، وما قبلها من الطرق واللَّه تعالى أعلم.
فصل [فتاوى في الزواج]
وسئل صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ فقال: "التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه فيما يكره في نفسها، وماله"(3)، ذكره أحمد.
وسئل صلى الله عليه وسلم أي المال يتخذ؟ فقال: "ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا ولسانًا ذاكرًا
(1) قال (ح): "وقد تعرض لهذا [شيخ الإسلام] ابن تيمية في "تفسير سورة النور" بما يشفي ويكفي".
قلت: انظر: "مجموع الفتاوى"(29/ 130).
(2)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "لأن".
(3)
رواه أحمد في "مسنده"(2/ 251 و 432)، والنسائي في "سننه الصغرى" (6/ 68) في "النكاح": باب أي النساء خير، وفي "عشرة النساء"(75)، والحاكم (2/ 161 - 162)، والبيهقي (7/ 82) من طرق عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به.
وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
لكن محمد بن عجلان أخرج له مسلم متابعة.
ثم رواه محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.
أخرجه أحمد (2/ 438) من طريق يحيى القطان عنه، وهذا من محمد بن عجلان، فقد اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وعلى كل حال فهو دائر بين ثقتين ولا حرج.
والحديث حسنه شيخنا الألباني في "الإرواء"(6/ 197) إلا أنه لم ينبِّه لهذا الخلاف في إسناده الذي ذكرت، وفي (ك):"الذي تسره" بدل "التي تسره".
وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة" (1)، ذكره أحمد والترمذي وحسَّنه.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إنّي أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وأنَّها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال:"لا"، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال:"تزوجوا الولود الودود، فإنّي مكاثر بكم الأمم"(2).
(1) رواه أحمد في "مسنده"(5/ 278)، والترمذي بعد (3103) في (تفسير سورة التوبة): وابن جرير في "التفسير"(10/ 119) من طريق إسرائيل، ورواه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 182)، وابن جرير (10/ 119 - 120) من طريق جرير كلاهما عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان به.
ورواه أحمد (5/ 282)، -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 182)، والمزي في "تهذيب الكمال" (15/ 371) - وابن ماجه (1856) في (النكاح): باب أفضل النساء من طريق عبد اللَّه بن عمرو بن مرة عن أبيه عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان به.
وتوبع عبد اللَّه، تابعه محمد بن عبد اللَّه المرادي، عند الطبراني في "الأوسط"(7/ رقم 6696 - طـ. الطحان).
قال الترمذي: هذا حديث حسن سألت محمد بن إسماعيل فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟ فقال: لا.
أقول: وسالم هذا قال أحمد بن حنبل أيضًا -كما في "جامع التحصيل"-: لم يلق ثوبان بينهما معدان بن أبي طلحة.
لذلك قال ابن كثير في "تفسيره"(2/ 336): "ولهذا رواه بعضهم عنه مرسلًا"، قلت: رواه ابن جرير (10/ 119)، وابن أبي حاتم (6/ رقم 15083) كلاهما في "التفسير" من طريق عبد الرزاق -وهو في "تفسيره"(1/ 246) - أخبرنا الثوري عن منصور عن عمرو بن مرة عن سالم به مرسلًا.
ورواه مؤمل -وهو ضعيف- عن سفيان عن منصور عن الأعمش وعمرو بن مرة عن سالم مرسلًا أيضًا.
واختلف عليه، فرواه بعضهم عنه ووصله وزاد مع ابن مرة والأعمش ابن منصور كما عند الطبراني في "الأوسط"(3/ رقم 2295 - طـ. الطحان) وله شاهد من حديث ابن عباس، عند ابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ رقم 10080) وإسناده ضعيف.
وله شاهد آخر، رواه أحمد (5/ 366)، والنسائي في "الكبرى" -كما في "تحفة الأشراف"(11/ 176)،- وليس هو في مطبوع "سنن النسائي الكبرى" -من طريق عبد اللَّه بن أبي الهذيل، عن صاحب له، فذكر نحوه.
(2)
رواه أبو داود (2050) في (النكاح): باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، والنسائي (6/ 65 - 66) في (النكاح): باب كراهية تزويج العقيم، وابن حبان (4056 و 4057)، والطبراني (20/ 508)، والحاكم (2/ 162)، والبيهقي (7/ 81)، وأبو نعيم في "الحلية" (6/ 13 - 62) من طرق عن يزيد بن هارون: أخبرنا المستلم بن سعيد عن منصور بن زاذان، عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار به. =
وسأله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة رضي الله عنه فقال: إني رجل شاب، و [إني](1) أخاف الفتنة، ولا أجد ما أتزوج به، أفلا أختصي؟ قال: فسكت عني، ثم قلت فسكت عنِّي، ثم قال:"يا أبا هريرة جفَّ القلم بما أنت لاقٍ فاختصِ على ذلك أو ذَر"(2)، ذكره البخاري.
وسأله صلى الله عليه وسلم[رجل] آخر فقال: يا رسول اللَّه ائذن لي أن اختصي؟ قال: "خصاءُ أمتي الصيام"(3)، ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم ناس من أصحابه فقالوا: ذهب أهل الدثور (4) بالأجور يصلّون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفضول أموالهم، قال:"أو ليس قد جعل اللَّه لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بُضْع أحدكم صدقة" قالوا: يا رسول اللَّه، يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو كان وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها
= وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات غير المستلم، وهو لا بأس به.
وله شاهد من حديث أنس وآخر من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
(1)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(2)
ذكره البخاري (5076) في (النكاح): باب ما يكره من التبتل والخصاء معلقًا، وقال أصبغ:. . . وذكره.
قال الحافظ في "الفتح"(9/ 119): كذا في جميع الروايات التي وقفت عليها وكلام أبي نعيم في "المستخرج" يشعر بأنه قال فيه: "حدثنا" وقد وصله جعفر الفريابي في كتاب "القدر"، والجوزقي في "الجمع بين الصحيحين" والإسماعيلي من طرق عن أصبغ.
أقول: وهو في "القدر" للفريابي (437) حدثني محمد بن إسحاق أبو بكر أخبرني أصبغ به.
وفي جميع النسخ المطبوعة: "فاختصر على ذلك" بدل "فاختصِ" والمثبت من (ك) ومصادر التخريج.
(3)
رواه أحمد (2/ 173)، وابن عدي (2/ 855 - 856) من طريق ابن لهيعة: حدثني حيي بن عبد اللَّه بن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص به، وزاد:"والقيام".
وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.
والحديث ذكره شيخنا الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(1830)، وذكر له شاهدين ضعيفين، وقوّى الحديث بهما، دون لفظة:"القيام".
وما بين المعقوفتين سقط من المطبوع وأثبتناه من (ك).
(4)
"الدثور: جمع دثر، وزن قلب: المال الكثير، ويقع على الواحد والاثنين والجميع"(و).
في الحلال كان له أجر" (1)، ذكره مسلم.
وأفتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أراد أن يتزوج امرأة بأن ينظر إليها (2).
وسأله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة عن امرأة خَطَبها، قال:"اذهب، فانظر إليها، فإنه أجدر أن يُؤدم (3) بينكما" فأتى أبويها فأخبرهما بقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكأنَّهما كرها ذلك، فسمعت ذلك المرأةُ وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر، فانظر، وإلا فإني أنشدك، كأنَّها عظمت ذلك عليه، قال: فنظرتُ إليها فتزوجتها فذكر من موافقتها له (4)، ذكره أحمد وأهل "السنن".
وسأله صلى الله عليه وسلم جرير عن نظرة الفجاءة فقال: "اصرف بَصَرك"(5)، ذكره مسلم.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك، وما ملكت يمينك" قال قلت: يا رسول اللَّه إذا كان القوم
(1) رواه مسلم (1006) في (الزكاة): باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، من حديث أبي ذر.
وذكر في (ك) التحميد مكان التسبيح، والتسبيح مكان التحميد، وجاء في المطبوع:"فكذلك إذا كان وضعها. . ." وما أثبتناه من (ك) و"صحيح مسلم".
(2)
رواه مسلم (1424) في (النكاح): باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزويجها، من حديث أبي هريرة.
(3)
قال (د): "في المصريتين: أن يدوم"، وأشار إليه (و).
(4)
رواه أحمد (4/ 244 - 245 و 246)، وابن أبي شيبة (4/ 355)، والدارمي (2/ 134)، وسعيد بن منصور (516 و 517 و 518)، والترمذي (1088) في (النكاح): باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة، والنسائي (6/ 69 - 70) في (النكاح): باب إباحة النظر قبل التزويج، وابن ماجه (1866) في (النكاح): باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، وابن الجارود (675)، والدارقطني (3/ 252 و 253)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 14)، والبيهقي (7/ 84 و 84 - 85)، والبغوي (2247) من طريق ثابت وعاصم الأحول عن بكر بن عبد اللَّه المزني عن المغيرة بن شعبة به، وعند بعضهم الاقتصار على المتن فقط.
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وروى المتن منه عبد بن حميد (1254)، وابن ماجه (1865)، وابن الجارود (676)، وأبو يعلى (3438)، وابن حبان (4043)، والدارقطني (3/ 253)، والحاكم (2/ 165)، والبيهقي (7/ 84) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس أن المغيرة بن شعبة. . . (فذكره).
وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
(5)
رواه مسلم (2159) في (الآداب): باب نظر الفجأة.
بعضهم في بعض؟ فقال: "إن استطعت أن لا يرينها أحد، فلا يرينها" قال: قلت: يا رسول اللَّه إذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: "اللَّه أحق أَن يُستحيا منه"(1)، ذكره أهل "السنن".
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أن يزوجه امرأة فأمره أن يصدقها شيئًا ولو خاتمًا من حديد فلم يجده فقال: "ما معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا وسورة كذا. قال: "تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ " قال: نعم، قال:"اذهب، فقد ملكتكها بما معك من القرآن"(2) متفق عليه.
وأستأذنته صلى الله عليه وسلم أم سلمة في الحجامة فأمر أبا طيبة أن يحجمها، قال:"حسبت أنه كان أخاها من الرضاعة أو غلامًا لم يحتلم"(3)، ذكره مسلم.
وأمر صلى الله عليه وسلم أم سلمة وميمونة أن يحتجبا من ابن أم مكتوم، فقالتا: أليس [هو] أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ قال:"أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ "(4)، ذكره
(1) رواه أحمد (5/ 3 - 4 و 4)، وعبد الرزاق (1106)، وأبو داود (4017) في (الحمام): باب ما جاء في التعري، والترمذي (2769) في (الأدب): باب ما جاء في حفظ العورة، و (2794) باب ما جاء في حفظ العورة، وابن ماجه (1920) في (النكاح): باب التستر عند الجماع، والنسائي في "عشرة النساء"(86)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(1381 و 1382)، والحاكم (4/ 179 - 180)، والبيهقي (1/ 199 و 2/ 225 و 4/ 179 - 180 و 7/ 94) من طرق عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وعلق البخاري في "صحيحه" الجملة الأخيرة منه بصيغة الجزم في (الغسل): باب من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة (278).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه مسلم (2206) في (السلام): باب لكل داء دواء، واستحباب التداوي من حديثها. وتحرف اسم "أبي طيبة" في (ك) إلى:"أبي ظبية"!!
(4)
رواه أحمد (6/ 296)، وأبو داود (4112) في (اللباس): باب في قوله عز وجل {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} ، والترمذي (2783) في (الأدب): باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال، والنسائي في "عشرة النساء"(359 و 360)، وإسحاق بن راهويه (1848، 1939)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 175، 178)، وأبو يعلى (6922)، وابن حبان (5575)، والطبراني في "الكبير"(23/ رقم 678، 956)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(288 و 289)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 91 - 92)، وفي "الآداب"(886)، وابن حبان (5575 و 5576)، والخطيب في "تاريخه"(3/ 17 و 8/ 338 - 339)، والمزي في "تهذيب الكمال"(29/ 313) من طرق عن الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عن مولاته أم سلمة به. =
أهل "السنن" وصحَّحه الترمذي فأخذت طائفة بهذه الفتوى وحرمت على المرأة نظرها إلى الرجل، وعارضت طائفة أخرى هذا الحديث بحديث عائشة في "الصحيحين" أنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد (1)، وفي هذه المعارضة نظر إذ لعل قصة الحبشة كانت قبل نزول الحجاب؟ وخصَّت طائفة أخرى ذلك بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن.
وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الجارية ينكحها أهلها أتستامر أم لا؟ فقال: "نعم تُستأمر" قالت عائشة رضي الله عنها فإنها تستحي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "فذاك إذنها إذا هي سكتت"(2)، متفق عليه.
وبهذه الفتوى نأخذ، وأنه لا بد من استئمار البكر، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم:"الأيم أحقُّ بنفسها من وليها والبكر تستامر في نفسها وإذنها صماتها"(3)، وفي
= قال الترمذي: حديث حسن صحيح!!
وقال النسائي: ما نعلم أحدًا روى عن نبهان غير الزهري.
أقول: نبهان هذا روى عنه أيضًا محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة (وهو ثقة)، وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن قال أحمد بن حنبل: نبهان روى حديثين عجيبين، انظر:"المغني"(6/ 563).
وقد اضطرب الحافظ ابن حجر في الحكم على هذا الحديث، فقال في "الفتح" (1/ 550): وهو حديث مختلف في صحته، وقال في (9/ 337): وإسناده قوي، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان، وليس بعلة قادحة، فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة، ولم يجرحه أحد لا ترد روايته.
وحديثه هذا معارض بحديث فاطمة بنت قيس عند مسلم (1480)، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وكان أعمى، تضع عنده ولا يراها، ولذلك قال أبو داود بعد أن أخرج حديث أم سلمة: هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم؟!
وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(1)
رواه البخاري في مواطن منها: (454) في (الصلاة): باب أصحاب الحراب في المسجد، ومسلم (892) بعد (17 - 21) في (صلاة العيدين): باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه أيام العيد، من حديث عائشة.
(2)
هو بهذا اللفظ في "صحيح مسلم"(1420) في (النكاح): باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، من حديث عائشة.
وهو في "صحيح البخاري"(5137 و 6946 و 6971) من الطريق نفسه لكن في لفظه اختلاف.
(3)
اللفظان المذكوران رواهما مسلم في "صحيحه"(1421) من حديث ابن عباس.
لفظ: "والبكر يستأذنها أبوها في نفسها وإذنها صماتها"، وفي "الصحيحين" عنه صلى الله عليه وسلم:"لا تُنكح البكر حتى تستأذن" قالوا: وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت"(1)، وسألته صلى الله عليه وسلم جارية بكر فقالت: إن أباها زوجها وهي كارهة فخيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم (2)،
(1) رواه البخاري (5136) في (النكاح): باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما، و (6968 و 6970) في (الحيل): باب في النكاح، ومسلم (1419) من حديث أبي هريرة.
(2)
رواه أحمد (1/ 273)، وأبو داود (2096) في (النكاح): باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها، والنسائي في "الكبرى"(5387)، وابن ماجه (1875) في (النكاح): باب من زوج ابنته وهي كارهة، وأبو يعلى (2526)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 365)، والدارقطني (3/ 235)، والبيهقي (7/ 117) من طرق عن حسين بن محمد: حدثنا جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن جارية بكرًا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه أبو داود (2097)، والبيهقي (7/ 117) من طريق محمد بن عبيد عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
قال أبو داود: لم يذكر ابن عباس، وكذلك رواه الناس مرسلًا.
وقال البيهقي: فهذا حديث أخطأ فيه جرير بن حازم عن أيوب السختياني، والمحفوظ: عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم -كما في "علل ابنه"(1/ 417) -: وهو خطأ إنما هو كما روى الثقات حماد بن زيد، وابن علية عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهو صحيح، فقلت له: الوهم ممن؟ فقال: ينبغي أن يكون من حسين فإنه لم يروه عن جرير بن حازم غيره.
أقول: وقد رد الخطيب ذلك كما في "نصب الراية"(3/ 190) وقال: قد رواه سليمان بن حرب عن جرير بن حازم أيضًا، كما رواه حسين فبرئت عهدته.
ورحم اللَّه أبا حاتم فتعصيب الجناية يجب أن تكون في جرير بن حازم، وليس في حسين بن محمد، وحسين هذا من الثقات، وجرير كذلك إلا أنه كان يهم في الشيء، فإعلال الحديث به أولى، كما يفهم من كلام أبي داود والبيهقي.
وقد رد الحافظ في "التلخيص الحبير"(3/ 161) على إعلاله بالإرسال وتوهيم جرير بن حازم فقال: رواه معمر بن جدعان الرقي عن زيد بن حبان عن أيوب موصولًا.
أقول: ورواية زيد هذه أخرجها النسائي في "الكبرى"(5389) وابن ماجه بعد الحديث السابق والدارقطني (3/ 235)، لكن زيد بن حبان ضعفه أحمد وابن معين والعقيلي والدارقطني، ووثقه ابن معين في رواية.
قال ابن حجر: ورواه أيوب بن سويد عن الثوري عن أيوب موصولًا.
أقول: وأيوب بن سويد هذا ضعفه ابن المبارك والبخاري والنسائي وأبو حاتم وابن حبان، وقال ابن عدي: يكتب حديثه في جملة الضعفاء، وضعفه الساجي، وأبو داود والجوزجاني وأحمد وابن معين. =
فقد أمر باستئذان البكر، ونهى عن إنكاحها بدون إذنها (1)، وخير صلى الله عليه وسلم من نكحت ولم تُستأذن فكيف بالعدول عن ذلك كله ومخالفته بمجرد مفهوم قوله:"الأيم أحق بنفسها من وليها"؟ كيف ومنطوقه صريح في أن هذا المفهوم الذي فهمه من قال: تُنكح بغير اختيارها غير مراد؟ فإنه قال عقيبه: "والبكر تستأذن في نفسها" بل هذا احتراز منه صلى الله عليه وسلم من حمل كلامه على ذلك المفهوم، كما هو المعتاد في خطابه كقوله:"لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده"(2)، فإنه لما نفى قتل المسلم بالكافر أوهم ذلك إهدار دم الكافر، وأنه لا حرمة له، فرفع هذا الوهم بقوله:"ولا ذو عهد في عهده" ولما كان الاقتصار على قوله: "ولا ذو عهد" يوهم أنه لا يُقتل إذا ثبت له العهد من حيث الجملة رفع هذا الوهم بقوله: "في عهده" وجعل ذلك قيدًا لعصمة العهد فيه، وهذا كثير في كلامه صلى الله عليه وسلم لمن تأمله كقوله:"ولا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها"، فإن نهيه عن الجلوس عليها لما كان ربما يوهم التعظيم المحذور رفعه بقوله:"ولا تصلوا إليها"(3)، والمقصود أن أمره
= وبعد كل هذا يقول الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ. مع أني لم أجد فيه كلمة تشعر بتوثيقه، ورواية أيوب هذه رواها الدارقطني (3/ 235)، ومما يدل على ضعف أيوب هذا أن الدارقطني (3/ 234)، والبيهقي (7/ 117) روياه من طريق عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري عن سفيان الثوري عن هشام عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة عن ابن عباس به.
قال الدارقطني: هذا وهم من الذماري وتفرد بهذا الإسناد والصواب عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر عن عكرمة مرسل، وهم فيه الذماري عن الثوري وليس بالقوي.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 365) من طريق وكيع عن سفيان عن أيوب عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وبين امرأة زوجها أبوها وهي كارهة، وكانت ثيبًا. وقال: "فثبت بذلك عندهم خطأ جرير في هذا الحديث من وجهين: أما أحدهما: فإدخاله ابن عباس فيه.
وأما الآخر: "فذكر فيه أنها كان بكرًا، وإنما كانت ثيبًا".
أقول: فهذه الطرق التي تمسكوا بها إذن كلها فيها مقال، فالصواب في هذا الحديث إذن هو الإرسال لأن الذين أرسلوا هم من الثقات الأثبات.
أما ابن القطان فصححه، كما في "نصب الراية"(3/ 190)، وأظن هذا على قاعدته أن الثقة إذا وصل حديثًا فالحكم له، ولو خالفه جماعة من الثقات، وفي الباب عن جابر وعائشة انظر:"التلخيص"(3/ 161)، و"نصب الراية"(3/ 191)، و"تهذيب السنن"(3/ 40 - 41) للمصنف، وتعليقي على "الإشراف"(3/ 294 - 295).
(1)
قال (د): "في نسخة: بدون استئذانها"، وهي كذلك في (ك).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم.
باستئذان البكر ونهيه عن نكاحها بدون إذنها وتخييرها حيث لم تستأذن لا معارض له فيتعين القول به، وباللَّه التوفيق.
وسئل صلى الله عليه وسلم عن صداق النساء فقال: "هو ما اصطلح عليه أهلوهم"(1)، ذكره الدارقطني، وعنده مرفوعًا:"أنكحوا اليتامى" قيل: يا رسول اللَّه ما العلائق بينهم؟ قال: "ما تراضى عليه الأهلون ولو قضيبًا من أراك"(2).
(1) رواه الدارقطني (3/ 242)، والبيهقي (7/ 239) من طريق علي بن عاصم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري به.
وأبو هارون هذا هو عُمارة بن جوين ضعفه شعبة وأبو حاتم وأبو زرعة، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: ليس بشيء، وقال البخاري: تركه يحيى القطان، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال السعدي: كذاب مفتر، وقال ابن حبان: يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه.
وله طريق آخر عن أبي هارون العبدي في "سنن البيهقي"(7/ 239)، وقال: أبو هارون غير محتج به، وقد روي من وجه آخر ضعيف عن أبي سعيد مرفوعًا.
(2)
رواه الدارقطني (3/ 244)، -ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات"(3/ ق 88)، وابن الجوزي في "التحقيق"(9/ 94 رقم 2030) - والطبراني في "الكبير"(12990)، وابن عدي (6/ 2189)، والبيهقي (7/ 239) عن صالح بن عبد الجبار عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عباس به.
قال الهيثمي في "المجمع"(4/ 280): فيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهو ضعيف.
أقول: بل ضعفه أشد، فقد قال البخاري وأبو حاتم والنسائي وغيرهم: منكر الحديث.
وأبوه أيضًا ضعيف.
لذلك قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(3/ 190): إسناده ضعيف جدًا.
وقد رواه ابن البيلماني هذا على وجه آخر.
أخرجه ابن عدي (6/ 2189)، والبيهقي (7/ 239) من طريق، محمد بن الحارث عنه عن أبيه عن ابن عمر به.
قال ابن عدي: وهذه الأحاديث مع غيرها الذي يرويها ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر، وابن عباس، وكل ما روي عن ابن البيلماني فالبلاء فيه من ابن البيلماني، وإذا روى عن ابن البيلماني محمد بن الحارث هذا فجميعًا ضعيفان محمد بن الحارث وابن البيلماني، والضعف على حديثهما بيّن.
أقول: وقد رواه عبد الملك بن المغيرة الطائفي عن عبد الرحمن بن البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
أخرجه أبو داود في "المراسيل"(215)، والبيهقي (7/ 239) قال البيهقي: وقد قيل =
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إن أبي زوَّجني من ابن أخيه، ليرفع بي خسيسته، فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن يعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء (1)، ذكره أحمد والنسائي.
ولما هلك عثمان بن مظعون ترك ابنة له فزوَّجها عمها قدامة من عبد اللَّه بن عمر، ولم يستأذنها فكرهت نكاحه وأحبت أن يتزوجها المغيرة بن شعبة فنزعها من ابن عمر وزوَّجها المغيرة، وقال: إنها يتيمة، ولا تنكح إلا بإذنها (2)، ذكره أحمد.
= عن عبد الملك عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمر وليس بمحفوظ، وانظر:"بيان الوهم والإيهام"(2/ 149 - 150) وتعليقي على "الإشراف"(مسألة 1186).
(1)
رواه أحمد (6/ 136)، والنسائي (6/ 86) في (النكاح): باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة، والدارقطني (3/ 233)، والبيهقي (7/ 118) من طرق عن كهمس بن الحسن، عن عبد اللَّه بن بريدة عن عائشة.
قال الدارقطني ونقله عنه البيهقي: هذا مرسل لم يسمع عبد اللَّه بن بريدة من عائشة.
وقال ابن التركماني: عبد اللَّه بن بريدة ولد سنة خمس عشرة، وسمع جماعة من الصحابة، وقد ذكر مسلم في مقدمة كتابه أن المتفق عليه أن إمكان اللقاء والسماع يكفي للاتصال، ولا شك في إمكان سماع ابن بريدة من عائشة.
أقول: ولم أجد من نفى سماع ابن بريدة من عائشة فاللَّه أعلم، مع أن كلام ابن التركماني متجه، ورواه البيهقي في "المعرفة"(10/ رقم 13592)، وجعل بين (عبد اللَّه بن بريدة، وعائشة): (يحيى بن يعمر)، ولكن على وجه فيه خطأ، بيّنه البيهقي نفسه.
والحديث رواه ابن ماجه (1874) في (النكاح): باب من زوج ابنته وهي كارهة من طريق وكيع (وهو شيخ أحمد في هذا الحديث في "المسند") عن كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن أبيه به.
فجعله من مسند بريدة.
قال البوصيري (1/ 330): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. . .
أقول: لم يذكر رحمه الله شيئًا عن الاختلاف في إسناده، ولا أدري ممن هذا، وفي سماع عبد اللَّه بن بريدة من أبيه شيئًا، قال الجوزجاني: قلت لأبي عبد اللَّه -يعني: أحمد بن حنبل- سمع عبد اللَّه من أبيه شيئًا؟ قال: لا أدري عامة ما يروى عن بُريدة عنه، وضعف حديثه، وقال إبراهيم الحربي: عبد اللَّه أتم من سليمان، ولم يسمعا من أبيهما شيئًا، وانظر تعليقي على "سنن الدارقطني"(رقم 3497، 3498).
(2)
رواه أحمد في "مسنده"(2/ 130)، والدارقطني (3/ 230)، -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 12) وفي "المعرفة"(10/ 53 رقم 13626) وفي "الخلافيات"(3/ ق 68)، وابن الجوزي في "التحقيق" (8/ 315 رقم 1967) - من طريق ابن إسحاق: حدثني عمر بن حسين بن عبد اللَّه مولى آل حاطب عن نافع مولى ابن عمر عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره، وفيه قصة، وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير ابن إسحاق، =
وسأله صلى الله عليه وسلم مرثد الغَنَويّ فقال: يا رسول اللَّه أنكح عَنَاقًا، وكانت بغيًا بمكة فسكت عنه فنزلت [الآية]:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فدعاه فقرأها عليه، وقال:"لا تنكحها"(1).
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل آخر عن نكاح امرأة يُقال لها أم مهزول كانت تسافح فقرأ عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الآية (2)، ذكره أحمد.
وأفتى صلى الله عليه وسلم بأن الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله (3)، وأخذ بهذه الفتاوى التي
= فقد أخرج له استشهادًا لا احتجاجًا، وهو حسن الحديث إذا صرَّح بالسماع.
وابن إسحاق متابع، فقد رواه الحاكم (2/ 167)، ومن طريق البيهقي (7/ 121) من طريق ابن أبي ذئب عن عمر بن حسين به.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وهو على شرط مسلم فقط، عمر بن حسين لم يخرج له البخاري.
ورواه الدارقطني (3/ 230) من طريق عبد اللَّه بن نافع الصائغ: حدثنا عبد اللَّه بن نافع مولى ابن عمر، عن أبيه، عن ابن عمر.
لكن عبد اللَّه بن نافع مولى ابن عمر ضعيف، فالعمدة على ما سبق.
(1)
رواه أبو داود (2051) في (النكاح): باب في قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} ، والترمذي (3190) في (التفسير): باب ومن سورة النور، والنسائي (6/ 66) في (النكاح): باب تزويج الزانية، وابن أبي حاتم في "التفسير"(8/ رقم 14144)، والحاكم (2/ 166)، والبيهقي (7/ 153)، وإسحاق بن راهويه والبزار في "مسنديهما" -كما في تخريج الزيلعي على "الكشاف"(1/ 57 - مخطوط) - من طريق عبيد اللَّه بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(2)
رواه أحمد في "مسنده"(2/ 159 و 225)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 110)، وابن أبي حاتم (8/ رقم 14140)، وابن جرير في "تفسيريهما"(18/ 71) من طريق معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد اللَّه بن عمرو به.
قال الهيثمي (7/ 73): ورواه أحمد والطبراني في "الكبير" بنحوه، ورجال أحمد ثقات.
أقول: الحضرمي هذا يظهر أنه آخر غير الحضرمي بن لاحق وهو المشهور في هذه الطبقة، قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن الحضرمي الذي يروي عنه التيمي فقال: ليس به بأس، وليس هو بالحضرمي بن لاحق، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وباقي رجال السند ثقات، فالحديث جيد إن شاء اللَّه تعالى.
(3)
رواه أبو داود (2052)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 817)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 166)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ رقم 14133) من طريق عبد الوارث بن سعيد عن حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
لا معارض لها الإمام أحمد، ومن وافقه وهي من محاسن مذهبه رحمة اللَّه عليه، فإنه لم يجوِّز أن يكون الرجل زوج قحبة، ويعضد مذهبه بضعة وعشرون دليلًا قد ذكرناها في مواضع أخر (1).
وأسلم قيس بن الحارث وتحته ثمان نسوة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"اختر منهن أربعًا"(2)، وأسلم غيلان وتحته عشر نسوة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منهن أربعًا (3)، ذكرهما أحمد وهما كالصريح في أن الخيرة إليه بين الأوائل والأواخر.
(1) في المطبوع: "موضع آخر" والمثبت من (ك).
(2)
رواه ابن أبي شيبة (3/ 405)، وأبو داود (2241 و 2242) في (الطلاق): باب في من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان، وابن ماجه (1952) في (النكاح): باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، وأبو يعلى (6872)، والعقيلي (1/ 299)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1054 و 2737)، وابن سعد في "الطبقات"(6/ 40)، والطبراني في "الكبير"(18/ 922)، وسعيد بن منصور في "سننه"(1863)، والدارقطني (3/ 270)، والبيهقي (7/ 183) من طريقين عن ابن أبي ليلى عن حُميضة بن الشَّمَرْدل عن قيس بن الحارث أو الحارث بن قيس به.
وهذا إسناد ضعيف؛ ابن أبي ليلى سيء الحفظ.
وحميضة بن الشمردل هذا وقع في كثير من المصادر "بنت"، وهو رجل، قال البخاري: فيه نظر، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن عدي في "الضعفاء" وقال: له حديثان أو ثلاثة، وذكره ابن الجارود في "الضعفاء"، وقال ابن القطان: لا يعرف.
وقد تناقض الأخ الفاضل الدكتور باسم الجوابرة محقق "الآحاد والمثاني" في حكمه على إسناد الحديث، ففي الموطن الأول قال: إسناده حسن، وفي الثاني قال: ضعيف.
ورواه الطبراني في "الكبير"(18/ 923)، والدارقطني (3/ 270) من طريق الكلبي عن حميضة به.
والكلبي هذا هو محمد بن السائب، متهم بالكذب.
ورواه الدارقطني (3/ 271)، والبيهقي (7/ 183) من طريق معلى بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن الربيع بن قيس أن جده الحارث بن قيس به، والربيع هذا لم أعرفه.
قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(في ترجمة الحارث بن قيس)(2/ 309): ليس له إلا حديث واحد، ولم يأت من وجه صحيح.
أما الحافظ ابن حجر رحمه الله فذكره في "الإصابة" في الحارث بن قيس وقال: يأتي في القاف، وفي قيس بن الحارث أحال على الحارث بن قيس!
ويشهد لمعناه الحديثان بعده.
(3)
تقدم تخريجه.
وسأله صلى الله عليه وسلم فيروز الديلمي فقال: أَسلمت وتحتي أُختان؟ فقال: "طلِّق أيتهما شئت"(1)، ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم بَصْرة بن أَكثم فقال: نكحت امرأة بكرًا في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لها الصداق بما استحللت من فرجها، والولدُ عبد لك فإذا ولدت فاجلدوها" وفرَّق بينهما (2)، ذكره أبو داود.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
رواه أبو داود (2131) في (النكاح): باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2212)، والدارقطني (3/ 250 - 251)، والحاكم (2/ 183)، والطبراني في "الكبير"(1243)، والبيهقي (7/ 157) من طرق عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار يقال له: نضرة فذكره.
وقد اختلف في اسم صحابي هذا الحديث فقيل بصرة بن أكثم، وقيل: بسر، وقيل: نضرة بن أبى نضرة، وقيل: نضلة، وقد رجح الحافظ في "الإصابة": بصرة بن أكثم، وهذا هو الموجود في بعض النسخ العتيقة من "سنن أبي داود"(3/ 41 - ط. عوامة)، وانظر لـ"نضرة""توضح المشتبه"(1/ 555).
قال الدارقطني: قال عبد الرزاق: حديث ابن جريج عن صفوان هو ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم.
وقال ابن أبي حاتم في "علله"(1/ 418) نقلًا عن أبيه: وما رواه ابن جريج عن صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن نضرة ليس هو من حديث صفوان بن سليم، ويحتمل أن يكون من حديث ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان لأن ابن جريج يدلس عن ابن أبي يحيى عن صفوان بن سليم غير شيء، وهو لا يحتمل أن يكون منه.
أقول: وقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(10704) قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن صفوان به، ورواه (10705) عن ابن جريج حُدِّثت عن صفوان به.
فصح أن ابن جريج لم يسمعه من صفوان، وإنما أخذه عن إبراهيم هذا وهو الأسلمي متروك.
وقد أسنده الدارقطني (3/ 251)، والبيهقي (7/ 175) من طريقين عن إبراهيم الأسلمي هذا عن صفوان بن سليم به، وذلك للدلالة على أن مدار الحديث عليه، وأن ابن جريج أسقطه.
وقد أُعل الحديث أيضًا بالإرسال، قال أبو داود بعد روايته: روى هذا الحديث قتادة، عن سعيد بن يزيد عن ابن المسيب. ورواه يحيى بن أبي كثير عن يزيد بن نعيم عن سعيد بن المسيب، وعطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب أرسلوه كلهم.
وقد أعله بالإرسال أيضًا أبو حاتم (2/ 418) قال: هذا حديث مرسل ليس بمتصل، ورغم كل هذا قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه!! =
ولا يشكل من هذه الفتوى إلا جعل (1) عبودية الولد واللَّه أعلم.
وأسلمت امرأة على عهده صلى الله عليه وسلم فتزوجت فجاء زوجها [الأول](2) فقال: يا رسول اللَّه إني كنت أسلمت وعَلِمَت بإسلامي، فانتزعها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر، وردها إلى الأول (3)، ذكره أحمد وابن حبان.
وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقًا حتى مات فقضى لها على صداق نسائها وعليها العدة، ولها الميراث (4)، ذكره أحمد وأهل "السنن" وصححه الترمذي وغيره، وهذه فتوى لا معارض لها، فلا سبيل إلى العدول عنها.
وسئل صلى الله عليه وسلم عن امرأة تزوجت ومرضت فتمعَّط شعرها، فأرادوا أن يصلوه،
= وطريق يحيى بن أبي كثير المرسل، أخرجه أبو داود (2132)، والحاكم (2/ 183)، والبيهقي (7/ 157) من طريقين عن علي بن المبارك عن يزيد بن نعيم عن سعيد بن المسيب أن رجلًا يقال له: بصرة. . .
لكن في "مستدرك الحاكم" جعله عن سعيد عن نضرة ليس على صورة الإرسال، وهو يروله من طريق أبي داود نفسه! فهو خطأ وانظر:"زاد المعاد"(4/ 4، 20 - 21)، و"تهذيب السنن"(3/ 60 - 63).
(1)
كذا في (ك) وفي سائر النسخ المطبوعة: "مثل".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من النسخ المطبوعة وأَثبتناه من (ك).
(3)
رواه أحمد (1/ 232 و 323)، وأبو داود (2239) في (الطلاق): باب إذا أسلم أحد الزوجين، وابن ماجه في (النكاح) (2008): باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر، وأبو داود الطيالسي (2674)، وعبد الرزاق (12645)، وابن الجارود (757)، وأبو يعلى (2525)، والحاكم (2/ 200)، والبيهقي (7/ 188 و 189)، والبغوي (2290) من طرق عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
أقول: ورواية سماك بن عكرمة فيها اضطراب كما قرر أهل الجرح والتعديل، وله شاهد من حديث ابن عباس أيضًا مخرّج في مكان آخر، وهو رد النبي صلى الله عليه وسلم زينب لزوجها بالنكاح الأول.
(تنبيه): عزا ابن القيم رحمه الله الحديث لابن حبان، لكن الذي رواه ابن حبان (4159)، وأحمد أيضًا (1/ 232)، وأبو داود (2238)، الترمذي (1146)، وأبو يعلى (2525) من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس أيضًا أن امرأة أسلمت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجاء زوجها فقال: يا رسول اللَّه إنها قد كانت أسلمت معي، فردّها عليه.
(4)
هو مخرج من قبل وهو جزء من حديث في قضائه صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق من حديث ابن مسعود.
فقال: "لعن اللَّه الواصلة والمستوصلة"(1)، متفق عليه.
وسئل صلى الله عليه وسلم عن العَزْل، قال:"أو إنكم لتفعلون؟! " قالها ثلاثًا: "ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة" متفق عليه. ولفظ مسلم: "لا عليكم أن لا تفعلوا ما كتب اللَّه عز وجل خَلْق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون"(2).
وسئل صلى الله عليه وسلم أيضًا عن العزل، فقال:"ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد اللَّه خلق شيء لم يمنعه شيء"(3)، وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فقال: إن لي جارية، وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل موءودة صغرى، فقال:"كذبت اليهود، لو أراد اللَّه أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه"(4)، ذكرهما أحمد وأبو داود.
(1) رواه البخاري (5934) في (اللباس): باب وصل الشعر، ومسلم (2123) في (اللباس): باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، من حديث عائشة.
(2)
اللفظ المذكور من "صحيح البخاري" هو فيه (5210) في (النكاح): باب العزل ورواه نحوه في مواطن انظر أطرافه عند (2229) في (البيوع): باب بيع الرقيق ولفظ "صحيح مسلم" فيه (1438) في (النكاح): باب حكم العزل من حديث أبي سعيد الخدري.
(3)
رواه مسلم (1438) بعد (133) ما بعده بدون رقم في (النكاح): باب حكم العزل من حديث أبي سعيد الخدري رحمه الله.
وقد عزاه المؤلف رحمه الله لأحمد وأبي داود!
(4)
رواه أحمد (3/ 51 و 53)، وأبو داود (2171) في (النكاح): باب ما جاء في العزل، والنسائي في "عشرة النساء"(194 - 197)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(1916 و 1917)، والبيهقي (7/ 230) من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي مطيع (ويقال أبي رفاعة) عن أبي سعيد به.
أبو مطيع هذا ويقال: أبو رفاعة، اسمه رفاعة بن عوف الأنصاري، لم يرو عنه غير محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، فهو في عداد المجاهيل، ولكنه متابع فقد رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" (1918) من طريق ابن وهب قال: أخبرني عياش بن عقبة عن موسى بن وردان عن أبى سعيد به مختصرًا.
وإسناده لا بأس به.
ورواه الطحاوي (1919) من طريق آخر عن أبي سعيد.
ورواه النسائي (199) من طريق أبي سلمة عن عبد الرحمن عن رجل عن أبي سعيد.
وفي الباب عن جابر، رواه الترمذي (1138)، والنسائي في "عشرة النساء"(193)، وإسناده صحيح.
وعن أبي هريرة، رواه النسائي (198)، وأبو يعلى (6011)، والبزار (1452)، والبيهقي (7/ 230)، وإسناده حسن.
وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فقال: عندي جارية، وأنا أعزل عنها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن ذلك لا يمنع شيئًا إذا أراد اللَّه"، فجاء الرجل فقال يا رسول (1) اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن الجارية التي كنت ذكرتها لك حملت، فقال:"أنا عبد اللَّه ورسوله"، ذكره مسلم، وعنده أيضًا:"إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا (2)، وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: "اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قُدِّر لها"، [فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: "إن الجارية قد حملت"، فقال: "قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها"] (3).
وسأله صلى الله عليه وسلم آخر عن ذلك فقال: "لو أنَّ الماء الذي يكون منه الولد اهرقته على صخرة لأخرجه اللَّه منها وليخلقنَّ اللَّه عز وجل نفسًا هو خالقها"(4)، ذكره أحمد.
(1) في المطبوع: "لرسول" والمثبت من (ك).
(2)
كذا في (ك) وفي "صحيح مسلم" وفي المطبوع: "وساقيتنا"!!
(3)
الحديث بلفظيه في "صحيح مسلم"(1439) بعد (134 و 135) في (النكاح): باب حكم العزل من حديث جابر، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(4)
رواه أحمد في "مسنده"(3/ 140)، وابن أبي عاصم في "السنة"(366)، والبزار (2163) من طريق أبي عاصم: ثنا مبارك بن الخياط قال: سألت ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس عن العزل؟ فقال: سمعت أنس بن مالك يقول: جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسأل عن العزل، فذكره.
قال الهيثمي في "المجمع"(4/ 296): إسناده حسن.
وقال شيخنا الألباني في "السلسلة الصحيحة"(3/ 322 رقم 1333): هذا سند حسن، أو محتمل للحسن، رجاله ثقات رجال الستة غير مبارك، الخياط أبو عمرو، قال الحافظ في "تعجيل المنفعة": روى عنه أبو عامر العقدي وأبو عاصم النبيل، ذكره ابن أبي حاتم وقال: بصري جاور بمكة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
أقول: وقد عزا الحديث الحافظ ابن حجر في "الفتح"(7/ 309) لابن حبان في "صحيحه"، وكذا السيوطي والألباني، ولم أجده فيه من حديث أنس، نعم روى ابن حبان (4194) حديثًا في العزل من حديث جابر، وقال في آخره: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: كان يقال: لو أن النطفة التي قدر منها الولد وضعت على صخرة لأخرجت.
وهذا الأثر عن إبراهيم النخعي، رواه عبد الرزاق (12569) عن سفيان الثوري عن الأعمش عنه، قال: كانوا يقولون. . .
ورواه عبد الرزاق (12568) ومن طريقه الطبراني (9664) عن أبي حنيفة عن حماد بن سلمة عن علقمة عن ابن مسعود نحوه موقوفًا.
قال الهيثمي (4/ 297): فيه رجل ضعيف لم أُسمِّه، وبقية رجاله رجال الصحيح. =