الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل من فتاويه صلى الله عليه وسلم في الطلاق
ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سأله عن طلاق ابنه امرأته وهي حائض فأمر بأن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أن يطلق بعد فليطلِّق (1).
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن امرأتي، وذكر من بذائها، فقال:"طلّقها" فقال: إن لها صحبة وولدًا، قال:"مُرْها وقل لها، فإن يكن فيها خير فستفعل، ولا تضرب ظَعينَتك ضَرْبَك أَمتَك"(2)، ذكره أحمد.
= ورواه ابن أبي شيبة (3/ 323)، ومن طريقه أحمد في "مسنده"، وابنه عبد اللَّه في "زوائده"(2/ 35 و 109) والبيهقي (7/ 464) عن معتمر بن سليمان، عن محمد بن عثيم، عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر.
لكن وقع في "سنن البيهقي" عن أبيه عن أبي عبيد، وهو خطأ قطعًا، وقد تحرفت أسماء الرواة في "مصنف ابن أبي شيبة" تحريفًا فاحشًا، وهو على الجادة في الطبعة الهندية (4/ 195 - 196 و 14/ 176).
قال البيهقي: هذا إسنادٌ ضعيفٌ لا تقوم بمثله الحجة؛ محمد بن عثيم يرمى بالكذب، وابن البيلماني ضعيف، وقد اختلف عليه في متنه، فقيل هكذا رجل وامرأة، وقيل رجل وامرأتان.
وقد عزاه الهيثمي في "المجمع"(4/ 201) للطبراني في "الكبير" أيضًا، وقال: فيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف.
أقول: محمد بن عثيم هذا، قال فيه النسائي وغيره: متروك، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال ابن معين: كذاب، وضعفه الدارقطني وابن عدي (6/ 2245)، وابن البيلماني تركه غير واحد؛ كما سبق والحديث معارض للأحاديث الصحيحة.
(1)
رواه البخاري (4908) في (التفسير): باب سورة الطلاق، و (5251) في (الطلاق): باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، و (5252): باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، ومسلم (1471) في (الطلاق): باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، من حديث ابن عمر، عن عمر. وفي (ك):"يطلق" بدل "فليطلق".
(2)
هو جزء من حديث طويل؛ رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(80)، ومن طريقه أحمد في "مسنده" (4/ 33) عن ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه أو جده به.
هكذا هو في رواية عبد الرزاق على الشك: عن أبيه أو جده.
وقد رواه الطبراني في "الكبير"(19/ 479) من طريق إسحاق الدبري عن عبد الرزاق به، دون شك قال: عن أبيه، وهذا هو الصواب؛ إذ هو هكذا في جميع الروايات. =
وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فقال: إن امرأتي لا ترد يد لامس قال: "غيِّرها إنْ شِئت" لفظ: "طلقها" قال: إني أخاف أن تتبعها نفسي، قال:"فاستمتع بها"(1).
= فقد رواه أحمد في "مسنده"(4/ 211)، وأبو داود (143) في (الطهارة): باب في الاستنثار، والبيهقي (1/ 51 - 52) من طريق يحيى بن سعيد القطان، والدارمي (1/ 179) من طريق أبي عاصم، كلاهما عن ابن جريج به.
ورواه الشافعي في "مسنده"(1/ 32 - 33)، وأبو داود (142)، وابن حبان (1054)، والطبراني في "الكبير"(19/ 485)، والبيهقي (7/ 303) من طرق عن يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن كثير به.
ورواه الحاكم (1/ 148) من طريق داود العطار، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم به مختصرًا، وهذا حديث صحيح رجاله كلهم ثقات.
(1)
رواه النسائي (6/ 67) في (النكاح): باب تزويج الزانية، والبيهقي (7/ 154) من طريق حماد بن سلمة عن هارون بن رئاب، عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير، وعبد الكريم عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن ابن عباس، عبد الكريم يرفعه إلى ابن عباس، وهارون لم يرفعه.
هذا لفظ وسياق النسائي، ثم قال: هذا حديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي، وهارون بن رئاب أثبت منه، وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة، وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم.
ثم رواه النسائي (6/ 170) في (الطلاق): باب ما جاء في الخلع من طريق حماد بن سلمة عن هارون بن رئاب، عن عبيد اللَّه بن عبيد عن ابن عباس به، ثم قال: هذا خطأ والصواب مرسل.
والطريق المرسل الذي أشار إليه النسائي ذكره البيهقي قال: ورواه ابن عيينة عن هارون بن رئاب مرسلًا.
ورواه البيهقي (7/ 155) من طريق عبيد اللَّه بن عمرو الرقي عن عبد الكريم بن مالك عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا به، ورواته كلهم ثقات لولا عنعنة أبي الزبير، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 272) من طريق البيهقي لكن سقط منه (جابر)، قال ابن حجر في "التلخيص" (3/ 225): مع أنه أورده بإسناد صحيح.
ثم نقل ابن الجوزي عن الإمام أحمد أنه قال: هذا الحديث لا يثبت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليس له أصل.
والحديث رواه أبو داود (2049) في (النكاح): باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، والنسائي (6/ 169) من طريق الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة عن ابن عباس فذكره.
وإسناده صحيح، رواته كلهم من رواة الصحيح.
قال ابن حجر في "التلخيص"(3/ 225): "وإسناده أصح، أي من إسناد عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن ابن عباس" وأطلق النووي عليه الصحة. =
فعورض بهذا الحديث المتشابه الأحاديث المحكمة الصريحة في المنع من تزويج البغايا، واختلفت مسالك المُحرِّمين لذلك فيه فقالت طائفة: المراد باللامس ملتمس الصدقة لا ملتمس الفاحشة، وقالت طائفة: بل هذا في الدوام غير مؤثر، وإنما المانع ورود العقد على زانية، فهذا هو الحرام، وقالت طائفة: بل هذا من التزام أَخف المفسدتين لدفع أعلاهما، فإنه لما أمر بمفارقتها خاف أن لا يصبر عنها فيواقعها حرامًا فأمره حينئذ بإمساكها إذ مواقعتها بعد عقد النكاح أقل فسادًا من مواقعتها بالسفاح، وقالت طائفة: بل الحديث ضعيف لا يثبت، وقالت طائفة: ليس في الحديث ما يدل على أنها زانية، وإنما فيه أنها لا تمتنع ممن لمسها أو وضع يده عليها أو نحو ذلك فهي تعطي الليان لذلك، ولا يلزم أن تعطيه الفاحشة الكبرى، ولكن هذا لا يُؤمن معه إجابتها لداعي الفاحشة، فأمره بفراقها تركًا لما يَريبه إلى ما لا يريبه، فلما أخبره بأن نفسه تتبعها، وأنه لا صبر له عنها رأى مصلحة إمساكها أرجح من مفارقتها لما يكره من عدم انقباضها عمن يلمسها فأمره بإمساكها، وهذا لعله أرجح المسالك واللَّه أعلم.
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إن زوجي طلقني، يعني ثلاثًا، وإني تزوجت زوجًا غيره، وقد دخل بي فلم يكن معه إلا مثل هدبة الثوب فلم يقربني إلا هنة (1) واحدة، ولم يصل منّي إلى شيء أفأحلُّ لزوجي الأول؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا تحلين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك وتذوقي عسيلته"(2)، متفق عليه.
وسئل صلى الله عليه وسلم أيضًا عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخي الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها؟ قال:"لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر"(3)، ذكره النسائي.
= أقول: وقول أحمد عن الحديث: إنه ليس له أصل، كأنه استنكار منه للمتن، وقد فسر الحافظ ابن حجر قوله:"لا ترد يد لامس" في "التلخيص"، ونقل أقوال أهل العلم، فارجع إليه.
(1)
في المطبوع: "بهنة" والمثبت من (ك).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه النسائي (6/ 148 - 149) في (الطلاق): باب أمرك بيدك، والبيهقي (7/ 375) من طريق شعبة عن علقمة بن مرثد، قال: سمعت سلم بن زرير يحدث عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر.
ورواه أحمد (2/ 25، 62) والنسائي (6/ 149)، والبيهقي (7/ 375)، (وهذا هو لفظ الحديث الذي ذكره المؤلف) من طرق عن سفيان عن علقمة عن رزين بن سليمان الأحمري عن ابن عمر به.
قال النسائي: هذا أولى بالصواب. =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن التيس المستعار فقال: "هو المحلّل"، ثم قال:"لعن اللَّه المحلِّل والمحلَّل له"(1)، ذكره ابن ماجه.
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة عن كفر المنعَّمين، فقال:"لعل إحداكنَّ أن تطول أيمتها بين يدي أبويها تعنس، فيرزقها اللَّه زوجًا ويرزقها منه مالًا وولدًا، فتغضب الغضبة فتقول: ما رأيت منه يومًا خيرًا قط"(2)، ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلَّق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان، ثم قال:"أيُلعب بكتاب اللَّه، وأنا بين أظهركم؟ " حتى قام رجل فقال: يا رسول اللَّه ألا أقتله (3)، ذكره النسائي.
= ونقل البيهقي عن الحكم أنه قال: وبلغني أن محمد بن إسماعيل وهّن حديث شعبة وسفيان، وعن أبي زرعة أنه قال: حديث سفيان أصح، ثم روى البيهقي عن شعبة أنه كان يقول: سفيان أحفظ مني، وقال يحيى القطان: إذا اختلفا أخذت بقول سفيان، ثم رواه البيهقي من طريق قيس بن الربيع، عن علقمة عن رزين به.
وسفيان لا يحتاج إلى متابع مثل قيس هذا فإنه ضعيف.
أقول: ورزين بن سليمان الأحمري قال عنه الحافظ في "التقريب": مجهول! فإسناده ضعيف.
وشاهده الحديث الذي قبله.
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
رواه أحمد (6/ 425 - 453 و 458)، وإسحاق بن راهويه (2296، 2297) في "مسنديهما"، وابن أبي شيبة (8/ 634)، والطبراني في "الكبير"(24/ 418 و 436 و 445)، والحميدي (366)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1047) من طرق عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الأنصارية به.
قال الهيثمي في "المجمع"(4/ 311): وفيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف، وقد وثق.
أقول: هو كذلك، وفي الرواة عن شهر: عبد الحميد بن بهرام قال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، وشهر هذا متابع.
قال البخاري في "الأدب المفرد"(1080) حدثنا مخلد حدثنا مبشر بن إسماعيل وإسحاق بن راهويه (2308)، والطبراني في "الكبير"(24/ 184) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين كلاهما عن ابن أبي غنية عن محمد بن مهاجر عن أبيه عن أسماء به.
وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح غير مهاجر، وهو ابن أبي مسلم، روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولذلك صححه شيخنا الألباني في "السلسلة الصحيحة"(823).
(3)
رواه النسائي في "الصغرى"(6/ 142) وفي "الكبرى"(5594) في (الطلاق): باب الثلاثة المجموعة، وما فيه من التغليظ من طريق ابن وهب قال: أخبرني مخرمة عن أبيه عن محمود بن لبيد به. =
وطلَّق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثًا في مجلس واحد فحزن عليها حزنًا شديدًا فسأله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كيف طلَّقتها؟ فقال: طلقتها ثلاثًا فقال: "في مجلس واحد"؟ فقال: نعم، قال:"إنما تلك واحدة فارجعها إن شئت" قال: فراجعها فكان ابن عباس يَرَى أنما الطلاق عند كل طهر، ذكره أحمد قال: حدثنا سعد بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة مولى ابن عباس (1)، فذكره وأحمد يصحح هذا الإسناد ويحتج به، وكذلك الترمذي، وقد قال عبد الرزاق: أنبأنا ابن جُرَيج قال: أخبرني بعض بني رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: طلق عبد يزيد أبو ركانة وإخوتِه أم ركانة ونكح امرأة من مُزينة جاءت
= ثم قال: -كما في "الفتح"(9/ 362) - وليس هو في "سننه"، ولم يذكره المزي في "تحفة الأشراف" -: لا أعلم أحدًا رواه غير مخرمة بن بكير يعني ابن الأشج عن أبيه. ثم رأيت العبارة في "السنن الكبرى".
قال الحافظ: ورجاله ثقات، لكن محمود بن لبيد ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت له منه سماع، وإن ذكره بعضهم في الصحابة فلأجل الرؤية، وقد ترجم له أحمد في "مسنده" وأخرج له عدة أحاديث ليس فيها شيء صريح فيه بالسماع، ورواية مخرمة عن أبيه عند مسلم في عدة أحاديث وقد قيل: إنه لم يسمع من أبيه.
أقول: وقد ذكر الحافظ رحمه الله محمود بن لبيد في كتابه "الإصابة" في القسم الأول! مع أنه يجب أن يكون في القسم الثاني حسب كلامه في "الفتح".
ثم ذكر حديثًا في "مسند أحمد" من طريق محمود بن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: حدثني محمود بن لبيد قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم. . .!
ثم ذكر عن ابن حبان أنه ذكره في التابعين، وقال: يروي المراسيل.
ثم قال: وذكرته في الصحابة لأن له رؤية.
والحديث قال عنه في "بلوغ المرام": رجاله موثقون.
وقال الحافظ ابن كثير: إسناده جيّد.
(1)
رواه أحمد في "مسنده"(1/ 265): حدثنا سعد بن إبراهيم به، وفي المطبوع:"سعيد" والمثبت من (ك) ومصادر التخريج.
ورواه البيهقي (7/ 339) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، به ورواه أبو يعلى (2500) من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق به.
أقول: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات لكن في رواية داود عن عكرمة اضطراب، قال ابن المديني: ما روى عن عكرمة فمنكر، وقال أبو داود: أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة مناكير.
ومع هذا فقد صحح المؤلف إسناد هذا الحديث، وصححه في "زاد المعاد"(5/ 263).
النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة، لشعرة أخذتها من رأسها ففرِّق بيني وبينه، فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم[حميته] فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: أترون أن فلانًا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد وفلانًا منه كذا وكذا؟ قالوا: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد: طلقها، ففعل فقال:"راجع امرأتك أم ركانة وإخوته" فقال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول اللَّه، قال:"قد علمتُ راجعها" وتلا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (1).
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الرزاق فذكره (2)، فهذه طريقة أخرى متابعة لابن إسحاق، والذي يخاف من ابن إسحاق التدليس، وقد قال:"حدثني" وهذا مذهبه وبه أفتى ابنُ عباس في إحدى الروايتين عنه صح عنه ذلك (3)، وصح عنه إمضاء الثلاث موافقة لعمر رضي الله عنه (4)، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنَّ الثلاث كانت واحدة في عهده وعهد أبي بكر وصدرًا من خلافه عمر رضي الله عنهما (5)، وغاية ما يقدر مع بعده أَنَّ الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته، وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو صلى الله عليه وسلم به، فهذه فتواه وعمل أصحابه كأنه أَخذ باليد، ولا معارض لذلك وَرَأَى عمر رضي الله عنه أَنْ يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم لئلا يرسلوها جملة، وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها، ولا يُوجب ترك ما أفتى به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق فليقل امرؤ ما شاء، وباللَّه التوفيق.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل، قال: إن تزوجتُ فلانة فهي طالق ثلاثًا، فقال:"تزوَّجْها، فإنه لا طلاق إلا بعد النكاح"(6).
(1) هو في "المصنف"(11334)، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(2)
هو في "سننه"(2196) من طريق عبد الرزاق به، قال الخطابي في "معالم السنن" (3/ 236): في إسناد هذا الحديث مقال؛ لأن ابن جريج رواه عن بعض بني رافع، ولم يسقه، والمجهول لا تقوم به الحجة.
ولحديث رُكانة هذا طرق، قال الخطابي: وكان أحمد بن حنبل يضعف طرق هذا الحديث كلها.
وقد تقدم تخريج كثير من طرق هذا الحديث.
(3)
مضى تخريجه.
(4)
مضى تخريجه.
(5)
مضى تخريجه.
(6)
رواه الدارقطني (4/ 35 - 36) -ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" (9/ 134 رقم =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة، فهي طالق، فقال:"طلَّق ما لا يملك"(1)، ذكرهما الدارقطني.
وسأله صلى الله عليه وسلم عبدٌ فقال: إن مولاتي زوجتني وتريد أن تفرِّق بيني وبين امرأتي، فحمد اللَّه وأثنى عليه، وقال:"ما بال أقوام يزوجون عبيدهم إماءهم، ثم يريدون أن يفرقوا بينهم ألا إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق"(2)، ذكره الدارقطني.
= 2056) - من طريق علي بن قرين: حدثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي ثعلبة الخشني به.
أقول: هذا إسناد مركب مسروق، علي بن قرين هذا قال فيه ابن معين: كذاب خبيث، وقال موسى بن هارون الحمَّال: كان يكذب، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال العقيلي: كان يضع الحديث، وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث!
قال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(3/ 208) وكما في "نصب الراية"(3/ 233): قال شيخنا: هذا حديث باطل لا أصل له، وضغفه ابن قطلوبغا في "الدر المنظوم"(رقم 184).
(1)
رواه الدارقطني (4/ 16) -ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق"(9/ 135 رقم 2057) - من طريق عبد الرحمن بن مُسهر عن أبي خالد الواسطي، عن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر به.
قال ابن عبد الهادي في "التنقيح"(3/ 208) وكما في "نصب الراية"(3/ 231): قال شيخنا: حديث باطل، وأبو خالد الواسطي هو عمرو بن خالد وهو وضاع، وقال أحمد ويحيى: كذاب، وانظر:"تنقيح" الذهبي.
(2)
رواه الدارقطني (4/ 37)، والبيهقي (7/ 360) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج: حدثنا بقية بن الوليد: حدثنا أبو الحجاج المهري، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عكرمة عن ابن عباس به.
أقول: أبو الحجاج المهري، هو رشدين بن سعد وهو ضعيف، وأحمد بن الفرج ضعفه محمد بن عوف الطائي، وقال ابن عدي: لا يحتج به، وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق.
وموسى بن أيوب الغافقي وثقه ابن معين وأبو داود، وذكره العقيلي والساجي في "الضعفاء".
ورواه ابن ماجه (2081) في (الطلاق): باب طلاق العبد، من طريق ابن لهيعة عن موسى بن أيوب به.
وابن لهيعة ضعيف أيضًا، واختلف عليه فيه.
ورواه الدارقطني (4/ 37)، ومن طريقه البيهقي (7/ 360) من طريق موسى بن داود عن ابن لهيعة عن موسى بن أيوب عن عكرمة مرسلًا.
قال البيهقي: وروي من وجه آخر مرفوعًا وهو ضعيف. =