المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فتاوى في حد الزنى] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور - جـ ٦

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[إيجاب الاقتداء بهم]

- ‌[الرشد في طاعة أبي بكر وعمر]

- ‌فصل [من وجوه فضل الصحابة]

- ‌[أنواع الأسئلة]

- ‌[للمفتي العدول عن السؤال إلى ما هو أنفع]

- ‌[جواب المفتي بأكثر من السؤال]

- ‌[إذا منع المفتي من محظور دلَّ على مباح]

- ‌[ينبغي للمفتي أن ينبِّه السائل إلى الاحتراز عن الوهم]

- ‌[مما ينبغي للمفتي أن يذكر الحكم بدليله]

- ‌[من أدب المفتي أن يمهد للحكم المستغرب]

- ‌[يجوز للمفتي أن يحلف على ثبوت الحكم]

- ‌[من أدب المفتي أن يفتي بلفظ النصوص]

- ‌فصل [من أدب المفتي أن يتوجه للَّه لِيُلْهَمَ الصواب]

- ‌[لا يفتي ولا يحكم إلا بما يكون عالمًا بالحق فيه]

- ‌[الواجب على الراوي والمفتي والحاكم والشاهد]

- ‌[من أدب المفتي ألا ينسب الحكم إلى اللَّه إلا بالنص]

- ‌[حال المفتي مع المستفتي على ثلاثة أوجه]

- ‌[يفتي المفتي بما يعتقد أنه الصواب وإن كان خلاف مذهبه]

- ‌[لا يجوز للمفتي إلقاء المستفتي في الحيرة]

- ‌[الإفتاء في شروط الواقفين]

- ‌[لا يطلق المفتي الجواب إذا كان في المسألة تفصيل]

- ‌[على المفتي ألا يُفصِّل إلا حيث يجب التفصيل]

- ‌[هل يجوز للمقلد أن يفتي

- ‌[هل يجوز أن يقلَّد الفتوى المتفقه القاصر عن معرفة الكتاب والسنة

- ‌[هل للعامي إذا علم مسألة أن يفتي فيها]

- ‌[الخصال التي يجب أن يتصف بها المفتي]

- ‌[النية ومنزلتها]

- ‌[العلم والحلم والوقار والسكينة]

- ‌[حقيقة السكينة]

- ‌[السكينة الخاصة]

- ‌فصل [السكينة عند القيام بوظائف العبودية]

- ‌[أسباب السكينة]

- ‌[الاضطلاع بالعلم]

- ‌[الكفاية]

- ‌[معرفة الناس]

- ‌[فوائد تتعلق بالفتوى مروية عن الإِمام أحمد]

- ‌[دلالة العالم للمستفتي على غيره]

- ‌[كذلكة المفتي]

- ‌[للمفتي أن يفتي من لا يجوز شهادته له]

- ‌[لا يجوز الفتيا بالتشهي والتخيّر]

- ‌[أقسام المفتين أربعة]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[منزلة كل نوع من المفتين]

- ‌[هل للحي أن يقلد الميت من غير نظر للدليل]

- ‌[هل للمجتهد في نوع من العلم أن يفتي فيه

- ‌[من تصدر للفتوى من غير أهلها أثم]

- ‌[حكم العامي الذي لا يجد من يفتيه]

- ‌[من تجوز له الفتيا، ومن لا تجوز له]

- ‌[هل يجوز للقاضي أن يفتي

- ‌[فتيا الحاكم وحكمها]

- ‌[هل يجيب المفتي عما لم يقع]

- ‌[لا يجوز للمفتي تتبع الحيل]

- ‌[حكم رجوع المفتي عن فتواه]

- ‌[هل يضمن المفتي المال أو النفس

- ‌[أحوال ليس للمفتي أن يفتي فيها]

- ‌[على المفتي أن يرجع إلى العرف في مسائل]

- ‌[لا يعين المفتي على التحليل ولا على المكر]

- ‌[حكم أخذ المفتي أجرة أو هدية]

- ‌[ما يصنع المفتي إذا أفتى في واقعة ثم وقعت له مرة أخرى]

- ‌[كل الأئمة يذهبون إلى الحديث ومتى صح فهو مذهبهم]

- ‌[هل تجوز الفتيا لمن عنده كتب الحديث

- ‌[هل للمفتي أن يفتي بغير مذهب إمامه

- ‌[إذا ترجح عند المفتي مذهب غير مذهب إمامه، فهل يفتي به

- ‌[إذا تساوى عند المفتي قولان فماذا يصنع

- ‌[هل للمفتي أن يفتي بالقول الذي رجع عنه إمامه

- ‌[لا يجوز للمفتي أن يفتي بما يخالف النص]

- ‌[لا يجوز إخراج النصوص عن ظاهرها لتوافق مذهب المفتي]

- ‌[الأديان السابقة إنما فسدت بالتأويل]

- ‌[دواعي التأويل]

- ‌[بعض آثار التأويل]

- ‌[مثل المتأولين]

- ‌[لا يعمل بالفتوى حتى يطمئن لها قلب المستفتي]

- ‌[الترجمان عند المفتي]

- ‌[ما يصنع المفتي في جواب سؤال يحتمل عدة صور]

- ‌[ينبغي للمفتي أن يكون حذرًا]

- ‌[ينبغي له أن يشاور من يثق به]

- ‌[يجمل بالمفتي أن يكثر من الدعاء لنفسه بالتوفيق]

- ‌[لا يسع المفتي أن يجعل غرض السائل سائق حكمه]

- ‌[ذكر الفتوى مع دليلها أولى]

- ‌[هل يقلد المفتي الميت إذا علم عدالته]

- ‌[إذا تكررت الواقعة فهل يستفتي من جديد

- ‌[هل يلزم استفتاء الأعلم

- ‌[هل على العامي أن يتمذهب بمذهب واحد من الأربعة أو غيرهم

- ‌[ما الحكم إذا اختلف مفتيان

- ‌[هل يجب العمل بفتوى المفتي

- ‌[العمل بخط المفتي وما يشبه ذلك]

- ‌[ما العمل إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لأحد من العلماء

- ‌فصل

- ‌[فتاوى في مسائل من العقيدة]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالطهارة]

- ‌[فتاوى تتعلق بالصلاة وأركانها]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالموت والموتى]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق الزكاة]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالصوم]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالحج]

- ‌فصل [فتاوى في بيان فضل بعض سور القرآن]

- ‌[فتاوى في بيان فضل الأعمال]

- ‌فصل [فتاوى في الكسب والأموال]

- ‌[إرشادات لبعض الأعمال]

- ‌فصل [فتاوى في أنواع البيوع]

- ‌فصل [فتاوى في فضل بعض الأعمال]

- ‌فصل

- ‌فصل [فتاوى في الرهن والدين]

- ‌فصل [المرأة تتصدق]

- ‌[مال اليتيم]

- ‌[اللقطة]

- ‌فصل [الهدية وما في حكمها]

- ‌فصل [فتاوى في المواريث]

- ‌[فتاوى تتعلق بالعتق]

- ‌فصل [فتاوى في الزواج]

- ‌فصل

- ‌فصل [فتاوى في أحكام الرضاع]

- ‌فصل من فتاويه صلى الله عليه وسلم في الطلاق

- ‌[الخلع]

- ‌فصل [الظهار واللعان]

- ‌فصل في فتاويه صلى الله عليه وسلم في العدد

- ‌فصل [ثبوت النسب]

- ‌[الإحداد على الميت]

- ‌فصل في فتواه صلى الله عليه وسلم في نفقة المعتدة وكسوتها

- ‌[فصل] [فتاوى في الحضانة وفي مستحقها]

- ‌فصل [فتاوى في جرم القاتل وجزائه]

- ‌[فتاوى في الديات]

- ‌فصل [فتاوى في القسامة]

- ‌فصل [فتاوى في حد الزنى]

- ‌[أثر اللوث في التشريع]

- ‌[العمل بالسياسة]

- ‌[بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم جميع أحكام الحياة والموت]

- ‌فصل [كلام أحمد في السياسة الشرعية]

- ‌فصل

- ‌[فتاوى في الأطعمة]

- ‌فصل [فتاوى في العقيقة]

- ‌فصل [فتاوى في الأشربة]

- ‌فصل [فتاوى في الأيمان وفي النذور]

- ‌[النيابة في فعل الطاعة]

- ‌فصل [فتاوى في الجهاد]

- ‌فصل [فتاوى في الطب]

- ‌فصل [فتاوى في الطيرة والفأل وفي الاستصلاح]

- ‌فصول من فتاويه صلى الله عليه وسلم في أبواب متفرقة

- ‌[التوبة]

- ‌[حق الطريق]

- ‌[الكذب]

- ‌[الشرك وما يلحق به]

- ‌[طاعة الأمراء]

- ‌[من سد الذرائع]

- ‌[الجوار]

- ‌[الغيبة]

- ‌[الكبائر]

- ‌فصل [تعداد الكبائر]

- ‌فصل

- ‌فصل مستطرد من فتاويه صلى الله عليه وسلم فارجع إليها

- ‌[عود إلى فتاوى الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌فصل [فتاوى في حد الزنى]

"وقضى صلى الله عليه وسلم أنَّ المعدن جُبار (1) والعجماء جُبَار، والبئر جُبَار"(2)، متفق عليه.

وفي قوله: "المعدن جُبار" قولان؛ أحدهما: أنه إذا استأجر من يحفر له معدنًا فسقط عليه فقتله فهو جُبَار، ويؤيد هذا القول [اقترانه بقوله:"البئر جُبار، والعجماء جبار"، والثاني: أنه لا زكاة فيه، ويؤيد هذا القول] (3) اقترانه بقوله:"وفي الركاز الخمس" ففرق بين المعدن والركاز، فأوجبَ الخمس في الركاز لأنه مال مجموع يؤخذ بغير كلفة، ولا تعب وأسقطها عن المعدن لأنه يحتاج إلى كلفة وتعب في استخراجه، واللَّه أعلم.

‌فصل [فتاوى في حد الزنى]

وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن ابني كان عسيفًا على هذا، فزنى بامرأته، فافتديتُ منه بمئة شاة وخادم، وإني سألت رجالًا من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مئة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال:"والذي نفسي بيده لاقضِيَّنَ بينكما بكتاب اللَّه، المئة والخادم رَدٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مئة وتغريب عام، واغْدُ يا أُنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" فاعترفت فرجمها (4)، متفق عليه.

= ورواه عبد الرزاق (17201)، ومن طريقة الدارقطني (3/ 95) عن ابن جريج قال أخبرنا ابن طاوس عن أبيه مرسلًا.

إذن يظهر صحة الحديث موصولًا ومرسلًا حيث وصله سليمان بن كئير، وحماد بن زيد في رواية صحيحة عنه، قال ابن عبد الهادي في "التنقيح" -كما في "نصب الراية" (4/ 332) -: إسناده جيد لكنه روي مرسلًا.

والحديث رواه جماعة من الضعفاء والهلكى فجعلوه عن عمرو بن دينار عن طاوس عن أبي هريرة، انظر:"سنن الدارقطني"(3/ 93 و 94 و 95)، وتعليقي عليه (الأرقام 3093، 3094، 3098).

(1)

"جبار -بزنة غراب- أي هدر لا شيء فيه" كذا في (د)، ونحوه باختصار في (طـ)، و (و)، وتعليقي عليه (الأرقام 3093، 3094، 3098).

"والعجماء: الدابة"(و).

(2)

رواه البخاري (1499) في (الزكاة): باب في الركاز الخمس، و (2355) في (الشرب): باب من حفر بئرًا في ملكه ولم يضمن، و (6912) في (الديات): باب المعدن جبار والبئر جبار، و (6913) باب العجماء جبار، ومسلم (1710) في (الحدود): باب جرح العجماء جبار والمعدن والبئر جبار، من حديث أبي هريرة.

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من نسخة (ط).

(4)

تقدم تخريجه.

ص: 502

وقضى صلى الله عليه وسلم فيمن زنى، ولم يُحصَنْ بنفي عام وإقامة الحد عليه (1)، ذكره البخاري.

وقضى صلى الله عليه وسلم أن الثيب بالثيب جلد مئة، ثم الرجم، والبكر بالبكر جلد مئة، ثم نفي سنة (2)، ذكره مسلم.

وجاءه اليهود فقالوا: إن رجلًا منهم وامرأة زَنَيَا فقال لهم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ " فقالوا: نَفْضَحُهم ويُجْلَدون، فقال عبد اللَّه بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها، وما بعدها فقال له عبد اللَّه بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما فرجما (3)، متفق عليه.

ولأبي داود أن رجلًا منهم وامرأة زنيا، فقالوا: اذهبوا به إلى هذا النبي، فإنه بعث بالتخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها منه واحتججنا بها عند اللَّه وقلنا: إنها فتيا نبي من أنبيائك، فأتوه وهو جالس في المسجد في أصحابه (4) فقالوا: يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم بكلمة حتى أتى بيت مِدْراسهم (5) فقام على الباب فقال: "أنشدكم باللَّه الذي أنزل التوراة على

(1) رواه البخاري (6833) في (الحدود): باب البكران يجلدان وينفيان، من حديث أبي هريرة.

(2)

رواه مسلم (1690) في (الحدود): باب حد الزنا، من حديث عبادة بن الصامت.

(3)

رواه البخاري (3635) في (المناقب): باب قول اللَّه تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} ، و (4556) في (التفسير): باب {قُلْ فَأتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، و (6819) في (الحدود): باب الرجم في البلاط و (6841) باب أحكام أهل الذمة، و (7332) في (الاعتصام): باب من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، و (7543) في (التوحيد): باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب اللَّه بالعربية، ومسلم (1699) في (الحدود): باب رجم البهود أهل الذمة في الزنى، من حديث ابن عمر.

(4)

كذا في (ك) و"سنن أبي داود" وفي سائر النسخ "الصحابة".

(5)

قال (و): "قد يقصد بالمدراس: صاحب دراسة كتبهم، وقد يقصد به البيت الذي يدرسون فيه، ومفعال غريب في هذا المكان".

ورده (ط) بقوله: "هكذا في جميع الأصول التي بين أيدينا، وقد شرحها أحد المعلقين زاعمًا أنه المكان الذي يدرسون فيه، وأصل هذه الكلمة "مدراشهم" بالشين، وهو ما يتضمن تقاليد اليهود".

قلت: وهو الصواب؛ فالمدراس بالعبرية: المدراش، وهو مجموعة من الروايات =

ص: 503

موسى ما تجدون في التوراة على مَنْ زنى إذا أُحْصِن؟ " قالوا: يحَمَّمُ (1) ويُجَبَّهُ ويجلد، والتجبيه أن يُحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما ويطاف بهما، فسكت شاب منهم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم سكت [ألظ به النشدة] (2) فقال: اللهم إذ نشدتنا، فإنا نجد في التوراة الرجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فما أول ما ارتخصتم أمر اللَّه" قال: زنى ذو قرابة ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرَةٍ من الناس فأراد رَجْمه فحال قومه دونه، وقالوا: لا يُرْجَمُ صاحبُنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني أحكم بما في التوراة" فأمر بهما فرجما (3).

وعند أبي داود أيضًا أنه دعا بالشهود فجاءه أربعة، فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها. مثل المِيلِ في المُكْحُلة (4).

= والنقول اليهودية التي تحتوي على شروح للأخبار منهم للكتب المقدسة، ومجاميعهم التشريعية والشفهية منذ عودتهم من بابل وبتأثير من عزرا ومدرسته، وهي تقابل التلمود والمثناة.

انظر: "معجم الكتاب المقدس"(ص 1237 - 1238)، و"قاموس بنغوين للأديان"(ص 213) كلاهما باللغة الإنكليزية.

(1)

"يحمم: يسود وجهه"(و).

(2)

كذا في (ك) و"سنن أبي داود"(4446 - ط. عوامة) وهو الصواب، وفي سائر النسخ:"نظر إليه وأنشده".

(3)

رواه أبو داود (4450 و 4451) في (الحدود): باب في رجم اليهوديين مطولًا، و (3624 و 3625) في (الأقضية): باب كيف يحلف الذمي -مختصرًا-، والبيهقي (8/ 247) من طرق عن الزهري قال: سمعت رجلًا من مزينة ممن يتبع العلم، ويعيه عند سعيد بن المسيب: فحدثنا عن أبي هريرة. . . فذكره.

وفي إسناده هذا الرجل المبهم الذي من مزينة.

وله شاهد بمعناه رواه مسلم (1700) في (الحدود): باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، من حديث البراء بن عازب.

وفي "العهد القديم"(سفر التثنية، الإصحاح الثاني والعشرين رقم 23 و 24): "إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها، فأخرجوهما عليهم إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا. . . ".

وفيه في (رقم 22): "إذا وجد رجل مضطجع مع امرأة زوجة بعل يقتل الاثنان الرجل المضطجع مع المرأة والمرأة".

(4)

هو جزء من حديث طويل، رواه أبو داود (4452)، والحميدي (1294)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4539 و 4545) كلهم من طريق أبي أسامة حمد بن أسامة عن مجالد عن عامر الشعبي عن جابر بن عبد اللَّه. =

ص: 504

وسأله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك أنْ يُطَهّره، وقال: إني قد زنيت فأرسل إلى قومه: "هل تعلمون بعقله بأسًا تنكرون منه شيئًا؟ " قالوا: ما نعلمه إلا أوفى العقل من صالحينا فيما نرى، فأقر أربع مرات، فقال له في الخامسة:"أنكتها؟ " قال: نعم قال: "حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ " قال: نعم، قال:"كما يغيب المِرْود في المكحلة والرشاء في البئر؟ " قال: نعم، قال:"فهل تدري ما الزنى؟ " قال: نعم، أتيتُ منها حَرامًا ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا، قال:"فما تريد بهذا القول؟ " قال: أريد أن تطهرني، فأمر رجلًا فاستنكهه، ثم أمر به فرجم، ولم يحفر له فلما وجد مَسَّ الحجارة فر يَشْتَدُّ حتى برجل معه لحى جمل فضربه وضربه الناس حتى مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هلا تركتموه وجئتموني به"(1).

= وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.

وروى المطول أبو داود (4453 و 4454) من طريقين عن الشعبي مرسلًا.

(1)

الحديث بهذا السياق كاملًا لم أجده، ويظهر أن المؤلف ساقه من روايات فمن أوله إلى قوله: أريد أن تطهرني ثم أمر به فرجم، رواه عبد الرزاق (13340)، ومن طريقه أبو داود (4428) في (الحدود): باب رجم ماعز بن مالك، والنسائي في "الكبرى"(4/ 276 رقم 1/ 7164)، وابن الجارود (814)، وابن حبان (4439)، والدارقطني (3/ 196 - 197) عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أن عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة فذكره.

ورواه أبو داود (4429)، والنسائي في "الكبرى"(4/ 276 - 277)، وأبو يعلى (6140)، والبيهقي (8/ 227 - 228) من طريق الضحاك بن مخلد وابن عساكر (10/ 259 - 260) من طريق بكير بن معروف كلاهما عن ابن جريج عن أبي الزبير عن ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة به.

وابن عم أبي هريرة هذا اسمه عبد الرحمن بن الصامت، ويقال: عبد الرحمن بن الهضاض، وقيل: ابن هضاض، وقيل: ابن الهضاب، قال البخاري: لا يعرف إلا بهذا الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 114)!! وقال النباتي في "ذيل الكامل":"من لا يعرف إلا بحديث واحد ولم يشهر حاله، فهو في عداد المجهولين" كذا في "التهذيب"(6/ 198).

ونقل ابن حجر فيه أيضًا عن البخاري: "وقال ابن جريج: عبد الرحمن بن الصامت، ولا أُراه محفوظًا ونقلها عنه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (4/ 525) وعنه الزيلعي في "نصب الراية" (3/ 308 - 309)، ولم أظفر بها في "تاريخه الكبير" ولا "الأوسط" (رواية الخفاف).

وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(737)، وابن حبان (4400) من طريق زيد بن أبي أنيسة، والنسائي في "الكبرى"(4/ 277 - 278)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 143) من طريق حماد بن سلمة، والطيالسي (2473) من طريق همام، وأبو =

ص: 505

وفي بعض طرق هذه القصة أنه صلى الله عليه وسلم قال له: "شهدت على نفسك أربع مرات اذهبوا به فارجموه"(1).

= الشيخ في "أحاديث أبي الزبير عن غير جابر"(رقم 144) من طريق الحجاج بن الحجاج البصري أربعتهم عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الهضاض عن أبي هريرة بنحوه.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(4/ 288 - 289) من طريق الحسين بن واقد عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن هضاب عن أبي هريرة بنحوه.

وأما أنه لم يحفر له فقد ورد في حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (1694) في (الحدود): باب من اعترف على نفسه بالزنا، وورد خلف ذلك، وسيأتى قريبًا قول المصنف عنه أنه "غلط".

وأما أنه أمر رجلًا فاستنكهه فثابت في "صحيح مسلم"(1695) من حديث بريدة.

وقوله: "فلما وجد مَسَّ الحجارة. . حتى مات".

رواه أحمد في "مسنده"(2/ 450)، وابن ماجه (2554) في (الحدود): باب الرجم، وابن أبي شيبة (6/ 551)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(433)، والبيهقي (8/ 228) من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وإسناده حسن.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: هلا تركتموه وجئتموني به.

رواه أبو داود (4420)، وأحمد (3/ 381)، وابن أبي شيبة (6/ 553) من طريق محمد بن إسحاق قال: ذكرت لعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعز بن مالك فقال لي: حدثني حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب: حدثني جابر بن عبد اللَّه في قصة، فذكر، حيث بَيّن أن وجه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"هلا تركتموه" أي ليستثبت من أمره، وليس كما فُهم في بعض الروايات بتركه.

قال شيخنا الألباني في "إرواء الغليل"(7/ 354): إسناده جيد.

وفي حديث أبي هريرة المذكور قبل هذا: "هلا تركتموه".

وفي حديث نعيم بن هزال: "هلا تركتموه لعله يتوب، فيتوب اللَّه عليه"، وقد تكلمت عليه مطولًا من قبل.

(1)

رواه أبو داود (4426) في (الحدود): باب رجم ماعز بن مالك من طريق إسرائيل عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا مرتين، فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين قال:"شهدت على نفسك أربع مرات، اذهبوا به فارجموه".

وهذا إسناد على شرط مسلم.

ورواه مسلم (1693)، وأبو داود (4425)، والترمذي (1431)، والنسائي في "الكبرى"(7171)، وأحمد (1/ 425 و 314 و 328)، وأبو يعلى (2580)، والطبراني في "الكبير"(12305) من طرق عن أبي عوانة عن سماك به، ولفظه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لماعز بن مالك:"أحق. ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني عنك أنك وقعت على جارية بني فلان"، قال: نعم، فشهد أربع شهادات فأمر به فرجم.

ص: 506

وفي بعضها: فلما شهد على نفسه أربع مرات دعاه النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أبك جنون؟ " قال: لا، قال:"هل أحصنت؟ " قال: نعم، قال:"اذهبوا به فارجموه"(1).

وفي بعض طرقها أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: ألم تر إلى (2) هذا الذي ستر اللَّه عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رَجْمَ الكلب فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى بجيفة حمار شائل برجله فقال:"أين فلان وفلان؟ " فقالا: نحن ذان يا رسول اللَّه، فقال:"انزلا وكلا من جيفة هذا الحمار"، فقالا: يا نبي اللَّه من يأكل من هذا؟ قال: "فما نلتما من عرض أَخْيكما آنفًا أشد أكلًا منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أَنهار الجنة ينغمس فيها"(3).

وفي بعض طرقها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال له: "لعلك رأيت في منامك لعلك استكرهت"(4)، وكل هذه الألفاظ صحيحة.

(1) رواه البخاري في مواطن منها: (5270) في (النكاح): باب الطلاق في الإغلاق والمكره والسكران والمجنون و (6814) في (الحدود): باب رجم المحصن، و (6820) في الرجم بالمصلى، ومسلم (1691) بعد (16) من حديث جابر، ورواه البخاري (6816)، ومسلم (1691) بعد (16) من حديث أبي هريرة.

(2)

قال (د): "في نسخة انظر إلى هذا. . . إلخ".

(3)

هو جزء من حديث أبي هريرة الذي يرويه عنه ابن عمه المذكور سابقًا.

(4)

هذا لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم لماعز -أقول هذا بعد تتبع طرق رجم ماعز فيما وقفت عليه من مصادر التخريج، ولكن ورد هذا في قول علي بن أبي طالب لشُراحة الهمْدانية أتت عليًا فقالت: إني زنيت فقال: لعَفك غيرى، لعلك رأيت في منامك، لعلك استكرهت؟ وكل ذلك تقول: لا، فجلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب اللَّه، ورجمتها بسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وهو هكذا مطولًا رواه أحمد في "مسنده"(1/ 140 و 141 و 143 و 153)، وفي "فضائل الصحابة"(1323)، والطحاوي في "المشكل"(3/ 5 - ط. الهندية)، والبيهقي (8/ 220) من طرق عن الشعبي عن علي بن أبي طالب به.

وقد تكلم الحاكم في "علوم الحديث"(ص 111) في سماع الشعبي من علي، وكذا الحازمي في "الاعتبار"(ص 370).

وقد تكلم الدارقطني في "علله"(4/ 96 و 97)، على هذا الحديث وبَيَّن وهم من أدخل بين الشعبي وعلي راويًا ثم بين رحمه الله سماع الشعبي من علي هذا الحديث فقط، فقال: سمع منه حرفًا واحدًا ما سمعه غير هذا.

أقول: ومما يدل على سماعه منه أن البخاري في "صحيحه"(6812) قد روى جزءًا من هذا الحديث من نفس طريق الشعبي عن علي، وهو الجزء الأخير، والبخاري رحمه الله كما هو معلوم يشترط ثبوت اللقاء، وانظر "فتح الباري"(12/ 119).

ص: 507

وفي بعضها أنه أمر فحفُرِت له حفيرة، ذكره مسلم (1)، وهي غلط من رواية بشير بن المهاجر، كان كان مسلم قد روى له في "الصحيح" فالثقة قد يغلط على أن أحمد وأبا حاتم الرازي قد تكلما فيه، وإنما حصل الوهم من حفره للغامدية فسرى إلى ماعز واللَّه أعلم.

وجاءته صلى الله عليه وسلم الغامدية فقالت: إني قد زينت فطهّرني، وإنه ردَّها، فقالت: تردّني، كما رددت ماعزًا فواللَّه إني لحبلى، فقال: اذهبي حتى تلدي، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، فقالت: هذا قد ولدته، فقال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتت به وفي يده كسرة من خبز، فقالت: هذا قد فطمته وأكَلَ الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجهه فسبَّها، فسمع نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم سبَّه إياها فقال:"مهلًا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحبُ مُكْس لغفر له"، ثم أمر بها فصلى عليها ودُفنت (2)، ذكره مسلم.

(1) هو في "صحيحه"(1695) بعد (23) من حديث بريدة، في إسناده بشير بن المهاجر كما قال المؤلف، قال فيه أحمد: منكر الحديث وقد اعتبرت حديثه فإذا هو يجيء بالعجب، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه.

وقال ابن عدي: روى ما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه وإن كان فيه بعض الضعف.

أقول: ومسلم إنما ساق حديث ماعز من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، وليس فيه ذكر الحفر لماعز.

ثم ساق طريق بشير هذا عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه فذكر الحفر فيكون بشير قد خالف في هذا من هو أوثق منه، ومسلم إنما ساق حديثه في المتابعات.

وقد روى أبو سعيد الخدري حديث الرجم -وقد تقدم قريبًا- وفيه: قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له، وحديث أبي سعيد هذا عند الإمام مسلم أيضًا (رقم 1694) ورواته ثقات مشاهير لم يُتكلَّم في واحد منهم كما تكلم في بشير هذا.

ومما يؤيد عدم الحفر ما ورد في حديث أبي هريرة -وقد تقدم- فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا به فارجموه، فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب، فادركناه بالحرة فرجمناه".

فرجمهم إياه بالمصلى وهروبه فيها دليل على أنه لم يحفر له، واللَّه أعلم.

وأما البيهقي رحمه الله فكأنه يميل إلى الحفر، فينه لما ذكر حديث أبي سعيد في عدم الحفر أتبعه بذكر حديث بريدة، ثم ذكر شاهدين في الحفر للمرأة (8/ 221).

لكن حديث بريدة عرفت ما فيه، والحفر للمرأة لا يدل على الحفر للرجل، وحديث أبي سعيد أقوى وأنظف إسنادًا واللَّه أعلم.

(2)

رواه مسلم (1695) بعد (23) في (الحدود): باب من اعترف على نفسه بالزنا من حديث بريدة.

ص: 508

وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول اللَّه إني أصبت حدًا فأقمه عليّ، ولم يسأله عنه وحضرت الصلاة فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه الرجل فقال: يا رسول اللَّه إني أصبتُ حدًا فأقم فيَّ كتاب اللَّه، قال:"أليس قد صليت معنا"؟ قال: "نعم" قال: "فإن اللَّه قد غفر لك ذنبك أو قال حدَّك"(1)، متفق عليه.

وقد اختلف في وجه هذا الحديث فقالت طائفة: أقرَّ بحد لم يُسَمِّه فلم يجب على الإمام استفساره (2)، ولو سمَّاه لحده، كما حد ماعزًا، وقالت طائفة: بل غفر اللَّه له بتوبته والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وعلى هذا فمن تاب من الذنب قبل القدرة عليه سقطت عنه حقوق اللَّه تعالى، كما سقطت (3) عن المحارب، وهذا هو الصواب واللَّه أعلم.

وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: أصبتُ من امراة قُبلة فنزلت: {وَأَقِمِ (4) الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، فقال الرجل: أبي هذه؟ فقال: "بل لمن عمل بها من أمتي"(5) متفق عليه.

وقد استدل به من يرى أن التعزير ليس بواجب، وأن للإمام إسقاطه، ولا دليل فيه، فتأمله.

وخرجت امرأة تريد الصلاة فتجلَّلها رجل فَقَضَى حاجته منها فصاحت وفرَّ ومرَّ عليها غيره فأخذوه فظنت أنه هو، وقالت: هذا الذي فعل بي فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فأمر برجمه فقام صاحبها الذي وقع عليها فقال: أنا صاحبها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبي، فقد غفر اللَّه لك، وقال للرجل قولًا حسنًا، فقالوا: ألا ترجم صاحبها؟ فقال: "لا لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم"(6)، ذكره أحمد

(1) رواه البخاري (6823) في (المحاربين): باب إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام إن يستر عليه، ومسلم (2764) في (التوبة): باب قوله تعالى: {إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ، من حديث أنس.

(2)

"في نسخة: استفصاله"(د).

(3)

كذا في (ك) و (ط. دار الحديث) وفي سائر الأصول: "تسقط".

(4)

"في الأصل [و (د)]: أقم. والصواب: وأقم"(و).

(5)

رواه البخاري (526) في (مواقيت الصلاة): باب الصلاة كفارة، و (4687) في التفسير، ومسلم (2763) في (التوبة): باب قوله تعالى: " {إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} من حديث ابن مسعود.

(6)

بهذا اللفظ رواه أحمد في "مسنده"(6/ 399): حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير قال: حدثنا إسرائيل عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه فذكره، وهذا إسناد رواته ثقات. =

ص: 509

وأهل السنن [كلهم](1)، ولا فتوى، ولا حكم أحسن من هذا، فإن قيل فكيف أمرهم (2) برجم البريء.

قيل: لو أنكر لم يرجمه، ولكن لما أُخذ، وقالت: هو هذا، ولم يُنكر، ولم يحتج عن نفسه فاتفق مجيء القوم به في سورة المريب وقول المرأة: هذا هو، وسكوته سكوت المريب وهذه القرائن أقوى من قرائن حد المرأة، بلعان الرجل وسكوتها، فتأمله (3).

= ورواه نحوه ابن الجارود (ص 279) والبيهقي (8/ 284 - 285) من طريق أسباط بن نصر عن سماك به.

وأسباط بن نصر لا بأس به.

لكن رواه أبو داود (4379) في (الحدود): باب في صاحب الحد يجيء فيقر، والترمذي (1458) في (الحدود): باب ما جاء في المرأة إذا استكرهت على الزنا، من طريق الفريابي عن إسرائيل به، وعندهما أنه أمر برجم الرجل الذي وقع على المرأة ثم قال:"لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم"، والفريابي ثقة متقن مشهور.

قال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.

وهذا اختلاف واضح وأنا أخشى أن يكون هذا من تخاليط سماك بن حرب، فهو وان أخرج له مسلم إلا أنه كان يغلط، وقد تكلم فيه غير واحد، ليس في روايته عن عكرمة فقط، نعم روايته عن عكرمة خاصة فيها اضطراب لكن الرجل كان له أخطاء.

قال النسائي: كان ربما لقن، فإذا انفرد باصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يلقن فيتلقن.

أما شيخنا الألباني رحمه الله فقد رجح رواية ابن الزبير عن إسرائيل التي رواها أحمد على رواية الفريابي عن إسرائيل، وذلك لأن أسباط بن نصر وافقه ابن الزبير، فانظر "السلسلة الصحيحة"(900).

أقول: بل رواية الفريابي أرجح فلو رجعنا إلى ترجمته وترجمة ابن الزبير في "التهذيب" لوجدنا أن الفريابي لم يتكلم فيه بأَدنى كلمة، أما ابن الزبير فعلى ثقته، فقد قال فيه أبو حاتم: عابد مجتهد حافظ اللحديث له أوهام.

وأسباط بن نصر قد تكلم فيه غير واحد فالفريابي ترجح روايته واللَّه أعلم.

ولما روى البيهقي الحديث بإسقاط الحد استشكل ذلك -وكأنه رحمه الله لم تقع له رواية الفريابي مع أنها عند أبي داود، وهو كثير الرواية من طريقه، وقال: وقد وجد مثل اعترافه من ماعز والجهنية والغامدية، ولم يسقط حدودهم وأحاديثهم أكثر وأشهر، واللَّه أعلم.

(1)

ما بين المعقوفتين من (ك) فقط.

(2)

كذا في (ك) وفي سائر النسخ: "كيف أمر برجم".

(3)

انظر: "الطرق الحكمية"(ص 1 - 63)، و"بدائع الفوائد"(3/ 117، 152)، و"الحدود والتعزيرات"(ص 70 - 71) للشيخ الدكتور بكر أبو زيد.

ص: 510