الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [الظهار واللعان]
وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها قبل أن يُكَفِّر، قال:"وما حملك على ذلك يرحمك اللَّه"؟ قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك اللَّه عز وجل"(1)، حديث صحيح.
= قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 352): هذا إسناد حسن رجاله ثقات.
أقول: لكن فيه علل:
الأولى: عمرو بن أبي سلمة ضعفه قوم ووثقه آخرون.
الثانية: زهير بن محمد ثقة، لكن رواية أهل الشام عنه فيها مناكير، وهذه منها، فإن عمرو بن أبي سلمة دمشقي.
الثالثة: ابن جريج مدلس وقد عنعن.
الرابعة: قال البخاري عن ابن جريج: "لم يسمع من عمرو بن شعيب" وقال الدارقطني: "عن عمرو بن شعيب مرسلًا".
والحديث ذكره ابن أبي حاتم في "علله"(1/ 432)، وسأل عنه أباه فقال: هذا حديث منكر، وهو في "ضعيف سنن ابن ماجه"(443).
(1)
الحديث رواه الحكم بن أبان، وقد اختلف عليه.
فرواه معمر عنه عن عكرمة عن ابن عباس به.
أخرجه أبو داود (2225) في (الطلاق) باب في الظهار، والترمذي (1202) في (الطلاق) باب في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، والنسائي (6/ 167) في (الطلاق): باب الظهار، وابن الجارود (747)، من طريق الفضل بن موسى، ورواه ابن ماجه (2065) في (الطلاق): باب المظاهر يجامع قبل أن يكفر من طريق غندر (محمد بن جعفر) كلاهما (الفضل بن موسى وغندر) عن معمر به موصولًا، قال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.
لكن رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(11525)، ومن طريقه النسائي (7/ 167) عن معمر عن عكرمة مرسلًا دون ذكر ابن عباس.
أقول: الفضل ثقة ثبت ومثله غندر فرواية الإرسال لا تعل الوصل.
ورواه عن الحكم بن أبان موصولًا إسماعيل ابن علية أخرجه أبو داود (2223): حدثنا زياد بن أيوب عنه، وإسماعيل من الثقات، وكذا الراوي عنه.
لكن ذكر المزي في "تحفة الأشراف"(5/ 122) أن رواية أبي داود من طريق إسماعيل هذه مرسلة، ثم وجدته في "سنن سعيد بن منصور"(1826) من هذا الطريق مرسلًا، فترجح ما ذكره المزي، ولعله هناك خطأ في نسخة أبي داود المطبوعة واللَّه أعلم، ثم تأكّد لي هذا، فهي على الجادة في نسخة ابن حجر التي نشر محمد عوامة طبعته عن أصولها (3/ 85 - 86 رقم 2217)، وانظر تعليقه. =
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: لو أنَّ رَجلًا وَجَدَ مع امرأته رجلًا فتكلَّم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيظ، فقال:"اللهم افتح" وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان، فابتُلي به ذلك الرجل من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتلاعَنَا (1)، ذكره مسلم.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل آخر: إنَّ امرأتي ولدت على فراشي غلامًا أسود، وإنّا أهل بيتٍ لم يكن فينا أسود قط، قال:"هل لك من إبل"؟ قال: نعم، "فما ألوانها؟ " قال: حمر، قال:"هل فيها من أوْرَق؟ " قال: نعم، قال:"فأنى كان ذلك؟ " قال: عسى أن يكون نَزَعَهُ عِرْق، قال:"فلعل ابنك هذا نزعه عرق"(2)، متفق عليه.
وحكم بالفرقة بين المتلاعنين، وأن لا يجتمعا أبدًا وأخذ المرأة صداقَهَا، وانقطاع نسب الولد من أبيه وإلحاقه بأمه، ووجوب الحد على مَنْ قَذَفه أو قذَف أَمه، وسقوط الحد عن الزوج، وأنه لا يلزمه نفقة، ولا كسوة، ولا سكنى بعد الفرقة (3).
= ورواه عنه موصولًا كذلك حفص بن عمر العدني، أخرجه الحاكم (2/ 204)، ومن طريقه البيهقي (7/ 386)، وحفص هذا ضعيف، وقد رواه جماعة عن الحكم عن عكرمة مرسلًا منهم: سفيان بن عيينة، أخرجه من طريقه أبو داود (2222)، والبيهقي (7/ 386)، والمعتمر بن سليمان. أخرجه من طريقه سعيد بن منصور (1825)، وأبو داود (2225)، والنسائي (6/ 167).
وابن جريج: أخرجه من طريقه عبد الرزاق (11526)، والبيهقي (7/ 386)، ورواه أبو داود (2224) من طريق عبد العزيز بن المختار عن خالد (أظنه الحذاء) قال: حدثني محدِّث عن عكرمة مرسلًا.
أقول: وقد رجح الإرسال في هذا الحديث النسائي فقال: المرسل أولى بالصواب من المسند، ونقل الحافظ في "التلخيص" (3/ 222) عن ابن حزم: رواته ثقات ولا يضره إرسال من أرسله.
وقد رواه الحاكم (2/ 204)، والبيهقي (7/ 386) من طريق علي بن هاشم عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس به، وإسماعيل بن مسلم هذا هو المكي ضعيف الحديث، وقد ذكر الحاكم طريق إسماعيل شاهدًا للطريق السابق!
وذكر الحافظ في "التلخيص"(3/ 222) طريقًا أخرى للحديث في "مسند البزار" من طريق خصيف عن عطاء عن ابن عباس.
ولم يتكلم عليه الحافظ مع أن خصيف بن عبد الرحمن قال عنه في "التقريب": صدوق سيء الحفظ.
(1)
رواه مسلم (1495) في (اللعان)، من حديث ابن مسعود.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أما التفريق بين المتلاعنين وأنهما لا يجتمعان أبدًا فثابت عند البخاري (5309) في =
وسأله صلى الله عليه وسلم سلمة بن صخْر البَيَاضي فقال: ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها شيء فلم أَلبث [إلا](1) أن نَزَوْتُ عليها، فقال:"أنت بذاك يا سلمة" فقلت: أنا بذاك، وأنا صابرٌ لأمر اللَّه عز وجل، فاحكم فيَّ بما أراك اللَّه، قال:"حَرِّرْ رقبة" قلت: والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربْتُ صفحة رقبتي، قال:"فَصُمْ شهرين متتابعين" فقلت: وهل أصبتُ الذي أصبتُ إلا من الصيام؟ قال: "فأطعم وسقًا من تمر بين ستين مسكينًا". قلت: والذي بعثك بالحق نبيًا لقد بتنا وحشين (2) ما لنا من طعام، قال:"فانطلق إلى صاحب صدقة بني زُرَيْق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر وكلْ أنت وعيالكَ بقيتها" فرجعت إلى قومي، فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم السَّعَة وحسن الرأي وأمر لي بصدقتكم (3)، ذكره أحمد.
= (الطلاق): باب التلاعن في المسجد، ومسلم (1492) بعد (2) و (3)، من حديث سهل بن سعد.
وأما أخذ المرأة صداقها فثابت أيضًا في حديث رواه البخاري (5312) في (الطلاق): باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب، و (5350) باب المنعة للتي لم يفرض لها، ومسلم (1493) بعد (5) في (اللعان) من حديث ابن عمر.
وأما انقطاع نسب الولد من أبيه، وإلحاقه بأمه فثابت في حديث رواه البخاري (5315) في (الطلاق): باب يلحق الولد بالملاعنة، و (6748) في (الفرائض): باب ميراث الملاعنة، ومسلم (1494) بعد (8) في (اللعان)، من حديث ابن عمر.
وأما وجوب الحد على من قذفه أو قذف أمه فتقدم، وأما سقوط الحد على الزوج فمفهوم من الأحاديث السابقة حيث لم يقم الحد عليه.
وأما أنه لا يلزمه سكنى ولا نفقة فقد ورد في حديث رواه أحمد في "مسنده"(1/ 238)، وأبو داود (2256)، وأبو يعلى (2745)(2741)، والبيهقي (7/ 394)، إسحاق بن راهويه في "مسنده" -كما في "نصب الراية"(3/ 252) - من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس في حديث طويل ولفظ (إسحاق في "مسنده") أصرحها في الدلالة على ما ذكر ابن القيم لكن رواية عباد بن منصور عن عكرمة معلولة فقد قال البخاري وغيره إنه دلس أحاديث إبراهيم بن أبي يحيى عن عكرمة، فجعلها عن عكرمة وإبراهيم هذا متروك.
(1)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع وأثبتناه من (ك).
(2)
في (د): "وحشيين"، وقال (و):"رجل وحش: جائع لا طعام له".
(3)
رواه أحمد (4/ 37 و 5/ 436)، وأبو داود (2213) في (الطلاق): باب في الظهار، والترمذي (3310) في (التفسير): باب ومن سورة المجادلة، وابن ماجه (2062) في =
وسألته صلى الله عليه وسلم خَوْلَة بنت مالك فقالت: إن زوجها أوسَ بن الصامت ظاهَرَ منها وشكته إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجادلها فيه بقوله: "اتقي اللَّه، فإنه ابن عمك" فما برحت حتى نزل القرآن؛ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي
= (الطلاق): باب الظهار، والدارمي (2/ 163 - 164)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2185)، وابن خزيمة (2378)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(ق 128/ أ)، والدارقطني (3/ 317، 318)، وابن الجارود (744)، والطبراني في "الكبير"(6333)، والحاكم (2/ 203)، والبيهقي (7/ 390)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ رقم 3400)، والمزي في "تهذيب الكمال"(11/ 289 - 290) كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياضي به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن، قال محمد (أي البخاري): سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر قال: ويقال: سلمة بن صخر، ويقال: سليمان بن صخر.
وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي!
وحسن الحافظ إسناده في "الفتح"(9/ 433) مع أنه نقل في "التلخيص"(3/ 221) عن البخاري أنه أعل الحديث بالانقطاع!
والحديث أيضًا فيه عنعنة ابن إسحاق ولم يصرح بالسماع عند الجميع، وابن إسحاق متابع، تابعه بكير بن الأشج، أخرجه أبو داود (2217)، وابن الجارود (745)، وابن أبي عاصم (2186)، والطبراني (6334)، والدارقطني (3/ 318)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(5/ رقم 579)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ رقم 3401) لكن علة الانقطاع باقية.
وله طريق آخر عن سلمة، رواه الترمذي (1203) في (الطلاق): باب ما جاء في كفارة الظهار، والطبراني (6331)، والحاكم (2/ 204)، والبيهقي (7/ 390) من طريق يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وأبي سلمة، أن سلمة جعل امرأته عليه. . .
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
قال شيخنا الألباني في "الإرواء"(7/ 178) وهو مرسل ظاهر الإرسال.
أقول: فالحديث بطريقيه فيه انقطاع بين سلمة والرواة عنه، وسلمة ليس له مسندًا إلا هذا الحديث -كما قال البغوي- وقد قوّى شيخنا الألباني الحديث بطريقيه، وذكر له شاهدًا مختصرًا من حديث ابن عباس -تقدم في الصفحة السابقة- ثم حكم على الحديث بطرقه (وهما طريقان فقط)، وشاهده المختصر جدًا أنه صحيح.
أقول: وكون طريقا الحديث منقطعين في نفس المكان، أخشى أن يكون الساقط واحدًا! واللَّه أعلم، وله شواهد، تأتي قريبًا، يتقوّى بها الحديث.
إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] الآيات: فقال: "يعتق رقبة" قالت: لا يجد قال: "فيصوم شهرين متتابعين"، قالت: إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال:"فليطعم ستين مسكينًا" قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، فأُتي ساعته بعَرَق من تمر، قلت: يا رسول اللَّه إني أعينه بعَرَق (1) آخر، قال:" [قد] أحسنتِ اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا وارجعي إلى ابن عمك"(2)، ذكره أحمد وأبو داود.
ولفظ أحمد؛ قالت: "فيَّ واللَّه وفي أوس بن الصامت أنزل اللَّه صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خُلُقه وضجر، قالت: فدخل عليّ يومًا فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت عليَّ كظهر أمي، ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي، قالت:
(1)"عَرَقَ -بفتح الراء-: زبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عرق"(و).
(2)
رواه أبو داود (2214 و 2215) في (الطلاق): باب في الظهار، وأحمد في "مسنده"(6/ 410 - 411)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3257 و 3258)، وابن الجارود (746)، والطبراني في "الكبير"(24/ 633)، وابن حبان (4279)، والبيهقي في "سننه" (7/ 389 و 391) من طرق عن محمد بن إسحاق: حدثني معمر بن عبد اللَّه بن حنظلة عن يوسف بن عبد اللَّه بن سلام عن خولة بنت مالك (وعند بعضهم خويلة بنت ثعلبة وهي نفسها) به، بعضهم مثل لفظ أحمد، وبعضهم مثل لفظ أبي داود.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(9/ 433): إسناده حسن.
أقول: لكن فيه معمر بن عبد اللَّه هذا قال فيه الحافظ نفسه في "التقريب": مقبول، أي: عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، وقال الذهبي: كان في زمن التابعين لا يعرف، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، ما حدث عنه سوى ابن إسحاق بخبر مظاهرة أوس بن الصامت.
وله شاهدان مرسلان.
الأول: رواه البيهقي (7/ 389 - 390) من طريق محمد بن أبي حرملة، عن عطاء بن يسار أن خويلة بنت ثعلبة، فذكره، وقال البيهقي: هذا مرسل وهو شاهد للموصول قبله.
الثاني: رواه ابن سعد في "الطبقات"(8/ 378 - 379) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن صالح بن كيسان، وإسناده صحيح، وله شاهد موصول من حديث ابن عباس، رواه البيهقي (7/ 392) من طريق أبي حمزة الثمالي عن عكرمة عنه.
وقال: كذا رواه أبو حمزة الثمالي، وهو ضعيف، ورواه الحاكم بن أبان عن عكرمة دون ذكر ابن عباس فيه.
وشاهده أيضًا حديث سلمة بن صخر البياضي الماضي قريبًا.
وما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.