الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال له عقبة بن عامر: أقرأ سورة هود وسورة يوسف؟ فقال: "لن تقرأ شيئًا أبلغ عند اللَّه من {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} "(1)، ذكره النسائي.
[فتاوى في بيان فضل الأعمال]
وفي الترمذي عنه أنه سئل صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحبُّ إلى اللَّه؟ قال: "الحال المرتحل"(2)، وفهم بعضهم من هذا أنه كلما (3) فرغ من ختم القرآن قرأ فاتحة
(1) رواه أحمد (4/ 149 و 155 و 159)، والنسائي (2/ 158) في (الافتتاح): باب الفضل في قراءة المعوذتين، و (8/ 254) في (الاستعاذة)، والدارمي (2/ 461 و 462)، وابن حبان (795 و 1842)، والطبراني (17/ 860 و 862 و 862)، والحاكم (2/ 540) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن عقبة بن عامر به.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
ولفظ الحديث عندهم: قال له عقبة بن عامر: اقرأ من سورة هود ومن سورة يوسف.
وهو عندهم جميعًا باستثناء النسائي (2/ 158) أمره بقراءة سورة "الفلق" فقط.
وحديث عقبة بن عامر أصله في "صحيح مسلم"(814) في فضل المعوذتين، وله طرق كثيرة ذكرها ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" ثم قال: فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه، تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث.
(2)
رواه الترمذي (2953) في (القراءات): باب رقم (11)، والطبراني في "الكبير"(12783)، والحاكم (1/ 568)، وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 260)، والمزي في "تهذيب الكمال"(30/ 385) من طرق عن صالح المريّ عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن ابن عباس به.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، وإسناده ليس بالقوي.
ثم رواه من طريق آخر عن صالح المري عن قتادة عن زرارة مرسلًا، ورجح هذا المرسل.
وهذا المرسل رواه أيضًا الدارمي (2/ 469).
والحديث موصولًا ومرسلًا مداره على صالح المري، قال الذهبي، معقبًا على الحاكم: صالح متروك.
ثم ذكر له الحاكم شاهدًا من حديث أبي هريرة بلفظ حديث الباب من طريق مقدام بن داود بن تليد عن خالد بن نزار عن الليث بن سعد عن مالك عن ابن شهاب، عن الأعرج عنه، وسكت عليه.
قال الذهبي: لم يتكلم عليه الحاكم وهو موضوع على سند الصحيحين، ومقدام متكلم فيه والآفة منه. والحديث في "ضعيف سنن الترمذي"(568)، وانظر -لزامًا- "إتحاف المهرة"(7/ 64 - 65).
(3)
في سائر الأصول: "إذا" والمثبت من (ك).
الكتاب وثلاث آيات من سورة البقرة لأنه حلَّ بالفراغ وارتحل بالشروع، وهذا لم يفعله أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا استحبه أحد من الأئمة والمراد بالحديث: الذي كلَّما حل من غزاة ارتحل في أخرى أو كلما حل من عمل ارتحل في (1) غيره تكميلًا له، كما كمل الأول، وأما هذا الذي يفعله بعض القرَّاء فليس مراد الحديث قطعًا، وباللَّه التوفيق.
وقد جاء تفسير الحديث متصلًا به أن يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل، وهذا له معنيان أحدهما: أنه كلما حل من سورة أو جزء ارتحل في غيره، والثاني: أنه كلما حل من ختمة ارتحل في أخرى.
وسئل عن أهل اللَّه: من هم؟ فقال: "هم أهل القرآن، أهل اللَّه وخاصته"(2)، ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن عمرو [بن العاص](3) في كم أقرأ القرآن؛ فقال: "في شهر" فقال: أطيق أفضل من ذلك، فقال: في عشرين، فقال:"أطيق أفضل من ذلك" فقال: "في خمس عشرة" فقال: أطيق أفضل من ذلك، قال:"في عشرة" فقال: أطيق أفضل من ذلك قال: "في خمس" قال: أطيق أفضل من ذلك. قال:
(1) في سائر الأصول: "إلى" والمثبت من (ك).
(2)
رواه أحمد في "مسنده"(3/ 127 و 127 - 128 و 242)، وابن ماجه (215) في (المقدمة): باب فضل من تعلم القرآن وعلمه، والنسائي في "الكبرى"(8031)، وفي "فضائل القرآن"(56)، وأبو داود الطيالسي (1885)، والحاكم (1/ 556)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 63)، و (9/ 40)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(5/ 357)، والمزي في "تهذيب الكمال"(16/ 545) من طرق عن عبد الرحمن بن بديل بن ميسرة عن أبيه عن أنس بن مالك به.
قال الحاكم: "قد روي هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس هذا أمثلها"، وقال البوصيري في "مصباح الزجاحة" (1/ 72): هذا إسناد صحيح رجاله موثقون.
أقول: عبد الرحمن ثقة، وأبوه لا بأس به.
والحديث رواه الدارمي (2/ 433) من طريق الحسن بن أبي جعفر عن بديل عن أنس، ورواه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2292)، وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد"(1/ 169، 406) والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(2/ 311)، وأبو الفضل الرازي في "فضائل القرآن"(رقم 36) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن غزوان عن مالك عن الزهري عن أنس به، ثم نقل الخطيب عن الدارقطني قوله:"تفرد به ابن غزوان، وكلان كذابًا فلا يصح عن مالك ولا عن الزهري".
(3)
ما بين المعقوفتين من المطبوع.
"لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث"(1)، ذكره أحمد.
واختلف رجلان في آية كل منهما أخذها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألاه عنها فقال لكل منهما: "هكذا أنزلت"، ثم قال:"أنزل القرآن على سبعة أحرف"(2)، متفق عليه.
وسئل صلى الله عليه وسلم: أي المجاهدين أعظم أجرًا؟ قال: "أكثرهم للَّه ذكرًا" قيل: فأي الصائمين أعظم أجرًا؟ قال: "أَكثرهم للَّه ذكرًا"، ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك يقول:"أكثرهم للَّه ذكرًا" فقال: أبو بكر لعمر رضي الله عنهما: ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أجل"(3)، ذكره أحمد.
(1) لم أجده بهذا اللفظ عند أحمد (1) بعد تتبع، وأقرب ما وجدته له ما رواه الترمذي (2951) في (القراءات): باب (11)، وفي "العلل الكبير"(647)، والنسائي في "فضائل القرآن"(90)، والدارمي (2/ 471)، والبغوي (1223) من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، لكن ليس في آخره:"لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث".
وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص له ألفاظ فانظر "صحيح البخاري"(5052)، و"صحيح مسلم"(1159)، و"مسند أحمد"(2/ 158)، و"سنن أبي داود"(1388 - 1391 و 1394 و 1395)، وقوله في آخر الحديث:"لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث". رواه أحمد (2/ 164 و 189 و 195)، والدارمي (1/ 350)، وأبو داود (1390 و 1394)، والترمذي (2954)، وابن ماجة (1347)، وابن حبان (758) من طرق عن قتادة عن أبي العلاء يزيد بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عمرو بنحوه، وكذا وقع في المطبوع.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
رواه البخاري في مواطن منها: (2419) في (الخصومات): باب كلام الخصوم بعضهم في بعض، و (4992) في (فضائل القرآن): باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، ومسلم (818) في (صلاة المسافرين) باب بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والخلاف كان على سورة الفرقان.
(3)
رواه أحمد (3/ 438)، والطبراني في "الكبير"(20/ 704) من طريق ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه به.
قال الهيثمي (10/ 74) في زبان بن فائد، وهو ضعيف، وقد وثق، وكذلك ابن لهيعة، وبقية رجال أحمد ثقات.
أقول: زبان ضعفه أحمد، وابن معين، وقال أبو حاتم: صالح؛ فهو ضعيف، وابن لهيعة حاله معروف.=
_________
(1)
انظره في طبعة مؤسسة الرسالة بالأرقام (6477، 6506، 6516، 6535، 6546، 6764، 6775، 6810، 6841، 6843، 6863، 6876، 6880، 7023) بألفاظ فيها تغاير، مما جعل ابن حجر يحملها في "الفتح"(9/ 97) على تعدد القصة.
وسئل صلى الله عليه وسلم عن المفرِّدين الذين هم أهل السبق؟ فقال: "الذاكرون اللَّه كثيرًا"(1)، وفي لفظ:"المشتهرون بذكر اللَّه، يضع الذكر عنهم أَثقالهم فيأتون [يوم] القيامة خفافًا"(2)، ذكره الترمذي.
وسئل عن رياض الجنة؟ فقال: "حِلَقُ الذِّكر"(3).
= وله شاهد مرسل رواه ابن المبارك في الزهد (1105) أخبرني حيوة حدثني زهرة بن معبد حدثني أبو سعيد المقبري، فذكره، دون آخره وهو قول أبى بكر لعمر، ورواته ثقات، فلعلّه يتقوى الحديث به ويُحسِّن.
(1)
رواه مسلم (2676) في (الذكر والدعاء): باب الحث على ذكر اللَّه تعالى، من حديث أبي هريرة.
(2)
رواه الترمذي (3605)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(8/ 449)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(506) و (507) من طريق عمر بن راشد (في "سنن الترمذي"، وتاريخ البخاري: عمرو، وهو خطأ)، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
ولفظه: المستهترون بذكر اللَّه. . . وسقط "أبو سلمة" من إسناد البخاري في "التاريخ".
قال الترمذي: حديث حسن غريب.
أقول: عمر بن راشد هذا ضعفه ابن معين وأحمد وأبو زرعة والنسائي وغيرهم، بل قال أحمد: أحاديثه عن يحيى مناكير.
وقد رواه من هو أوثق منه، وهو علي بن المبارك فقال: عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرقة عن أبي هريرة مرفوعًا: "سبق المفردون، قالوا: يا رسول اللَّه ومن المفردون، قال: الذين يهترون في ذكر اللَّه عز وجل".
رواه أحمد (2/ 323)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(8/ 448)، والحاكم (1/ 495 - 496)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(505) كلهم من طريق أبي عامر العقدي عن علي بن المبارك به.
وعلي بن المبارك تكلم فيه بعضهم فيما رواه عن يحيى بن أبي كثير، قال الحافظ ابن حجر في "التقريب":"كان له عن يحيى بن أبي كثير كتابان، أحدهما سماع، والآخر إرسال، فحديث الكوفيين عنه فيه شيء".
أقول: وأبو عامر العقدي بصري، فروايته عنه صحيحة، لذلك قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
نعم رجاله كلهم من رجال الشيخين، غير عبد الرحمن بن يعقوب، وهو ثقة.
وقد رَجَّح هذه الطريق -أي طريق علي بن المبارك- البخاري في "تاريخه"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وهو الظاهر واللَّه أعلم.
وحديث أبي هريرة هذا في "صحيح مسلم" في الحاشية قبل، ولفظه:"الذاكرون اللَّه كثيرًا".
وما بين المعقوفتين سقط من المطبوع وحده.
(3)
رواه الترمذي (3519) في (الدعوات): باب (82)، وأحمد (3/ 150) -، ومن طريقه ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 18) - وأبو يعلى (3432)، وابن عدي (6/ 2147)، والبيهقي في "الشعب"(1/ رقم 529) من طريق محمد بن ثابت عن أبيه عن أنس به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ثابت عن أنس.
أقول: محمد هذا قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ضعيف.
وقال ابن عدي: وهذه الأحاديث مع غيرها مما لم أذكرها عامتها مما لا يتابع محمد بن ثابت عليه.
وله طريق آخر عن أنس.
رواه البزار (3063 - زوائده)، والطبراني في "الدعاء"(رقم 1890) وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 268) -ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 19، 20) - من طريق زائدة بن أبي الرقاد: حدثنا زياد النميري (في المطبوع من "الحلية": زياد والنميري وهو خطأ) عن أنس.
أقول: هذا الطريق فيه ضعيفان:
الأول: زائدة بن أبي الرقاد، ضعفوه بل منهم من ضعَّفه جدًا.
قال أبو حاتم: يحدث عن زياد النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة، ولا ندري منه أو من زياد، ولا أعلم روى عن غير زياد، فكنا نعتبر بحديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: منكر الحديث، وشدد عليه ابن حبان، فاتفقوا على ضعفه إِلا عبارة للبزار يقول فيه: لا بأس به، وإنما نكتب من حديثه ما لم نجد عند غيره!! وكأن الحافظ ابن حجر لم يلتفت إلى كلمة البزار فقال في "التقريب": منكر الحديث.
الثاني: زياد النميري، وقد ضعفه ابن معين، وأبو داود وأبو حاتم، وقال ابن حبان: يخطئ ثم ذكره في الضعفاء، وقال: منكر الحديث يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، تركه ابن معين.
وقال ابن عدي: عندي إذا روى عنه ثقة فلا بأس بحديثه.
وهنا روى عنه زائدة وقد عرفت حاله.
ولم يوثقه أحد لذلك قال الحافظ: ضعيف.
هذه أقوال أئمة الجرح والتعديل في هذين الرجلين، وقد عرفت حالهما، والعجب أن شيخنا الألباني رحمه الله ذكر الحديث في "السلسلة الضعيفة"(3/ 391)، وذكر تضعيف أهل العلم لهذين، ثم ذكره في "السلسلة الصحيحة" (6/ 131) وقال: زياد وزائدة ضعيفان، وثقا، وقد حسّن لهما الهيثمي حديثًا آخر عن أنس، فلا أقل من أن يستشهد بهما! فألان فيهما القول!
والحديث له شاهد من حديث ابن عمر.
رواه أبو نعيم في "الحلية"(6/ 354): حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد اللَّه المقدسي: حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن عامر: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا مالك عن نافع عن سالم عن ابن عمر مرفوعًا به بلفظه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال: "غريب من حديث مالك لم نكتبه إِلا من حديث محمد بن عبد اللَّه بن عامر".
قال شيخنا الألباني رحمه الله بعد أن ذكر كلام أبي نعيم: "ولم أعرفه -أي محمد بن عبد اللَّه بن عامر- ويحتمل أن (عامر) محرف (نمير)، فإن كان كذلك فهو ثقة، ثم رأيت ما يرجح أنه هو فقد ذكره المزي في الرواة عن قتيبة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، فالإسناد صحيح، إن كان الشيخ أبي نعيم ثقة أو متابعًا. .، على أن أبا نعيم في استغرابه المتقدم قد أشار إلى أنه قد توبع".
هذا نص كلامه رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(6/ 131)، وهو متعقب، وبيان ذلك:
إني كنت أقول في نفسي أن هذا الإسناد مركب موضوع، ففتشت عن محمد بن عبد اللَّه بن عامر هذا فإذا صوابه محمد بن عبد بن عامر بن مرداس أبو بكر السعدي التميمي السمرقندي، ذكره الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(2/ 386)، وقال: قدم بغداد وحدّث بها وبغيرها عن يحيى بن يحيى، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمي (وقتيبة بن سعيد) أحاديث منكرة باطلة، ثم ذكر له طائفة من الأحاديث المركبة والمسروقة، ثم ذكر له حديثين وقال: وهذان الحديثان لا أصل لهما عند ذوي المعرفة بالنقل فيما نعلمه، وقد وضعهما محمد بن عبد إسنادًا ومتنًا وله أحاديث كثيرة، تشابه ما ذكرناه وكلها تدل على سوء حاله وسقوط رواياته.
ثم روى عن الدارقطني قوله فيه: لم يكن مرضيًا في الحديث. وقوله: يكذب ويضع!! وانظر ترجمته هناك تجد العجب، وذكره الذهبي في "الميزان" وقال: معروف بوضع الحديث، فسقط هذا الشاهد. .
(تنبيه) حديث ابن عمر هذا لم يقف عليه ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 16)، فقال:"لم أجده من حديث ابن عمر، ولا بعضه، لا في الكتب المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة ولكن وجدته من حديث أنس بلفظه مفرقًا، ووجدته في حديث جابر بمعناه مختصرًا مفترقًا ومجموعًا".
وذهب السيوطي في "تحفة الأبرار"(ص 37) مذهبًا آخر، أبعد فيه النجعة، فزعم أن قول النووي في "الأذكار" (1/ 65):"حديث ابن عمر" سبق قلم، وأراد أن يقول: حديث أنس!!
وله شاهد من حديث جابر رواه عبد بن حميد (1107) وأبو يعلى (1865 و 2138)، -ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 17 - 18) - والطبراني في "الأوسط"(2501)، و"الدعاء"(1891) ومسدد وأحمد بن منيع في "مسنديهما" -كما في "المطالب العالية"(4/ 28) - والفريابي في "الذكر" -ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 16 - 17) - ومحمد بن عاصم في "جزئه"(35)، والفريابي في "الذكر" -ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 21) - والبزار (364 - زوائده)، والحاكم (1/ 494 - 495)، وابن حبان في "المجروحين"(2/ 81)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(رقم 6) و"الشعب"(1/ رقم 528) من طريق عمر مولى غفرة عن أيوب بن خالد بن صفوان عنه =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن أهل الكرم الذين يقال لهم يوم القيامة: سيعلمُ أهلُ الجمع من أهل الكرم؟ فقال: "هم أهل الذكر في المساجد"(1)، ذكره أحمد.
وسئل عن غنيمة مجالس الذكر؟ فقال: "غنيمة مجالس الذكر الجنة"(2)، ذكره أحمد.
= به، ولفظه:". . . فارتعوا في رياض الجنة. . . قالوا: وأين رياض الجنة يا رسول اللَّه؟ قال: مجالس الذكر. . . ".
وصححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله: عمر ضعيف، وقال ابن حبان عنه:"كان ممن يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الإحتجاج به، ولا ذكره إِلا على سبيل التعجب"، وعّد الذهبي في "الميزان"(3/ 210) هذا الحديث من منكراته، وضعفه الهيثمي في "المجمع"(10/ 77)، والمنذري في "الترغيب والترهيب"(2/ 405).
أقول: وأيوب هذا: فيه لين، كما قال الحافظ ابن حجر.
وله شاهد أيضًا من حديث أبي هريرة لكن في لفظه مغايرة، رواه الترمذي (3518) من طريق زيد بن الحباب، (في المطبوع: يزيد بن حبان وهو خطأ) عن حميد المكي مولى ابن علقمة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قلت: يا رسول اللَّه وما رياض الجنة؟ قال: المساجد، قلت: وما الرتع يا رسول اللَّه؟ قال: سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إِلَّا اللَّه واللَّه أكبر". وقال: هذا حديث حسن غريب.
أقول: بل حميد هذا قال عنه ابن حجر: مجهول!
وروى الطبراني في "الكبير"(11158) من حديث ابن عباس مرفوعًا. . . قيل: يا رسول اللَّه؛ وما رياض الجنة؟ قال: مجالس العلم.
قال الهيثمي: (1/ 126): وفيه رجل لم يُسم.
(1)
رواه أحمد (3/ 68 و 76)، وأبو يعلى (1046 و 1403)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 980)، والطبراني في "الدعاء"(1888، 18889)، والبيهقي في "الشعب"(1/ رقم 535) من طريقين (ابن لهيعة وعمرو بن الحارث) عن درّاج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري به.
قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 76): "رواه أحمد بإسنادين وأحدهما حسن وأبو يعلى كذلك".
وكأنه يريد الإسناد الدي ليس فيه ابن لهيعة.
أقول: لكن درّاج في روايته عن أبي الهيثم مقال.
قال أحمد بن حنبل: أحاديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيها ضعف، ونحوه قال ابن عدي، فإنه ذكر طائفة من أحاديثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ثم قال: وأرجو إذا أخرجت دراج، وبريته من هذه الأحاديث التي أنكرت عليه أن سائر أحاديثه لا بأس بها.
وقد أحسن القول فيه ابن معين!
(2)
رواه أحمد (2/ 177 و 190) من طريق حسن وحجاج بن محمد كلاهما عن ابن لهيعة =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوم غزوا فقالوا: ما رأينا أفضل غنيمة ولا أَسرع رجعة منهم، فقال:"أدلكم على قوم أفضل غنيمة منهم، وأسرع رجعة؟ قوم شهدوا صلاة الصبح، ثم جلسوا يذكرون اللَّه حتى طلعت الشمس فأولئك أَسرع رجعة وأفضل غنيمة"(1)، ذكره الترمذي.
= عن راشد بن يحيى المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص به.
قال الهيثمي (10/ 78): رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد حسن.
أقول: ابن لهيعة قد تكلمنا عليه مرارًا وهذا ليس من رواية العبادلة عنه.
(تنبيه) العبادلة هم: عبد اللَّه بن المبارك، وعبد اللَّه بن وهب، وعبد اللَّه بن يزيد المقرئ، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، وقد ألحق بهم شيخنا الألباني رحمه الله قبل وفاته جمعًا، منهم: قتيبة بن سعيد الثقفي وإسحاق بن عيسى الطباع، وأظن ثالثًا وهو بشر بن بكر البجلي، قلت: ويمكن إلحاق شعبة والثوري والأوزاعي وعثمان بن الحكم الجذامي، وعمرو بن الحارث المصري، وليث بن سعد، ولهيعة بن عيسى بن لهيعة، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبيد مولى بني هاشم وعثمان بن صالح السهمي بهؤلاء، وسبقت الإشارة إلى قبول رواية النضر بن عبد الجبار أبي الأسود عنه، وللتفضيل مقام آخر، واللَّه الهادي والموفق.
(1)
رواه الترمذي (3570) وابن عدي (2/ 658) من طريق عبد اللَّه بن نافع الصائغ عن حماد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم (في "سنن الترمذي": يزيد بن أسلم، وهو خطأ، والتصويب من "تحفة الإشراف"، و"كامل ابن عدي") عن أبيه عن عمر بن الخطاب به.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه. وحماد بن أبي حميد هو أبو إبراهيم الأنصاري المدني وهو محمد بن أبي حميد المدني، وهو ضعيف في الحديث.
وله شاهدان قد يقويانه.
أولهما: شاهد من حديث أبي هريرة، رواه أبو يعلى (6473 و 6559)، وابن حبان (2535)، وابن عدي (2/ 691) من طريق حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر، عن المقبري عنه مرفوعًا، فذكر مثل أول حديث الباب، ثم قال:"ألا أخبركم بأسرع كرة، وأعظم غنيمة من هذا البعث؟ رجل توضأ في بيته، فأحسن وضوءه ثم تحمل إلى المسجد فصلى فيه الغداة، ثم عقب بصلاة الضحى فقد أسرع الكرة، وأعظم الغنيمة".
وفي إسناده حميد بن صخر، وهو حميد بن زياد أبو صخر، سماه حاتم بن إسماعيل حميد بن صخر، وهو من رجال مسلم إِلا أنه تكلم فيه، لكن قال ابن عدي: هو عندي صالح الحديث، وإنما أنكر عليه هذان الحديثان:"المؤمن مؤالف"، و"في القدرية" وسائر حديثه أرجو أن يكون مستقيمًا.
لذلك قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 235): ورجاله رجال الصحيح.
ثانيهما: حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، ولفظه نحو حديث أبي هريرة رواه أحمد (2/ 175). =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن خيار الناس؟ فقال: "الذين إذا رُؤوا ذُكر اللَّه"(1)، ذكره أحمد.
وسئل صلى الله عليه وسلم عن خير الأعمال وأزكاها عند اللَّه وأرفعها في الدرجات؟ فقال: "ذكر اللَّه"(2)، ذكره أحمد.
= قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 235): رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام، ورجال الطبراني ثقات لأنه جعل بدل ابن لهيعة ابن وهب.
أقول: وقد ذكر شيخنا الألباني حديث عمر في "ضعيف الجامع" و"ضعيف سنن الترمذي"(714)، ولم يقوه بهذين الشاهدين، واللَّه أعلم، ولي في فضل الذكر بعد الفجر جزء مستقل، فيه مخبآت وعجائب وتتمة التخريج فيه، واللَّه المستعان لا رب سواه.
(1)
رواه أحمد في "مسنده"(6/ 459)، وعبد بن حميد في "المسند"(1580 - "المنتخب")، والبخاري في "الأدب المفرد"(323)، وابن ماجة (4119) في (الزهد): باب من لا يؤبه له، والطبراني في "الكبير"(24/ رقم 423، 424، 425)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 6)، وابن أبي شيبة ومسدد في "مسنديهما" -كما في "مصباح الزجاجة" (2/ 323) - من طرق عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الأنصاري أنها سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ألا أنبئكم بخياركم؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال:"خياركم الذين إذا رؤوا ذكر اللَّه عز وجل".
ورواه أبو يعلى في "مسنده" -كما في "مصباح الزجاجة"(2/ 323)، وليس هو في المطبوع منه- من طريق شهر بن حوشب به.
قال البوصيري: هذا إسناد حسن، شهر بن حوشب وسويد (وهذا متابع) مختلف فيهما، وباقي الإسناد ثقات.
وقال الهيثمي في "المجمع"(8/ 93): رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وقد وثقه غير واحد وبقية رجال أحمد أسانيده رجال الصحيح.
أقول: شهر ضعيف على الراجح ولذلك ذكره الشيخ الألباني في "ضعيف الجامع"، و"ضعيف ابن ماجة"(898).
(2)
رواه أحمد (5/ 195)، والترمذي (3386) في الدعوات: باب (6)، وابن ماجه (3790) في (الأدب): باب فضل الذكر، والحاكم (1/ 496)، وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 11 - 12)، والمزي في "تهذيب الكمال"(9/ 469)، وابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 95) من طرق عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند، عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش، عن أبي بحرية، عن أبي الدرداء به.
ورواه أحمد (6/ 447) من طريق موسى بن عقبة عن زياد بن أبي زياد عن أبي الدرداء، سقط منه:"أبو بحرية".
قال الترمذي: وقد روى بعضهم هذا الحديث عن عبد اللَّه بن سعيد مثل هذا بهذا الإسناد، وروى بعضهم عنه فأرسله.
أما الحاكم فقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. =
وسئل صلى الله عليه وسلم أيُّ الدعاء أَسْمع؟ فقال: "جوف الليل الأخير (1) ودبر الصلوات المكتوبات"(2)، ذكره الإمام أحمد، وقال:"الدعاء بين الآذان والإقامة لا يرد"، قالوا: فماذا نقول يا رسول اللَّه؟ قال: "سلوا اللَّه العافية في الدنيا والآخرة"(3)، ذكره الترمذي.
= أقول: ورواته كلهم من رواة الصحيح.
وقد رواه مالك في "الموطأ"(1/ 211) عن زياد بن أبي زياد عن أبي الدرداء موقوفًا.
قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 95) -: "هذا حديث مختلف في رفعه ووقفه وفي إرساله ووصله" ثم ذكر كلام الترمذي ورواية مالك له، "قال: وقد وقع لنا الحديث من وجه آخر عن أبي الدرداء موقوفًا عليه. . . " فذكره، وقال: "ورجاله ثقات".
قال ابن علان في "الفتوحات الربانية"(1/ 264): وأفاد بعض تلامذة الحافظ نقلًا عنه في "الإملاء" أن الصحيح الوقف.
وقال ابن علان: ولا يضر وقف مالك: لأن الحكم لمن وصل على أن مثل هذا مما لا مجال للرأي فيه، وحكمه الرفع.
أقول: وهو الحق -إن شاء اللَّه تعالى- لذلك ذكره شيخنا الألباني في "صحيح الجامع".
ثم وجدت الحافظ ذكرالحديث في "الفتح"(11/ 210) مكتفيًا بتصحيح الحاكم له، ووجدت الهيثمي كذلك ذكر الحديث في "مجمع الزوائد" (10/ 73) وقال: رواه أحمد وإسناده حسن.
وقد وجدت اختلافًا آخر على الحديث، فرواه أحمد (5/ 239) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة عن زياد بن أبي زياد أنه بلغه عن معاذ بن جبل، فذكر مثله.
قال الهيثمي (10/ 73): ورجاله رجال الصحيح، إِلا أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش لم يدرك معاذًا.
(1)
في المطبوع: "الآخر".
(2)
رواه الترمذي (3508) في (الدعوات): باب (78)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(108) من طريق ابن جريج عن ابن سابط عن أبي أمامة به، وحسّنه الترمذي.
قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" -كما في "الفتوحات الربانية"(3/ 30) - قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وفيما قاله نظر؛ لأن له عللًا منها: الانقطاع بين ابن سابط وأبي أمامة، قال ابن معين: لم يسمع عبد الرحمن بن سابط من أبي أمامة، ومنها عنعنة بن جريج عن ابن سابط، ومنها الشذوذ فإنه جاء عن خمسة من أصحاب أبي أمامة أصل هذا الحديث من رواية أبي أمامة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عن عمرو بن عبسة كلهم على الشق الأول.
وأقول: وحديث عمرو بن عبسة سبق وذكرت بعض طرقه، وأنها كما قال الحافظ، وانظر:"نصب الراية"(2/ 235).
(3)
رواه الترمذي (3603) في (الدعوات): باب في العفو والعافية من طريق يحيى بن يحيى بن اليمان: حدثنا سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس معاوية بن قرة عن أنس بن مالك به. =
وسئل صلى الله عليه وسلم بأيِّ شيء نختم الدعاء؟ فقال: "بآمين"(1)، ذكره أبو داود.
= قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد زاد يحيى بن اليمان في هذا الحديث هذا الحرف: قالوا: فماذا نقول؟ قال: سلوا اللَّه العافية في الدنيا والآخرة.
أقول: أصحاب الثوري كلهم رووا هذا الحديث دون هذه الزيادة التي زادها يحيى بن اليمان، ويحيى هذا قال ابن حجر: صدوق عابد يخطئ كثيرًا وقد تغيّر.
فيحيى هذا لو كان ثقة، ربما لم نقبل زيادته؛ لأنه خالف ثقات أصحاب سفيان، منهم: وكيع وأبو نعيم وأبو أحمد الزبيري، فكيف وهو يخطئ كثيرًا في روايته عن الثوري خاصة وقد تغير؟ ثم في الإسناد زيد العمي وهو ضعيف.
وقد روى الحديث دون آخره، عبد الرزاق (1909)، وأحمد (3/ 119)، وأبو داود (521) في (الصلاة): باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، والترمذي (212) في (الصلاة): باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة، و (3604)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(68 و 69)، والبيهقي (1/ 410) من طريق سفيان به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح! مع أنه فيه زيد العمي وهو ضعيف كما قلت.
قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" -كما في "الفتوحات الربانية"(2/ 135) -: ولم أر ذلك -أي: تصحيح الترمذي للحديث-، في شيء من النسخ التي وقفت عليها، ويبعد أن الترمذي يصححه مع تفرد زيد العمي به.
والحديث دون آخره رواه أحمد (3/ 155 و 225 و 254) والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(67)، وأبو يعلى (3679 و 3685)، وابن خزيمة (425 و 426 و 427)، وابن حبان (1696)، والبغوي (1365) من طريقين عن بريد بن أبي مريم عن أنس مرفوعًا، وإسناده صحيح.
وللحديث شواهد من حديث عبد اللَّه بن عمرو، وسهل بن سعد، فانظر:"الفتوحات الربانية"، و"التلخيص الحبير"(1/ 213).
(1)
رواه أبو داود (938) في (الصلاة): باب التأمين وراء الإمام، والبخاري في "تاريخه الكبير"(9/ 32)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1442)، والدولابي في "الكنى"(1/ 32)، والطبراني في "الكبير" (22/ 756) وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (5/ رقم 6803) من طريق الفريابي: حدثنا صبيح بن محرز: أخبرنا أبو مصبح المقرائي عن أبي زهير النميري أحد الصحابة، وفيه قصة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أوجب إن ختم" فقال رجل: "بأي شيء يختم"؟ قال: بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب".
ورواه ابن منده في "الصحابة" -كما في "الإصابة"(4/ 87) - وقال: هذا حديث غريب تفرد به الفريابي عن صبيح.
وقد ذكروا له حديثًا آخر: "لا تقتلوا الجراد".
لكن جعل ابن عبد البر في "الاستيعاب" راوي حديثنا هذا وراوي حديث الجراد اثنين، وترجم صاحب هذا الحديث فقال: أبو زهير الأنماري، وقيل التميمي، ليس إسناد حديثه بالقائم. =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن تمام النعمة؟ فقال: "الفوز بالجنة والنجاة من النار"(1)، ذكره الترمذي، فنسأل اللَّه تمام نعمته بالفوز بالجنة والنجاة من النار.
وسئل صلى الله عليه وسلم عن الاستعجال المانع من إجابة الدعاء، فقال:"يقول: قد دعوت ودعوت (2) فلم يستجب لي فيستحسر (3) عند ذلك ويدع الدعاء"(4)، ذكره مسلم، وفي لفظ:"يقول: قد سألتُ وسألتُ فلم أعط شيئًا"(5).
وسئل صلى الله عليه وسلم عن الباقيات الصالحات؟ فقال: "التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، ولا حول ولا قوة إِلا باللَّه"(6)، ذكره أحمد.
= أقول: رواة الحديث ثقات غير صبيح بن محرز، فلم يرو عنه إِلا الفريابي فقط، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو في عداد المجاهيل.
(1)
رواه ابن أبي شيبة (10/ 269) وأحمد (5/ 231 و 235)، والترمذي (3536) في (الدعوات): باب (93)، والبخاري في "الأدب المفرد"(746) باب من سأل اللَّه العافية، والطبراني في "الكبير"(20/ 97 - 100)، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 204)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(197)، و"الأسماء والصفات"(1/ 224)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(3/ 126) كلهم من طرق عن سعيد الجُريري عن أبي الورد بن ثمامة عن اللجلاج عن معاذ به، وفيه زيادة وقد اختصره المؤلف.
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وقال أبو نعيم: تفرد به عن اللجلاج أبو الورد وحدث به الأكابر عن الجريري.
أقول: سعيد الجُريري كان اختلط وقد روى عنه هنا يزيد بن زريع، وسفيان الثوري، وإسماعيل ابن علية وكلهم رووا عنه قبل الاختلاط.
وأبو الورد روى عنه سعيد الجريري، وشداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي، وهما ثقتان، وقال ابن سعد: كان معروفًا قليل الحديث، فهو حسن الحديث إن شاء اللَّه تعالى.
واللجلاج هذا صحابي.
(2)
في المطبوع: "قد دعوت، قد دعوت" والمثبت من (ك).
(3)
"يمل"(و)، وفي (ك):" فيتحسر"!!.
(4)
رواه مسلم (2735) بعد (92) في (الذكر والدعاء): باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل، من حديث أبي هريرة، وأوله في "صحيح البخاري"(6340).
(5)
هذا لفظ الترمذي في "جامعه"(3604).
وفي المطبوع: "قد سألت، قد سألت" والمثبت من (ك).
(6)
رواه أحمد (3/ 75)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(رقم 834)، وأبو يعلى (1384)، والطبري (15/ 255)، والحاكم (1/ 512)؛ وابن حبان (840)، والطبراني في "الدعاء"(1696، 1697)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(7/ رقم 12830)، والعلّائي في "تفسير الباقيات الصالحات"(ص 38 - 39) من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري به. =
وسأله صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه أَن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته؟ فقال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا (1) يغفر الذنوب إِلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وأرحمني [إنك] أنت الغفور الرحيم"(2)، متفق عليه.
وسأله صلى الله عليه وسلم الأَعرابي الذي علَّمه أن يقول: "لا إله إِلا اللَّه وحده لا شريك له، اللَّه أكبر كبيرًا والحمد للَّه كثيرًا وسبحان اللَّه رب العالمين، ولا حول ولا قوة إِلا باللَّه العزيز الحكيم" فقال: هذا لربي فما لي؟ فقال: "قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك"، ذكره مسلم (3).
= وزاد نسبته في "الدر المنثور": لسعيد بن منصور وأبي يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه.
قال الهيثمي (10/ 87): وإسناده حسن!
أقول: رواية دراج عن أبي الهيثم قدمنا مرارًا أن فيها ضعفًا، وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة"(848)، والحاكم (1/ 541)، والطبراني في "الصغير"(407)، والعلائي في "جزئه"(35 - 36) وصححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه العلائي بقوله:"قلت: وفيما قاله نظر" لأن مسلمًا لم يخرج لابن عجلان شيئًا في الأصول، إنما أخرج له في الشواهد ثلاثة عشر حديثًا، ثم قرر صحته بشواهده. قال الهيثمي (10/ 89): ورجاله رجال الصحيح، غير داود بن بلال وهو ثقة.
وشاهد من حديث عثمان بن عفان، رواه أحمد (1/ 71)، والبزار (405)، وأبو يعلى -كما في "المجمع" (10/ 89) - والطبراني في "الدعاء" (1700) وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.
وذكره من قبل في (1/ 297) وقال: رجاله رجال الصحيح غير الحارث مولى عثمان بن عفان، وهو ثقة.
ولكن ظاهره أنه موقوف.
وللحديث شواهد انظرها في "الدر المنثور"، و"الدعاء" للطبراني (1695، 1698، 1699).
(1)
في المطبوع: "وأنه لا" والمثبت من (ك).
(2)
رواه البخاري (834) في (الأذان): باب الدعاء قبل السلام، و (3626) في (الدعوات): باب الدعاء في الصلاة، و (7383 و 7388) في (التوحيد): وكان اللَّه سميعًا بصيرًا، ومسلم (2705) في (الذكر): باب استحباب خفض الصوت بالذكر، من حديث أبي بكر، وما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(3)
هما حديثان: الأول إلى قوله: وارحمني واهدني وارزقني، وشك في: وعافني، رواه مسلم من حديث سعد بن أبى وقاص (2696) في (الذكر والدعاء): باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء. =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن رياض الجنة؟ فقال: "المساجد"، فسئل صلى الله عليه وسلم عن الرتع فيها فقال:"سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر"(1)، ذكره الترمذي.
واستفتاه صلى الله عليه وسلم رجل فقال: لا أَستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا فعلمني ما يجزيني، قال:"قل سبحان اللَّه والحمد للَّه، ولا إله إِلا اللَّه واللَّه أكبر، ولا حول ولا قوة إِلا باللَّه" قال: يا رسول اللَّه هذا للَّه، فما لي؟ قال:"قل اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني" فقال هكذا بيده وقبضها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أما هذا، فقد ملأ يده من الخير"(2)، ذكره أبو داود.
ومر صلى الله عليه وسلم بأبي هريرة، وهو يغرس غرسًا فقال:"ألا أدلك على غِرَاس خير لك من هذا؟ سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إِلا اللَّه واللَّه أكبر، يُغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة"(3)، ذكره ابن ماجة.
= والحديث الثاني: فيه بعض الأول، وقوله في آخر الحديث:"فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك" رواه مسلم أيضًا (2697) من حديث طارق بن أَشْيَم.
(1)
رواه الترمذي (3518) في (الدعوات): باب (82) من طريق زيد بن الحباب (في المطبوع: يزيد بن حبان، وهو خطأ كما في "تحفة الإشراف") عن حميد المكي مولى بن علقمة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به.
وقال: هذا حديث حسن غريب.
أقول: بل حميد مجهول كما قال ابن حجر، ومضى تخريجه مطولًا بشواهده وبيان ضعفها، واللَّه الموفق.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه ابن ماجة (3807) في (الأدب): باب فضل التسبيح، وابن أبي شيبة في "مسنده" -كما في "مصباح الزجاجة"(2/ 263) -، والحاكم في "المستدرك"(1/ 512) من طريق حماد بن سلمة عن أبي سنان عن عثمان بن أبي سودة عن أبي هريرة به.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!
قال البوصيري: هذا إسناد حسن وأبو سنان اسمه عيسى بن سنان الحنفي القسملي مختلف فيه.
أقول: عيسى بن سنان هذا ضعفه أئمة الجرح والتعديل: أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وأبو حاتم والساجي والعقيلي.
وقوَّاه العجلي وابن حبان!! وهما معروفان في التساهل.
لذلك قال الذهبي في "الميزان": وقواه بعضهم يسيرًا، ثم قال: وهو ممن يكتب حديثه، فهو على الضعف كما هو ظاهر.
ورواه البزار (3078 - زوائده) من طريق حميد مولى علقمة ثنا عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رفعه بنحوه، وقال: "لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إِلا بهذا الإسناد، وحميد =
وسئل صلى الله عليه وسلم: كيف يكسب أحدُنا كلَّ يوم أَلف حسنة؟ قال: "يسبِّح مئة تسبيحة يكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة"(1)، ذكره مسلم.
وأفتى صلى الله عليه وسلم من قال له: لدغتني عقرب، بأنه:"لو قال حين أمسى: "أعوذ بكلمات اللَّه التامَّات من شر ما خلق" لم تضره (2)، ذكره مسلم.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أن يعلمه تعوذًا يتعوذ به، فقال:"قل: اللهم إني أعوذ بك من شرِّ سمعي وشر بصري وشر لساني وشر قلبي وشر منِيي (3)، يعني الفرج"(4)، ذكره النسائي.
= لا نعلم روى عنه إِلا زيد بن الحباب"! ولذلك قال ابن حجر في "التقريب": "مجهول".
وله شاهد من حديث ابن مسعود، رواه الترمذي (3471) وابن مردويه -كما في "الدر المنثور"(5/ 218) - والطبراني في "الصغير"(111) و"الأوسط"(4170) و"الكبير"(10/ 214 رقم 10363)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 292)، وابن حجر في "نتائج الأفكار"(1/ 98 - 99) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عنه مرفوعًا نحوه.
وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، من حديث ابن مسعود.
أقول: فيه علتان:
الأولى: عبد الرحمن بن إسحاق وهو أبو شيبة الكوفي ضعيف.
الثانية: عبد الرحمن هو ابن عبد اللَّه بن مسعود لم يسمع من أبيه.
ثم رأيتُ أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين نبها على علة ثالثة، انظر:"العلل"(رقم 2005) لابن أبي حاتم.
وله شاهد آخر من حديث سلمان الفارسي رواه الطبراني في "الكبير"(6105) من طريق حسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عنه.
قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 90): فيه الحسين بن علوان وهو ضعيف.
أقول: رحم اللَّه الهيثمي، الحسين هذا كذَّبه ابن معين، وقال ابن المديني: ضعيف جدًا، وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني، متروك، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعًا، لا يحل كتب حديثه إِلا على جهة التعجب.
ومثله كذلك عمرو بن خالد!! فهو شاهد لا يفرح به.
وللحديث شواهد عديدة عن ابن عباس وجابر وابن عمر وأبي أيوب، انظر:"السلسلة الصحيحة"(64، 105، 2880).
(1)
رواه مسلم (2698) في (الذكر والدعاء): باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، من حديث سعد بن أبي وقاص.
(2)
رواه مسلم (2709) معلقًا ووصله بعده في (الذكر والدعاء): باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره من حديث أبي هريرة.
(3)
في المطبوع: "هني" والمثبت من (ك) ومصادر التخريج.
(4)
رواه أحمد (3/ 429)، وأبو داود (1551) في (الصلاة): باب في الاستعاذة، والترمذي =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه؟ فقال: "قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم (1) إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم (1) إنك حميد مجيد"(2) متفق عليه.
وقال له صلى الله عليه وسلم معاذ: يا رسول اللَّه أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال: "لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسَّره اللَّه عليه، تعبد اللَّه، ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت"، ثم قال:"ألا أدلك على أبواب الخير؟ " قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال: "الصوم جُنَّة والصدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف
= (3501) في (الدعوات): باب (74)، والنسائي (8/ 255 - 256) في (الاستعاذة): باب الاستعاذة من شر السمع والبصر، و (8/ 259) في الاستعاذة من شر السمع والبصر، و (8/ 260) في (الاستعاذة): من شر البصر، وابن أبي شيبة (7/ 20)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1272)، وابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 203)، والطبراني في "الكبير"(7225) وعنه أبو نعيم (3/ رقم 3786) - وابن قانع (7/ رقم 759)، والبغوي (ق 154/ أ) جميعهم في "معجم الصحابة"، والبخاري في "تاريخه الكبير"(4/ 264) و"الأدب المفرد"(663)، وأبو يعلى (1479)، وأبو حاتم (2/ 203)، والحاكم (1/ 532 - 533)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(2/ 528)، والمزي في "تهذيب الكمال" (10/ 257) من طرق عن سعد بن أوس عن بلال بن يحيى العبسي: حدثني شتير بن شكل عن أبيه شكل بن حميد فذكره.
وقد فُسِّرت "ومنيّي"، بالفرج والماء والذكر.
قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه من حديث سعد بن أوس عن بلال بن يحيى.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وذكره الحافظ في "الإصابة" ساكتًا عليه، وهو في "صحيح الترمذي"(2775).
وقد خالف بعضهم في إسناده فقال: عن بلال عن ابن شتير بن شكل عن أبيه فزاد ابن شتير قال أبو حاتم -كما في "علل ابنه"(2/ 203) -: هذا خطأ وليس لابنه معنى.
(1)
في المطبوع: "على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" والمثبت من (ك).
(2)
رواه البخاري (3370) في (الأنبياء): باب (10) و (4797) في (التفسير): باب {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} ، و (6357) في (الدعوات)، ومسلم (406) في (الصلاة): باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، من حديث كعب بن عجرة، وقد خرجته بتفصيل في "جلاء الأفهام"(رقم 356) للمصنف.
الليل"، ثم قال: ألا أخبركم (1) برأس الأمر وعموده، وذروة سنامه؟ رأسُ الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد [في سبيل اللَّه] "(2)، ثم قال:"ألا أخبرك بملاك ذلك كله"؟ قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال:"كُفَّ عليك هذا" وأشار إلى لسانه، قلت: يا رسول اللَّه، وإنَّا لمؤأخذون بما نتكلم به؟ فقال:"ثكلتك أمّك يا معاذ وهل يكبُّ الناسَ في النار على وجوههم إِلا حصائد ألسنتهم"(3)، حديث صحيح.
وسأله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: دلَّني على عمل إذا عملته دخلت الجنة؟ قال: "تعبد اللَّه ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان" فقال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فلما ولَّى قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من سَرَّه أَن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا"(4)، متفق عليه.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل آخر فقال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني (5) من
(1) في المطبوع: "أخبرك" والمثبت من (ك).
(2)
ما بين المعقوفتين من المطبوع.
(3)
الحديث رواه بطوله الترمذي (2621) في (الإيمان): باب ما جاء في حرمة الصلاة، والنسائي في "السنن الكبرى" كتاب التفسير:(6/ 428 رقم 11394)، وابن ماجة (3973) في (الفتن): باب كف اللسان في الفتنة، وعبد الرزاق (20303)، ومن طريقه عبد بن حميد (112) وأحمد (5/ 231)، والطبراني في "الكبير"(20/ 266) من طريق معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جيل به، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
والحديث له عن معاذ طرق قد بينها وفصلها الدارقطني في "علله"(6/ 73 - 79)، ثم قال رحمه الله وخالفه حماد بن سلمة (أي خالف معمرًا) فرواه عن شهر عن معاذ، وقول حماد بن سلمة أشبه بالصواب لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عنه فيه، وأحسنها إسنادًا حديث عبد الحميد بن بهرام، ومن تابعه عن شهر عن ابن غنم عن معاذ.
أقول: فرجع الحديث إلى شهر بن حوشب، وشهر ضعيف، وقد تكلم الشيخ الألباني في "الإرواء" (2/ 138 - 141) على الحديث بإسهاب وبين أنه لا يصح منه إِلا قوله:"وذروة سنامه الجهاد" لأن له شواهد فلينظر. وانظر: "السلسلة الصحيحة"(رقم 1122) و"زهد هناد"(رقم 1090، 1091، 1092)، و"زهد ابن أبي عاصم"(رقم 7) والتعليق عليها.
(4)
رواه البخاري (1397) في (الزكاة): باب وجوب الزكاة، ومسلم (14) في (الإيمان): باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة، من حديث أبي هريرة.
(5)
في المطبوع: "ويبعدني".
النار؟ فقال: "تعبد اللَّه، ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة وتصلُ الرحم"(1)، متفق عليه.
وسأله أعرابي فقال: علِّمني عملًا يدخلني الجنة؟ فقال: "لئن كنت أقصرتَ الخطبة لقد أعرضت المسألة أعتق النسمة، وفُكَّ الرقبة" قال: أو ليسا واحدًا؟ قال: "لا عتق النسمة أن تنفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في عتقها، والمنحة الوكوف (2)، والفيء على ذي الرحم الظالم، فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسق الظمآن، وأمر بالمعروف، وأنْهَ عن المنكر، فإن لم تطق ذلك فكفَّ لسانك إِلا من خير"(3)، ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: ما الإسلام؟ فقال: "أن يَسْلم قلبك للَّه، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك"، قال:"فأي الإسلام أفضل؟ قال: "الإيمان" قال: وما الإيمان؟ قال: "تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت" قال: فأي الإيمان أفضل؟ قال: "الهجرة" قال: وما الهجرة؟ قال: "أن تهجر السوء" قال: فأي الهجرة أفضل؛ قال: "الجهاد" قال: وما الجهاد؟ قال: "أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم" قال: فأي الجهاد أفضل؟ قال: "من عُقر جواده وأهريق دمه، ثم عَمَلان هما أفضل الأعمال إِلا من عمل بمثلهما: حجة مبرورة أو عمرة" (4)، ذكره أحمد.
وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال: "الإيمان باللَّه وحده، ثم الجهاد، ثم
(1) رواه البخاري (1396) في (الزكاة)، و (5982 و 5983) في (الأدب): باب فضل صلة الرحم، ومسلم (13) في (الإيمان): من حديث أبي أيوب الأنصاري.
(2)
"المنحة: أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويعيدها، والوكوف: الغزيرة اللبن، وقيل: التي لا ينقطع لبنها".
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
رواه عبد الرزاق (20107)، ومن طريقه أحمد (4/ 114) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن عمرو بن عبسة به. قال الهيثمي (1/ 59): رواه أحمد والطبراني في "الكبير" بنحوه ورجاله ثقات.
أقول: أبو قلابة عبد اللَّه بن زيد الجرمي توفي بعد المائة، وعمرو بن عبسة قال ابن حجر: وأظنه مات في أواخر خلافة عثمان فإنني لم أر له ذكرًا في الفتنة، ولا في خلافة معاوية، وذكر في "جامع التحصيل" أنه لم يسمع من طائفة من الصحابة وفاتهم بعد عمرو، فأخشى أن يكون الإسناد هنا منقطعًا، واللَّه أعلم.
والحديث لبعض فقراته شواهد، وتقدم بعضها، وتمام التخريج هناك.
حجة مبرورة تفضل سائر العمل، كما بين مطلع الشمس ومغربها" (1)، ذكره الإمام أحمد.
وسئل صلى الله عليه وسلم أيضًا: أي الأعمال أفضل؟ قال (2): "أن تحب للَّه وتبغض للَّه وتعمل لسانك في ذكر اللَّه" قال السائل: وماذا يا رسول اللَّه؟ قال: "أن (3) تحبَّ للناس ما تحب لنفسك، وأن تقول خيرًا أو تصمت"(4).
واختلف نفر من الصحابة في أفضل الأعمال؛ فقال بعضهم: سقاية الحاج،
(1) رواه أحمد في "مسنده"(4/ 342)، والبخاري في "تاريخه الكبير"(8/ 37)، والطبراني في "الكبير"(20/ 811)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2636)، وفي (الجهاد):(24)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (5/ رقم 6199) من طرق عن هدبة بن خالد: حدثنا وهيب عن الجريري عن حبان بن عمير: حدثنا ماعز به.
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات، والجريري هو سعيد بن إياس اختلط، لكن وهيب وهو ابن خالد سمع منه قبل الاختلاط، ورواه أيضًا ابن أبي عاصم في (الجهاد):(24) من طريق خالد بن عبد اللَّه الطحان، عن الجريري به.
وخالد أخرج له الشيخان من روايته عن الجريري.
ورواه أحمد في "مسنده"(4/ 342)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(20/ 809) من طريق شعبة، ورواه البخاري في "التاريخ"(8/ 37) من طريق عباد بن العوام كلاهما عن الجريري عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير عن ماعز به.
وشعبة سمع من الجريري قبل الاختلاط أيضًا.
قال الحافظ في "الإصابة": فكأن للجريري فيه شيخان، والحديث ذكره الهيثمي في "المجمع"(3/ 207)، وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح.
تنبيه: ماعز المذكور في هذا الحديث هو غير ماعز المشهور الذي رُجم، ولا يعرف نسبه، ذكره الحافظ في "الإصابة" هكذا ماعز غير منسوب.
(2)
في المطبوع: "فقال".
(3)
في المطبوع: "وأن".
(4)
رواه أحمد (5/ 247) حدثنا حسن عن ابن لهيعة: حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن معاذ (في المطبوع: سهيل وهو خطأ) عن أبيه عن معاذ بن جبل به.
لكن رواه الطبراني في "الكبير"(20/ 425) من طريق أسد بن موسى عن ابن لهيعة عن زبان عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه به، من مسند معاذ بن أنس.
ورواه أيضًا (20/ 426) من طريق رشدين عن زبان به من مسند معاذ بن أنس أيضًا.
والعجب أن الهيثمي في "المجمع" ذكره في (1/ 61)، وعزاه للطبراني في "الكبير"، وقال: وفي إسناده ابن لهيعة، وفي (1/ 89)، وعزاه للطبراني أيضًا، وقال: في الأولى رشدين بن سعد وفي الثانية ابن لهيعة، وكلاهما ضعيف، ولم يذكر رواية أحمد مطلقًا.
أقول: وفي الإسناد أيضًا زبان بن فائد وهو ضعيف أيضًا.
وقال ابن حجر في ترجمة سهل بن معاذ: لا بأس به إِلا في رواية زبان عنه.
وقال بعضهم: عمارة المسجد الحرام، [وقال بعضهم: الحج] (1)، وقال بعضهم: الجهاد في سبيل اللَّه، فاستفتى عمر في ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللَّه عز وجل:{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} إلى قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (2)[التوبة: 19 - 20].
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول اللَّه شهدت أن لا إله إِلا اللَّه، وأَنك رسول اللَّه وصلّيت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت شهر رمضان؟ فقال:"من مات على هذا كان مع النَّبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا" ونصب أصابعه "ما لم يعق والديه"(3)، ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فقال: أرأيت إذا صليت المكتوبة وصمت رمضان وأحللت
(1) ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط.
(2)
رواه مسلم في "صحيحه"(1879) في (الإمارة): باب فضل الشهادة في سبيل اللَّه، من حديث النعمان بن بشير.
(3)
رواه البخاري في "تاريخه الكبير"(6/ 308)، والبزار (25 - زوائده)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2558)، والفسوي في "تاريخه"(1/ 333)، وابن خزيمة (2212)، وابن حبان (3438)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(46/ 337 - 338، 338)، من طريق أبي اليمان: حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن عبد اللَّه بن أبي حسين: حدثنا عيسى بن طلحة عن عمرو بن مُرة الجهني به.
ذكره الهيثمي في "المجمع"(1/ 46)، وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا شيخي البزار، وأرجو إسناده أنه إسناد حسن أو صحيح.
ثم ذكره في (8/ 147)، وعزاه لأحمد والطبراني وقال: ورجال أحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح. أقول: هو غير موجود في "مسند الإمام أحمد" المطبوع، نعم فيه مسند عمرو بن مرة، لكن ذكر له حديثًا واحدًا فقط غير هذا، ثم وجدته في طبعة مؤسسة الرسالة (39/ 522 - 523).
وقد رجعت إلى ترتيب أسماء الصحابة في "مسند أحمد" للإمام ابن عساكر فلم أجده ذكر مسندًا لعمرو بن مرة هذا، ثم وجدتُه معزوًا له في "أطراف المسند"(5/ 154 رقم 6843) و"إتحاف المهرة"(12/ 526 رقم 16033) و"تفسير ابن كثير"(1/ 523) من طريق يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة عن عيسى به.
وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(10/ رقم 1208) من طريق محمد بن أبي الخصيب نا ابن لهيعة عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر عن عيسى به.
والحديث في المصادر المذكورة ليس فيه آخره: "ما لم يعق والديه" إذ هو عند أحمد والطبراني وابن قانع.
الحلال وحرمت الحلال ولم أزد على ذلك شيئًا، أدخل الجنة؟ قال: نعم". قال: واللَّه لا أزيدنَّ على ذلك شيئًا (1)، ذكره مسلم.
وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال خير؟ قال: أن تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" (2)، متفق عليه.
وسأله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة فقال: [إني](3) إذا رأيتك طابت نفسي وقرَّت عيني، فانبئني عن كل شيء؟ فقال:"كلُّ شيء خُلق من ماء"، قال: أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة؟ قال: "أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام، وقم بالليل والناس نيام، ثم أدخل الجنة بسلام"(4)، ذكره أحمد.
(1) رواه مسلم (15) بعد (18) في (الإيمان): باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، من حديث جابر.
(2)
رواه البخاري (12) في (الإيمان): باب إطعام الطعام من الإسلام، و (28) باب إفشاء السلام من الإسلام، و (2636) في (الاستئذان): باب السلام للمعرفة وغير المعرفة، ومسلم (39) في (الإيمان): باب بيان تفاضل الإسلام، من حديث عبد اللَّه بن عمرو.
وفي المطبوع: "وعلى من لم تعرف" والمثبت من (ك).
(3)
ما بين المعقوفتين من المطبوع وسقط من (ك).
(4)
رواه أحمد (2/ 295 و 323 و 493)، وابن حبان (508، و (2559)، والحاكم (4/ 129 و 160)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(808)، وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 59) من طرق عن همام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة به.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي (5/ 16): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا أبا ميمونة وهو ثقة.
وذكره الحافظ ابن كثير في (تفسير سورة الأنبياء): عند قوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} من رواية أحمد في "المسند" وقال: "وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، إِلا أن أبا ميمونة من رجال "السنن"، واسمه سليم، والترمذي يصحح له، وقد رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة مرسلًا"، وصححه شيخنا الألباني أيضًا في "إرواء الغليل"(3/ 238).
أقول: لكن محقق "الأسماء والصفات" للبيهقي حكم على ضعف الحديث بناءً على أن أبا ميمونة هذا هو الأبار، وليس الفارسي، قال ابن معين: صالح، وقال الدارقطني: أبو ميمونة عن أبي هريرة وعنه قتادة مجهول يُترك.
هذا ما قاله، وفي "تهذيب التهذيب" قال ابن حجر: فرَّق البخاري ومسلم وأبو حاتم والحاكم بين أبي ميمونة الأبار، الذي روى عن أبي هريرة، وعنه قتادة وبين أبي ميمونة الفارسي اسمه سُليم، روى عنه أبو النضر وغيره، ولم يجزم الحافظ بشيء في هذا.
وأنا أظن أنهما واحد، والأمر يحتاج إلى مزيد بحث.
وللحديث شواهد عن جمع من الصحابة دون أوله، انظر:"إرواء الغليل"(3/ 237 - 242). =
وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فشكا إليه قسوة قلبه، فقال:"إذا أردت أن يَلينَ قلبُك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم"(1).
= وقوله: "أفشوا السلام" متواتر، فقد ورد عن الزبير وابنه عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن سلام، وعبد اللَّه بن عمرو، والبراء بن عازب، وعبد اللَّه بن عمر، وجابر بن عبد اللَّه، وأبي الدرداء، وعبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن مسعود.
وهذه اللفظة -ضمن حديث آخر- في "صحيح مسلم"(54) عن أبي هريرة، وخرجته في تعليقي على "المجالسة"(3485).
وانظر تخريج حديث عبد اللَّه بن سلام في "الغيلانيات"(رقم 1142 - بمراجعتي).
وانظر تخريجها جميعًا في "إرواء الغليل"(3/ 237 - 242 رقم 777).
(1)
رواه أحمد في "مسنده"(2/ 263)، والبيهقي (4/ 60) من طريق حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن رجل عن أبي هريرة به.
وهذا إسناد فيه ضعف للجهل بحال الرجل.
ورواه أحمد (2/ 387): حدثنا بهز عن حماد بن سلمة عن أبي عمران، عن أبي هريرة، فذكره دون قوله:"إن أردت تليين قلبك" بإسقاط الرجل في الإسناد الأول، وقد ذكره الهيثمي (8/ 160)، وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.
ففاته رحمه الله الإسناد الأول الذي فيه الرجل المبهم، وهو يعل الإسناد الثاني لأنه يبين أنه هناك رجل بين أبي عمران الجوني وأبي هريرة، وأبو عمران هذا يبعد أن يكون أدرك أبا هريرة، فإنه مات بعد سنة (128 هـ).
والحديث له شاهد من حديث أبي الدرداء رواه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 214) من طريق معمر عن صاحب له عنه.
وفيه إبهام، ولعل هذا الصاحب لم يدرك أبا الدرداء كذلك، كما قال شيخنا الألباني في "الصحيحة"(2/ 534)، وله طريق آخر عن أبي الدرداء، رواه الطبراني في "الكبير" -كما في "المجمع"(8/ 160) -، وقال الهيثمي: وفي إسناده من لم يُسمَّ وبقية مدلس.
وله طريق آخر رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(رقم 504)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(4/ 60 - 61) من طريقين عن محمد بن واسع عن أبي الدرداء، وقد فات شيخنا الألباني رحمه الله هذا طريق.
لكن محمد بن واسع هذا قال ابن المديني: ما أعلمه سمع من أحد من الصحابة.
فهو شاهد معلول كما ترى.
ثم ذكر شيخنا الألباني شاهدًا مرسلًا رواه الخرائطي في "المكارم"(رقم 500) من طريق سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني.
وقال: وإسناده مرسل حسن، رجاله ثقات رجال مسلم غير سيار بن حاتم، قال الحافظ: صدوق له أوهام. =
وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: "طول القيام"، قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: "جهد المقل"، قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: "من هجر ما حرَّم اللَّه عليه"، قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: "من جاهد المشركين بماله ونفسه". قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: "من أهريق دمه وعقر جواده"(1)، ذكره أبو داود.
وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحج مبرور" (2).
= أقول: هو في الحقيقة راجع إلى إسناد حديث أبي هريرة الأول إذ اختلف الرواة عنه، فمنهم من وصله ومنهم من أرسله.
وقد عرفت حال هذا المرسل، وحال الشاهد من حديث أبي الدرداء، ورغم هذا ذكر شيخنا رحمه الله الحديث في "السلسلة الصحيحة"(854)، واللَّه أعلم.
(1)
رواه أبو داود (1325) في (الصلاة) باب افتتاح الليل بركعتين مختصرًا و (1449) في الصلاة: "باب" مطولًا والنسائي في "سننه"(5/ 58) في (الزكاة) باب جهد المقل و (8/ 94) في (الإيمان) باب ذكر أفضل الأعمال، وأحمد في "مسنده"(3/ 411 - 412)، والبخاري في "تاريخه الكبير"(5/ 25)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2520) وفي "الجهاد"(40) و (234)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 476)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 3 و 4/ 108 و 9/ 164) من طرق عن حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عثمان بن أبي سُليمان عن علي الأزدي، حدثني عبيد بن عمير عن عبد اللَّه بن حُبْشي الخثعمي به مطولًا ومختصرًا.
قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(2/ 285): إسناده قوي.
ثم بيّن الحافظ ذِكْر البخاري للاختلاف في إسناده حيث رواه من طريقين عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده، واسم جده: قتادة، قال الحافظ: وفي كل منهما مقال.
وعلي الأزدي هو ابن عبد اللَّه روى له مسلم حديثًا واحدًا، وليس هو بكثير الحديث وثقه العجلي وقال ابن عدي: هو عندي لا بأس به، فحديثه أولى وأصح.
ثم رواه البخاري من طريق صالح عن ابن شهاب عن عبد اللَّه بن عبيد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، قال ابن حجر: وبهذا أقوى (أي المرسل).
أقول: إن أراد ابن حجر أنه أقوى ممن رواه عن عبد اللَّه بن عمير عن أبيه عن جده موصولًا فهذا صحيح؛ لأن تلك الطريقين فيهما مقال، وإن أراد الحديث المرسل أقوى من المتصل حتى من حديث علي الأزدي ففيه نظر؛ لأن الحديث يحتمل أن يكون مرويًا على الوجهين، ثم رأيت الزهري رحمه الله يرسل أحيانًا بعض الوصولات، فكأنه كان يتهيب أحيانًا واللَّه أعلم.
(2)
هو جزء من حديث عبد اللَّه بن حبشي الماضي، ويزاد: رواه ابن أبي عاصم في "الجهاد"(رقم 26) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ رقم 4085).
وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر فقال: من أين أتصدَّق وليس لي مال؟ قال: "إن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إِلا اللَّه، وأستغفر اللَّه، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتُسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له، قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أَبواب الصدقة منك على نفسك، ولك من جِمَاعك لزوجتك أجر" فقال أبو ذر: فكيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو كان لك ولد ورجوت أجره فمات أكنت تحتسب به؟ " قلت: نعم. قال: "أنت خلقته؟ " قلت: بل اللَّه خلقه، قال:"فأنت هديته" قلت: بل اللَّه هداه، قال:"فأنت كنت ترزقه (1)؟ " قلت: بل اللَّه كان يرزقه، قال:"فكذلك فضعه (2) في حلاله وجنِّبه حرامه، فإن شاء اللَّه أحياه، وإن شاء اللَّه أَماته ولك أجر"(3)، ذكره أحمد.
وسأل صلى الله عليه وسلم أصحابه يومًا: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: "من اتبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر: أَنا، قال:"من أطعم منكم [اليوم] مسكينًا؟ " قال [أبو بكر: أنا، قال:]"فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في رجل إِلا دخل الجنة"(4)، ذكره مسلم.
(1) في المطبوع: "رزقته" والمثبت من (ك).
(2)
في (ك): "يضعه" والمثبت من المطبوع.
(3)
رواه أحمد في "مسنده"(5/ 168 - 169)، والنسائي في "عشرة النساء" (141) من طريق أبي عامر العقدي: حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي ذر فذكره.
قال شيخنا الألباني في "السلسلة الصحيحة"(575): هذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
أقول: وقد سبق أن تكلمت على رواية علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير، وأبو سلام هو ممطور الحبشي، أرسل عن أبي ذر وغيره، انظر:"تهذيب الكمال"(28/ 484).
وفي المطبوع: "وإن شاء أماته فلك أجر" والمثبت من (ك).
(4)
رواه مسلم (1028) في (الزكاة): باب من جمع من الصحابة الصدقة وأعمال البر، و (4/ 1857) في (فضائل الصحابة): باب فضائل أبي بكر، من حديث أبي هريرة.
وما بين المعقوفات من المطبوع وسقط من (ك).
وسئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه الرجل يعمل العمل فيُسِرَّه فإذا اطُّلع عليه أعجبه؟ فقال: "له أجران أجر السر وأجر العلانية"(1)، ذكره الترمذي.
وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر: يا رسول اللَّه أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه؟ قال: "تلك عاجل بُشرى المؤمن"(2)، ذكره مسلم.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: "أي العمل أفضل"؟ فقال: "الإيمان باللَّه وتصديقٌ به،
(1) رواه أبو داود الطيالسي (2430)، -ومن طريقه الترمذي (2389) في (الزهد): باب عمل السر، والبيهقي في "الشعب" (5/ رقم 7003) - وابن ماجة (4226) في (الزهد): باب الثناء الحسن، والبخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 228)، وابن حبان (375) كلهم من طريق سعيد بن سنان أبي سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقد روى الأعمش وغيره عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وأصحاب الأعمش لم يذكروا فيه: عن أبي هريرة.
أقول: وممن رواه عن الأعمش موصولًا سعيد بن بشير.
أخرجه الطبراني في "الأوسط"(5/ رقم 4702) والبغوي (4141)، والذهبي في "تذكرة الحفاظ"(2/ 756 - 757) وسعيد هذا ضعيف.
ووصله كذلك الجرَّاح بن مليح؛ أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 227).
وإسناده حسن رجاله كلهم ثقات، وفي الجراح بعض كلام، وقد أخرج له مسلم.
ووصله كذلك أبو إسحاق الفزاري.
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(8/ 257) وقال: غريب من حديث الفزاري تفرد به عنه بقية.
أقول: بقية صرّح فيه بالتحديث وباقي إسناده ثقات، لكن هؤلاء الثلاثة:"سعيد والجراح وأبو إسحاق" أسقطوا حبيب بن أبي ثابت من السند، ويظهر أن الأعمش كان يرويه على الوجهين، وهو يروي عن أبي صالح مباشرة. وممن أرسله عن الأعمش، حفص بن غياث كما رواه البخاري في "التاريخ"(2/ 227).
وأرسله أيضًا أبو معاوية الضرير، وعنه هناد في "الزهد"(880)، وأبو حفص الأبار وأبو نعيم كما قال الدارقطني في "علله"(8/ 184).
والحديث رواه سفيان الثوري عن الأعمش، وقد اختلف عليه، كما بينه أبو نعيم في "الحلية"(8/ 250) والدارقطني (8/ 183)، وهو عند وكيع في "الزهد"(245) مرسلًا.
وقد رجح أبو نعيم والدارقطني كذلك أن الصحيح عن الثوري عن حبيب عن أبي صالح مرسلًا. وكذا رجح الدارقطني أن الصحيح في حديث الباب عن الأعمش عن حبيب عن أبي صالح مرسلًا، واللَّه أعلم.
(2)
رواه مسلم (2642) في (البر والصلة): باب إذا أُثني على الصالح فهي بشرى ولا تضره، من حديث أبي ذر.
وجهادٌ في سبيله" قال: أريد أهون من ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: "السماحة والصبر"، قال: أريد أهون من ذلك، قال: "لا تتهم اللَّه تعالى في شيء قضى لك" (1)، ذكره أحمد.
وسأله صلى الله عليه وسلم عقبة عن فواضل الأعمال فقال: "يا عقبة صِلْ مَنْ قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمَّن ظلمك"(2)، ذكره أحمد.
(1) رواه أحمد في "مسنده"(5/ 318 - 319): حدثنا الحسن عن ابن لهيعة: حدثنا الحارث بن يزيد عن عُليّ بن رباح عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت به.
قال الهيثمي في "المجمع"(1/ 59) رواه أحمد وفيه ابن لهيعة.
أقول: وروى أوله البخاري في "خلق أفعال العباد"(163)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (25) من طريق سويد أبي حاتم: حدثنا عياش بن عباس عن الحارث بن يزيد به، ولفظه:"إيمان باللَّه وتصديق بكتابه وجهاد في سبيله"، وآخره:"أي جهاد" ليست عند البخاري.
وهذا إسناد ضعيف؛ سويد هذا قال فيه الحافظ ابن حجر: "صدوق سيء الحفظ له أغلاط".
وروى أوله أيضًا البخاري في "خلق أفعال العباد"(161) بإسناد فيه راويان متكلم فيهما.
(2)
رواه أحمد (4/ 148) من طريق أبي المغيرة: حدثنا معان بن رفاعة وابن أبي الدنيا في "المكارم"(رقم 19) من طريق عبيد اللَّه بن زحر كلاهما عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي عن عقبة بن عامر به، وفيه زيادة.
وعلي بن يزيد هذا هو الألهاني ضعيف.
لكن روى الطبراني في "الكبير"(17/ 739) نحوًا منه بنفس الإسناد بإسقاط علي بن يزيد منه!
وقد رواه أحمد بإسناد أفضل، فقال (4/ 158): حدثنا حسين بن محمد: وابن أبي الدينا في "مكارم الأخلاق"(رقم 20) حدثنا داود بن عمرو الضبي كلاهما قال: حدثنا ابن عياش، عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، عن فروة بن مجاهد اللخمي، عن عقبة فذكر نحوه.
وهذا إسناد جيّد رجاله ثقات، وإسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين، وهذه منها، وفروة هذا روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري: كانوا لا يشكون أنه من الأبدال، وقد عده بعضهم في الصحابة.
لذلك قال الهيئمي في "المجمع"(8/ 188): وأحد إسنادي أحمد رجاله ثقات، وللحديث أسانيد أخرى ضربت عنها صفحًا فانظر:"إتحاف المهرة"(11/ 230، 235، 239) و"السلسلة الصحيحة"(رقم 891)، و"العزلة" لابن أبي الدنيا (رقم 1) وتعليقي عليه.