الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الشرك وما يلحق به]
وقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل"، فقيل له: كيف نتقيه، وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول اللَّه؟ فقال:"قولوا اللهم إنا نعوذ بكأن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم"(1)، ذكره أحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر"، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول اللَّه؟ قال: الرياء، يقول اللَّه تعالى يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تُراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً" (2). ذكره أحمد.
(1) رواه أحمد (4/ 403)، والطبراني في "الأوسط" (4/ رقم 3503 - ط. الطحان) عن عبد اللَّه بن نمير: حدثنا عبد الملك ابن أبي سليمان العرزمي، عن أبي علي رجل من بني كاهل عن أبي موسى الأشعري به، وعزاه المنذري في "الترغيب والترهيب" للطبراني أيضًا وقال: ورواته إلى أبي علي محتج بهم في "الصحيح"، وأبو علي وثقه ابن حبان ولم أر أحدًا جرحه، ونحوه قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 223 - 224).
وذكره شيخنا الألباني في "صحيح الترغيب" محسنًا له.
أقول: أبو علي هذا لم يرو عنه إلا عبد الملك فقط، فهو في عداد المجاهيل.
وله شاهد من لفظه، رواه أبو يعلى (58 و 59 و 60 و 61) من طرق عن ليث بن أبي سليم، عن أبي محمد ثم اختلف: ففي (58) قال: عن حذيفة عن أبي بكر -إما حضر ذلك حذيفة من النبي صلى الله عليه وسلم وإما أخبره أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي (59) قال: عن معقل بن يسار عن أبي بكر، وفي (60 و 61) قال: عن معقل بن يسار قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر أو قال: حدثني أبو بكر.
قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 244): رواه أبو يعلى من رواية ليث بن أبي سليم عن أبي محمد. . . وليث مدلس، وأبو محمد إن كان هو الذي روى عن ابن مسعود أو الذي روى عن عثمان بن عفان، فقد وثقه ابن حبان وإن كان غيرهما فلم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
أقول: ليث مدلس، وضعيف كذلك، وأصح الطرق عن ليث رفعه دون واسطة، كما عند أبي محمد الضراب في "ذم الرياء"(رقم 18)، وله شواهد عديدة، انظرها في التعليق على "زهد وكيع"(2/ 577 - 579).
(2)
رواه أحمد في "مسنده"(5/ 428) من طريق يونس، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن محمود بن لبيد، فذكره.
وهذا إسناد رواته ثقات، لكن محمود بن لبيد منهم من أثبت له الصحبة، ومنهم من نفى ذلك، وقد ذكره الحافظ في "الإصابة" في القسم الأول، وذكر قول البخاري فيه: له صحبة، وساق البخاري حديثًا، فرد الحافظ بأن الأمر يحتمل. . . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ونقل عن ابن حبان أنه قال: يروي المراسيل، وذكره في التابعين، ثم ذكره في الصحابة وقال: أكثر روايته عن الصحابة.
وذكره الحافظ في "التقريب" وقال: صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة، وعمرو بن أبي عمرو، لا أدري هل له رواية عن محمود بن لبيد، ففي ترجمته أنه روى عن أنس بن مالك من الصحابة، وأنس مات قبل محمود، فيكون عمرو قد أدرك محمودًا، لكن هل له سماع؟ أقول هذا لأن أحمد روى الحديث (5/ 428) من طريق إبراهيم بن أبي العباس، و (5/ 429) من طريق إسحاق بن عيسى، والبيهقي في "الشعب"(5/ رقم 6831) من طريق ابن أبي مريم ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد به، فزاد ابنُ أبي الزناد عاصم بن عمر، بين عمرو ومحمود، وعاصم هذا معروف بالرواية عن محمود بن لبيد، وابن أبي الزناد قد قدمت لك مرارًا أن رواية أهل المدينة عنه جيدة، ورواية غيرهم عنه فيها تخليط.
والرواة عنه هنا ليسوا من أهل المدينة! فحديثه فيه نظر؛ إلا أنه قد توبع فقد أخرجه أبو محمد الضراب في "ذم الرياء"(رقم 31) من طريق يعقوب -وهو ابن عبد الرحمن القارئ- و (رقم 12) من طريق إسماعيل بن جعفر كلاهما عن عمرو عن عاصم به.
والعجيب أن شيخنا الألباني رحمه الله ذكر الحديث في "السلسلة الصحيحة"(رقم 951)، وذكر إسناده هكذا: عن عمرو بن أبي عمرو، وعن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد!
فجعل الشيخ عمرًا وعاصمًا كلاهما متابعًا للآخر، وليس الأمر كذلك، والذي أوقعه في ذلك أن ظاهر كتابتها في "المسند" كذلك، لكن بالرجوع إلى تراجم الرواة يتبين لك صحة ما قلت، وانظر لزامًا:"إتحاف المهرة"(13/ 152) و"أطراف المسند"(5/ 266).
والحديث رواه عبد اللَّه بن شبيب عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج.
أخرجه الطبراني (4301) فجعله من مسند رافع.
قال المنذري في "الترغيب والترهيب": إسناده جيّد.
وقال الهيثمي في "المجمع"(10/ 222): رجاله رجال الصحيح غير عبد اللَّه بن شبيب بن خالد وهو ثقة.
أما شيخنا الألباني فقال في "السلسلة الصحيحة"(2/ 672): وعبد اللَّه بن شبيب واهٍ.
أقول: والحق ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله فإن عبد اللَّه بن شبيب بن خالد الذي ذكر الهيثمي ليس هو الذي في هذا السند، فإن ابن خالد ذاك ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" وقال: رفيق أبي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. =
وسئل صلى الله عليه وسلم عن الأخسرين أعمالًا يوم القيامة، فقال:"هم الأكثرون أموالًا إلا من قال: هكذا وهكذا [إلى] من بين يديه، ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليلٌ ما هم"(1).
ولما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شقَّ ذلك عليهم، وقالوا: يا رسول اللَّه وأيُّنا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه:{يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13](2)، متفق عليه.
وخرج عليهم [رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم](3) وهم يتذاكرون المسيح الدجال فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم [عندي] من المسيح الدجال؟ " قالوا: بلى، قال:"الشرك الخفي"[قالوا: وما الشرك؟ قال]: "أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل آخر"(4)، ذكره ابن ماجه.
= أما عبد اللَّه بن شبيب الذي في هذا السند فهو المترجم في "الميزان"، والمعروف بالرواية عن إسماعيل بن أبي أويس، قال فضلك الرازي: يحل ضرب عنقه، وقال ابن عدي: ولعبد اللَّه بن شبيب غير ما ذكرت من الأحاديث التي أنكرت عليه كثير.
وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث، وقال الذهبي: إخباري علامة لكنه واهٍ.
(1)
رواه البخاري (6638) في (الأيمان والنذور): باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومسلم (990) في (الزكاة): باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة، من حديث أبي ذر، وهذا لفظ مسلم، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
ما بين المعقوفتين من (ك) فقط.
(4)
رواه ابن ماجه (4204) في (الزهد): باب الرياء والسُّمعة، وأحمد في "مسنده"(3/ 30)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 1034)، وأحمد بن منيع في "مسنده" -كما في "زوائد البوصيري"- وحنبل بن إسحاق في "الفتن"(رقم 30) من طريق كثير بن زيد عن رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه، عن أبي سعيد فذكره.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(2/ 339): هذا إسناد حسن، كثير بن زيد وربيح بن عبد الرحمن مختلف فيهما.
أقول: كثير هذا قال أحمد وابن معين في رواية: لا بأس به، ووثقه ابن عمار الموصلي، وقال ابن معين في رواية: صالح، وقال في رواية أخرى: ليس بذاك، وفي رواية: ليس بشيء، وقال يعقوب بن شيبة: ليس بذاك الساقط، وإلى الضعف ما هو، وقال أبو زرعة: صدوق فيه لين. وقال أبو حاتم: صالح ليس بالقوي يكتب حديثه، وقال النسائي: ضعيف.
وأما رُبيح فقد قال أحمد: رجل ليس بالمعروف، وقال أبو زرعة: شيخ، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال ابن حجر في "التقريب":"مقبول". =