الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يسعه إلا أن يجتهد له في الحق، ولا يسعه أن يفتيه بمجرد تقليد غيره من غير معرفة بأنه حق أو باطل، وإن قال له:"أريد أن أعرف في هذه النازلة قول الإِمام ومذهبه" ساغ له الإخبار به ويكون ناقلًا له ويبقى الدَّرك على السائل، فالدرك في الوجه الأول على المفتي، وفي الثاني على المستفتي.
[هل للحي أن يقلد الميت من غير نظر للدليل]
الفائدة الحادية والثلاثون: هل يجوز [للحيِّ](1) تقليد الميت والعمل بفتواه من غير اعتبارها بالدليل الموجب لصحة العمل بها؟ فيه وجهان لأصحاب الإِمام أحمد والشافعي (1)؛ فمن منعه قال: يجوز تغيّر (2) اجتهاده لو كان حيًا، فإنه كان يجدد النَّظر عند نزول هذه النازلة إما وجوبًا، وإما استحبابًا على النزاع المشهور ولعله لو جدَّد النظر لرجع عن قوله [الأول](3).
والثاني (4): الجواز وعليه عمل [جميع](5) المقلدين في [جميع](5) أقطار الأرض، وخيار ما بأيديهم من التقليد تقليد الأموات، ومن منع [منهم](6) تقليد الميت، فإنما هو شيء يقوله بلسانه وعمله في فتاويه وأحكامه بخلافه والأقوال لا تموت بموت قائلها، كما لا تموت الأخبار بموت رواتها وناقليها.
[هل للمجتهد في نوع من العلم أن يفتي فيه
؟]
الفائدة الثانية والثلاثون: الاجتهاد حالة تقبل التجزؤ والانقسام فيكون الرجل مجتهدًا في نوع من العلم مقلدًا في غيره أو في باب من أبوابه كمن استفرغ وسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم أو في باب الجهاد أو الحج أو غير ذلك، فهذا ليس له الفتوى فيما لم يجتهد فيه، ولا تكون معرفته بما اجتهد فيه مسوغة له الإفتاء بما لا يعلم في غيره وهل له أن يفتي في
(1) انظر: "الإحكام"(6/ 822) لابن حزم و"مناهج العقول"(3/ 210) للبدخشي و"المسودة"(522) و"تيسير التحرير"(4/ 250) و"مسلم الثبوت"(2/ 407) و"الآيات البينات"(4/ 269) و"أسنى المطالب"(4/ 281) و"حاشية البناني"(2/ 397) و"إرشاد الفحول"(ص 251) و"عمدة التحقيق" للباني (ص 165 - 166 - ط القادري) و"المنهج الفريد في الاجتهاد والتقليد"(ص 238) و"التقليد في الشريعة الإِسلامية"(ص 99 - 104).
(2)
في المطبوع: "تغيير".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
في (ق): "الثاني".
(5)
ما بين المعقوفتين من (ق).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
النوع الذي اجتهد فيه؟ فيه ثلاثة أوجه أصحها الجواز، بل هو الصواب المقطوع به.
والثاني: المنع.
والثالث: الجواز في الفرائض دون غيرها (1).
فحجَّةُ الجواز أنه قد عرف الحق بدليله، وقد بذل جهده في معرفة الصواب فحكمه في ذلك [النوع](2) حكم المجتهد المطلق في سائر الأنواع.
وحجة المنع تعلُّق أبواب الشرع وأحكامه بعضها ببعض، فالجهل ببعضها مظنة للتقصير في الباب والنوع الذي [قد](3) عرفه، ولا يخفى الارتباط بين كتاب النكاح والطلاق والعدَّة وكتاب الفرائض، وكذلك الارتباط بين كتاب الجهاد، وما يتعلق به، وكتاب الحدود والأقضية والأحكام، وكذلك عامة أبواب الفقه.
ومن فرَّق بين الفرائض وغيرها رأى انقطاع أحكام قسمة المواريث، ومعرفة الفروض، و [معرفة](4) مستحقها عن كتاب البيوع والإجارات والرهون والنضال، وغيرها وعدم تعلقاتها (5)، وأيضًا، فإن عامة أحكام المواريث قطعية وهي منصوص عليها في الكتاب والسنة (6).
فإن قيل: فما تقولون فيمن بذل جهده في [معرفة](7) مسألة أو مسألتين هل له أن يفتي بهما؟
قيل: نعم يجوز في أصح القولين، وهما وجهان لأصحاب الإِمام أحمد، وهل هذا إلا من التبليغ عن اللَّه و [عن](7) رسوله، وجزى اللَّه من أعان على
(1) انظر في مسألة تجزّئ الاجتهاد: "المحصول"(6/ 25) و"تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (54) و"المستصفى"(2/ 353 - 354)، و"الإحكام"(4/ 164) للآمدي، (5/ 694 - 695) لابن حزم و"المرآة"(2/ 469) مع "حاشية الإزميري"، و"البحر المحيط"(4/ 473 و 6/ 209) للزركشي، و"شرح تنقيح الفصول"(430)، و"المعتمد"(2/ 929)، و"الموافقات"(5/ 43 - بتحقيقي) و"التقرير والتحبير"(3/ 294)، و"مقدمة المجموع"(1/ 71)، و"إرشاد الفحول"(254 - 255)، و"مجموع فتاوى ابن تيمية"(20/ 204، 212 - 213)، و"جمع الجوامع"(2/ 405 - 406 - مع حاشية البناني)، و"شرح العضد على ابن الحاجب"(2/ 290 - 291)، و"فواتح الرحموت"(2/ 364)، و"الاجتهاد في الإِسلام"(ص 164 - 173) لنادية العمري و"المنهج الفريد"(ص 38 - 41).
(2)
ما بين المعقوفتين زيادة من (ت).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ك).
(5)
في (ق): "وعدم تعلقها".
(6)
في (ت) و (ك): "وهي منصوص عليها في كتاب اللَّه تعالى".
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك)، وفي (ق):"ما" بدل "فما".