الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: حل سحر بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، فإن السحر من عمله فيتقرب إليه الناشر والمنتشر (1) بما يحب فيبطل عمله عن المسحور.
والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والأدوية المباحة، فهذا جائز، بل مستحب وعلى النوع المذموم يحمل قول الحسن:"لا يحل السحر إلا ساحر".
فصل [فتاوى في الطيرة والفأل وفي الاستصلاح]
وسئل صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فقال:"عذابًا كان يبعثه اللَّه على مَنْ كان قبلكم فجعله اللَّه رحمة للمؤمنين، ما من عبد يكون في بلد ويكون فيه فيمكث لا يخرج صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب (2) اللَّه له إلا كان له مثل أجر شهيد"(3)، ذكره البخاري.
وسأله صلى الله عليه وسلم فروة بن مُسَيك رضي الله عنه فقال: يا رسول اللَّه إنَا بأرض يُقال لها: أَبْيَن (4)، وهي ريفنا وميرتنا وهي وبية (5)، أو قال: وباها شديد، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"دعها عنك، فإن من القرف (6) التلف (7) ".
= وقد وجدت له شاهدًا من حديث أنس بن مالك، رواه البزار والطبراني في "الأوسط".
قال الهيثمي (5/ 102): ورجال البزار رجال الصحيح.
(1)
في (ك): "الماشر والممتشر".
(2)
"أية قوة إذن تكون؟ وكيف يخشى سحرًا أو ساحرًا أو نعيًا أو باغيًا"(و). وفي "المسند": "هي أرض رفقتنا وميرتنا وإنها وبئة".
(3)
رواه البخاري (3474) في (الأنبياء): باب (54)، و (5734) في (الطب): باب أجر الصابر على الطاعون، و (6619) في (القدر): باب {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} من حديث عائشة.
(4)
"بفتح الهمزة وكسرها: مخلاف باليمن"(و).
(5)
"أصل الميرة: الطعام، ونحوه مما يجلب للبيع ووبية: موبوءة، والوبا: الطاعون والمرض العام"(و)، وفي "المسند":"هي أرض رفقتنا وميرتنا وإنها وبئة".
(6)
"القرف: ملابسة الداء ومداناة المريض، والتلف الهلاك، وهذا حق صريح"(و).
(7)
رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(20162)، ومن طريقه رواه أحمد (3/ 451)، وأبو داود =
وفيه دليل على نوع شريف من أنواع الطب، وهو استصلاح التربة والهواء، كما ينبغي استصلاح الماء، والغذاء، فإن بصلاح هذه الأربعة يكون صلاح البدن واعتداله.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا طِيَرة (1)، وخيرها الفأل"، قيل: يا رسول اللَّه، وما الفأل؟ قال:"الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم"(2)، متفق عليه.
وفي لفظ لهما: "لا عَدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل"، قالوا: وما الفأل؟ قال: "كلمة طيبة"(3).
ولما قال: "لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة"(4)، قال له رجل: أرأيت البعير يكون به الجرب فتجرب الإبل؟ قال: "ذاك القدر فمن أجرب الأول؟ "(5)، ذكره أحمد.
= (3923) في (الطب): باب في الطيرة، وابن قانع في "معجم الصحابة"(12/ رقم 1546)، والرازي في "تاريخ صنعاء"(144) عن معمر، عن يحيى وفي مطبوع ابن قانع (معمر بن يحيى، فليصوب) بن عبد اللَّه بن بَحِير قال: أخبرني مَنْ سمع مِن فروة بن مسيك به.
أقول: يحيى هذا لم يرو عنه إلا معمر، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو في عداد المجاهيل، وفيه رجل مبهم، لكن قال المزي في "تحفة الأشراف" (8/ 257): رواه عبيد اللَّه بن معاذ الصنعاني، عن معمر عن يحيى بن عبد اللَّه عن فروة.
قلت: أخرج روايته هذه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4/ رقم 5657).
وهذا لا يعني شيئًا؛ لأنه بيّن في الرواية الأولى أن بينه وبين فروة رجلًا، ولم يسمّه، وعلى كل حال فيحيى مجهول كما سبق.
(1)
"التشاؤم بالشيء"(و).
(2)
رواه البخاري (5754) في (الطب): باب الطيرة، و (5755) باب الفأل، ومسلم (2223) في (السلام): باب الطيرة والفأل، من حديث أبي هريرة.
(3)
رواه البخاري (5756) في (الطب): باب الفأل، و (5776) في (الطب): باب لا عدوى، ومسلم (2224)، من حديث أنس.
(4)
"هامة: طائر من طير الليل، وهو الصدى، وهو طائر يطير بالليل، وكانت الجاهلية تزعم أنه يخرج من رأس المقتول، أو أن عظام الميت تصير هامة، وتظل هذه الهامة تصيح حتى يؤخذ بثأر القتيل"(و).
(5)
رواه أحمد في "مسنده"(2/ 24 - 25)، وابن ماجه (86) في (المقدمة): باب في القدر، و (3540) في (الطب): باب من كان يعجبه الفأل، ويكره الطيرة، من طريق أبي جناب الكلبي، عن أبيه عن ابن عمر به.
قال البوصيري في "زوائده"(1/ 53): هذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن أبي حيّة =
ولا حجة في هذا لمن أنكر الأسباب، بل فيه إثبات القدر ورد الأسباب كلها إلى الفاعل الأول إذ لو كان كل سبب مستندًا إلى سبب قبله لا إلى غاية للزم التسلسل في الأسباب، وهو ممتنع فقطع النبي صلى الله عليه وسلم التسلسل بقوله:"فمن أعدى الأول؟ "(1)، إذ لو كان الأول قد جرب بالعدوى، والذي قبله كذلك لا إلى غاية لزم التسلسل الممتنع.
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة، فقالت: يا رسول اللَّه دار سكنَّاها والعددُ كثير [والمال]، وافر فقلَّ العدد وذهب المال، فقال:"دعوها ذميمة"(2)، ذكره مالك مرسلًا.
وهذا موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن كان الشؤم في شيء فهو في ثلاثة: في الفرس و [في] الدار والمرأة"(3)، وهو إثبات لنوع خفي من الأسباب، ولا يطَّلع عليه أكثر
= (أبو جناب الكلبي)، ولكونه يروي عن أبيه بالعنعنة، فإنه كان يدلس.
لكن يشهد له حديث أبي هريرة الآتي فهو صحيح دون قوله: "ذاك القدر"، انظر:"السلسلة الصحيحة"(782).
(1)
رواه البخاري (5717) في (الطب): باب لا صفر، و (5770) باب لا هامة، و (5775) باب لا عدوى، ومسلم (2220) في (السلام): باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، من حديث أبي هريرة.
(2)
رواه مالك في "الموطأ"(2/ 972) وعنه ابن وهب في "جامعه"(رقم 647) عن يحيى بن سعيد أنه قال فذكره مرسلًا أو معضلًا.
وقد رواه موصولًا أبو داود (3924) في (الطب): باب في الطيرة، والبخاري في "الأدب المفرد"(944) باب الشؤم في الفرس، والبيهقي (8/ 140) من طريق بشر بن عمر الزهراني قال: حدثني عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبى طلحة عن أنس فذكره.
قال البخاري: في إسناده نظر.
قال شيخنا الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(790) معقبًا على كلام البخاري: "ووجهه أن عكرمة بن عمار قد تكلَّم فيه بعض المتقدمين من قبل حفظه، وقد وثقه جمع واحتج به مسلم في "صحيحه" وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب" قلت: وهذه ليس منها فالحديث على أقل الدرجات حسن الإسناد، فإن بقية رجاله ثقات أثبات". قلت: وله شواهد أخر انظرها عند ابن وهب في "الجامع"(رقم 648، 649)، وابن جرير في "التهذيب"(70)، والطبراني في "الكبير"(5639) و"مصنف عبد الرزاق"(10/ 411) و"سنن البيهقي"(8/ 140).
وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(3)
رواه البخاري (5094) في (النكاح): باب ما يُتقى من شؤم المرأة، ومسلم (2225)
الناس، ولا يعلم إلا بعد وقوع مسببه، فإن من الأسباب ما يعلم سببه (1) قبل وقوع مسببه وهي الأسباب الظاهرة، ومنها ما لا يعلم سببه (4) إلا بعد وقوع مسببه وهي الأسباب الخفية، ومنه قول الناس:"فلان مشؤوم الطلعة ومدور الكعب" ونحوه فالنبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى هذا النوع ولم يبطله، وقوله صلى الله عليه وسلم:"إن كان الشؤم في شيء فهو في ثلاثة" تحقيق لحصول الشؤم فيها (2)، وليس نفيًا لحصوله من غيرها كقوله صلى الله عليه وسلم:"إن كان في شيء تتداوون به شفاء ففي شرطة مِحْجم (3)، أو شربة عسل أو لذعة بنار، ولا أُحبُّ الكيّ"(4)، ذكره البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من ردَّته الطيرة (5) من حاجته، فقد أشرك"، قالوا: يا رسول اللَّه، وما كفارة ذلك؟ قال:"أن يقول: اللهم لا طير إلا طَيْرك، ولا خير إلا خيرك"(6)، ذكره أحمد.
= (18) في (السلام): باب الطيرة والفأل من حديث ابن عمر بلفظ: "إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة".
ورواه أيضًا البخاري (2858) في (الجهاد): باب ما يذكر من شؤم الفرس، من حديث ابن عمر بلفظ:"إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار"، ورواه البخاري (2859 و 5059) من حديث سهل بن سعد الساعدي نحوه.
وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(1)
في المكانين في المطبوع: "سببيته".
(2)
"إنما هو لبيان قيمة هذه الأشياء التي هي كالفلك من حياته، وإلا فلو كان الحديث يقصد بيان أن فيها شؤمًا لنفر كل مسلم من المرأة، أي الأسرة: والدار: أي السكن، والفرس: أي آلة الجهاد، أي: لنفر من أعظم مقومات الحياة الفردية والاجتماعية، بل أعظم مقومات الأمة بعد إيمانها القويم"(و).
(3)
"آلة الحجامة التي يجتمع فيها دم الحجامة عند المص، أو مشرط الحجام"(و).
(4)
رواه البخاري (5983) في (الطب): باب الدواء بالعسل، و (5702) باب الحجامة من الشقيقة والصداع، و (5704) باب من اكتوى أو كوى غيره، ومسلم (2205) بعد (71) في (السلام): باب لكل داء دواء من حديث جابر.
(5)
"في هذا تستعلن روح الإسلام التفائلية أو الإيجابية التي تتجاوب مع نعم اللَّه حمدًا ومحبة، وتسير في الحياة عملًا طيبًا، وقوة طيبة"(و).
(6)
رواه أحمد في "مسنده"(2/ 220): حدثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد اللَّه بن عمرو به، وآخره:"ولا إله غيرك".
قال الهيثمي في "المجمع"(5/ 105): رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات.
أقول: ابن لهيعة حديثه صحيح إذا روى عنه أحد العبادلة ومن يلحق بهم، وقد روى =