الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إن أُمي توفيت وعليها نذر صيام فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال:"ليصم عنها الولي"(1)، ذكره ابن ماجه.
[النيابة في فعل الطاعة]
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه"(2).
فطائفة حملت هذا على عمومه وإطلاقه، وقال: يُصام عنه النذر والفرض.
وأبت طائفة ذلك، وقالت: لا يصام عنه نذر، ولا فرض.
وفصلت طائفة فقالت: يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي، وهذا قول ابن عباس وأصحابه والإمام أحمد وأصحابه، وهو الصحيح لأن فرض الصيام جار مجرى الصلاة فكما لا يصلي أحد عن أحد، ولا يُسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام، وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين فيقبل قضاء الولي له، كما يقضي دينه، وهذا محض الفقه وطرد هذا أنه لا يحج عنه، ولا يزكى عنه إلا إذا كان معذورًا بالتأخير، كما يطعم الولي عمن أفطر في رمضان لعذر فأما المفطر من غير عذر أَصلًا، فلا ينفعه أداء غيره عنه لفرائض اللَّه تعالى التي فرَّط فيها، وكان هو المأمور بها ابتلاءً وامتحانًا دون الولي، فلا تنفع توبه أحد عن أحد، ولا إسلامه عنه، ولا أداء الصلاة عنه، ولا غيرها من فرائض اللَّه تعالى التي فرَّط فيها حتى مات، واللَّه أعلم.
= قال الهيثمي (4/ 186): وفيه محمد بن كريب وهو ضعيف، وفي ترجمته ذكره ابن عدي وبيّن ضعفه.
فلعله يتقوى بهذا الشاهد، واللَّه أعلم.
(1)
رواه ابن ماجه (2133) في (الكفارات): باب من مات وعليه نذر: حدثنا محمد بن يحيى: حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن جابر به.
قال البوصيري (1/ 366): هذا إسناد ضعيف لضعف عبد اللَّه بن لهيعة، وله شاهد من حديث عبد اللَّه بن عباس، رواه أصحاب الكتب الستة.
أقول: هو يشير إلى حديث ابن عباس الذي رواه البخاري (1953)، ومسلم (1148) أن امرأة أتت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت وعليها صيام شهر فقال: "أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه؟ قالت: نعم.
وانظر الحديث الآتي.
(2)
رواه البخاري (1952) في (الصوم): باب من مات وعليه صوم، ومسلم (1147) في (الصيام): باب قضاء الصيام عن الميت من حديث عائشة.
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدفِّ، فقال:"أوفي بنذرك" قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا، مكان يذبح فيه أهل الجاهلية، قال:"لصنم؟ " قالت: لا، قال:"لوثن؟ " قالت: لا، قال:"أوفي بنذرك"(1)، ذكره أبو داود.
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني نذرت أن أنحر إبلًا ببُوانَةَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قالوا: لا، قال:"فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " قالوا: لا، قال:"أوف بنذرك، فإنه لا وفاء بالنذر في معصية اللَّه، ولا فيما لا يملك ابن آدم"(2)، ذكره أبو داود.
(1) رواه أبو داود (3312) في (الأيمان والنذور): باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، ومن طريقه البيهقي (10/ 77) من طريق مسدد: حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن عبيد اللَّه بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده به.
قال شيخنا الألباني في "الإرواء"(8/ 214): إسناده حسن.
أقول: لكن الحارث بن عبيد قال فيه أحمد: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه ولا يحتج به، وحسن فيه القول ابن مهدي فقال: كان من شيوخنا وما رأيت إلا خيرًا.
فالرجل إلى الضعف أقرب.
والجزء الأول من الحديث له شاهد من حديث بريدة، رواه أحمد (5/ 353 و 356)، والترمذي (3699) في (المناقب): باب في مناقب عمر، وابن حبان (4386)، والبيهقي (10/ 77)، قال: حدثني عبد اللَّه بن بريدة عنه قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول اللَّه، إني كنت نذرت إن ردك اللَّه سالمًا أن أضرب بين يديك بالدف، وأتغنى فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا".
قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب.
والجزء الثاني يشهد له الحديث الآتي.
(2)
رواه أبو داود (3313) في (الأيمان والنذور): باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، ومن طريقه البيهقي (10/ 83)، والطبراني في "الكبير"(1341) من طريق داود بن رشيد عن شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو قلابة قال: حدثني ثابت بن الضحاك، فذكره.
وهذا إسناد صحيح رواته كلهم ثقات.
ورواه النسائي (7/ 19)، وابن منده في "الإيمان"(637)، والطبراني في "الكبير"(1336)، وابن حبان (4352) من طريق آخر عن الأوزاعي مختصرًا وله طرق عديدة عن يحيى بألفاظ متغايرة، انظرها مجملة في "معرفة الصحابة"(1/ رقم 1332) لأبي نعيم، و"معجم الصحابة"(3/ 963 - 965) و"إتحاف المهرة"(3/ 16 - 17).