المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فتاوى في مسائل من العقيدة] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور - جـ ٦

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[إيجاب الاقتداء بهم]

- ‌[الرشد في طاعة أبي بكر وعمر]

- ‌فصل [من وجوه فضل الصحابة]

- ‌[أنواع الأسئلة]

- ‌[للمفتي العدول عن السؤال إلى ما هو أنفع]

- ‌[جواب المفتي بأكثر من السؤال]

- ‌[إذا منع المفتي من محظور دلَّ على مباح]

- ‌[ينبغي للمفتي أن ينبِّه السائل إلى الاحتراز عن الوهم]

- ‌[مما ينبغي للمفتي أن يذكر الحكم بدليله]

- ‌[من أدب المفتي أن يمهد للحكم المستغرب]

- ‌[يجوز للمفتي أن يحلف على ثبوت الحكم]

- ‌[من أدب المفتي أن يفتي بلفظ النصوص]

- ‌فصل [من أدب المفتي أن يتوجه للَّه لِيُلْهَمَ الصواب]

- ‌[لا يفتي ولا يحكم إلا بما يكون عالمًا بالحق فيه]

- ‌[الواجب على الراوي والمفتي والحاكم والشاهد]

- ‌[من أدب المفتي ألا ينسب الحكم إلى اللَّه إلا بالنص]

- ‌[حال المفتي مع المستفتي على ثلاثة أوجه]

- ‌[يفتي المفتي بما يعتقد أنه الصواب وإن كان خلاف مذهبه]

- ‌[لا يجوز للمفتي إلقاء المستفتي في الحيرة]

- ‌[الإفتاء في شروط الواقفين]

- ‌[لا يطلق المفتي الجواب إذا كان في المسألة تفصيل]

- ‌[على المفتي ألا يُفصِّل إلا حيث يجب التفصيل]

- ‌[هل يجوز للمقلد أن يفتي

- ‌[هل يجوز أن يقلَّد الفتوى المتفقه القاصر عن معرفة الكتاب والسنة

- ‌[هل للعامي إذا علم مسألة أن يفتي فيها]

- ‌[الخصال التي يجب أن يتصف بها المفتي]

- ‌[النية ومنزلتها]

- ‌[العلم والحلم والوقار والسكينة]

- ‌[حقيقة السكينة]

- ‌[السكينة الخاصة]

- ‌فصل [السكينة عند القيام بوظائف العبودية]

- ‌[أسباب السكينة]

- ‌[الاضطلاع بالعلم]

- ‌[الكفاية]

- ‌[معرفة الناس]

- ‌[فوائد تتعلق بالفتوى مروية عن الإِمام أحمد]

- ‌[دلالة العالم للمستفتي على غيره]

- ‌[كذلكة المفتي]

- ‌[للمفتي أن يفتي من لا يجوز شهادته له]

- ‌[لا يجوز الفتيا بالتشهي والتخيّر]

- ‌[أقسام المفتين أربعة]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[منزلة كل نوع من المفتين]

- ‌[هل للحي أن يقلد الميت من غير نظر للدليل]

- ‌[هل للمجتهد في نوع من العلم أن يفتي فيه

- ‌[من تصدر للفتوى من غير أهلها أثم]

- ‌[حكم العامي الذي لا يجد من يفتيه]

- ‌[من تجوز له الفتيا، ومن لا تجوز له]

- ‌[هل يجوز للقاضي أن يفتي

- ‌[فتيا الحاكم وحكمها]

- ‌[هل يجيب المفتي عما لم يقع]

- ‌[لا يجوز للمفتي تتبع الحيل]

- ‌[حكم رجوع المفتي عن فتواه]

- ‌[هل يضمن المفتي المال أو النفس

- ‌[أحوال ليس للمفتي أن يفتي فيها]

- ‌[على المفتي أن يرجع إلى العرف في مسائل]

- ‌[لا يعين المفتي على التحليل ولا على المكر]

- ‌[حكم أخذ المفتي أجرة أو هدية]

- ‌[ما يصنع المفتي إذا أفتى في واقعة ثم وقعت له مرة أخرى]

- ‌[كل الأئمة يذهبون إلى الحديث ومتى صح فهو مذهبهم]

- ‌[هل تجوز الفتيا لمن عنده كتب الحديث

- ‌[هل للمفتي أن يفتي بغير مذهب إمامه

- ‌[إذا ترجح عند المفتي مذهب غير مذهب إمامه، فهل يفتي به

- ‌[إذا تساوى عند المفتي قولان فماذا يصنع

- ‌[هل للمفتي أن يفتي بالقول الذي رجع عنه إمامه

- ‌[لا يجوز للمفتي أن يفتي بما يخالف النص]

- ‌[لا يجوز إخراج النصوص عن ظاهرها لتوافق مذهب المفتي]

- ‌[الأديان السابقة إنما فسدت بالتأويل]

- ‌[دواعي التأويل]

- ‌[بعض آثار التأويل]

- ‌[مثل المتأولين]

- ‌[لا يعمل بالفتوى حتى يطمئن لها قلب المستفتي]

- ‌[الترجمان عند المفتي]

- ‌[ما يصنع المفتي في جواب سؤال يحتمل عدة صور]

- ‌[ينبغي للمفتي أن يكون حذرًا]

- ‌[ينبغي له أن يشاور من يثق به]

- ‌[يجمل بالمفتي أن يكثر من الدعاء لنفسه بالتوفيق]

- ‌[لا يسع المفتي أن يجعل غرض السائل سائق حكمه]

- ‌[ذكر الفتوى مع دليلها أولى]

- ‌[هل يقلد المفتي الميت إذا علم عدالته]

- ‌[إذا تكررت الواقعة فهل يستفتي من جديد

- ‌[هل يلزم استفتاء الأعلم

- ‌[هل على العامي أن يتمذهب بمذهب واحد من الأربعة أو غيرهم

- ‌[ما الحكم إذا اختلف مفتيان

- ‌[هل يجب العمل بفتوى المفتي

- ‌[العمل بخط المفتي وما يشبه ذلك]

- ‌[ما العمل إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لأحد من العلماء

- ‌فصل

- ‌[فتاوى في مسائل من العقيدة]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالطهارة]

- ‌[فتاوى تتعلق بالصلاة وأركانها]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالموت والموتى]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق الزكاة]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالصوم]

- ‌فصل [فتاوى تتعلق بالحج]

- ‌فصل [فتاوى في بيان فضل بعض سور القرآن]

- ‌[فتاوى في بيان فضل الأعمال]

- ‌فصل [فتاوى في الكسب والأموال]

- ‌[إرشادات لبعض الأعمال]

- ‌فصل [فتاوى في أنواع البيوع]

- ‌فصل [فتاوى في فضل بعض الأعمال]

- ‌فصل

- ‌فصل [فتاوى في الرهن والدين]

- ‌فصل [المرأة تتصدق]

- ‌[مال اليتيم]

- ‌[اللقطة]

- ‌فصل [الهدية وما في حكمها]

- ‌فصل [فتاوى في المواريث]

- ‌[فتاوى تتعلق بالعتق]

- ‌فصل [فتاوى في الزواج]

- ‌فصل

- ‌فصل [فتاوى في أحكام الرضاع]

- ‌فصل من فتاويه صلى الله عليه وسلم في الطلاق

- ‌[الخلع]

- ‌فصل [الظهار واللعان]

- ‌فصل في فتاويه صلى الله عليه وسلم في العدد

- ‌فصل [ثبوت النسب]

- ‌[الإحداد على الميت]

- ‌فصل في فتواه صلى الله عليه وسلم في نفقة المعتدة وكسوتها

- ‌[فصل] [فتاوى في الحضانة وفي مستحقها]

- ‌فصل [فتاوى في جرم القاتل وجزائه]

- ‌[فتاوى في الديات]

- ‌فصل [فتاوى في القسامة]

- ‌فصل [فتاوى في حد الزنى]

- ‌[أثر اللوث في التشريع]

- ‌[العمل بالسياسة]

- ‌[بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم جميع أحكام الحياة والموت]

- ‌فصل [كلام أحمد في السياسة الشرعية]

- ‌فصل

- ‌[فتاوى في الأطعمة]

- ‌فصل [فتاوى في العقيقة]

- ‌فصل [فتاوى في الأشربة]

- ‌فصل [فتاوى في الأيمان وفي النذور]

- ‌[النيابة في فعل الطاعة]

- ‌فصل [فتاوى في الجهاد]

- ‌فصل [فتاوى في الطب]

- ‌فصل [فتاوى في الطيرة والفأل وفي الاستصلاح]

- ‌فصول من فتاويه صلى الله عليه وسلم في أبواب متفرقة

- ‌[التوبة]

- ‌[حق الطريق]

- ‌[الكذب]

- ‌[الشرك وما يلحق به]

- ‌[طاعة الأمراء]

- ‌[من سد الذرائع]

- ‌[الجوار]

- ‌[الغيبة]

- ‌[الكبائر]

- ‌فصل [تعداد الكبائر]

- ‌فصل

- ‌فصل مستطرد من فتاويه صلى الله عليه وسلم فارجع إليها

- ‌[عود إلى فتاوى الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌[فتاوى في مسائل من العقيدة]

‌فصل

ولنختم (1) الكتاب بذكر فصول يسير قدرها عظيم أمرها من فتاوى إمام المفتين (2)، ورسول رب العالمين، تكون روحًا لهذا الكتاب ورقمًا على جِلَّة (3) هذا التأليف.

[فتاوى في مسائل من العقيدة]

فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن رؤية المؤمنين ربهم تبارك وتعالى فقال: "هل تُضارُّون (4) في رؤية الشمس صحوًا في الظهيرة ليس دونها سحاب"؟ قالوا: لا، فقال:"هل تُضارُّون (4) في رؤية القمر البدر صحوًا ليس دونه سحاب؟ "، قالوا: لا، قال:"فإنكم ترونه كذلك"؛ متفق عليه (5).

وسئل: كيف (6) نراه ونحن ملء الأرض، وهو أحد؟ فقال:"أنبئكم عن ذلك في آلاء اللَّه: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه"(7)، ذكره أحمد.

(1) في (ك): "ونختم".

(2)

قال (د): "في نسخة: "إمام المتقين"".

(3)

في (ك): "وجملة".

(4)

قال (د): "في نسخة: "تضامون" وكلاهما صحيح"، وفي (ك):"فهل تضارون".

(5)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(كتاب التوحيد) باب قول اللَّه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (7439)، ومسلم (183) في "الإيمان": باب معرفة طريق الرؤية، من حديث أبي سعيد الخدري واللفظ له.

وقال (و): ". . . وقد ثبتت رؤية اللَّه تعالى في الآخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث لا يمكن نفيها ولا دفعها، عن ابن كثير في "التفسير"".

(6)

في (ك): "هل".

(7)

هو جزء من حديث طويل جدًا: رواه عبد اللَّه بن أحمد في "زوائده على المسند"(4/ 13)، وفي "السنة"(2/ 485)، وابن أبي عاصم في "السنة"(636)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 560)، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 477) وأبو الحسن القطان في "الطوالات" -كما في "التدوين" (2/ 232) للرافعي- وابن قانع في "معجم الصحابة" (13/ 4528 رقم 1687 - مختصرًا) وابن خزيمة في "التوحيد" (ص 186) من طريق عبد الرحمن بن عياش الأنصاري عن دلهم بن الأسود بن عبد اللَّه بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي عن جده (في بعضها عن أبيه) عن عمه لقيط بن عامر بن المنتفق قال دلهم: وحدثني أيضًا أبي الأسود بن عبد اللَّه عن عاصم بن لقيط بن عامر فذكر حديثًا طويلًا جدًا. =

ص: 209

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن مسألة القدر، وما يعمل الناس فيه، أمرٌ قد قُضي وفرغ منه أم أمر يستأنف؟ فقال: بل أمر قد قضي وفرغ منه، فسئل حينئذ: ففيم العمل؟ فأجاب بقوله: "اعملوا فكل ميسرٌ لما خلق له: أما من كان من أهل السعادة فسييسَّر لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فييسر (1) لعمل أهل الشقاوة"، ثم قرأ قوله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5] إلى آخر الآيتين (2)، ذكره مسلم.

= وروى هذا الجزء المختصر: ابن أبي عاصم (524) بالإسناد نفسه، والحديث بسياقه المطول ذكره المؤلف رحمه الله في "زاد المعاد" (3/ 677) وصححه بإسلوب غريب بعيد عن منهج أهل الحديث فقال:"هذا حديث كبير تنادي جلالته وفخامته وعظمته عن أنه قد خرج من مشكاة النبوة، ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم وتلقوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته".

ثم ذكر جماعة رووه عن غير من ذكرنا -هم: أبو أحمد العس الذي "المعرفة" وأبو الشيخ في "السنة" وابن منده وابن مردويه وأبو نعيم، وهو ليس في "معرفة الصحابة" لأبي نعيم.

ثم ذكر كلامًا عن ابن منده آخره: "ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة".

أقول: ما هكذا تصحح أو تضعف الأحاديث، وكم في كتب من ذَكَر من الأئمة الذين رووا الحديث أحاديث ضعيفة بل واهية جدًا وموضوعة!

وماذا على من أنكر هذا الحديث لأنه مسلسل بالمجاهيل؟ ولماذا يوصف بأنه جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة؟ وقال عنه الذهبي في "العلو للعلي العظيم"(1/ 276)"يروى عن أبي رزين حديث طويل بإسنادين مدنيين، لكنه ضعيف".

وقال العلامة الألباني رحمه الله في تعليقه على "السنة": إسناده ضعيف؛ دلهم بن الأسود وجده، قال الذهبي: لا يعرفان، ومثلهما عبد الرحمن بن عياش لم يوثقه غير ابن حبان وفي "التقريب": مقبول، وأبو دلهم كذلك مجهول.

(تنبيه): عزى المصنف الحديث لأحمد!! وكذا وقع في مطبوع "المسند"!! وهو خطأ، والصواب أنه من زيادات عبد اللَّه، كذا وقع في "الزاد" للمصنف (3/ 673) و"فتح الباري"(11/ 466 - 467) و"إتحاف المهرة"(13/ 75 رقم 16444) و"مجمع الزوائد"(10/ 338 - 340) والسيوطي في "الدر المنثور"(8/ 356).

(1)

في (ك): "فسييسر".

(2)

هو بهذا اللفظ ليس في "صحيح مسلم"، فقد رواه مسلم عن جمع من الصحابة منهم علي بن أبي طالب (2647)، وجابر (2648)، وعمران بن حصين (2649 و 2650)، وبعضها في "صحيح البخاري" أيضًا، وليست بهذا السياق.

ص: 210

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عما يكتمه الناس في ضمائرهم هل يعلمه اللَّه؟ فقال: "نعم"، ذكره مسلم (1).

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أين كان ربُّنا قبل [أن تُخلق](2) السموات والأرض؟ فلم ينكر على السائل، وقال:"كان في عماء (3) ما فوقه هواء، وما تحته هواء"(4)، ذكره أحمد.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن مبدأ تخليق هذا العالم؟ فأجاب بأن قال: "كان اللَّه، ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء"(5)، ذكره البخاري.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أين يكون الناس يوم تُبَدَّل الأرض؟ فقال: "على

(1) رقم (974) بعد (103) في "الجنائز": باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، من حديث عائشة.

(2)

في (ك): "خلق".

(3)

قال (و): "عتقاء: السحاب، قال أبو عبيد: لا يُدرى كيف كان ذلك العلماء، وفي رواية: "كان في عما، بالقصر، ومعناه: ليست معه شيء. . . ".

(4)

رواه أحمد (4/ 11 و 12)، وأبو داود الطيالسي (1093)، والترمذي (3119) في "التفسير": باب ومن سورة هود، وابن ماجه (182) في (المقدمة): باب فيما أنكرت الجهمية، وعبد اللَّه بن أحمد في "السنة"(1/ 245 و 246)، وابن أبي عاصم في "السنة"(612)، والطبري في "تفسيره"(17980)، و"التاريخ"(1/ 37) ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في "العرش"(7)، وأبو الشيخ في "العظمة"(1/ 364)، وابن حبان (6141)، والطبراني في "الكبير"(19/ 468) -ومن طريقه الهمداني في "فتيا في الاعتقاد"(رقم 18) وابن أبي زمنين في "السنة"(رقم 31) والحاكم (4/ 560) وابن خزيمة في (الفتن) -كما في "إتحاف المهرة"(13/ 79 رقم 16447) - وعثمان الدارمي في "الرد على الجهمية"(55) وابن بطة في "الإبانة" الكتاب الثالث (3/ 170 رقم 125)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(801 و 864) والذهبي في "العلو"(رقم 13) من طرق عن حماد بن سلمة عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن عُدُس عن أبي رَزِين العقيلي به.

قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ.

أقول: قال البيهقي: هذا حديث تفرد به يعلي بن عطاء عن وكيع بن حدس ويقال: ابن عُدس، ولا نعلم لوكيع بن عدس هذا راويًا غير يعلي بن عطاء.

ولذلك قال الذهبي في وكيع: "لا يعرف"، فأنى له أن يكون حسنًا!

وقد ضعّفه شيخنا العلامة الألباني في تعليقه على "السنة" بـ (وكيع) هذا.

(5)

رواه البخاري في "صحيحه" في مواطن منها: (3191) في كتاب (بدء الخلق): أوله، و (7418) في (التوحيد): باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} وهو رب العرش العظيم.

ص: 211

الصراط"، وفي لفظ آخر: "هم في الظلمة دون الجسر"، فسئل: من أول الناس إجازة؟ فقال: "فقراء المهاجرين" (1)، ذكره مسلم، ولا تنافي بين الجوابين، فإن الظلمة أول الصراط، فهناك مبدأ التبديل وتمامه وهم على الصراط.

وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8]، فقال:"ذلك العرض"(2)، ذكره مسلم.

وسئل صلى الله عليه وسلم عن أول طعام يأكله أهل الجنة؟ فقال: "زيادة كبد الحوت"، فسئل صلى الله عليه وسلم ما غذاؤهم على أثره؟ فقال:"ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها"، فسئل صلى الله عليه وسلم ما شرابهم عليه [فيها؟ فقال] (3):"من عين [فيها] (4) تُسمى سلسبيلًا"(5)، ذكره مسلم.

وسئل صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: "نورٌ أنَّى أَراه"(6)، ذكره مسلم، فذكر الجواز ونبَّه على المانع من الرؤية، وهو النور الذي هو حجاب الرب تعالى الذي لو كشفه لم يقم له شيء.

وسئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه كيف يجمعنا ربنا بعد ما تمزِّقنا الرياح والبلى والسباع؟ فقال للسائل: "أُنبئك بمثل ذلك في آلاء اللَّه، الأرض أشْرفتَ عليها، وهي مَدَرة (7) بَالية، فقلت: لا تحيى أبدًا، ثم أرسل ربك عليها السماء فلم تلبث عليك إلا أيامًا، ثم أشرفتَ عليها وهي شَرْبةٌ واحدة ولعمر إِلهك! لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يَجمَع نباتَ الأرض"(8)، ذكره أحمد.

(1) اللفظ الأول وهو قوله: "على الصراط"، رواه مسلم في "صحيحه" (2791) في كتاب (صفات المنافقين): باب البعث والنشور، وصفة الأرض يوم القيامة، من حديث عائشة رضي الله عنها. وخرجته بتفصيل في تعليقي على "المجالسة"(1/ 333 - 334 رقم 41).

واللفظ الثاني وهو قوله: "هم في ظلمة دون الجسر" رواه مسلم (315) في (الحيض): باب بيان صفة مني الرجل والمرأة، من حديث ثوبان.

(2)

رواه مسلم (2876) في (كتاب الجنة): باب إثبات الحساب، من حديث عائشة، وفي (ك):"ذاك العرض".

(3)

بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "قال".

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

(5)

هو جزء من حديث ثوبان الذي رواه مسلم (315) في (الحيض): باب بيان صفة مني الرجل والمرأة.

(6)

رواه مسلم (178) في (الإيمان): باب في قوله عليه السلام: "نور أنّى أراه".

(7)

"المدرة: البلد"(و).

(8)

هو جزء من حديث لقيط بن عامر تقدم الحديث عليه مفصلًا قريبًا، وهو ليس عند أحمد، وإنما من زيادات ابنه، كما بيّناه هناك.

ص: 212

وسئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه ما يفعل بنا ربُّنا إذا لقيناه؟ فقال: "تُعرضون عليه باديةً له صفحاتُكم لا يخفى عليه خافية منكم فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلَكم فلعمر إِلهك! ما يخطئ وجه واحد منكم منها قطرة فأما المسلم فتدع وجهه مثل الرَّيطةِ (1) البيضاء، وأما الكافر فتخطمُه بمثل الحميم الأسود"(2)، ذكره أحمد.

وسئل صلى الله عليه وسلم: بم نُبصر، وقد حبس الشمس والقمر؟ فقال للسائل: بمثل بَصَرِك ساعتك هذه وذلك مع طلوع الشمس وذلك في يوم أشَرَقت فيه الأرض، ثم واجهته الجبال.

فسئل صلى الله عليه وسلم بم نُجزى من حسناتنا وسيئاتنا؟ فقال: الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بمثلها أو يعفو".

فسئل صلى الله عليه وسلم على ما (3) يطلع من الجنة؟ فقال: "على أَنهار من عسل مصفَّى، وأَنهار من كأس ما بها من صداع، ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن، وفاكهة، لعمرو إِلهك! مما تعلمون وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة".

فسئل صلى الله عليه وسلم أَلنا فيها أزواج؟ فقال: "الصالحات للصالحين تلذونهن (4) مثل لذاتكم في الدنيا ويلذونكم غير أن لا توالد"(5)، ذكره أحمد.

وسئل صلى الله عليه وسلم عن كيفية إتيان الوحي إليه فقال: "يأتيني أحيانًا مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليٌ فيفصمُ عني، وقد وعيتُ ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا"(6)، متفق عليه.

وسئل صلى الله عليه وسلم عن شبه الولد بأبيه تارة وبأمه تارة؟ فقال: "إذا سبق ماء الرجل ماء

(1) قال (و): "كل ملاءة ليس بلْفِقَيْن، وقيل: كل ثوب رقيق ليِّن".

وقال (د): "في نسخة: "مثل الرطبة البيضاء".

قلت: وانظر: "لسان العرب"(7/ 307 - دار الفكر) وتجد غريب حديث لقيط بطوله في: "غريب الحديث"(1/ 228 - 234) لابن قتيبة و"منال الطالب"(234 - 242) لابن الأثير و"سبل الهدى والرشاد"(6/ 626 - 627) و"زاد المعاد"(3/ 678 - 686).

(2)

هو جزء من حديث لقيط بن عامر أيضًا.

(3)

في المطبوع: "ماء" والصواب ما أثبتناه.

(4)

في (ك): "تلذوا بهن".

(5)

هو أيضًا جزء من حديث لقيط بن عامر المتقدم.

(6)

رواه البخاري (2) في (بدء الوحي)، و (3215) في (بدء الخلق): باب ذكر الملائكة، ومسلم (2333) في (الفضائل): باب عَرَق النبي صلى الله عليه وسلم في البرد وحين يأتيه الوحي.

ص: 213

المرأة كان الشَّبه له، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل فالشبه لها" (1)، متفق عليه. وأما ما رواه مسلم في "صحيحه" أنه قال: إذا على ماءُ الرجل ماءَ المرأة أذكر الرجل بإذن اللَّه (2)، وإذا على ماء المرأة ماء الرجل آنثَ بإذن اللَّه"(3)، فكان شيخنا يتوقف في كون [هذا] (4) اللفظ محفوظًا ويقول: المحفوظا هو اللفظ الأول والإذكار والإيناث ليس له سبب طبيعي، وإنما هو بأمر (5) الرب تبارك وتعالى للملك أن يخلقه كما يشاء، ولهذا جعل مع الرزق والأجل والسعادة والشقاوة.

قلت: فإن كان هذا اللفظ محفوظًا، فلا تنافي بينه وبين اللفظ الأول ويكون سبق الماء سببًا للشَّبه وعلوه على ماء الآخر سببًا للإذكار والإيناث واللَّه أعلم (6).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يُبيَّتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم فقال: "هم منهم"(7) حديث صحيح ومراده صلى الله عليه وسلم بكونهم منهم التبعية (8) في أحكام الدنيا وعدم الضمان، لا التبعية (8) في عقاب الآخرة، فإن اللَّه تعالى لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه.

(1) قريبًا من هذا: رواه البخاري وحده من حديث أنس بن مالك (3329) في (أحاديث الأنبياء): باب خلق آدم وذريته، و (3938) في "مناقب الأنصار": باب رقم (51)، و (4480) في (تفسير سورة البقرة): باب {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} .

ولفظه: "فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماءُهُ كان الشبهُ له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها".

وفي "صحيح مسلم"(311) في (الحيض): باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها من حديث أم سُليم "إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيها علا أو سبق يكون منه الشبه".

(2)

أي ولد ذكرًا بإذن اللَّه" (و).

(3)

رقم (315) في (الحيض): باب صفة مني الرجل والمرأة، من حديث ثوبان.

(4)

ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

(5)

في (ك): "ما أمر".

(6)

انظر مبحث الإذكار والإيناث في "الطرق الحكمية"(ص 250 - 253)، و"مفتاح دار السعادة" (ص 287) و"تحفة المودود" (223) و"التبيان" (ص 213 - 216 مهم). وزاد فيه:"وقالت طائفة: الحديث صحيح لا مطعن في سنده ولا منافاة بينه وبين حديث عبد اللَّه بن سلام، وليست الواقعة واحدة، بل هما قضيتان، ورواية كل منهما غير رواية الأخرى، وفي حديث ثوبان قضيّة ضُبطت وحُفظت" قلت: وهذا كلام وجيه وقوي.

(7)

رواه البخاري (3012 و 3013) في (الجهاد): باب أهل الديار يبيّتون، ومسلم (1745) في (الجهاد والسير): باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، من حديث الصعب بن جثامة.

(8)

في (ك): "التبعة".

ص: 214

وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] فقال: "إنما هو جبريل عليه السلام، لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرَّتين"(1)، ذكره مسلم.

ولما نزل قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30، 31]، سئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ فقال: "نعم ليكررنَّ عليكم حتى تؤدّوا إلى كل ذي حقٍّ حقَّه" فقال الزبير: واللَّه إن الأمر لشديد (2).

وسئل صلى الله عليه وسلم: كيف يحشر الكافر على وجهه فقال: "أَليس الذي أَمشاه في الدُّنيا على رجليه قادر أن يُمشيه في الآخرة على وجهه؟ "(3).

وسئل صلى الله عليه وسلم: هل تذكرون أهاليكم يوم القيامة؟ فقال: "أما في ثلاث مواطن فلا يذكر أحد أحدًا: حيث يوضع الميزان حتى يعلم أيثقل ميزانه أم يخف، وحيث تتطاير الكتب حتى يعلم كتابه من يمينه أو من شماله أو من وراء ظهره، وحيث يوضع الصراط على جسر جهنم على حافتيه كلاليب وحَسَك (4) يحبس اللَّه به من يشاء من خلقه حتى يعلم أينجو أم لا ينجو"(5).

(1) رواه مسلم (177) في (الإيمان) باب معنى قول اللَّه عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} ، من حديث عائشة.

(2)

رواه أحمد (1/ 167)، والحميدي (60 و 62)، والترمذي (3236) في (التفسير): باب ومن سورة الزمر، والبزار (964 - البحر الزخار)، وأبو يعلى (668 و 687)، والطبري في "التفسير"(24/ 1 - 2)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 91 - 92)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 435 و 4/ 572) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد اللَّه بن الزبير عن الزبير به.

وهذا إسناد حسنٌ، رجاله كلهم ثقات غير محمد بن عمرو فهو حسن الحديث.

(3)

رواه البخاري (4760) في (التفسير): باب قول اللَّه تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)} ، و (6523) في (الرقاق): باب الحشر. ومسلم (2806) في (صفات المنافقين): باب يحشر الكافر على وجهه، من حديث أنس بن مالك.

(4)

"جمع كُلَّاب -بضم الكاف وتشديد اللام-: حديدة معوجة الرأس ينشل بها الشيء أو يعلق، والحسك: نبات تعلق ثمرته بصوف الغنم، ورقه كورق الرجلة وأدق، وعند ورقه شوك صلب، ويصنع على مثال شوكه أداة للحرب من حديد أو قصب"(و).

(5)

رواه البيهقي -أظنه في "البعث والنشور" -كما في "النهاية" لابن كثير (ص 226) - من طريق يزيد بن زريع: حدثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن عائشة فذكره. =

ص: 215

وسئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه الرجلُ يحبُّ القوم ولَمَّا يعمل بأعمالهم؟ فقال: "المرء مع من أحب"(1).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن الكوثر؟ فقال: "هو نهر أعطانيه ربي في الجنة هو أشدُّ بياضًا من اللبن وأحلى من العسل، فيه طيور أعناقها كأعناق الجُزر وقيل: يا رسول اللَّه إنها لناعمة قال: "آكلها أنعم منها" (2).

= ورواه بلفظ أخصر قليلًا أبو داود (4755) في (السنة): باب في ذكر الميزان، ومن طريقه البيهقي من طريق يونس به.

ورواه أحمد في "مسنده"(6/ 101) -مختصرًا- وابن راهويه في "المسند"(806) وابن أبي الدنيا في "الأهوال"(رقم 67) وابن جرير في التفسير (13/ 253) وأبو الليث في "بحر العلوم"(2/ 211). والآجري في "الشريعة"(ص 385 - ط الفقي) والحاكم (4/ 578) والتيمي في "الحجة"(1/ 466) من طرق عن الحسن.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين، لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة، على أنه قد صحت الروايات أن الحسن كان يدخل وهو صبي منزل عائشة وأم سلمة".

أقول: الحسن البصري مدلس، وقد عنعن، ثم ينظر في سماعه من عائشة، فقد قال أحمد بن حنبل: ويُروى حكايات عن الحسن أنه سمع من عائشة وهي تقول: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم بريء ممن فرق دينه.

وأخرجه أحمد (6/ 110) -ومن طريقه ابن ناصر الدين في "منهاج السلامة"(ص 79 - 80) - والآجري (ص 384) وأبو الليث السمرقندي في "تنبيه الغافلين"(1/ 54) من طريق يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم عن عائشة رفعته قال ابن ناصر الدين عقبه: "إسناده ثقات سوى ابن لهيعة". قلت: وهو ضعيف، وانظر:"المجمع"(10/ 359).

وأخرجه عبد الغني بن سعيد في "الزهد والرقائق" -كما في "منهاج السلامة"(ص 80 - 81) - والواحدي في "الوسيط"(2/ 350 - 351) عن عصام بن طليق -وهو واه- عن داود بن أبي هند عن عامر عن مسروق عن عائشة رفعته، وإسناده ضعيف جدًا.

وأخرجه الفسوي في "فوائده" -كما في "منهاج السلامة"(ص 81) - والطبراني (7890) والواحدي في "الوسيط"(3/ 239 - 240) والآجرِّي في "الشريعة"(ص 385 - 386) من طريق علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي عن عائشة رفعته.

قلت: علي بن يزيد الألهاني، منكر الحديث، فإسناده ضعيف جدًا، وانظر:"مجمع الزوائد"(7/ 86).

(1)

رواه البخاري (6168 و 6169) في (الأدب): باب علامة الحب في اللَّه، ومسلم (2640) في (البر والصلة): باب المرء مع من أحب، من حديث ابن مسعود.

ورواه البخاري (6170)، ومسلم (2641)، من حديث أبي موسى الأشعري، ولفظ الحديثين:"الرجل يحب القوم، ولما يلحق بهم".

(2)

رواه أحمد في "مسنده"(3/ 220 - 221 و 236 و 237)، والترمذي (2547) في (صفة

ص: 216

وسئل صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس النار؟ فقال: "الأَجوفان: الفم والفرج"، وعن أكثر ما يدخلهم الجنة؟ فقال:"تقوى اللَّه وحسن الخلق"(1).

= الجنة): باب ما جاء في صفة طير الجنة وهناد في "الزهد"(136) وبقي بن مخلد في "ما روي في الحوض والكوثر"(رقم 30، 31) وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 79، 144). وأبو نعيم في "صفة الجنة"(342)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 537) والبيهقي في "البعث والنشور"(122، 123)، والطبري في "تفسيره"(12/ 720) من طرق عن عبد اللَّه بن مسلم بن شهاب الزهري عن أنس بن مالك به.

وقد وقع في بعض طرق أحمد وبقي: عبد اللَّه بن مسلم عن ابن شهاب وهو خطأ، وعبد اللَّه هذا هو أخو محمد بن مسلم بن شهاب الإِمام المعروف، وهو من الثقات أيضًا.

وقد اختلفت الروايات في السائل ففي بعضها: أبو بكر وفي الأخرى: عمر.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وأصل الحديث في "صحيح مسلم"(400)، وفي الباب عن ابن عمر، خرجته في تعليقي على "الأقوال القويمة"(ص 399) للبقاعي.

و"الجزر: جمع جزور: البعير ذكرًا كان أم أنثى"(و).

(1)

رواه ابن ماجه في "الزهد"(4246) باب ذكر الذنوب، والبغوي في "شرح السنة" (3498) من طرق عن ابن إدريس قال: سمعت أبي وعمي يذكران عن جدي عن أبي هريرة به.

ورواه الترمذي (2004) في (البر والصلة): باب ما جاء في حسن الخلق، والبخاري في "الأدب المفرد"(294)، وابن حبان (476)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(رقم 4429)، والحاكم (4/ 324)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2756) من طرق عن ابن إدريس عن أبيه عن جده به.

ورواه أحمد في "مسنده"(2/ 191 و 392 و 442)، والبخاري في "الأدب المفرد"(289)، والطيالسي (2015 - منحة المعبود)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5408 و 8007)، والبغوي في "شرح السنة"(3497) من طرق عن داود بن يزيد عم ابن إدريس عن أبيه عن أبي هريرة به.

قال الترمذي: صحيح غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح"(10/ 458 - 459) ناقلًا تصحيح الترمذي وابن حبان.

أقول: ابن إدريس هو عبد اللَّه بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، هو وأبوه ثقتان.

وأما جده يزيد فقد وثقه ابن حبان والعجليّ!

لكن روى عنه جمع فمثلهُ حسن الحديث إن شاء اللَّه تعالى.

وأما عمّه فهو داود بن يزيد، وهو ضعيف، لكنه مُتابع كما ترى.

تنبيه: وقع في المطبوع من "المسند"(2/ 291) داود بن يزيد عن أبي هريرة، وهو خطأ إذ سقط منه "عن أبيه".

ص: 217

وسئل صلى الله عليه وسلم عن المرأة تتزوج الرَّجلين والثلاثة مع من تكون منهم يوم القيامة؟ فقال: "تُخيَّر فتكون مع أحسنهم خُلُقًا"(1).

وسئل صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ فقال: "أن تجعل للَّه ندًا وهو خلقك"، قيل: ثم ماذا؟ قال: "أن تَقتل ولدك خَشيةَ أن يطعَم معك". قيل: ثم ماذا؟ قال: "أن تزني (2) بحليلة جارك"(3).

وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحبُّ إلى اللَّه؟ فقال: "الصلاة على وقتها" وفي لفظ: "لأول وقتها" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل اللَّه". قيل: ثم ماذا؟ قال: "بِرُّ الوالدين"(4).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوله: {يَاأُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] وبين عيسى وموسى عليهما السلام ما بينهما؟ فقال: "كانوا يسمّون بأنبيائهم، وبالصالحين قبلهم"(5).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن أول أشراط الساعة؟ فقال: "نارٌ تحشر الناس من المشرق

(1) هو جزء من حديث سيأتي بطوله عند المصنف قريبًا، وروى هذه القطعة منه: الطبراني في "الكبير"(23/ 870) من طريق سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن حسان عن الحسن عن أمه عن أم سلمة. . . وفيه: قلت: يا رسول اللَّه المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ثم تموت فتدخل الجنة، ويدخلون معها من يكون زوجها؟ قال:"يا أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقًا"، قال الهيثمي في "المجمع" (7/ 119 و 10/ 417 - 418):"رواه الطبراني: وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعّفه أبو حاتم وابن عدي". وفي الباب عن أم حبيبة: رواه البزار (1980)، والطبراني في "الكبير"(23/ 411)، وعزاه ابن كثير في "النهاية" لأبي بكر النجاد، قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 24)؛ "وفيه عبيد بن إسحاق وهو متروك، وقد رضيه أبو حاتم، وهو أسوأ أهل الإسناد حالًا".

(2)

في (ك): "تزاني".

(3)

رواه البخاري في "صحيحه" في مواطن منها: (4477) في (التفسير): باب قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} و (4761) في باب {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} ، ومسلم (86) في (الإيمان)؛ باب كون الشرك أقبح الذنوب، من حديث ابن مسعود، وهذا لفظ مسلم.

(4)

رواه البخاري (527) في (مواقيت الصلاة): باب فضل الصلاة لوقتها، و (2782) في (الجهاد): باب فضل الجهاد، و (5970) في (الأدب): باب البر والصلة، و (7534) في (التوحيد): باب وسمّى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملًا، ومسلم (85) في (الإيمان): باب كون الإيمان باللَّه أفضل الأعمال، من حديث ابن مسعود.

(5)

رواه مسلم (2135) في (الآداب): باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء، من حديث المغيرة بن شعبة.

ص: 218

إلى المغرب" (1).

وهذه إحدى مسائل عبد اللَّه بن سلام الثلاث، والمسألة الثانية: ما أوَّل طعام يأكله أهل الجنة؟ والثالثة: سبب شبه الولد بأبيه وأمه، فولَّدها الكاذبون وجعلوها كتابًا مستقلًا سموه:"مسائل عبد اللَّه بن سلام"، وهي هذه الثلاثة في "صحيح البخاري"(2).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن الإِسلام؟ فقال: "شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه وإقام الصلاة وإيتاء (3) الزكاة وصوم رمضان وحج البيت"(4).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن الإيمان؟ فقال: "أَن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت"(5).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن "الإحسان؟ فقال: "أن تعبدَ اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك" (6).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] فقال: "هم الذين يصومون [ويصلون] ويتصدَّقون، ويخافون أن لا يقبل منهم"(7).

(1) و (2) هما جزء من حديث رواه البخاري في قصة إسلام عبد اللَّه بن سلام في مواطن منها: (3329) في (أحاديث الأنبياء): أوله، من حديث أنس بن مالك.

وأما الكتاب الكذب الذي أشار إليه "في مسائل عبد اللَّه بن سلام"، فالذي ولده وزاد عليه بواطيل وترهات: أحمد بن عبد اللَّه الجويباري الكذاب، وللإمام البيهقي جزء مفرد في بيان ذلك، وحققته عن أصلين خطيين، وهو مطبوع في المجموعة الثانية من "مجموعة أجزاء حديثية" والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات.

(3)

في (ك): "واتيان".

(4)

و (5) و (6) هي ثلاثة أسئلة في حديث جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: أخرجه البخاري (50) في (الإيمان): باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإِسلام والإحسان وعلم الساعة، و (4777) في (التفسير): باب {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} ، ومسلم (9) في (الإيمان): باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان، من حديث أبي هريرة.

ورواه مسلم (8) من حديث عمر بن الخطاب.

(7)

رواه أبو يعلى (4917) من طريق جرير عن ليث عن رجل عن عائشة فذكره نحوه، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث وهو ابن أبي سُليم، وجهالة الرجل.

ورواه الطبري (9/ 225) من طريق عبد اللَّه بن إدريس عن ليث عن مغيث عن رجل عن عائشة به.

ورواه الطبري (9/ 225) من طريق جرير عن ليث هو ابن أبي سُليم، وهشيم عن العوام جميعًا عن عائشة. =

ص: 219

وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] الآية؟ فقال: إن اللَّه تعالى خلق آدم، ثم مسح على ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال: خَلقتُ هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح [على] (1) ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون" فقال رجل: يا رسول اللَّه ففيم العمل؟ فقال: "إن اللَّه إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل النار" (2).

= وهذا إسناد ضعيف؛ العوام لم يسمع من عائشة.

ورواه الواحدي في "الوسيط"(3/ 293) عن جرير عن ليث عن (عمرة؟) عن عائشة به.

ورواه الحميدي (275)، وأحمد (6/ 159 و 206) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (17/ 145) - والترمذي (3188) في "التفسير": باب ومن سورة المؤمنين، وابن ماجه (4198) في "الزهد": باب التوقي عن العمل، والطبري (9/ 225)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(762)، والحاكم (2/ 393) والبغوي في "معالم التنزيل" (4/ 151) من طرق عن مالك بن مغول: حدثنا عبد الرحمن بن سعيد بن وهب عن عائشة.

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي! مع أن عبد الرحمن هذا لم يدرك عائشة، قاله أبو حاتم في "المراسيل"(127).

أما الترمذي فقال: وقد رُوي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا.

أقول: أخرجه الطبري (9/ 225): من طريق ابن حميد: حدثنا الحكم بن بشير: حدثنا عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قالت عائشة. . . وهذا إسناد جيد، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).

(1)

ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

(2)

رواه مالك في "الموطأ"(2/ 898 - 899 - ورواية يحيى ورقم 1873 - رواية أبي مصعب ورقم 644 - رواية سويد)، ومن طريقه رواه أبو داود (4703) في (السنة): باب القدر، والترمذي (3075) في (التفسير): باب ومن سورة الأعراف، والنسائي في "تفسيره"(210) وأحمد (1/ 44 - 45)، وابن وهب في "القدر"(10، 11)، وابن جرير الطبري في "التفسير"(15357)، و"تاريخه"(1/ 135)، وابن حبان (6166)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(990)، والآجري في "الشريعة"(ص 170)، وابن أبي عاصم في "السنة"(196)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 27 و 2/ 324 - 325 و 544) وابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1612) والفريابي في "القدر"(رقم 27، 28) وأبو القاسم الجوهري في "مسند الموطأ"(رقم 367)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" =

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (710) والبغوي (77) وفي "تفسيره"(2/ 211، 544) عن زيد بن أبي أنيسة قال: إن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار الجهني قال: إن عمر بن الخطاب فذكره.

وصححه الحاكم في المواضع الثلاثة، وقد تعقبه الذهبي في الموضع الأول فقال: فيه إرسال، ووافقه في الموضعين الثاني والثالث!

وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وعمر رجلًا.

أقول: هذا الرجل هو نعيم بن ربيعة، وقد رواه بذكره أبو داود (4704) وابن وهب في "القدر"(رقم 9) وابن أبي عاصم (201)، والطبري (15358)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(8/ 97)، والدارقطني في "العلل"(2/ 220) والجوهري في "مسند الموطأ"(333 - 334) ومحمد بن نصر في "الرد على ابن محمد بن الحنفية" -كما في "النكت الظراف"(8/ 113) - والضياء في المختارة" (رقم 290)، وابن عبد البر في "التمهيد" (6/ 4 و 4 - 5) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (34/ 71، 72) من طرق عن زيد بن أبي أنيسة به.

قال الدارقطني في "علله"(2/ 222): "وهذا الحديث يرويه زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة عن عمر حدث عنه كذلك يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، وجوّد إسناده ووصله، وخالفه مالك فرواه عن زيد بن أبي أنيسة، ولم يذكر في الإسناد نعيم بن ربيعة وأرسله عن مسلم بن يسار عن عمر وحديث يزيد بن سنان متصل، وهو أولى بالصواب واللَّه أعلم.

وقد تابعه عمر بن جُعثم؛ فرواه عن زيد بن أبي أنيسة كذلك قاله بقية بن الوليد عنه" مع أنه رجح في "أحاديث الموطأ" (18) الإرسال! وانظر: "الأحاديث التي خولف فيها مالك" له (ص 156 - 157 رقم 80).

أقول: يزيد ضعيف، وعمر في عداد المجاهيل إذ لم يوثقه إلا ابن حبان!

نعم رواه عن زيد موصولًا خالد بن أبي يزيد كما في "التمهيد" وهو من الثقات، ولم يذكره الدارقطني رحمه الله.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": "الظاهر أن الإِمام مالكًا إنما أسقط ذكر نعيم بن ربيعة عمدًا لما جهل حال نعيم، ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الإسناد، ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيرًا من المرفوعات ويقطع كثيرًا من الموصولات".

وقال ابن عبد البر (6/ 3): "هذا الحديث منقطع الإسناد لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب، وزيادة من زاد فيه: نعيم بن ربيعة ليست بحجة؛ لأن الذي لم يذكره أحفظ، وإنما تقبل الزيادة من الحافظ المتقين، وجملة القول في هذا الحديث: أنه =

ص: 221

وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105] فقال: "بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحًّا مطاعًا، وهوًى متبعًا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العوام"(1).

= حديث ليس إسناده بالقائم؛ لأن مسلم بن يسار، ونعيم بن ربيعة غير معروفين يحمل العلم، ولكن معنى الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها".

وقال الشيخ صالح المَقْبلي في "الأبحاث المسددة": "ولا يبعد دعوى التواتر المعنوي في الأحاديث والروايات في ذلك": أي في إخراج الذرية من ظهر آدم، وإشهادهم على أنفسهم، نقله صديق حسن خان في "فتح البيان"(3/ 406).

ثم ذكر شواهد انظرها هناك، وانظرها أيضًا في "أحكام أهل الذمة"(2/ 971 - 999) و"تفسير سعيد بن منصور"(5/ 161 - 170).

وتدبر هذا مع قوله سبحانه: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، وقوله:{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: 118](و).

(1)

رواه البخاري في "خلق أفعال العباد"(224) وأبو داود (4341) في (الملاحم): باب الأمر والنهي، والترمذي (3068) في (التفسير): باب ومن سورة المائدة، وابن ماجه (4014) في (الفتن): باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ. . .} ، وابن حبان (385)، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(524) وابن أبي الدنيا (2) وعبد الغني المقدسي (19) كلاهما في "الأمر بالمعروف" وابن نصر في "السنة"(31) والطبراني في "مسند الشاميين"(753، 754) وأبو عمرو الداني في "الفتن"(923 - 925) وابن وضاح في "البدع"(رقم 234) والطحاوي في "المشكل"(1171، 1172) والطبري في "تفسيره"(7/ 97) وابن أبي حاتم في "التفسير"(4/ 1225 رقم 6915)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(10/ 91، 92)، و"الآداب"(202) و"الاعتقاد"(ص 167)، وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 30)، والبغوي في "شرح السنة" (4156) والمزي في "تهذيب الكمال" (21/ 564) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم: حدثني عمرو بن جارية اللخمي: حدثنا أبو أمية الشَّعباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني. . . فذكره.

وهذا إسناد فيه نظر: عتبة هذا تكلم فيه جماعة، وقال أبو داود: واللَّه الذي لا إله إلا هو إنه لمنكر الحديث.

ووثقه البعض.

وعمرو بن جارية ذكره ابن حبان في "الثقات"! ولم يرو عنه إلا عتبة، وأمية بن هند، وهذا في عداد المجاهيل! بل جعل البخاري عمرو بن جارية اثنين، ولم يذكر لهذا راويًا إلا عتبة فقط، وقد عرفت حال عتبة.

وأبو أمية اسمه يُحمد، وقيل: عبد اللَّه بن أخامر روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: أدرك الجاهلية.

ص: 222

وسئل صلى الله عليه وسلم عن الأدوية والرُّقى هل تردُّ من القدر شيئًا؟ فقال: "هي من القدر"(1).

وسئل صلى الله عليه وسلم عمن يموت من أطفال المشركين؟ فقال: "اللَّه أعلم بما كانوا عاملين"(2) ،

(1) رواه أحمد (3/ 421)، والترمذي (2065) في (الطب): باب ما جاء في الرقى والأدوية، وابن ماجه (3437) في (الطب): باب ما أنزل اللَّه داء إلا أنزل له شفاء، والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 412)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2610 و 2611)، والحاكم (4/ 199) وأبو نعيم في "معرفة "الصحابة" (5/ 2871 رقم 6754) -ووضعه في الكنى في حرف الحاء المهملة لا المعجمة- و (5/ 2819 رقم 6676) من طرق عن الزهري عن أبي خِزامة عن أبيه. وعند ابن أبي عاصم وقع:"أبو خزيمة عن أبيه".

وقد اختلف في إسناد هذا الحديث: فبعضهم يقول: عن الزهري عن أبي خزامة عن أبيه. وقال بعضهم: عن ابن أبي خزامة، انظر:"تاريخ الدوري"(3/ 115، 127) و"توضيح المشتبه"(3/ 194).

وقد رجح الإِمام أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان -كما في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 338) - والترمذي وابن عبد البر وغير واحد عن الزهري عن أبي خزامة عن أبيه، واسم أبيه يَعْمر، أفاده الدارقطني في "المؤتلف"(4/ 2237) وأبو نعيم.

قال الترمذي: ولا نعرف لأبي خزامة عن أبيه غير هذا الحديث.

أقول: فهو في عداد المجاهيل، ومع هذا قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح!

ورواه عبد الرزاق (19777) عن الزهري مرسلًا.

وانظر: "الإصابة" ترجمة أبي خزامة.

وله شاهد من حديث حكيم بن حزام: رواه الحاكم (4/ 199) من طريق صالح بن أبي الأخضر (في المطبوع ابن الأخضر وهو خطأ): عن الزهري عن عروة عنه به.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد رواه يونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث بإسناد آخر وهو المحفوظ.

ثم ذكر إسناد الحديث السابق.

أقول: في عبارة الحاكم أمور:

أولًا: تصحيحه للحديث مع أن فيه صالحًا وهو ضعيف.

ثانيًا: تصحيحه للحديث ثم ترجيحه إسناد الحديث السابق.

وليس عجبًا من تصحيح الحاكم، ولكن العجب من موافقة الذهبي له. وفي الحقيقة وقع وهم في هذا الإسناد، فإن ثقات أصحاب الزهري رووه عنه عن أبي خزامة عن أبيه كما سبق، وخالفهم صالح فجعله من مسند حكيم بن حزام!

وأعجب كيف فات هذا على مُحقِّقيّ "زاد المعاد" حيث نقلا تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي! وفي الإسناد ما فيه.

(2)

رواه البخاري (1384) في (الجنائز): باب ما قيل في أولاد المشركين، و (6600) في (القدر): باب اللَّه أعلم بما كانوا عاملين، ومسلم (2659) في (القدر): باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، من حديث أبي هريرة.

ورواه البخاري (1383 و 6597)، ومسلم (2660)، من حديث ابن عباس.

ص: 223

وليس هذا [قولًا](1) بالتوقف، كما ظنَّه بعضهم، ولا [قولًا](1) بمجازاة اللَّه لهم على ما يعلمه منهم أنهم [كانوا](2) عاملوه لو كانوا عاشوا، بل هو جواب فَصْل، وأن اللَّه تعالى يعلم ما هم عاملوه وسيجازيهم على معلومه فيهم بما يظهر منهم يوم القيامة لا على مجرَّد علمه، كما صرَّحت به سائر الأحاديث واتفق عليه أهل الحديث أنهم يُمتحنون يوم القيامة فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار (3).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن سبأ هل هو أرض أم امرأة؟ فقال: ليس بأرض، ولا امرأة،

(1) في (ك): "قولنا".

(2)

ما بين المعقوفتين من (ك) وحدها.

(3)

امتحان الأطفال وارد في أحاديث:

أولًا: حديث أنس؛ رواه البزار (2177)، وأبو يعلى (4224) من طريق ليث عبد الوارث عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأربعة يوم القيامة: بالمولود وبالمعتوه، وبمن مات في الفترة والشيخ الفاني. . . ".

قال الهيثمي (7/ 216): "وفيه ليث ابن أبي سُليم وهو مدلس وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح".

أقول: ظن الهيثمي أن عبد الوارث هو ابن سعيد الثقة، وليس كذلك، فهو ليس من هذه الطبقة، وإنما هو عبد الوارث مولى أنس.

قال أبو حاتم: شيخ، وقال الترمذي عن البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: مجهول، وضعفه الدارقطني.

وليث أبي سليم ضعيف كذلك ولذا قال المصنف في "طريق الهجرتين"(ص 705 - ط دار ابن كثير): هذا لم يعتمد عليه بمجرده لمكان ليث بن أبي سُليم.

ثانيًا: حديث أبي سعيد الخدري؛ رواه البزار (2176)، وأبو القاسم في "الجعديات"(2126) والذهلي -كما في "طريق الهجرتين"(ص 705 - 706) - من طريق فضيل بن مروزق عن عطية العوفي عنه.

قال الهيثمي (7/ 216): وفيه عطية وهو ضعيف.

ثالثًا: حديث معاذ.

رواه الطبراني في "الكبير"(20/ 158) وأبو نعيم (5/ 127) والحكيم في "نوادر الأصول"(87) من طريق عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عنه.

قال الهيثمي (7/ 217): "وفيه عمرو بن واقد هو متروك عند البخاري وغيره، ورمي بالكذب، وقال محمد بن المبارك الصوري: كان يتبع السلطان، وكان صدوقًا، وبقية رجال الكبير رجال الصحيح".

أقول: لا أدري من هذا الصوري الذي حسّن أمر عمرو، وإلا فقد تناوله أهل الجرح والتعديل، وقد ختم الذهبي في "الميزان" ترجمة عمرو هذا بعد أن ذكر له جملة من الأحاديث وقال:"هو هالك"، وقال المصنف في آخر "طريق الهجرتين" (ص 704):"وإن كان عمرو بن واقد لا يححج به، فله أصل وشواهد، والأصول تشهد له، وفي الباب أحاديث غير هذا". =

ص: 224

ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن (1) منهم ستة وتشاءم (2) منهم أربعة؛ فأما الذين تشاءموا: فلَخْمٌ وجَذَام وغسَّان وعَامِلة، وأما الذين تيامنوا: فالأزد والأشعريون وحِمْيرَ وكِنْدَة ومُذْحَج، وأنمار. . . فقال رجل: يا رسول اللَّه، وما أنمار؟ فقال:"الذين منهم خَثْعم وبَجِيلة"(3).

= أقول: حديث معاذ هذا ضعيف جدًا، وحديث أنس قريب منه، وحديث أبي سعيد ضعيف، فلا أظنها تقوي بعضها بعضًا، ومع هذا فقد ذكر شيخنا الألباني الحديث في "السلسلة الصحيحة"(2468) واللَّه أعلم.

واعلم أن الحديث قد روي بدون ذكر الأطفال، حيث ذكر بدلًا منه، "الأصم" بأسانيد أصح من التي ذكرت، فانظر "الصحيحة"(1434)، و"صحيح ابن حبان"(7357).

(1)

و (2)"تيامن: ذهب إلى اليمن، وتشاءم: ذهب إلى الشام"(ط).

(3)

هو جزء من حديث طويل؛ رواه مطولًا ابن أبي شيبة (12/ 362) وفي "مسنده"(2/ 225 رقم 713) والترمذي (3236) باب ومن سورة سبأ وعبد اللَّه بن أحمد في "زوائد المسند" -وهو ليس في مطبوعه (1) وعزاه له ابن حجر في "أطراف المسند"(5/ 178) و"إتحاف المهرة"(12/ 651) وابن كثير في "جامع المسانيد"(10/ 270 - 271) - وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1699)، وابن جرير الطبري (10/ 360)، والطبراني في "الكبير"(18/ 836)، وأبو يعلى (6852)، ولكنه لم يسق لفظه، والرازي في "تاريخ صنعاء"(ص 143، 144) وابن شبة في "تاريخ المدينة"(1/ 550 - 551) والأزهري في "معاني القراءات"(ص 237) والسمعاني في "الأنساب"(1/ 28 - 29، 31) وابن الجوزي في "المنتظم"(1/ 249)، والمزي في "تهذيب الكمال"(23/ 175)، واختصره أبو داود (3988) في "الحروف والقراءات" مقتصرًا على الجزء المذكور هنا رووه كلهم من طريق أبي أسامة حماد بن سلمة (وعند الطبراني: أسامة، وهو خطأ): حدثني الحسن بن الحكم النخعي: حدثني أبو سَبْرة النخعي عن فروة بن مُسيك به.

وتوبع حماد، رواه السمعاني في "الأنساب"(1/ 31 - 32) عن عبد اللَّه بن الأجلح الكندي عن الحسن بن الحكم به.

قال الترمذي: حديث حسن غريب. وجوّد إسناد ابن كثير في تفسير سورة سبأ، أقول: أبو سبرة هذا قال ابن معين: لا أعرفه، وذكره ابن حبان في "الثقات" كعادته، ومع هذا قال الذهبي رحمه الله في "الكاشف":"ثقة"، مع أنه يقول في أمثال هذا: وُثق.

وهذا الجزء من الحديث، رواه البخاري في "تاريخه الكبير"(7/ 126)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1700) و (2469)، والطبراني في "الكبير"(18/ 838)، والحاكم (2/ 424) والسمعاني في "الأنساب" (1/ 29 - 30) من طريق فرج بن سعيد عن عم أبيه (وفي بعض المصادر: عمه وهو خطأ، انظر:"إتحاف المهرة"(12/ 650))، ثابت بن سعيد عن أبيه سعيد عن أبيه عن فروة بن مسيك به. =

_________

(1)

ثم وجدته فيه (39/ 527 - 528 رقم 24009/ 87، 89، 90 - ط مؤسسة الرسالة).

ص: 225

وسئل عن قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 64] فقال صلى الله عليه وسلم: "هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له"(1).

= وثابت وأبوه في عداد المجاهيل.

ورواه أيضًا أحمد في "المسند"(39/ 528 - 531 - ط الرسالة) -كما في "إتحاف المهرة"(12/ 650 - 651) و"أطراف المسند"(5/ 178) و"جامع المسانيد"(10/ 270) لابن كثير، وهو ليس في مطبوعه (1) -وابن قانع في "معجم "الصحابة" (12/ 4284 رقم 1544) وأبو نعيم في "معرفة "الصحابة"(4/ 2287 رقم 5656) و"أخبار أصبهان"(1/ 202) والطبراني (18/ 834 و 835)، وابن جرير الطبري (10/ 360) من طرق عن فروة بن مسيك مما يقوي أمر هذا الحديث.

وله شاهد من حديث ابن عباس، رواه أحمد (1/ 316)، والحاكم (2/ 423)، وابن عدي (4/ 1470)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسّن إسناده الحافظ ابن كثير في "تفسيره"، وحسن ابن عبد البر في "الاستيعاب"(3/ 1261) الحديث.

(1)

ورد من حديث أبي الدرداء وعبادة وأبي هريرة، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص.

أما حديث أبي الدرداء؛ فقد رواه أحمد (6/ 445، 447)، وسعيد بن منصور في "السنن"(1067) وابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 1965 رقم 10459) وابن أبي شيبة (11/ 51) وفي "مسنده"(1/ 42 - 43 رقم 26)، والطبري (6/ 577 - 578 و 579)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(2180)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4751) من طرق عن شعبة وسفيان بن عيينة ووكيع وأبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح ذكوان عن عطاء بن يسار عن شيخ من أهل مصر عنه.

وخالفهم جرير؛ فرواه عن الأعمش عن أبي صالح عن عطاء عن أبي الدرداء بإسقاط الرجل.

أخرجه الطبري (6/ 579).

ورواية الجماعة أولى؛ لأنه قد رواه أيضًا غير الأعمش عن أبي صالح بإثبات الرجل كان أهل مصر، فقد رواه أحمد (6/ 447) والحميدي (391) والفسوي (2/ 699)، والطبري (6/ 579)، والترمذي بعد (3115) في "التفسير" باب ومن سورة يونس، والحاكم (4/ 391)، والبيهقي (4752) من طريق ابن عيينة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح به.

ورواه أحمد (6/ 447) وسعيد بن منصور (1066) والترمذي (2278 و 3115)، والطبري (6/ 578) وابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 1965 رقم 10460)، والبيهقي (4752) من طريق ابن عيينة عن محمد بن المنكدر عن عطاء يخبر عن رجل من أهل مصر قال سألت أبا الدرداء به.

وهذه أسانيد رواتها من الثقات الأثبات تبين أن هناك رجلًا مبهمًا بين عطاء بن يسار وأبي الدرداء، وعلقه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 88 - 89 رقم 1760) عن الأعمش وسأل أباه عن الشيخ الذي من أهل مصر فقال:"لا يعرف". =

_________

(1)

ثم وجدته في طبعة مؤسسة الرسالة (39/ 528 - 531).

ص: 226

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد خالف جميع من ذكرنا (الأعمشَ وعبد العزيز بن رفيع وابن المنكدر) عاصمُ بن بهدلة؛ فرواه عن أبي صالح قال: سمعت أبا الدرداء فذكره.

أخرجه ابن أبي شيبة (11/ 52) وابن جرير (6/ 580) من طريق حجاج بن منهال عن حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة به.

أقول: في هذا السند وَهْمٌ ولا بد، وذلك لأن الثقال -كما قلت- رووه عن أبي صالح وذكروا بينه وبين أبي الدرداء واسطتين وهنا رواه عاصم -وهو صاحب أوهام معروفة وحديثه لا يزيد عن الحسن- فجعله عن أبي صالح عن أبي الدرداء بلا واسطة، فأسقط الواسطتين فهذا لا شك وهم، ثم بالنظر إلى وفاة أبي الدرداء الذي توفي في خلافة عثمان، وقيل بعد ذلك، كما في "التقريب"، ووفاة أبي صالح سنة (101) يظهر أن في سماعه منه نظرًا، وبعد أن كتبت هذا رأيت الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/ 135) يقول: وفي سماع أبي صالح من أبي الدرداء نظر، فتأكد ما عندي والحمد للَّه على توفيفه.

ومما يؤكد أيضًا وجود الوهم في تصريح أبي صالح بالسماع من أبي الدرداء أن الترمذي روى الحديث (3116) من طريق أحمد بن عبدة الضبي عن حماد بن زيد عن عاصم عن أبي صالح عن أبي الدرداء، ورواه ابن جرير من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم به، دون ذكر السماع.

ولو فرضنا أن أبا صالح سمع من أبي الدرداء، فإن رواية عاصم بن بهدلة وهم لا شك فيها لمخالفته أهل الثقة والإتقان، إذ إن هؤلاء الثلاثة الذين ذكرت كل واحد منهم أوثق من عاصم بدرجات!

وقد اغتر بظاهر سند ابن جرير المعلِّق على "مشكل الآثار"(5/ 421) وشيخنا الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(رقم 1786) فحسّنا إسناده، وقد عرفت ما فيه.

وعزاه الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"(2/ 133) إلى الطيالسي وابن راهويه وأبي يعلى والطبراني، وعزاه في "الدر المنثور"(4/ 374) إلى الحكيم في "نوادر الأصول" وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

وأما حديث عبادة بن الصامت؛ فرواه أحمد (5/ 315، 321، 325)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(ق 98/ ب) وأبو داود الطيالسي (1955)، والدارمي (2/ 123)، والترمذي (2280) في (الرؤيا): باب قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، وابن ماجه (3898)، والطبري (6/ 577 و 578 و 579 و 580) والشاشي (1169، 1216، 1217) وابن عدي (4/ 1532) والواحدي في "الوسيط"(2/ 553)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4753)، والحاكم (2/ 340 و 4/ 391)، من طرق عنه، وفي بعض أسانيده اختلاف.

وعزاه في "الدر المنثور"(4/ 374) أيضًا إلى الحكيم الترمذي وابن المنذر والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه.

وأما حديث أبي هريرة؛ فرواه ابن جرير الطبري (6/ 578) من طريق عمار بن محمد =

ص: 227

وسئل عن أفضل الرقاب، يعني في العتق، فقال:"أَنفسُها عند أهلها، وأغلاها ثمنًا"(1).

وسئل صلى الله عليه وسلم: عن أفضل الجهاد، فقال:"من عُقِرَ جواده وأُريق دمه"(2).

وسئل صلى الله عليه وسلم: عن أفضل الصدقة، فقال:"أَن تتصدق، وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقر وتأمل الغنى"(3).

= عن الأعمش عن أبي صالح عنه، وهذا إسناد على شرط مسلم.

وأما حديث عبد اللَّه بن عمرو؛ فرواه أحمد (2/ 219 - 220) من طريق حسن الأشيب عن أبي لنهيعة عن دَرَّاج عن عبد الرحمن بن جبير عنه.

قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 36): وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن وفيه ضعف.

أقول: وابن لهيعة توبع، فقد تابعه عمرو بن الحارث به.

أخرجه ابن جرير (6/ 581) والواحدي في "الوسيط"(2/ 553) من طريق ابن وهب عن عمرو، وهذا إسناد حَسَن في الشواهد رواته ثقات غير دَرَّاج ففيه كلام.

فالحديث بهذه الطرق صحيح بلا شك، واللَّه أعلم.

وروى مسلم (479) في (الصلاة): باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع من حديث ابن عباس "أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له" وهذا ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل، فالاقتصار على ذكره لتدليل على مراد المصنف قصور، ولا تنس أن المقام في "فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم".

(1)

رواه البخاري (2518) في (العتق): باب أي الرقاب أفضل، ومسلم (84) في (الإيمان) باب كون الإيمان باللَّه تعالى أفضل من الأعمال، من حديث أبي ذر الغفاري.

(2)

رواه أحمد في "مسنده"(3/ 300 و 302، 372)، والدارمي (2/ 200)، وأبو داود الطيالسي (1777)، والطبراني في "الصغير"(713)، وابن حبان (4639)، وابن أبي شيبة (4/ 563) وابن عساكر في "الأربعين في الحث على الجهاد"(رقم 38) من طريق الأعمش عن أبي سفيان -طلحة بن نافع- عن جابر به.

ورواه أحمد (3/ 346 و 391)، والحميدي (1276)، وعبد بن حميد (1060) وأبو يعلى (2081) والبزار (1710 - زوائده) والطبراني في "الأوسط"(1247، 4444، ط الطحان) من طرق عن أبي الزبير عن جابر.

وهذه أسانيد صحيحة.

وفي الباب عن جمع من الصحابة: عبد اللَّه بن حُبْشيّ، وأبو هريرة، وابن عباس، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم. انظر:"الجهاد" لابن المبارك (ص 87) و"الجهاد" لابن أبي عاصم (1/ 198 و 2/ 572 - 575).

(3)

رواه البخاري (1419) في (الزكاة): باب فضل صدقة الصحيح والشحيح، و (2748) في "الوصايا": باب الصدقة عند الموت، ومسلم (1032) في "الزكاة": باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح، من حديث أبي هريرة.

ص: 228

وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الكلام أفضل؟ فقال: "ما اصطفى اللَّه للملائكة، سبحان اللَّه وبحمده"(1).

وسئل صلى الله عليه وسلم: متى وجبت لك النبوة؟ وفي لفظ: "متى كنت نبيًا؟ " فقال: "وآدم بين الروح والجسد"(2) هذا هو اللفظ الصحيح والعوام يروونه: "بين الماء والطين".

(1) رواه مسلم في "صحيحه"(2731) في (الذكر والدعاء): باب فضل سبحان اللَّه وبحمده، من حديث أبي ذر الغفاري.

(2)

رواه أحمد في "مسنده"(5/ 59) و"السنة"(864)، والبخاري في "التاريخ"الكبير" (7/ 374)، وابن أبي عاصم في "السنة" (410)، والطبراني في "الكبير" (20/ 833 و 834)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (7/ 60) وابن قانع في "معجم الصحابة" (14/ 5043 رقم 1992، 1993) والطحاوي في "المشكل" (5977) وابن عدي (4/ 1486) وابن جرير في "التاريخ" (ص 569 - المنتخب) والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص 392)، وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 35)، و"معرفة الصحابة" (5/ 2612 رقم 6290، 6291)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (1/ 84 - 85 و 2/ 129)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 608 - 609)، والبغوي، وابن السكن في "الصحابة" -كما في "الإصابة" (3/ 449) - والآجري في "الشريعة" (3/ 1405 - 1407 رقم 943، 944، 945)، من طريق منصور بن سعد، وإبراهيم بن طهمان كلاهما عن بُدَيل عن عبد اللَّه بن شقيق عن ميسرة الفجر قال: قلت: يا رسول اللَّه: متى كتبت نبيًا؟ وفي بعضها: متى كنت نبيًا؟

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

قال ابن حجر في "الإصابة": "وهذا إسناد قوي؛ لكن اختلف فيه على بديل بن ميسرة" ثم ذكر أنه رواه حماد بن زيد عن بديل عن عبد اللَّه بن شقيق مرسلًا، وعزاه للبغوي.

أقول: الإرسال لا يضر ما دام قد وصله منصور بن سعد، وإبراهيم بن طهمان وهما ثقتان.

وله طريق آخر موصول؛ فقد رواه أحمد (4/ 66 و 5/ 379)، وابن أبي عاصم في "السنة"(411)، وفي "الآحاد والمثاني"(2918) من طريق سريج بن النعمان، وهدبة بن خالد كلاهما عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن عبد اللَّه بن شقيق عن رجل قال:. . . فذكره.

وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي (8/ 223)، وصححه ابن حجر في "الإصابة".

لكن رواه ابن سعد في "الطبقات"(1/ 148) و (7/ 59) والطحاوي في "المشكل"(رقم 5976) والمزي في "تهذيب الكمال"(14/ 360)، عن حماد بن سلمة عن عبد اللَّه بن شقيق عن ابن أبي الجدعاء به. =

ص: 229

قال شيخنا (1): وهذا باطل، وليس بين الماء والطين مرتبة واللفظ المعروف ما ذكرناه.

= قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمة ميسرة: وقد قيل إنه عبد اللَّه بن أبي الجدعاء الماضي في العبادلة وميسرة لقب.

وهذا الاحتمال وارد وحينئذ يزول الخلاف، فمرة قال عبد اللَّه بن شقيق: عن رجل، ومرة عن ميسرة ومرة عن ابن أبي الجدعاء، وعلى كل حال فهو اختلاف في تسمية الصحابي، وهذا لا يضر إن شاء اللَّه.

ولفظ: متى وجبت لك النبوة: رواه الترمذي (3618) في (المناقب): باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم وابن حبان في "الثقات"(1/ 47) والحاكم (2/ 609) وأبو نعيم في "الدلائل"(8/ 1) و"أخبار أصبهان"، (2/ 226) والخطيب في "تاريخ بغداد"(5/ 83) والبيهقي في "الدلائل"(2/ 130) واللالكائي في "السنة"(1403) والآجري في "الشريعة"(رقم 946، 947)، من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير (في المطبوع: يحيى بن كثير) عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

أقول: وفيه عنعنة الوليد، وانظر شواهده، في "مجمع الزوائد"(8/ 223).

"وكذلك كل إنسان قدر له قدره، وآدم كذلك"(و).

قلت: معنى هذا الحديث، هو أن اللَّه تعالى قدّر نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم قبل خلق آدم بشرًا سويّا، وهو بيان تقدم قضاء اللَّه بذلك وليس فيه أدنى إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق قبل خلق آدم عليه السلام، قال الغزالي في النفخ والتسوية في قوله صلى الله عليه وسلم:"كنت أول النبيين خلقًا. . " إن المراد بالخلق التقدير دون الإيجاد، فإنه قبل أن ولدته أمه لم يكن موجودًا ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود. . انظر "سبل الهدى والرشاد" للصالحي (1/ 91).

وقال شيخ الإِسلام: "ومن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نبيًا قبل أن يوحى إليه فهو كافر باتفاق المسلمين. وإنما المعنى: إن اللَّه كتب نبوته فأظهرها وأعلنها بعد خلق جسد آدم وقبل نفخ الروح فيه".

انظر "مجموع الفتاوى"(2/ 182 - 183) وقارن (18/ 369) وبتوسع (2/ 237) و"الرد على البكري"(ص 8).

ومما يدل على أن هذا أشهر الروايات وأصحها جاءت بلفظ "كتبت" بدل "كنت" أما الأحاديث التي تدل على قدم خلق النبي صلى الله عليه وسلم فكلها باطلة لا تصح عقلًا ولا نقلًا، وإنما وضعها الخرافيون تأييدًا لعقائدهم الباطلة.

(1)

في "مجموع الفتاوى"(2/ 147، 238 و 8/ 282 و 18/ 125، 369) و"أحاديث القصاص"(رقم 29) و"مجموعة الرسائل والمسائل"(4/ 71، 72) و"الرد على البكري"(8، 9) ونقل جمع كلام ابن تيمية على هذا الحديث، وقبلوه، منهم: السيوطي في =

ص: 230

وذكر الإِمام أحمد في "مسنده" أن أعرابيًا سأله: يا رسول اللَّه أخبرني عن الهجرة إليك، أينما (1) كنتَ أم لقومٍ خاصَّة، أم إلى أَرض معلومة، أم إذا من انقطعت فسأل ثلاث مرات، ثم جلس، فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسيرًا، ثم قال: أين السائل؟ قال: ها هو ذا حاضر يا رسول اللَّه، قال:"الهجرة أَن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، ثم أنت مهاجر، وإن مت في الحضر". فقام آخر فقال: يا رسول اللَّه أخبرني عن ثياب أهل الجنة، أتخلق خلقًا أم (2) تنسج نسجًا قال: فضحك [بعض](3) القوم، فقال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تضحكون من جاهل يسأل عالمًا؟ " فاستلبث (4) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساعة، ثم قال:"أين السائل عن ثياب أهل الجنة؟ " فقال: ها هو ذا يا رسول اللَّه، قال:"لا، بل تنشق عنها ثمار الجنة (5)، ثلاث مرات"(6).

= "الدرر المنتثرة"(331) و"ذيل الموضوعات"(203) والسخاوي في "المقاصد الحسنة"(327) و"الفتاوى الحديثة"(1/ 166 - 168) والزرقاني في "شرح المواهب"(1/ 341) و"مختصر المقاصد"(775) والقاري في "المصنوع"(رقم 233) و"الأسرار المرفوعة"(رقم 693) ومرعي الكرمي في "الفوائد الموضوعة"(89) وابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 341) والعجلوني في "كشف الخفاء"(2/ 129).

(1)

في (ك): "أيما".

(2)

في (ك): "أو".

(3)

ما بين المعقوفتين من (ك).

(4)

في (ك): "فأسكت".

(5)

في (ك): "ثمار أهل الجنة".

(6)

رواه أحمد في "مسنده"(2/ 221 - 222) والنسائي في "الكبرى"(3/ 441) والطيالسي (2337) -ومن طريقه البزار (1750) و (3521) - وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 169) والبخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 112)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(355) والبيهقي في "البعث والنشور"(رقم 323) من طريق محمد بن أبي الوضاح عن العلاء بن عبد اللَّه بن رافع عن حنان بن خارجة عن عبد اللَّه بن عمرو به.

قال الهيثمي: رواه أحمد والبزار وأحد إسنادي أحمد حسن.

أقول: يشير إلى إسناد آخر للحديث عند أحمد يأتي الحديث عنه أما هذا الإسناد فضعيف، حنان بن خارجة هذا قال الذهبي في "الميزان"(1/ 618) لا يعرف، تفرد عنه العلاء بن عبد اللَّه بن رافع، أشار ابن القطان إلى تضعيفه للجهل بحاله". وانظر:"بيان الوهم والإيهام"(4/ 34 - 36 رقم 1454) والعلاء بن عبد اللَّه بن رافع قال عنه ابن حجر: مقبول.

ورواه بلفظ أخصر قليلًا أحمد في "مسنده"(2/ 203): حدثنا أبو كامل: حدثنا زياد بن عبد اللَّه بن علاثة القاص: حدثنا العلاء بن رافع عن الفرزدق بن حيان القاص قال: ألا أحدثكم حديثًا سمعته أذناي ووعاه قلبي لم أنسه بعد؟ خرجت أنا وعبد اللَّه بن حيدة في =

ص: 231

وسئل صلى الله عليه وسلم: أنفضي إلى نسائنا في الجنة؟ وفي لفظ آخر: هل نصل إلى نسائنا في الجنة؟ فقال: "إي، والذي نفسي بيده إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مئة عذراء"(1)، قال الحافظ أبو عبد اللَّه المقدسي: رجال إسناده عندي على شرط الصحيح.

= طريق الشام فمررنا بعبد اللَّه بن عمرو بن العاص. . . وذكره.

أقول: هذا اختلاف على العلاء، فرواه ابن أبي الوضاح عنه عن حنان، كما في الإسناد الأول، ورواه زياد عنه عن الفرزدق كما هو هنا.

والفرزدق هذا ترجمه الحسيني وقال: مجهول، أما الحافظ ابن حجر فتعقبه في "تعجيل المنفعة" وبين أن زياد بن عبد اللَّه أخطأ فيه، وإنما هو حنان بن خارجة المتقدم في الإسناد الأول، وضرب على هذا الأمثلة وبين ذلك بيانًا لا مزيد بعده. وقارنه بـ"النكت الظراف"(6/ 287) له.

فالإسناد إذن واحد ومداره على حنان والعلاء وقد عرفت حالهما!

ولذلك قول الهيثمي: "وأحد إسنادي أحمد حَسَنٌ" ليس بجيد.

والحديث ذكره شيخنا الألباني رحمه الله في "الضعيفة"(2383) بالإسناد الأول فقط، ثم أحال على "ضعيف أبي داود"(434).

ثم وجدت للحديث شاهدًا من حديث جابر؛ رواه أبو يعلى (2046)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 170)، والطبراني في "الصغير"(120)، والبزار (3520) من طريق إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي عنه.

قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 415): وإسناد أبي يعلى والطبراني رجاله رجال الصحيح، غير مجالد بن سعيد وقد وثق.

أقول الحديث ذكره الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(4682) ثم نقل قول البوصيري: "في سنده مجالد بن سعيد وهو ضعيف"، وهو الذي يليق بحال مجالد.

وخولف إسماعيل، فرواه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد"(264) وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 153) من طريق ابن المبارك عن مجالد عن الشعبي مرسلًا، ولعله أصوب.

(1)

رواه هناد في "الزهد"(88) -ومن طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة"(374) - وأبو يعلى (2436) والحربي في "غريب الحديث"(1/ 266) وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 269) وأبو الشيخ -كما في "حادي الأرواح"(ص 333) - والبيهقي في "البعث والنشور"(رقم 365)، من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة: حدثنا هشام بن حسان عن زيد بن أبي الحواري عن ابن عباس به بلفظ: "أنفضي إلى نسائنا".

قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 416): وفيه زيد -تحرفت فيه إلى يزيد- بن أبي الحواري، وقد وثق على ضعف.

أقول: زيد هو العمي جماهير أئمة الجرح والتعديل على تضعيفه وفصل المصنف الكلام عليه في "الحادي"(333) لكن له شاهد من حديث أبي هريرة. =

ص: 232

وسئل: أنطأ في الجنة؟ فقال: "نعم، والذي نفسي بيده دَحْمًا دحمًا فإذا قام عنها رجعت مُطهَّرةَ بِكْرًا"(1)، ورجال إسناده على شرط "صحيح ابن حبان".

= رواه الطبراني في "الصغير"(رقم 795)، وفي "الأوسط"(5267 - ط الحرمين) ومن طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة"(373)، والبزار (3525 - "زوائده")، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 207)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(1/ 317)، والمقدسي في "صفة الجنة"(ق 82/ أ) من طريق حسين الجعفي عن زائدة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة.

قال البزار: لا نعلم رواه عن هشام إلا حسين، [كذا، ولعله خطأ مطبعي لأن الراوي عن هشام هو زائدة].

أما الطبراني فقال: لم يروه عن هشام إلا زائدة تفرد به الجعفي وقال الهيثمي (10/ 417): "ورجال هذه الرواية -أي رواية البزار- رجال الصحيح غير محمد بن ثواب، ثقة".

أما أبو حاتم وأبو زرعة فقد أعلا الحديث، قال ابن أبي حاتم (2/ 213): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه حسين الجعفي عن زائدة عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول اللَّه! كيف نفضي إلى نسائنا -في المطبوع: شبابنا- فقالا: هذا خطأ، إنما هو هشام بن حسان عن زيد العمي عن ابن عباس.

قلت لأبي: الوهم ممن هو؟ قال: من حسين".

أقول: لا أدري ما وجه تخطئة حسين، فقد قال ابن عيينة: عجبت لمن مر بالكوفة فلم يُقبّل بين عيني حسين الجعفي وقال العجلي: كان صحيح الكتاب، وكان زائدة يختلف إليه في منزله يحدثه فكان أروى الناس عنه، وكان الثوري إذا رآه عانقه، وقال: هذا راهب جعفي. وقال أبو موسى هارون بن عبد اللَّه البغدادي (شيخ ابن أبي الدنيا): فقلت للحسين: إن أبا أسامة حدثنا عن هشام عن زيد بن أبي الحواري عن ابن عباس، قال (أي: حسين) هكذا حدثنا زائدة، ولم يرجع.

قلت: وهذا يدلل على ضبطه وتأكده، واللَّه أعلم.

والحديث ذكره شيخنا الألباني في "الصحيحة"(367)، وقال بعد أن نقل كلام المقدسي:"ورجاله عندي على شرط الصحيح"، وأقره ابن كثير في "التفسير"(4/ 292). والمصنف هنا وفي "حادي الأرواح"(ص 333، 342 - ط دار ابن كثير).

قال: وهو كما قال فالسند صحيح ولا نعلم له علة.

(1)

رواه ابن حبان (7402 و 7403)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(393)، والضياء المقدسي في "صفة الجنة"(ق 83/ ب) من طريق ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن دَرَّاج عن ابن حُجَيْرة عن أبي هريرة به.

قال الضياء: "ابن حجيرة اسمه عبد الرحمن، ودراج اسمه عبد الرحمن بن سمعان المصيصي: وثقه يحيى بن معين، وأخرج عنه أبو حاتم بن حبان في "صحيحه"، وكان بعض الأئمة ينكر بعض حديثه"، واللَّه أعلم. =

ص: 233

وفي "معجم الطبراني" أنه سئل: هل يتناكح أهل الجنة؟ فقال: "بذكر لا يمل وشهوة لا تنقطع دَحْمًا دحمًا"(1).

قال الجوهري (2): الدحْم: الدفع الشديد.

= أقول: دَرَّاج ضعفه أحمد والنسائي وأبو حاتم والدارقطني ومشاه ابن معين، وقد ساق له ابن عدي أحاديث وقال: عامتها لا يُتابع عليها، فمثله يحتاج إلى مُتابع أو شاهد، ونصفه الأول له شاهد من حديث أبي أمامة يأتي في الذي بعده.

ورواه عبد الملك بن حبيب في "وصف الفردوس"(رقم 196) حدثني أسد بن موسى عن ابن لهيعة عن ابن حجيرة به، وفيه ابن لهيعة.

وأما نصفه الثاني فله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(249)، والبزار (3527)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(365) و (392)، والخطيب (6/ 53)، وابن الجوزي في "العلل"(1551) من طريق المعلي بن عبد الرحمن عن شريك عن عاصم بن سليمان الأحول عن أبي المتوكل الناجي عنه به.

قال الهيثمي (10/ 417): وفيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي وهو كذَّاب!!، فهو شاهد لا يُفرح به.

(1)

رواه الطبراني في "الكبير"(7674)، ومن طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة"(368) من طريق سليمان بن سلمة الخبائري، حدثنا بقية: حدثنا صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر عن أبي أمامة، وهذا إسناد ضعيف جدًا، سليمان بن سَلَمَة ضعيف جدًا، كذّبه بعضهم.

ورواه الطبراني في "الكبير"(7721)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(368) من طريق صدقة بن عبد الملك السمين عن هاشم بن زيد عن سليم أبي يحيى عن أبي أمامة به.

أقول: فيه ضعيفان صَدَقَةَ وهاشم بن زيد.

وله شاهد من حديث أبي هريرة؛ رواه البزار (3524)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 267) وأبو نعيم في "صفة الجنة"(366)، والبيهقي في "البعث"(366)، والعقيلي (2/ 333) من طريق عبد الرحمن بن زياد عن عمارة بن راشد عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه سئل هل يمسّ أهل الجنة أزواجهم؟ قال:"نعم بذكر لا يملّ، وفرج لا يحفى، وشهوة لا تنقطع".

قال البزار: "عمارة لا نعلم حدّث عنه إلا عبد الرحمن بن زياد وعبد الرحمن كان حسن العقل، ولكنه وقع على شيوخ مجاهيل فحدث عنهم بأحاديث مناكير فضعف حديثه، وهذا مما أنكر عليه مما لم يشاركه فيه غيره".

إذن علة الحديث عبد الرحمن هذا، وهو ابن زياد بن أنعم الإفريقي، وقد اضطرب فيه، فقد رواه هناد في "الزهد"(87)، والعقيلي (2/ 333) من طريقه أيضًا موقوفًا على أبي هريرة، وله شاهد أيضًا من حديث ميمونة رواه الخطابي في "غريب الحديث"(2/ 345)، وانظر ما قبله. و"حادي الأرواح"(ص 343 - 344).

(2)

في "الصحاح"(5/ 1917).

ص: 234

وفيه أيضًا أنه سئل صلى الله عليه وسلم: أيجامع أهل الجنة؟ فقال: "دحمًا دحمًا، ولكن لا منيّ، ولا منيّة"(1).

وسُئل صلى الله عليه وسلم أينام أهل الجنة؟ فقال: "النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون"(2).

وسُئل صلى الله عليه وسلم هل في الجنة خيل؟ فقال: "إن دخَلتَ الجنة أُتيت بفرس من ياقوتة له جناحان، فحملت عليه فطار بك في الجنة حيث شئت"(3).

(1) رواه الطبراني في "الكبير"(7479)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 268، 363)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 884)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(367)، والبيهقي في "البعث"(367)، وأبو يعلى في "مسنده" -كما في "المطالب العالية"(4680) - من طريق خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أمامة به.

وهذا إسناد ضعيف، خالد هذا وهّاه ابن معين، وضعفه أحمد والنسائي والدارقطني، وخفف أمره ابن عدي، وجعل النبلاء من الرواة عنه، أما أبو زرعة فقال: ثقة!!

وله طريق آخر رواه أبو نعيم في "صفة الجنة"(369) من طرق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة به. وعزاه المصنف في "حادي الأرواح"(344) إلى الحسن بن سفيان في "مسنده"!

وعلي بن يزيد هو الألهاني ضعفه جدًا البخاري والنسائي والدارقطني، وعثمان قال ابن حجر في "التقريب": ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني.

وفسر المصنف في "حادي الأرواح"(ص 344) آخر الحديث بقوله: "أي: لا إنزال ولا موت".

(2)

ورد الحديث من حديث جابر وعبد اللَّه بن أبي أوفى، وقد فصل فيه الكلام شيخنا الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(3/ 74 - 78 رقم 1087)، وبين -بما لا مزيد عليه- أن بعض طرقه عن جابر صحيحة.

وانظر: "حادي الأرواح"(536) و"النهاية"(2/ 470 - 471) و"تفسير ابن كثير"(4/ 158).

(3)

رواه الترمذي في "سننه"(2545) في "صفة الجنة" باب ما جاء في خيل الجنة، والطبراني في "الكبير"(4075) -ومن طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة"(423) - وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 101، 182)، من طريق واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب به.

قال الترمذي: "هذا حديث ليس إسناده بالقوي ولا نعرفه من حديث أبي أيوب إلا من هذا الوجه، وأبو سورة هو ابن أخي أبي أيوب يُضعّف في الحديث ضعفه يحيى بن معين جدًا، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: أبو سورة هذا منكر الحديث يروي مناكير عن أبي أيوب لا يتابع عليها، ونقله المصنف في "حادي الأرواح" (ص 366 - 367) وأقره، وانظره (ص 368) حيث أعله. =

ص: 235

وسُئل صلى الله عليه وسلم: هل في الجنة إبل؟ فلم يقل للسائل مثل ما قال للأول، بل قال:"إنْ يُدخلك اللَّه الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك وقرَّت عينُك"(1).

= أقول: وفيه واصل بن السائب أيضًا قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: أحاديث لا تشبه أحاديث الثقات، وأبو سورة لم يسمع من أبي أيوب كذلك.

وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن ساعدة، رواه الطبراني -كما في "المجمع"(10/ 413) - وابن قانع في "معجم الصحابة"(10/ 3491 رقم 1103) والدينوري في "المجالسة"(رقم 279 - بتحقيقي)، والبيهقي في "البعث والنشور"(396)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(424) وفي "معرفة الصحابة"(4/ 1829 رقم 4618) والديلمي في "الفردوس"(5/ 382 رقم 8397).

قال الهيثمي: "ورواته ثقات".

أقول: عبد الرحمن هذا ذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة"، وقال: وذكره الطبراني وابن قانع وغيرهما في الصحابة، ثم بيَّن أن الصواب عن عبد الرحمن بن سابط مرسلًا، وفصل القول في ترجمة (عبد الرحمن بن سابط).

ثم وجدت ابن أبي حاتم قد ذكر الحديث في "علله"(2/ 215)، وقال عن أبيه: عبد الرحمن بن ساعدة لا يُعرف، ورجَّح أن الصواب عن عبد الرحمن بن سابط مرسلًا، وسيأتي تخريجه في الذي يليه.

وهذا الكلام في عبد الرحمن بن ساعدة لم يذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة".

ثم رواه أبو نعيم في "صفة الجنة" بعد (424) فجعل اسم الصحابي عمير بن ساعدة!!

وله شاهد من حديث بريدة انظره في الذي بعده.

(1)

رواه أحمد (5/ 352) -ومن طريقه ابن الجوزي في "الحدائق"(3/ 536) - وابن أبي شيبة (13/ 107 - 108)، والطيالسي (680 أو 2838 منحة)، والترمذي (2548)، والبيهقي في "البعث والنشور"(394 و 395)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(425) و"معرفة الصحابة"(4/ 1829 رقم 4619)، والتيمي في "الترغيب"(966) وعبد الغني المقدسي في "صفة الجنة"(3/ ق 86) وابن مردويه -كما في "تفسير ابن كثير" و"الدر المنثور"(6/ 23) - وعبد بن حميد -كما في "إتحاف السادة المتقين"(10/ 548 - 549) - من طرق عن المسعودي عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، فذكر السؤال عن الإبل والخيل.

وهذا إسناد ضعيف، المسعودي كان اختلط، وقد رواه عنه عاصم بن علي، والطيالسي ويزيد بن هارون وقد سمعوا منه بعد الاختلاط كما في "الكواكب النيرات".

ومما يدل على اختلاط المسعودي وعدم ضبطه أنّ الثوري روى الحديث عن علقمة فجعله عن عبد الرحمن بن سابط مرسلًا.

رواه الترمذي (بعد 2548)، وعبد الرزاق في "المصنف"(6700) وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 247) ونعيم بن حماد في "زوائد الزهد"(رقم 271) وابن جرير في "التفسير"(25/ 97) وعبد الملك بن حبيب في "وصف الجنة"(166) والبغوي في "شرح =

ص: 236

وفي "معجم الطبراني" أن أم سلمة رضي الله عنها سألته فقالت: يا رسول اللَّه أخبرني عن قول اللَّه عز وجل: {وَحُورٌ عِينٌ} (1)[الواقعة: 22] قال: "حورٌ بيض، [عينٌ] (2) ضخام العيون، شعر الحوراء (3) بمنزلة جناح النسر" قلت: أخبرني عن قول اللَّه عز وجل: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة: 23] فقال: "صفاؤهن صفاء الدر الذي في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي"، قلت: أخبرني عن قوله تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن: 70]، قال:"خيرات الأخلاق، حسانُ الوجوه"، قلت: أخبرني عن قول اللَّه عز وجل: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49] قال: "رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشرة" قلت: أخبرني يا رسول اللَّه عن قوله تعالى: {عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 37] قال: "هن اللواتي قُبضن في دار الدنيا عجائز رمصًا شُمطًا (4)، خلقهن اللَّه بعد الكبر فجعلهن [اللَّه] (5) عذارى عربًا متعشِّقات متحببات، أترابًا على ميلاد واحد" قلت: يا رسول اللَّه نساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال: "بل نساء الدنيا [أفضل من الحور العين] (5) كفضل الظهارة على البطانة" قلت: يا رسول اللَّه وبم ذاك؟ قال: "بصلاتهنّ وصيامهنّ وعبادتهنّ اللَّه تعالى، أَلبس اللَّه وجوهنَّ النور وأجسادهن الحرير، بيض الأَلوان، خضر الثياب، صفر الحُلي مجامرهن الدر، وأمشاطهن الذهب، يقلن:

نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدًا، [ونحن المقيمات فلا نظعن أبدًا، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدًا، طوبى لمن كنَّا له وكان لنا"](5)،

= السنة" (4281) وفي "معالم التنزيل" (6/ 141) والبيهقي في "البعث والنشور" (397) وعبد بن حميد، كما في "الدر المنثور" (6/ 22)، قال الترمذي: "هذا أصح من حديث المسعودي" وأقره المصنف في "حادي الأرواح" (ص 367).

إذن رجع هذا الحديث وحديث عبد الرحمن بن ساعدة السابق إلى حديث عبد الرحمن بن سابط المرسل، وإليه يوميء أيضًا كلام أبي حاتم -كما في "علل ابنه"(2/ 215)، وقال ابن حجر في "الإصابة" (4/ 307) عن مرسل ابن سابط:"وهو المحفوظ" وانظر (5/ 228) وتعليقي على "المجالسة"(2/ 150 - 153).

وفي (ك): "ولدت عينك" بدل "وقرت عينك".

(1)

"تكرر ذكر الحور بهذا الاسم أربع مرات، هي في الدخان والطور والرحمن والواقعة"(و).

(2)

ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

(3)

في (ك): "الجعداء".

(4)

"جمع رمصاء من الرمص: وسخ أبيض جامد يجتمع في موق العين، والشمطاء: التي اختلط بياض شعرها بسواده"(و).

(5)

ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

ص: 237

قلت: يا رسول اللَّه المرأة منا تتزوج الزوجين والثلاثة والأربعة، ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها من يكون زوجها؟ قال:"يا أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقًا، فتقول: يا رب إن هذا كان أحسنهم معي خلقًا في دار الدنيا فزوجنيه، يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة"(1).

وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] أين الناس يومئذ؟ قال: "على جسر جَهنَّم"(2).

وسئل عن الإيمان؟ فقال: "إذا سرَّتك حسناتك وساءتك سيئاتك، فأنت مؤمن"(3).

(1) رواه الطبراني في "الكبير"(23/ 870) و"الأوسط"(3141 - ط الحرمين) مطولًا، والعقيلي (2/ 138)، والطبري (10/ 488 و 489 و 11/ 614 و 633) مقطعًا، وابن عدي في "الكامل"(3/ 112) مختصرًا، من طريق سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن حسان عن الحسن البصري عن أمه عن أم سلمة به.

قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 119): فيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي، وذكره في (10/ 417 - 418)، وضعفه بسُليمان.

أقول: وقال ابن عدي: روى خمسة أحاديث منكرة مسندة في التفسير وغيره، ثم قال: وهذا الحديث منكر.

وقال العقيلي: يُحدث بمناكير ولا يتابع على كثير من حديثه.

وقال المصنف في "حادي الأرواح"(ص 330): "تفرد به سليمان بن أبي كريمة، ضعّفه أبو حاتم، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مناكير، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا، ثم ساق هذا الحديث من طريقه، وقال: لا يعرف إلا بهذا السند".

(2)

هو بهذا اللفظ في "جامع الترمذي"(3254) في (تفسير القرآن): باب ومن سورة الزمر، من حديث عائشة، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

ورواه مسلم (2791) في (صفات المنافقين): باب في البعث والنشور من حديثها أيضًا بلفظ: "على الصراط" لكن هو عنده سؤال عن آية: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} .

وفي حديث ثوبان عند مسلم (315) قال: هم في الظلمة دون الجسر.

(3)

رواه أحمد في "مسنده"(5/ 215 و 252 و 256)، وعبد الرزاق (20104)، والطبراني (7539)، وابن حبان (176)، وابن منده في "الإيمان"(1088 و 1089)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(401 و 402)، والحاكم (1/ 14) من طريق معمر وهشام الدستوائي كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سَلًام عن جده عن أبي أمامة مرفوعًا به.

وفيه زيادة قال: يا رسول اللَّه فما الإثم؟ قال: "إذا حال في قلبك شيء فدعه".

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.

أقول: بل إسناده على شرط مسلم وحده فإن زيدًا وجدَّه أخرج لهما مسلم وحده.

ص: 238

وسئل عن الإثم؟ فقال: "إذا ح الذي قلبك شيء فدعه"(1).

وسُئل عن البر والإثم؟ فقال: "البرُّ ما اطمأنَّ إليه القلب، واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حال في القلب، وتردد في الصدر"(2).

وسأله عمر: هل نعمل في شيء نستأنفه (3) أم في شيء قد فرغ منه؟ قال: "بل في شيء قد فرغ منه، قال: ففيمَ العمل؟ قال: "يا عمر لا يُدرك ذلك إلا بالعمل"، قال: إذًا نجتهد يا رسول اللَّه (4).

(1) هو جزء من الحديث قبله.

(2)

هو جزء من حديث وابصة بن معبد تقدم الكلام عليه مفصلًا، وقد كان التخريج هناك من أجل فقرة منه ولهذا الجزء منه شاهد من حديث أبي ثعلبة الخشني؛ رواه أحمد (4/ 194)، والطبراني في "الكبير"(22/ 585)، وأبو نعيم في "الحلية"، (2/ 30)، قال الهيثمي (1/ 176): رجاله ثقات.

وللنواس بن سمعان حديث في السؤال عن البر والإثم، رواه مسلم (2553) في البر والصلة: باب تفسير البر والصلة، ولفظه:"البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس".

(3)

في (ك): "نأتنفه".

(4)

رواه أحمد في "مسنده"(1/ 29 و 2/ 52 و 77)، والترمذي (2140) في (القدر): باب ما جاء في الشفاء والسعادة، والبخاري في "خلق أفعال العباد"(275 و 276 و 277)، وابن أبي عاصم (163 و 164)، والبزار (121 - البحر الزخار)، والطيالسي (62 - منحة)، وأبو يعلى (5463)، وعبد اللَّه بن أحمد في "السنة"(رقم 855) وابن بطة في "الإبانة"(رقم 1359) وعثمان الدارمي في "الرد على الجهمية"(322 - مجموعة عقائد السلف) والفريابي في "القدر"(رقم 33، 34)، والآجري (رقم 326) من طرق عن شعبة عن عاصم بن عبيد اللَّه عن سالم عن ابن عمر عن عمر فذكره.

وفي بعضها يؤمن أن الحديث من "مسند ابن عمر" لكن السائل أبوه رضي الله عنهما.

وهذا إسناد ضعيف من أجل عاصم بن عبيد اللَّه.

أما الترمذي فقال: هذا حديث حسن صحيح، ووقع عنده "عاصم بن عبد اللَّه"!، وعاصم هذا توبع، تابعه عبد اللَّه بن دينار.

أخرجه ابن أبي عاصم (170)، والترمذي (3121) في (تفسير القرآن): باب ومن سورة هود، من طريق سليمان بن سفيان عنه.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

أقول: سليمان هذا ضعيف.

ورواه ابن أبي عاصم (161) والفريابي في "القدر"(رقم 29)، من طريق بقية عن الزببدي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر، به.

ثم رواه (162) من طريق بقية أيضًا عن الأوزاعي عن الزهري، به. =

ص: 239