الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتحرَّى ويبحث عن الراجح بحسبه؟ فيه سبعة مذاهب (1) أَرجحها السابع فيعمل كما يعمل عند اختلاف الطريقين أو الطبيبين أو المشيرين، كما تقدم، وباللَّه التوفيق.
[هل يجب العمل بفتوى المفتي
؟]
الفائدة الثامنة والستون: إذا استفتى فأفتاه المفتي فهل تفسير فتواه موجبة على المستفتي العمل بها بحيث يكون عاصيًا إن لم يعمل بها أو لا توجب عليه العمل؟ فيه أربعة أوجه لأصحابنا وغيرهم:
أحدها: أنه لا يلزمه العمل بها إلا أن يلتزمه هو.
والثاني: أنه يلزمه إذا شرع في العمل، فلا يجوز له حينئذ الترك.
والثالث: أنه إن (2) وقع في قلبه صحة فتواه وأنها حق لزمه العمل بها.
والرابع: أنه إذا (3) لم يجد مفتيًا آخر لزمه الأَخذ بفتياه، فإن فرضه التقليد وتقوى اللَّه ما استطاع، وهذا هو المستطاع في حقه، وهو غاية ما يقدر عليه (4).
وإن وجد مفتيًا آخر، فإن وافق الأول فأبلغ في لزوم العمل، وإن خالفه، فإن استبان له الحق في إحدى الجهتين لزمه العمل به، وإن لم يستبن له الصواب فهل يتوقف أو يأخذ بالأحوط أو يتخيَّر أو يأخذ بالأسهل؟ فيه وجوه تقدمت.
[العمل بخط المفتي وما يشبه ذلك]
الفائدة التاسعة والستون: يجوز له العمل بخط المفتي، وإن لم يسمع الفتوى من لفظه إذا عرف أنه خطه أو أعلمه به من يسكن إلى قوله (5)، ويجوز له قبول قول الرسول: إنَّ هذا خطه، وإن كان عبدًا أو امرأة أو صبيًا أو فاسقًا، كما يقبل قوله في الهدية والإذن في دخول الدار اعتمادًا على القرائن والعرف، وكذا يجوز
(1) انظرها في: "صفة الفتوى"(80 - 81) و"المجموع"(1/ 92) و"المسودة"(463) و"روضة الطالبين"(11/ 105) و"البرهان"(2/ 1344) و"أصول مذهب أحمد"(700) و"المدخل إلى مذهب أحمد"(194).
(2)
في (ق): "إذا".
(3)
في (ك): "إن".
(4)
انظر: "المسودة"(463، 467، 519، 538) و"صفة الفتوى"(81 - 82) و"روضة الناظر"(385) و"المستصفى"(2/ 391) وشرح تنقيح الفصول" (ص 442) و"إرشاد الفحول" (271).
(5)
انظر: "الطرق الحكمية"(ص 231 - 243) الطريق الثالث والعشرون، (ص 7 - وما بعدها).
اعتماد الرجل على ما يجده من كتابة الوقف على كتاب أو رباط أو خان أو (1) نحوه فيدخله وينتفع به، وكذلك (2) يجوز له الاعتماد على ما يجده بخط أبيه في برنامجه (3) أن له على فلان كذا وكذا، فيحلف على الاستحقاق (4)، وكذا يجوز للمرأة الاعتماد على خط الزوج أنه أبانها فلها أن تتزوّج بناء على الخط، وكذا (5) الوصي والوارث يعتمد على خط الموصي فينفذ ما فيه وإن لم يشهد شاهدان، وكذا إذا كتب الراوي إلى غيره حديثًا جاز له أن يعتمد عليه ويعمل به ويرويه بناء على الخط إذا تيقن ذلك كله، هذا عمل الأمة قديمًا وحديثًا من عهد نبينا (6) صلى اللَّه عليه [وآله](7) وسلم وإلى الآن، وإن أنكره من أنكره.
ومن العجب أن من أنكر ذلك وبالغ في إنكاره ليس معه فيما يفتي به [وتقضي به](8) إلا مجرد كتاب قيل: إنه كتاب فلان فهو يقضي (9) به ويُفتي ويحل ويحرم ويقول: هكذا (10) في الكتاب، [واللَّه الموفق](7).
وقد كان رسول اللَّه (11) صلى الله عليه وسلم يرسل كتبه إلى الملوك وإلى الأمم يدعوهم إلى الإِسلام فتقوم عليهم الحجة بكتابه (12)، وهذا أظهر من أن ينكر، وباللَّه التوفيق.
(1) في (ك): "و".
(2)
في (ك): "وكذا".
(3)
في (ق): "تاريخه".
(4)
انظر: "الطرق الحكمية"(ص 235).
(5)
في (ق): "وكذلك".
(6)
في (ق) و (ك): "نبيها".
(7)
انظر بسط حجية العمل بما في الكتاب أو ما وجد في الخلط في "المبسوط"(16/ 92) و"أدب القضاء" للسروجي (344، 349) و"شرح أدب القاضي"(3/ 105) و"الذخيرة"(10/ 90) و"مواهب الجليل"(6/ 141) و"التفريع"(2/ 247) و"تفسير القرطبي"(16/ 181 - مهم) و"الإشراف"(5/ 26 - 27 - بتحقيقي) للقاضي عبد الوهاب، وما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(8)
ما بين المعقوفتين من (ك).
(9)
في (ق): "ويضي به".
(10)
في (ك): "كذا".
(11)
في (ك): "النبي".
(12)
منها كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل بعثه دحية الكلبي؛ رواه البخاري (7) في (كتاب بدء الوحي)، ومسلم (1773) في "الجهاد": باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإِسلام، من حديث أبي سفيان.
وروى مسلم أيضًا (1774) من حديث أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى اللَّه تعالى"، وانظر هذه الكتب مفصلة في "نصب الراية"(4/ 418 - 425).