الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: كلا، والذي نفس الخويلة بيده لا تخلص إليَّ، وقد قلتَ ما قلتَ حتى يحكم اللَّه ورسوله فينا بحكم، قالت: فواثبني فامتنعتُ منه فغلبته بما تغلب المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عنِّي، ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها، ثم خرجت حتى جئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه فجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خُلُقه، فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي اللَّه فيه" قالت: فواللَّه ما برحت حتى نزل القرآن فتغشّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه، ثم سُرِّيَ عنه فقال: يا خويلة قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبك، ثم قرأ عليَّ:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى قوله: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 1 - 4] قالت: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مريه فليعتق رقبة" وذكر نحو ما تقدم.
وعند ابن ماجه أنها قالت: يا رسول اللَّه أكلَ شبابي ونثرتُ له بطني حتى إذا كبر سنِّي، وانقطع وَلَدي ظاهَرَ منيّ، اللهم إني أشكو إليك فما برحْتُ حتى نزل جبرائيل عليه السلام بهؤلاء الآيات (1).
فصل في فتاويه صلى الله عليه وسلم في العدد
ثبت أن سبيعة الأسلمية سألته، وقد مات زوجها، ووضعت حملها بعد موته، قالت: فأفتاني [رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم] أني قد حللتُ حين وضعت حَمْلي وأمرني بالتزويج إن بَدَا لي (2).
وعند البخاري أنها سُئِلت كيف أفتاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أفتاني إذا وضعتُ أن أنكح (3)، وكانت أم كلثوم بنت عقبة عند الزبير بن العوام فقالت له
(1) رواه ابن ماجه (2063) في (الطلاق): باب الظهار، والنسائي (6/ 168) في الطلاق باب الظهار مختصرًا، والحاكم (2/ 481) من طريق الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة بن الزبير، عن عائشة به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأصل الحديث مختصرًا في "صحيح البخاري" معلقًا قبل حديث (7386) في (التوحيد) وموصولًا عند أحمد (6/ 46)، وعبد بن حميد (1514)، وابن ماجه (188) في (المقدمة): من طريق الأعمش به.
(2)
تقدم تخريجه، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(3)
رواه البخاري (5319) في (الطلاق) باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} من حديث سبيعة نفسها.
وهي حامل: طيّب نفسي بتطليقة، فطلَّقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة فرجع، وقد وضعت فقال لها: خَدَعْتيني خَدَعَكِ اللَّه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال: سبَقَ الكتابُ أجله اخْطُبها إلى نفسها (1)، ذكره ابن ماجه.
وسألته صلى الله عليه وسلم فُريعة بنت مالك فقالت: إن زوجي خرج في طلب أَعْبُدٍ له أبَقوا (2) حتى إذا كان بطرف القَدُوم لحقهم فقتلوه، فسألته أن ترجع إلى أهلها،
(1) رواه ابن ماجه (2026) في (الطلاق): باب المطلقة الحامل إذا وضعت ذا بطنها بانت، (كذا في اسم الباب، وفي "مصباح الزجاجة": إذا وضعت ما في بطنها بانت).
حدثنا محمد بن عمر بن هيّاج: حدثنا قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان بن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن الزبير بن العوّام به.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 350): هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، ميمون هو ابن مهران، أبو أيوب روايته عن الزبير مرسلة، قاله المزي في "الأطراف".
قلت: هو في "تحفة الأشراف"(3/ 186)، و"تهذيب الكمال"(29/ 211).
وأخرج البيهقي (7/ 421)، هذا الحديث من رواية عبيد اللَّه بن عبد الرحمن الأشجعي عن سفيان به، وفيه (عن أم كلثوم بنت عقبة) بدل (عن الزبير بن العوام).
واستنادًا إلى هذه الرواية صحح شيخنا الألباني رحمه الله في "الإرواء"(2117) الحديث! وذلك باعتبار أن الأشجعي أثبت في سفيان الثوري من قبيصة، وهذا حق، ولكنه قال:". . . فإذًا هو أحفظ من قبيصة وأثبت منه في الثوري خاصة، وقد خالفه في إسناده، فجعله من مسند (أم كلثوم بنت عقبة)، وليس من مسند (الزبير) وعلى هذا فقد اتّصل الإسناد؛ لأنّ أم كلثوم هذه متأخّرة الوفاة عن الزبير، فقد تزوّجها عمرو بن العاص بعد أن طلقها الزبير، وذكر البلاذري أنها كانت مع عمرو بمصر". قلت: فالسند صحيح، واللَّه أعلم.
قال أبو عبيدة: أم كلثوم هذه تزوَّجها عبد الرحمن بن عوف بعد أن طلقها الزبير، ثم مات عنها فتزوجها عمرو بن العاص، ووجودها معه في مصر كان في عهد عمر، وهذه الزيجات كانت في حياة الزبير، وماتت أم كلثوم في خلافة علي، وميمون بن مهران ولد سنة أربعين، كما في "تهذيب الكمال"(29/ 226) وغيره، وهي السنة التي توفي فيها علي، أي إنه ولد بعد وفاتها، فعلّة الإنقطاع مازالت موجودة.
وقد أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(5/ رقم 2336) أخبرنا وكيع ناسفيان عن عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال: كانت أم كلثوم بنت عقبة تحت الزبير بن العوام،. . . وذكره بنحوه.
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه مرسل، وهذا هو الصواب في هذه الرواية، فوكيع مقدّم في روايته عن سفيان على الأشجعي.
وانظر: "شرح العلل" لابن رجب (2/ 722).
(2)
"أبق العبد يأبق -من باب ضرب أو علم أو نصر- هرب"(و).
وقالت: إن زوجي لم يترك لي مَسْكنا يملكه، ولا نفقة فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"نعم" قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة -أو في المسجد- ناداني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أو أمر بي فنوديتُ له، فقال:"كيف قلت" فرددتُ عليه القصة التي ذكرت له، فقال:"امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا فلما كان عثمان أرسل إليَّ فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به" (1)، حديث صحيح، ذكره أهل "السنن".
وأفتى صلى الله عليه وسلم امرأة ثابت بن قيس بن شمَّاس وجميلة بنت عبد اللَّه بن أبيّ لما اختلعت من زوجها [فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم] أن تَتَربَّصَ (2) حَيْضة واحدة وتلحق بأهلها (3)، ذكره النسائي.
وعند أبي داود والترمذي عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فامرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد حيضة (4).
(1) رواه مالك في "الموطأ"(1/ 591)، وأحمد في "مسنده"(6/ 370 و 420 - 421)، والشافعي في "مسنده"(2/ 53 - 54) و"الرسالة"(1214)، وعبد الرزاق (12076)، وابن أبي شيبة (5/ 184 - 185)، وسعيد بن منصور (1365)، وإسحاق بن راهويه في "المسند"(5/ رقم 2178 - 2181، 2188، 2189)، والدارمي (2/ 168)، وأبو داود (2300) في (الطلاق): باب في المتوفى عنها تنتقل، والترمذي (1207) في (الطلاق): باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها، والنسائي (6/ 199 و 199 - 200 و 200) في (الطلاق): باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل، وابن ماجه (2031) في (الطلاق): باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها، وابن سعد (8/ 368)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3328 و 3329 و 3330 و 3331)، وابن الجارود (759)، وابن حبان (4292 و 4293)، والطبراني في "الكبير"(24/ 1074 - 1092)، والحاكم (2/ 208)، والبيهقي (7/ 434 و 435)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ رقم 7806، 7807، 7808)، والبغوي (2386) من طرق عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن زينب بنت كعب بن عجرة عن الفُريعة به.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، وزينب بنت كعب زوج أبي سعيد الخدري، ذكرها ابن حبان في "الثقات"، واحتج بها مالك في "الموطأ" والشافعي، وروى عنها ابنا أخويها سعد بن إسحاق وسليمان بن محمد.
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه محمد بن يحيى الذهلي وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي، وابن القطان وغيرهم.
(2)
"تتربص: تنتظر"(و)، وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(3)
تقدم تخريجه وقوله هنا: "وجميلة بنت عبد اللَّه" يجب أن يكون دون الواو لأن زوجة ثابت هي جميلة.
(4)
تقدم تخريجه.