الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال مالك: لأنه ليس من عمل الناس (1).
وأجازها ابن حبيب، ثم شبه في الكراهة، فقال: كتجمير الدار، بأن يطاف بالبخور فيها؛ لأنه ليس من عمل السلف.
تنبيه:
نص سند على استحباب التجمير في ثلاثة مواضع:
- عند خروج روحه، وقال مالك: لا أعرفه.
- وعند غسله؛ لئلا تظهر منه رائحة تكره.
- وعند تجريد ثيابه، وهذا متفق عليه.
ويجمر وترًا، كما أن غسله وكفنه وترًا.
[4]
وكره قراءة بعده -أي: الموت- وعلى قبره (2)؛ لأنه ليس من عمل السلف.
= "علله": إنه حديث لا يصح؛ لأن أبا عثمان هذا لا (نعرفه) ولا من روى عنه غير سليمان التيمي، وإذا لم يكن هو معروفًا فأبوه أبعد من أن يعرف. وكذا قال المنذري: أبو عثمان وأبوه ليسا بمشهورين. وخالف في كلامه على "تخريج أحاديث المهذب" فقال: إنه حديث حسن رواه (د س ق) ومنهم من قال: عن أبي عثمان عن أبيه. ومنهم من قال: عن (أبي) عثمان عن معقل، من غير ذكر أبيه. قلت: ومنهم من قال: عن رجل عن معقل، وعن رجل عن أبيه (عن معقل) ذكرهما النسائي في "اليوم والليلة"، والثاني: الطبراني في "أكبر معاجمه" وقال النووي في "الخلاصة" و"شرح المهذب": رواه أبو داود وابن ماجه وفيه مجهولان، ولم يضعفه أبو داود. قلت: أبو عثمان ذكره ابن حبان في "ثقاته"، وعن ابن العربي عن الدارقطني: إنه حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن، ولا يصح في الباب حديث".
(1)
وهذا دليل على ضعف ما في المسألة من أحاديث.
(2)
وأما حديث ابن عمر موقوفًا عليه أنه أمر بالقراءة على قبره عند موته، فما أظنه يصح، ثم وجدت كلام لأحد علماء العصر -وهو الشيخ المحدِّث ناصر الدين الألباني رحمه اللَّه تعالى- كلامًا مهمًا في المسألة يدل على قوة مذهب مالك وصحة أصوله، فقال في كتابه أحكام الجنائز ص 191، وما بعدها: "وأما قراءة القرآن عند زيارتها، فمما لا أصل له في السنة، بل الأحاديث المذكورة في المسألة السابقة تشعر بعدم =
[5]
وكره صياح خلفها؛ لما فيه من إظهار الجزع.
[6]
وكره قول استغفروا لها، ولما سمعه سعيد بن جبير قال: لا غفر اللَّه لك.
[7]
وانصراف عنها بلا صلاة عليها؛ لأن انصرافه عنها ربما أدى إلى طعن في الميت، أو بلا إذن من أهلها؛ لأن لهم حقًا في حضوره؛ ليدعوا لميتهم، ويكثر عددهم؛ ولحصول الأجر له؛ لخبر البخاري: "من حضر الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان من
= مشروعيتها، إذ لو كانت مشروعة، لفعلها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعلمها أصحابه، لا سيما وقد سألته عائشة رضي الله عنها وهي من أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم: عما تقول إذا زارت القبور؟ فعلمها السلام والدعاء.
ولم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن، فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها، كيف وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في علم الأصول، فكيف بالكتمان، ولو أنه صلى الله عليه وسلم علمهم شيئًا من ذلك لنقل إلينا، فإذ لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع.
ومما يقوي عدم المشروعية قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة" أخرجه مسلم (2/ 188) والترمذي (4/ 42) وصححه، وأحمد (2/ 284، 337، 378، 388) من حديث أبي هريرة.
وله شاهد من حديث الصلصال بن الدلهمس، رواه البيهقي في (الشعب) كما في (الجامع الصغير)، فقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن القبور ليست موضعًا للقراءة شرعًا، فلذلك حض على قراءة القرآن في البيوت ونهي عن جعلها كالمقابر التي لا يقرأ فيها، كما أشار في الحديث الآخر إلى أنها ليست موضعًا لصلاة أيضًا، وهو قوله:"صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا".
أخرجه مسلم: (2/ 187) وغيره عن ابن عمر، وهو عند البخاري بنحوه، وترجم له بقوله: بـ (باب كراهية الصلاة في المقابر) فأشار به إلى أن حديث ابن عمر يفيد كراهة الصلاة في المقابر، فكذلك حديث أبي هريرة يفيد كراهة قراءة القرآن في المقابر، ولا فرق.
ولذلك كان مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وغيرهم كراهة للقراءة عند القبور، وهو قول الإمام أحمد فقال أبو داود في مسائله (ص 158):(سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا) ".