الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحتمل أن المصنف لم يذكر في هذه الثانية غير البطلان، وبغير عطف على لاحن، ولو أراد الاحتمال الأول لصنع كابن الحاجب، فإنه بعد حكاية الخلاف في اللحان، قال: ومنه من لا يميز بين الضاد والظاء، وللمصنف في ذلك بحث، انظره في الكبير.
[زمن الإعادة: ]
وأعاد بوقت اختياري عند ابن القاسم في اقتداء بإمام كحروري (1)،
= والميم والنون؛ لأنه قد خرق الإجماع وقرأ بما لا يقرأ به. انتهى.
قلت: وكذا سائر ما هو من هيئة الأداء وأما مد المقصور وقصر الممدود فهو من اللحن الذي هو محل الخلاف لا يفيده كلًّا (د).
قلت: ورأيت في (ح) ما يفيد أن اللحن الخفي ما هو من هيئة الأداء؛ فإنه ذكر إنه يكره الإتمام باللاحن لحنًا خفيًا. وقال شيخ الإسلام في شرح الجوزية: اللحن الميل والخطأ عن الصواب وهو خفي وجلي؛ فالجلي خطأ يعرض للفظ ويحل بالمعنى وبالإعراب كرفع المجرور نصبه، والخفي خطأ يعرض للفظ ولا يخل بالمعنى ولا بالإعراب والظاء وحكي (ق) الاتفاق عليه.
الخامس: من لا يميز بين الصاد والسين كما لا يميز بين الضاد، والظاء كما نقل (ق) عند قوله: والألكن وكذا بين الزاي والسين.
السادس: على القول ببطلان صلاة من اقتداء باللاحن لو أعادها على الصواب هل تصح صلاته أو تبطل ذكر شيخنا عن بعض شيوخه الثاني فإنه لما ذكر قول (تت) ومثار الخلاف أن اللحن يلحق القراءة بكلام الناس ويخرجها عن كونها قرآنًا.
وعلى الثاني الفاتحة ركن فإن لم يأت بها على ما هي فسدت الصلاة وربما أشعر تعبير (المص) بلاحن أن الخلاف في اللحنة الواحدة بخلاف عبارة ابن الحاجب وابن عرفة وغيرهما باللحان، ولم أقف على نص فيها والظاهر الأول. انتهى. قال شيخنا الجيزي: وقوله: فإن لم يأت بها على ما هي عليه فسدت الصلاة، أي: ابتدئ فعلى هذا لو أعادها على الصواب لا تجزئ وانظر في ذلك. انتهى. ويحتمل أن يقال ما لم يتدارك. انتهى.
قلت: الذي يظهر من مثار الخلاف كلام شيخه".
(1)
نسبة إلى حروراء، وهم الخوراج، كما سيبين شارحنا بعد، قال في تاج العروس: " (وحروراء، كلولاء)، بالمد (وقد تقصر: ة) بالكوفة على ميلين منها، نزل بها جماعة خالفوا عليًا رضي الله عنه، من الخوارج.
(و) يقال: (هو حروري بين الحرورية)، ينتسبون إلى هذه القرية، (وهم نجدة) الخارجي (وأصحابه) ومن يعتقد اعتقادهم، يقال له: الحروري، وقد ورد أن عائشة =
وقدري (1) ومعتزلي (2) لفسقهم عند الأكثر.
= رضي الله عنهما قالت لبعض من كانت تقطع أثر دم الحيض من الثوب: أحرورية أنت؟ تعنيهم، كانوا يبالغون في العبادات، والمشهور بهاذه النسبة عمران بن حطان السدوسي الحروري".
وأجمع المسلمون على قتالهم، وأهم ما يميزهم في عقيدتهم تكفيرهم لمرتكب الكبيرة، فكل من ارتكب كبيرة فهو عندهم كافر في الدنيا مخلد في نار جهنم، ولهذا فإنهم كفروا عثمان في آخر خلافته، وكفروا عليًا، وكفروا الزبير، وعائشة، وطلحة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
(1)
القدرية على ضربين: نفاة القدر، ومثبتيه، والمراد هنا مثبتوه، أي: الغالون في إثباته، وهم الجبرية، ورئيسهم: الجهم بن صفوان السمرقندي، وهم في باب القدر يقولون: الكون كله بقضائه وقدره، فيكون محبوبًا مرضيًا، فالتدبير في أفعال الخلق كلها للَّه تعالى، وهي كلها اضطرارية، كحركات المرتعش، والعروق النابضة، وحركات الأشجار، وإضافتها إلى الخلق مجاز، وهي على حسب ما يضاف الشيء إلى محله دون ما يضاف إلى محصله.
(2)
ظهرت هذه الفرقة في نهاية القرن الهجري الأول وبلغت شأوها في العصر العباسي الأول. يرجع اسمها إلى اعتزال إمامها واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري لقول واصل: "إن مرتكب الكبيرة ليس كافرًا ولا مؤمنًا، بل هو في منزلة بين المنزلتين. ولما اعتزل واصل مجلس الحسن البصري وجلس عمرو بن عبيد، وتبعهما أنصارهما، قيل لهم: المعتزلة، ومنذ انضمام عمرو بن عبيد لواصل بن عطاء واعتزالهما الناس ظهر منهما آراء مبتدعة لم يكن عليها الأوائل عاداهما علماء السلف وحذّروا منهما، وأصولهم خمسة، وهي:
الأصل الأول: - العدل: والمراد به: أن اللَّه -جل وعلا- لا يخلق أفعال العباد، خيرًا كانت أو شرًا، وإنما العباد أنفسهم هم من يخلقون أفعالهم.
الأصل الثاني: التوحيد: والمراد به: نفي الصفات التي يثبتها أهل السنة والجماعة للَّه -تعالى- فالمعتزلة ينفون صفة العلم، والكلام، والبصر، والسمع، والحياة، وغيرها من الصفات، وقد ترتب عندهم على هذا الأصل قولهم: إن القرآن الكريم مخلوق.
الأصل الثالث: القول بالمنزلة بين المنزلتين: وهذا الأصل المراد به: أن المسلم إذا ارتكب كبائر الذنوب يخرج من دائرة الإسلام من دون أن يكون بكبيرته في دائرة الكفر، خلافًا للخوارج، بل يكون في منزلة بين منزلتي الإسلام والكفر، وهذه المنزلة يسمونها منزلة الفسق، وهي في أحكام الآخر كما منزلة الكفر توجب عندهم لصاحبها الخلود الأبدي في النار يوم القيامة. =
وقيل: كفار (1)، فيعيد أبدًا.
= والأصل الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمراد به عندهم الخروج على ولاة الجور.
والأصل الخامس: إنفاذ الوعيد، والمراد به أن من توعده اللَّه تعالى بعقاب أنفذه، ولا يجوز عليه أن لا يفعل ذلك، تعالى اللَّه عما يقولون علوًا كبيرًا، وقد رأى عمرو بن العلاء وهو أحد القراء السبعة ونحاة أهل البصرة أن في هذا الأصل عجمة في القلب لا اللسان؛ ذلك لأن العرب تعد إخلاف إنجاز الوعيد مع القدرة على إنفاذه من المكرمات، وذلك كمثل أن يعفو السلطان العادل القادر على من خرج عن طاعته، وقد قالت العرب قديمًا:
وإني وإن أوعدته أو وعدته
…
لمخلف إيعادي، ومنجز موعدي
(1)
ظاهر ما في الشفا أن عدم الإعادة هو المذهب، ففيه (2/ 272، وما بعدها): "فصل: وأما من أضاف إلى اللَّه تعالى ما لا يليق به ليس على طريق السب ولا الردة وقصد الكفر، ولكن على طريق التأويل والاجتهاد والخطأ المفضي إلى الهوى والبدعة من تشبيه أو نعت بجارحة أو نفي حفة كمال، فهذا مما اختلف السلف والخلف في تكفير قائله ومعتقده.
واختلف قول مالك وأصحابه في ذلك، ولم يختلفوا في قتالهم إذا تحيزوا فئة، وأنهم يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا، وإنما اختلفوا في المنفرد منهم، فأكثر قول مالك وأصحابه ترك القول بتكفيرهم وترك قتلهم والمبالغة في عقوبتهم وإطالة سجنهم حتى يظهر إقلاعهم وتستبين توبتهم، كما فعل عمر رضي الله عنه بصبيغ.
وهذا قول محمد بن المواز في الخوارج، وعبد الملك بن الماجشون، وقول سحنون في جميع أهل الأهواء، وبه فسر قوله مالك في الموطأ، وما رواه عن عمر بن عبد العزيز وجده وعمه من قولهم في القدرية يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا.
وقال عيسى ابن القاسم في أهل الأهواء من الإباضية والقدرية وشبههم ممن خالف الجماعة من أهل البدع والتحريف لتأويل كتاب اللَّه: يستتابون أظهروا ذلك أو أسروه فإن تابوا وإلا قتلوا وميراثهم لورثتهم.
وقال مثله أيضًا ابن القاسم في كتاب محمد في أهل القدر وغيرهم.
قال: واستتابتهم أن يقال لهم: اتركوأ ما أنتم عليه ومثله في المبسوط في الإباضية والقدرية وسائر أهل البدع.
قال: وهم مسلمون وإنما لرأيهم السوء وبهذا عمل عمر بن عبد العزيز.
قال ابن القاسم: (من قال إن اللَّه لم يكلم موسى تكليما) استتيب فإن تاب وإلا قتل.
وابن حبيب وغيره من أصحابنا يرى تكفيرهم وتكفير أمثالهم من الخوارج والقدرية والمرجئة، وقد روي أيضًا عن سحنون مثله فيمن قال ليس للَّه كلام أنه كافر. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= واختلفت الروايات عن مالك، فأطلق في رواية الشاميين أبي مسهر ومروان بن محمد الطاطري: الكفر عليهم.
وقد شوور في زواج القدري، فقال: لا تزوجه؛ قال اللَّه تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} وروى عنه أيضًا: أهل الأهواء كلهم كفار.
وقال: من وصف شيئًا من ذات اللَّه تعالى وأشار إلى شيء من جسده يد أو سمع أو بصر قطع ذلك منه لأنه شبه اللَّه بنفسه.
وقال فيمن قال القرآن مخلوق كافر فاقتلوه.
وقال أيضًا في رواية ابن نافع: يجلد ويوجع ضربًا ويحبس حتى يتوب، وفي رواية بشر بن بكر التنيسى عنه يقتل ولا تقبل توبته.
قال القاضي أبو عبد اللَّه البرنكاني والقاضي أبو عبد اللَّه التستري من أئمة العراقيين جوابه مختلف يقتل المستبصر الداعية.
وعلى هذا الخلاف اختلف قوله في إعادة الصلاة خلفهم وحكى ابن المنذر عن الشافعي: لا يستتاب القدري وأكثر أقوال السلف تكفيرهم وممن قال به الليث وابن عيينة وابن لهيعة، روى عنهم ذلك فيمن قال بخلق القرآن وقاله ابن المبارك والأودي ووكيع وحفص بن غياث وأبو إسحاق الفزاري، وعلي بن عاصم في آخرين، وهو من قول أكثر المحدثين والفقهاء والمتكلمين فيهم وفي الخوارج والقدرية وأهل الأهواء المضلة وأصحاب البدع المتأولين، وهو قول أحمد بن حنبل، وكذلك قالوا في الوافقة والشاكة في هذه الأصول، وممن روى عنه معنى القول الآخر بترك تكفيرهم علي بن أبي طالب وابن عمر والحسن البصري وهو رأي جماعة من الفقهاء النظار والمتكلمين واحتجوا بتوريث الصحابة والتابعين ورثة أهل حروراء ومن عرف بالقدر ممن مات منهم ودفنهم في مقابر المسلمين وجرى أحكام الإسلام عليهم.
قال إسماعيل القاضي: وإنما قال مالك في القدرية وسائر أهل البدع يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا لأنه من الفساد في الأرض كما قال في المحارب: إن رأى الإمام قتله وإن لم يقتل قتله وفساد المحارب إنما هو في الأموال ومصالح الدنيا وإن كان قد يدخل أيضًا في أمر الدين من سبيل الحج والجهاد، وفساد أهل البدع معظمه على الدين وقد يدخل في أمر الدنيا بما يلقون بين المسلمين من العداوة.
فصل في تحقيق القول في إكفار المتأولين:
قد ذكرنا مذاهب السلف في إكفار أصحاب البدع والأهواء المتأولين ممن قال قولًا يؤديه مساقه إلى كفر هو إذا وقف عليه لا يقول بما يؤديه قوله إليه، وعلى اختلافهم اختلف الفقهاء والمتكلمون في ذلك؛ فمنهم من صوب التكفير الذي قال به الجمهور من السلف ومنهم من أباه ولم ير إخراجهم من سواد المؤمنين وهو قول أكثر الفقهاء =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والمتكلمين، وقالوا: هم فساق عصاة ضلال ونورثهم من المسلمين ونحكم لهم بأحكامهم ولهذا قال سحنون: لا إعادة على من صلى خلفهم.
قال: وهو قول جميع أصحاب مالك المغيرة وابن كنانة وأشهب.
قال: لأنه مسلم وذنبه لم يخرجه من الإسلام، واضطرب آخرون في ذلك ووقفوا عن القول بالتكفير أو ضده واختلاف قولي مالك في ذلك وتوقفه عن إعادة الصلاة خلفهم منه وإلى نحو من هذا ذهب القاضي أبو بكر إمام أهل التحقيق والحق، وقال: إنها من المعوصات إذا القوم لم يصرحوا باسم الكفر وإنما قالوا قولًا يؤدي إليه واضطرب قوله في المسألة على نحو اضطراب قول إمامه مالك بن أنس حتى قاله في بعض كلامه: إنهم على رأي من كفرهم بالتأويل لا تحل مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم ولا الصلاة على ميتهم ويختلف في موارثتهم على الخلاف في ميراث المرتد وقال أيضًا: نورث ميتهم ورثتهم من المسلمين ولا نورثهم من المسلمين وأكثر ميله إلى ترك التكفير بالمآل، وكذلك اضطرب فيه قول شيخه أبي الحسن الأشعري وأكثر قوله ترك التكفير وأن الكفر خصلة واحدة وهو الجهل بوجود الباري تعالى.
وقال مرة: من اعتقد أن اللَّه جسم أو المسيح أو بعض من يلقاه في الطرق فليس بعارف به وهو كافر ولمثل هذا ذهب أبو المعالي رحمه الله في أجوبته لأبي محمد عبد الحق وكان سأله عن المسألة فاعتذر له بأن الغلط فيها يصعب؛ لأن إدخال كافر في الملة واخراج مسلم عنها عظيم في الدين وقال غيرهما من المحققين: الذي يجب الاحتراز من التكفير في أهل التأويل فإن استباحة دماء المصلين الموحدين خطر والخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطإ في سفك محجمة من دم مسلم واحد.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا قالوها -يعني: الشهادة- عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللَّه! فالعصمة مقطوع بها مع الشهادة ولا ترتفع ويستباح خلافها إلا بقاطع ولا قاطع من شرع ولا قياس عليه، وألفاظ الأحاديث الواردة في الباب معرضة للتأويل في جاء منها في التصريح بكفر القدرية.
وقوله: لا سهم لهم في الإسلام وتسميته الرافضة بالشرك وإطلاق اللعنة عليهم، وكذلك في الخوارج وغيرهم من أهل الأهواء فقد يحتج بها من يقول بالتكفير وقد يجيب الآخر بأنه قد ورد مثل هذه الألفاظ في الحديث في غير الكفرة على طريق التغليظ وكفر دون كفر وإشراك دون إشراك، وقد ورد مثله في الرياء وعقوق الوالدين والزوج والزور وغير معصية وإذا كان محتملًا للأمرين فلا يقطع على أحدهما إلا بدليل قاطع.
وقوله في الخوارج: هم من شر البرية وهذه صفة الكفار، وقال: شر قبيل تحت أديم السماء طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، وقال:"فإذا وجدتموهم فاقتلوهم قتل عاد"، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وظاهر هذا الكفر لا سيما مع تشبيههم بعاد فيحتج به من يرى تكفيرهم فيقول له الآخر: إنما ذلك من قتلهم لخروجهم على المسلمين وبغيهم عليهم بدليله من الحديث نفسه يقتلون أهل الإسلام، فقتلهم ههنا حد لا كفر وذكر عاد تشبيه للقتل وحله لا للمقتول، وليس كل من حكم بقتله يحكم بكفره، ويعارضه بقول خالد في الحديث: دعني أضرب عنقه يا رسول اللَّه، فقال:"لعله يصلى".
فإن احتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم"، فأخبر أن الإيمان لم يدخل قلوبهم وكذلك قوله:"يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، ثم لا يعودون إليه حتى يعود السهم على فوقه"، وبقوله:"سبق الفرث والدم" يدل على أنه لم يتعلق من الإسلام بشيء، أجابه الآخرون: أن معنى لا يجاوز حناجرهم لا يفهمون معانيه بقلوبهم ولا تنشرح له صدورهم ولا تعمل به جوارحهم، وعارضوهم بقوله: ويتمارى في الفوق وهذا يقتضي التشكك في حاله وإن احتجوا بقول أبي سعيد الخدري في هذا الحديث.
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج في هذه الأمة" ولم يقل (من هذه) وتحرير أبي سعيد الرواية وإتقانه اللفظ، أجابهم الآخرون: بأن العبارة بفي لا تقتضي تصريحًا بكونهم من غير الأمة بخلاف لفظة من - التي هي للتبعيض وكونهم من الأمة مع أنه قد روي عن أبي ذر وعلي وأبي أمامة وغيرهم في هذا الحديث: "يخرج من أمتي، وسيكون من أمتي"، وحروف المعاني مشتركة فلا تعويل على إخراجهم من الأمة، ولا على إدخالهم فيها بمن، لكن أبا سعيد رضي الله عنه أجاد ما شاء في التنبيه الذي نبه عليه، وهذا مما يدل على سعة فقه المحابة وتحقيقهم للمعاني واستنباطها من الألفاظ وتحريرهم لها وتوقيهم في الرواية، هذه المذاهب المعروفة لأهل السنة ولغيرهم من الفرق فيها منالات كثيرة مضطربة سخيفة أقربها قول جهم ومحمد بن شبيب: إن الكفر باللَّه الجهل به لا يكفر أحد بغير ذلك، وقال أبو الهذيل: إن كل متأول كان تأوليه تشبيهًا للَّه بخلقه وتجويرًا له في فعله وتكذيبًا لخبره فهو كافر، وكل من أثبت شيئًا قديمًا لا يقال له اللَّه فهو كافر، وقال بعض المتكلمين: إن كان ممن عرف الأصل وبنى عليه وكان فيما هو من أوصاف اللَّه فهو كافر وإن لم يكن من هذا الباب ففاسق إلا أن يكون ممن لم يعرف الأصل فهو مخطىء غير كافر وذهب عبيد اللَّه بن الحسن العنبري إلى تصويب أقوال المجتهدين في أصول الدين فيما كان عرضة للتأويل وفارق في ذلك فرق الأمة إذ أجمعوا سواه على أن الحق في أصول الدين في واحد والمخطىء فيه آثم عاص فاسق وإنما الخلاف في تكفيره، وقد حكى القاضي أبو بكر الباقلاني مثل قول عبيد اللَّه عن داود الأصبهاني وقال وحكى قوم عنهما أنهما قالا ذلك في كل من علم اللَّه سبحانه من حاله استفراغ الوسع في طلب الحق من أهل =