الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[لفظه: ]
وندب لفظه المشهور، وهو: ما روى ابن وهب أن جبريل علمه
= الركوع يسيرًا يحتمل أن يكون وقبل الركوع كثيرًا ويحتمل أن يكون لا قنوت قبله أصلًا ومعنى قوله كذب، أي: أخطأ وهو لغة أهل الحجاز يطلقون الكذب على ما هو أعم من العمد والخطأ، ويحتمل أن يكون أراد بقوله كذب، أي: إن كان حكى أن القنوت دائمًا بعد الركوع وهذا يرجح الاحتمال الأول ويبينه ما أخرجه ابن ماجه من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال: قبل الركوع وبعده إسناده قوي، وروى ابن المنذر من طريق أخرى عن حميد عن أنس: أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع وبعضهم بعد الركوع وروى محمد بن نصر من طريق أخرى عن حميد عن أنس: أن أول من جعل القنوت قبل الركوع، أي: دائمًا عثمان لكي يدرك الناس الركعة وقد وافق عاصمًا على روايته هذه عبد العزيز بن صهيب عن أنس كما سيأتي في المغازي بلفظ: سأل رجل أنسًا عن القنوت بعد الركوع أو عند الفراغ من القراءة قال: لا بل عند الفراغ من القراءة، ومجموع ما جاء عن أنس من ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع.
وقد اختلف عمل الصحابة في ذلك والظاهر أنه من الاختلاف المباح، قوله: كان بعث قومًا يقال لهم القرأء سيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب المغازي، وكذا على رواية أبي مجلز والتيمي الراوي عنه هو سليمان وهو يروي عن أنس نفسه ويروي عنه أيضًا بواسطة كما في هذا الحديث.
959 -
قوله: حدثنا إسماعيل هو ابن علية وخالد هو الحذاء قوله: كان القنوت في المغرب والفجر قد تقدم توجيه إيراد هذه الرواية في أول هذا الباب وتقدم الكلام على بعضها في أثناء صفة الصلاة.
وقد روى مسلم من حديث البراء نحو حديث أنس هذا وتمسك به الطحاوي في ترك القنوت في الصبح قال: لأنهم أجمعوا على نسخه في المغرب فيكون في الصبح كذلك. انتهى. ولا يخفى ما فيه وقد عارضه بعضهم فقال: أجمعوا على أنه صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح ثم اختلفوا هل ترك فيتمسك بما أجمعوا عليه حتى يثبت ما اختلفوا فيه. وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة كما ثبت أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وثبوت الأمر بالدعاء فيه أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأموم الإمام فى الدعاء ولو بالتأمين ومن ثم اتفقوا على أنه يجهر به بخلاف القنوت في الصبح فاختلف في محله وفي الجهر به".
للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما كان يدعو على مضر، فأمره بالسكوت، وقال: إن اللَّه لم يبعثك سبابًا ولا لعانًا، وإنما بعثك رحمة، ولم يبعثك عذابًا، ليس لك من الأمر شيء، أو يتوب عليهم، أو يعذبهم فإنهم ظالمون، ثم علمه: اللهم إنا نستعينك (1)، أي: نطلب منك العون.
(1) قال في البدر المنير (4/ 370، وما بعدها): "الأثر الثامن: عن عمر رضي الله عنه "أنه قنت بهذا، وهو: اللَّهم إنا نستعينك ونستغفرك ونستهديك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللَّهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ونخشى عذابك (إن عذابك الجد) بالكفار ملحق، اللَّهم (عذب) كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك، اللَّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة رسولك، وأوزعهم (أن يشكروا نعمتك و) أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك (وعدوهم) إله الحق واجعلنا منهم" وهذا الأثر رواه البيهقي من حديث سفيان (حدثني) ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن (عمير أن عمر رضي الله عنه) قنت بعد الركوع فقال: "اللهم اغفر (لنا و) للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألف (بين قلوبهم وأصلح) ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللَّهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك، اللَّهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك (الذي) لا ترده عن القوم المجرمين، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، اللَّهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، اللَّهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك (نسعى) ونحفد، نخشى عذابك الجد، ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكفار ملحق".
قال البيهقي: هذا عن عمر موصول صحيح. قال ذلك بعد أن روى بعضه مرفوعًا وحكم عليه بالإرسال، وهو كما قال.
وقد أخرجه أبو داود في "مراسيله" من حديث خالد بن أبي (عمران) قال: "بينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل عليه السلام فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد، إن اللَّه لم يبعثك سبابًا ولا لعانًا، وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذابًا {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)} .
قال: ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك ونخضع لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحق". =
ونستغفرك: أي نطلب مغفرتك من المعاصي والتقصير في خدمتك.
ونؤمن بك: نصدق ونذعن.
ونتوكل عليك: أي نفوض.
= قال البيهقي: وروى -يعني: (أثر) عمر- سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فخالف في بعضه ثم أسنده إلى والد سعيد قال:"صليت خلف عمر بن الخطاب صلاة الصبح فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع: اللَّهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى (عذابك) إن عذابك بالكافرين ملحق، اللَّهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير (كله) ولا نكفرك، ونؤمن بك ونخضع لك، ونخلع من يكفرك".
(ثم) قال البيهقي: كذا قال: "قبل الركوع" وهو وإن كان إسنادًا صحيحًا؛ فمن روى عن عمر قنوته بعد الركوع أكثر؛ فقد رواه أبو رافع وعبيد بن عمير وأبو عثمان النهدي وزيد بن وهب، والعدد أولى بالحفظ من الواحد، وفي حسن سياق عبيد بن عمير للحديث دلالة على حفظه وحفظ من حفظ عنه. قال: وروينا عن علي رضي الله عنه "أنه قنت في الفجر فقال: اللَّهم إنا نستعينك ونستغفرك".
ورأيت في "مسند الفردوس" لابن شهرديار من زوائده على والده وهو في (مجلدات صغار)"أن الحارث -يعني: ابن أبي أسامة- روى عن العباس، عن عبد الوارث، عن حنظلة، عن أنس مرفوعًا: "اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين (يحادون) رسلك ويصدون عن سبيلك وألق بينهم العداوة والبغضاء".
وأن ابن (منيع) روى عن أبي نصر (البابي) عن (أبي هلال عن حنظلة)(أنه عليه السلام كان يدعو مدة (في) صلاة الفجر بعد الركوع: "اللهم عذب كفرة أهل الكتاب واجعل قلوبهم كقلوب النساء الكوافر".
قال: ورواه الموصلي عن إسحاق بن إسرائيل، عن حماد بن زيد، عن حنظلة مثله) قال الرافعي: ونقل الروياني عن أبي العاص أنه كان يزيد في آخر القنوت: ({رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} إلى آخر السورة. واستحسنه.
وهذا من عنده ولم أره في حديث، لا جرم استغربه النووي في "شرح المهذب" واستضعفه بأن المشهور كراهة القراءة في غير القيام. قال: وإنما قال: "عذب كفرة أهل الكتاب" لأنهم كانوا هم الذين يقاتلون المسلمين حينئذ، وأما اليوم فيقال: عذب الكفرة وغيرهم ليعمهم وغيرهم؛ لأن الحاجة إلى الدعاء على غيرهم كالحاجة إلى الدعاء عليهم أو أكثرهم".
ونخلع ونخضع لك: أي نخضع ونذل ونخلع الأديان والأنداد والشركاء.
ونترك من يكفرك: أي موالاته، فنترك العابد كما تركنا المعبود.
اللهم إياك نعبد: قدم إياك للتخصيص، أي: لا نعبد إلا أنت.
ولك نصلي: يحتمل الحقيقة والدعاء.
ونسجد: وذكر نسجد بعد الصلاة يحتمل أنه من عطف الخاص على العام؛ لأنه أشرف أحوالها؛ لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، وللتبرؤ من السجود لغيره، ويحتمل أن يريد بالسجود الخضوع.
وإليك نسعى: أي فيما يرضيك.
ونحفد: بكسر الفاء وفتحها، أي: نخدم، وتقديم مفعول نعبد ونصلي ونسجد ونحفد للاختصاص.
نرجو بذلك رحمتك، ونخاف عذابك: فنحن بين الرجاء والخوف؛ لأن شأن القادر أن يُرْجَا فضله، ويخاف عذابه.
أبو الحسن الزيات: رحمتك جنتك.
وقال غيره: نرجو رحمتك لأن أعمالنا لا تفي بشكر نعمتك.
فلا ملجأ لنا إلا رجاء رحمتك.
والجد: بكسر الجيم: الحق الثابت ضد الهزل.
وملحق: بفتح الحاء المهملة اسم مفعول، والفاعل هو اللَّه أو الملائكة.
قال المصنف: وبكسرها إما بمعنى لاحق الرباعي كالثلاثي، أو محذوف المفعول، أي: ملحق بهم الهوان، وهـ[ـذا] الذي فسرنا هو المراد بقوله: إلى آخره.
وفهم من قوله: (ولفظه) أنه لو أتى بغير هذا اللفظ مثل: اللهم اهدنا