الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم قال: وهذا الخلاف إنما هو إذا لم يفهم معنى القرآن بترديد الأصوات وكثرة الترجيعات، فإن زاد الأمر على ذلك حتى لا يفهم معناه فحرام باتفاق، كما تفعل القراء بالديار المصرية الذين يقرؤون أما الجنائز والملوك، ويأخذون على ذلك الأجور والجوائز، ضل سعيهم، وخاب عملهم، فيستحلون بذلك تغيير كتاب اللَّه، ويهونون على أنفسهم الافتراء على اللَّه بأن يزيدوا فى تنزيله ما ليس منه جهلًا بدينهم، ومروقًا عن سنة نبيهم، ورفضًا لسير الصالحين فيه من سلفهم، ونزوعًا إلى ما يزين لهم الشيطان من أعمالهم، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا. انتهى.
وإذا علمت هذا ظهر لك أن تفسير الشارح لقول المصنف: "وقراءة بتلحين"(أن القراءة المكروهة بالتلحين هي التي يرجع فيها كترجيح الغناء) غير ظاهر، واللَّه -تعالى- أعلم.
وأما خبر: "زينوا القرآن بأصواتكم" فعنه أجوبة منها: أنه مقلوب.
[الاجتماع لقراءة القرآن: ]
ثم شبه في الحكم، فقال: كجماعة يجتمعون لقراءة، وتحته صورتان:
- أن يبتدئ أحدهم من حيث يجد الآخر.
- أو من حيث ينتهي هو.
لما يلزم من التخليط وتقطيع القرآن، ولعدم العمل.
= والدارمي (2/ 565، رقم 3500)، وأبو داود (2/ 74، رقم 1468)، والنسائي (2/ 179، رقم 1015)، وابن ماجه (1/ 426، رقم 1342)، وأبو يعلى (3/ 245، رقم 1686)، وابن خزيمة (3/ 26، رقم 1556)، وابن حبان (3/ 25، رقم 749)، والروياني (1/ 242، رقم 353)، والحاكم (1/ 761، رقم 2098)، والبيهقي (2/ 53، رقم 2254)، والبغوي في الجعديات (1/ 307، رقم 2077).
ومن حديث ابن عباس أخرجه أيضًا ابن عدي (4/ 209، ترجمة 1016 عبد اللَّه بن خراش بن حوشب).
مالك: وأراه بدعة (1).
(1) قال في البيان: (1/ 298): "قال ابن القاسم: قال مالك في القوم يجتمعون جميعًا فيقرؤون في السورة الواحدة مثل ما يفعل أهل الإسكندرية، فكره ذلك وأنكر أن يكون من فعل الناس.
قال محمد بن رشد: إنما كرهه لأنه أمر مبتدع ليس من فعل السلف، ولأنهم يبتغون به الألحان وتحسين الأصوات بموافقة بعضهم بعضًا وزيادة بعضهم في صوت بعض على نحو ما يفعل في الغناء، فوجه المكروه في ذلك بين واللَّه أعلم. وقد مضى من هذا المعنى في رسم سلعة سماها، وتأتي المسألة متكررة في رسم لم يدرك من سماع عيسى".
وقال في البيان (18/ 349): "قال وسئل عن القوم يجتمعون فيقرؤون القرآن جميعًا السورة الواحدة، فقال: إني لأكره ذلك، ولو كان بعضهم يتعلم من بعض لم أر بذلك بأسًا. قيل له: أرأيت إن كان واحد منهم يقرأ عليهم؟ قال: لا بأس به. قال: وسئل عن القوم يجتمعون فيقرؤون السورة الواحدة، فقال: لا يعجبني هذا ولا أحبه، ولكن لو قرؤوا على رجل منهم واحد، أو قرأ عليهم رجل منهم لم ار بذلك بأسًا. فقيل له: لا، بل يقرؤون جميعًا على رجل منهم واحد، قال: لا يعجبني ذلك وأنا أكره الذي بلغني عن بعض أهل الشام يجتمع النفر جميعًا فيقرؤون السورة الواحدة، فقال: لا يعجبني هذا ولا أحبه ولكن يقرأ عليهم رجل منهم ويقرؤون عليه واحدًا واحدًا، أترى الناس اليوم أرغب في الخير ممن مضى؟ لم يكن يفعله أحد فلا يعجبني ولا أحبه. قيل له فهل يجتمعون فيقرأ هذا من سورة وهذا من سورة ومعهم رجل إذا تعايا أحدهم فتح عليه؟ فقال ما يعجبني هذا ولا أحبه، قال اللَّه عز وجل:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} وهؤلاء يقرؤون هذا من ناحية وهذا يقرأ من ناحية، هذا يشبه الاستخفاف بالقرآن، والذي بلغني عن بعض الناس من قراءاته إياه منكوسًا، والآية من هذه السورة والآية من هذه السورة، فلا يعجبني هذا ولا أحبه، ولكن يقرأ كل واحد منهم على رجل أو يقرأ عليهم رجل منهم.
قال محمد بن رشد: أجاز أن يقرأ الواحد على الواحد وعلى الجماعة، وهذا هو المختار المستحسن الذي لا اختلاف فيه. وكره أن تقرأ الجماعة على الجماعة وعلى الواحد، وقد اختلف قوله في ذلك: فخففه في رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة في رسم سلعة سماها منه. فوجه الكراهة في ذلك أنه إذا قرأت الجماعة على الواحد لا بد أن يفوته سماع ما يقرأ به بعضهم ما دام يصغي إلى غيرهم ويشتغل بالرد على من يصغي إليه منهم، فقد يخطىء في ذلك الحين ويظن أنه قد سمعه وأجاز قراءته، فيحمل عنه الخطأ ويظنه مذهبًا له. وكذلك إذا قرأت الجماعة على الجماعة، لأن كل واحد من الجماعة التي تقرأ عليها الجماعة لا بد أن يفوته سماع ما يقرأ به =