الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في توضيحه، وينبغي على القول بأنه ينوي الفريضة أن يؤم، قاله اللخمي.
ويعيد المؤتمون به أفذاذًا؛ لاحتمال كون الثانية هي المعتد بها، فيكونون قد صلوا في جماعة، ومن صلى في جماعة فلا يعيد في أخرى.
[ما يتفرع عن الإعادة تفويضًا: ]
ولما قدم أنه يعيد مفوضًا، بنى على ذلك فرعين، فقال: وإن ظن أنه منفردًا، فأعاد على ما في ظنه، ثم تبين عدم صلاته الأولى أجزأته الثانية عند ابن القاسم، خلافًا لأشهب، أو تبين له فسادها -أي: الأولى- بأن ظهر له أنه صلاها بغير طهارة مثلًا، أجزأته صلاته الثانية عند ابن القاسم، وهو المشهور.
وكذا لو تبين فساد الثانية وصحة الأولى لأجزأته، وما ذكره مبني على المشهور من أن نية الإعادة على وجه التفويض.
[إطالة ركوع لداخل: ]
ولا يطال ركوع لداخل أحس به مقبلًا يريد الدخول معه في الصلاة على المشهور.
اللخمي: لأن من خلفه أعظم عليه حقًا ممن يأتي.
وظاهر كلامه: أنه لا فرق بين أن يعرف الداخل أو لا، وهو كذلك، وفرق بعضهم بين معرفته فلا يطيل، وعدمها فيطيل، للسلامة من الزيادة.
تنبيه:
لا يعلم من كلامه عين الحكم، وفسره ابن رشد بالكراهة، وتخصيص الركوع؛ لأنه الذي يحصل به إدراك الركعة، وينبغي أن لا يطيل القيام كذلك.
[الإمام كالجماعة: ]
والإمام الراتب في مسجد أو مكان جرت العادة بالجمع فيه، وإن لم يكن مسجدًا، كما قال في الطراز، كجماعة في أمور:
- منها: حصول فضل الجماعة.
- ومنها: من صلى معه لا يعيد.
- ومنها: من صلى منفردًا يعيد معه.
- ومنها: لا تصلى بعده جماعة (1).
(1) قال العلامة الألباني في تعليقه على فقه السنة، ص 155، وما بعدها:"قوله: (. . روى الأثرم وسعيد بن منصور عن أنس أنه دخل مسجدًا قد صلوا فيه فأمر رجلًا فأذن بهم وأقام فصلى بهم جماعة".
قلت: قد علقه البخاري، ووصله البيهقي بسند صحيح عنه، وقد يستدل به بعضهم على جواز تعدد صلاة الجماعة في المسجد الواحد، ولا حجة فيه لأمرين:
الأول: أنه موقوف.
الثاني: أنه قد خالفه من الصحابة من هو أفقه منه، وهو عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه، فروى عبد الرزاق في (المصنف)(2/ 409/ 3883) وعنه الطبراني في "المعجم الكبير"(9380) بسند حسن عن إبراهيم أن علقمة والأسود أقبلا مع ابن مسعود إلى المسجد فاستقبلهم الناس وقد صلوا فرجع بهما إلى البيت. . ثم صلى بهما.
فلو كانت الجماعة الثانية في المسجد جائزة مطلقًا لما جمع ابن مسعود في البيت مع أن الفريضة في المسجد أفضل كما هو معلوم، ثم وجدت ما يدل على أن هذا الأثر في حكم المرفوع؛ فإنه يشهد له ما روى الطبراني في:"الأوسط"(4739 - بترقيمي) عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة فوجد الناس قد صلوا فمال إلى منزله فجمع أهله فصلى بهم.
وقال: "لا يروى عن أبي بكرة إلا بهذا الإسناد".
قلت: وهو حسن.
وقال الهيثمي (2/ 45): "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله ثقات".
ولعل الجماعة التي أقامها أنس رضي الله عنه كانت في مسجد ليس له إمام راتب، ولا مؤذن راتب، فإن إعادتها في مثل هذا المسجد لا تكره؛ لما يأتي، وبذلك يتفق الأثران ولا يختلفان، وأحسن ما وقفت عليه من كلام الأئمة في هذه المسألة هو كلام الإمام الشافعي رضي الله عنه، ولا بأس من نقله مع شيء من الاختصار، ولو طال به التعليق؛ نظرًا لأهميته وغفلة أكثر الناس عنه.
قال رضي الله عنه في "الأم"(1/ 136): "وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته الصلاة فان أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي إن لم يأته وصلى في مسجده منفردًا فحسن وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلًا أو رجالًا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم، وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرقة الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام الجماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة؛ فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون بهذا اختلاف وتفرق الكلمة وفيهما المكروه وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن فأما مسجد بني على ظهر الطريق أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام راتب ويصلي فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك؛ لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إمامًا غيره قال: وإنما منعني أن أقول: صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل: لا تجزي المنفرد صلاته وأنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالًا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قومًا فجاؤوا المسجد فصلى كل واحد منهم منفردًا وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردًا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرتين".
وما علقه الشافعي عن الصحابة قد جاء موصولًا عن الحسن البصري قال: "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا دخلوا المسجد وقد صلي فيه صلوا فرادى"، رواه ابن أبي شيبة (2/ 223).
وقال أبو حنيفة: "لا يجوز إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب".
ونحوه في "المدونة" عن الإمام مالك، وبالجملة فالجمهور على كراهة إعادة الجماعة في المسجد بالشرط السابق، وهو الحق، ولا يعارض هذا الحديث المشهور:"إلا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه"، وسيأتي في الكتاب (ص 277)؛ فإن غاية ما فيه حض الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الذين كانوا صلوا معه صلى الله عليه وسلم في الجماعة الأولى أن يصلي وراءه تطوعًا، فهي صلاة متنفل وراء مفترض، وبحثنا إنما هو في صلاة مفترض وراء المفترض، فاتتهم الجماعة الأولى، ولا يجوز قياس هذه على تلك؛ لأنه قياس مع الفارق من وجوه:
الأول: أن الصورة الأولى المختلف فيها لم تنقل عنه صلى الله عليه وسلم لا إذنًا ولا تقريرًا مع وجود المقتضى في عهده صلى الله عليه وسلم كما أفادته رواية الحسن البصري.
الثاني: أن هذه الصورة تؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى المشروعة؛ لأن الناس إذا علموا أنهم تفوتهم الجماعة يستعجلون فتكسر الجماعة وإذا علموا أنها لا تفوتهم يتأخرون فتقل الجماعة وتقليل الجماعة مكروه وليس شيء من هذا المحذور في الصورة التي أقرها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فثبت الفرق فلا يجوز الاستدلال بالحديث على =