الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإمامة الصبي بغيره -أي: بغير الفرض - تصح بالبالغين (1)، وإن لم تَجُز بفتح المثناة الفوقية وضم الجيم، وسيصرح بعد هذا بجواز إمامة الصبيان.
[الاقتداء بلاحن: ]
[13]
وهل تبطل الصلاة باقتداء بلاحن في قراءته مطلقًا في الفاتحة وغيرها، غَيَّر اللحن المعنى أو لا، أو بلاحن في الفاتحة فقط.
ابن عبد السلام: وبه كان كثير ممن أدركنا يفتي.
خلاف في التشهير، على أنه قال في توضيحه: لا أعلم من شهر البطلان، نعم قال القابسي: هو الصحيح.
وربما أشعر قوله: (بلاحن) أن الخلاف يشمل اللحنة الواحدة،
= فنظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: إلا تغطون عنا است قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص".
(1)
قال ابن رشد في البيان (1/ 395، وما بعدها): "وسئل عن الصبي المراهق أيؤم الناس في الصلوات؟ فقال لي: أما الصلوات المكتوبات التي هي الصلوات فلا، وأما في النوافل فالصبيان يؤمون الناس فيها. قيل أفيقدمون في رمضان؟ فقال: نعم لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: أجاز في هذه الرواية أن يؤم الصبي في النافلة وقيام رمضان، وهو استحسان على غير قياس مراعاة لقول من يرى صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة إمامه، فيجيز إمامة الصبي في الفريضة والنافلة، وللرجل أن يصلي الفريضة خلف من يصلي نافلة. والقياس على مذهبه في أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة إمامه، قوله في المدونة أن لا يؤم الصبي في النافلة. وما وقع من كراهة ذلك له في رسم حلف من سماع ابن القاسم، لأن نافلته وإن وافقت صلاة الصبي في كونها نافلة له على مذهب من يرى أنه مندوب إلى فعل الطاعات، فلا يأمن أن يصلي به على غير وضوء أو بغير نية، إذ لا حرج عليه في ذلك لكونه غير مكلف، وباللَّه التوفيق".
بخلاف عبارة ابن الحاجب وابن عرفة وغيرهما: اللَّحَّان (1).
(1) قال الأجهوري: "وهل تبطل بلاحن مطلقًا، أي: في الفاتحة وغيرها أو في الفاتحة دون غيرها خلاف فهو محذوف من هنا لذكره بعد، والحاصل أن قوله وهل بلاحن مطلقًا أو في الفاتحة مسألة وقوله بعد أو بغير مميز بين ضاد إلخ مسألة وفي كل من المسألتين خلاف فلو قال (المص) وهل بلاحن مطلقًا أو في الفاتحة خلاف كغير مميز بين ضاد وظاء لكان أوضح وأخصر، وترك (المص) من المسألة الأولى القول بالصحة مطلقًا مع أنه أرجح من القولين اللذين ذكرهما؛ فإن فيما ستة أقوال القولين المذكورين في كلام (المص) وثالثها البطلان إن غير المعنى كضم تاء (أنعمت) لا إن لم يغيره كضم لام للَّه في (الحمد للَّه) أو كسر دال الحمد تبعًا لكسر لام للَّه، ورابعها: إن ذلك مكروه واختاره ابن رشد، وخامسها: يمنع ابتداءً مع وجود غيره ويصح بعد الوقوع وهو مختار اللخمي، وسادسها: تجوز ابتداءً قال (ح): والضعيف منها. السادس: وبقيتها مرجحة وإرجاحها قول من قال بالصحة مطلقًا وهو الرابع الذي اختاره ابن رشد والخامس الذي اختاره اللخمي فكان على (المص) ذكره فلو قال (المص) وفي بطلانها بلاحن مطلقًا ثالثها في الفاتحة لأفاد هذا لكن لا يخفى إن القول بالصحة لقائلين: أحدهما ابن رشد، والآخر اللخمي فهما متفقان على الحكم بالصحة وإن اختلفا في الحكم ابتداءً، فابن رشد يقول بالكراهة واللخمي يقول بالمنع ابتداءً مع وجود غيره، ولم يقبل ابن رشد بقوله مع وجود غيره فظاهره أن الحكم عنده ابتداءً الكراهة سواء وجد غيره أم لا، ثم إن محل هذه الأقوال فيمن عجز عن تعلم الصواب لضيق الوقت أو لعدم من يعلمه مع قبول التعليم فيهما وأيتم به من ليس مثله لعدم وجود غيره وأما من تعمد اللحن فصلاته وصلاة من اقتدى به باطلة بلا نزاع لأنه أتى بكلمة أجنبية في حلاته ومن فعله ساهيًا لا تبطل صلاته ولا صلاة من أقتدى به قطعًا بمنزلة من سهى عن كلمة فأكثر من الفاتحة أو غيرها، وإن فعل ذلك عجزًا بأن لا يقبل التعليم فصلاته وصلاة من اقتدى به صحيحة أيضًا قطعًا، لأنه بمنزلة إلا لكن كما يأتي وسواء وجد من يأتم به أم لا وسواء ضاق الوقت أم لا، وإن كان عجزه لضيق الوقت أو لعدم من يعلمه مع قبوله للتعليم فيهما فإن كان مع وجود من يأتم به؛ فإن صلاته وصلاة من يأتم به باطلة سواء كان مثل الإمام في اللحن أم لا وإن لم يجد من يأتم به فصلاته وصلاة من اقتدى به صحيحة إن كان مثله وإن لم يكن مثله بأن كان ينطق بالصواب في كل قراءته أو صوابه أكثر من صواب إمامه؛ فإنه محل الخلاف كما قدمنا فقد تبين بهذا أنه إذا كان عجزه لعدم من يعلمه مع قبوله للتعليم أو لضيق الوقت ولم يجد من يأتم به؛ فإن اقتدى من هو مثله به صحيح قطعًا وهذا مستفاد من تقييد كل من القول بما إذا لم يستو حالة المأموم مع الإمام؛ فإنه يفيد أنه إذا استوت حالتهما؛ فإن صلاته وصلاة من اقتدى به صحيحة قطعًا بمنزلة من اقتدى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بأمي لعدم وجود قادر، وحاصل ما يستفاد مما قررنا إن اللاحن عمدًا تبطل صلاته وصلاة من اقتدى به وسهوًا تصح صلاتهما وكذا عجزًا حيث كان لا يقبل التعليم وسواء كان المقتدي به مثله أو أقرأ منه وسواء ضاق الوقت أم لا وسواء وجد غير لاحني ائتم به أم لا لأنه بمنزلة الألكن؛ فإن قبله ووجد من يأتم به بطلت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن لم يجد من يأتم ممن ليس بلاحن؛ فإن وجد من يعلمه واتسع الوقت للتعليم فكذلك، وإن لم يجد من يعلمه أو ضاق الوقت عن التعليم؛ فإن ائتم به مثله وأولى منه صحة صلاته وإن كان ليس مثله فهذا محل الخلاف، وعلى هذا فمحل الخلاف في صحة صلاة من اقتدى باللاحن حيث كان يقبل التعليم ولم يجد من يعلمه أو وجده وضاق الوقت عن التعليم ولم يجد من يأتم به واقتداء بمن هو أقرأ منه.
تنبيهات:
الأول:
ما ذكرناه من محل الخلاف في العاجز الذي يقبل التعليم ولم يجد من يعلمه أو وجد وضاق الوقت عن التعليم ولم يجد من يأتم به وائتم من هو أقرأ منه هو الذي يجب المصير إليه وأما العاجز الذي لا يقبل التعليم فتصح صلاته وصلاة من اقتدى به كالألكن سواء وجد من يأتم به أم لا وسواء كان المؤتم مساويًا له في اللكنة أو ليس به لكنة أصلًا ومقتضى كلام (ح) أنه إنما يصح صلاته حيث لم يجد من يأتم به وإن في صحة صلاة من اقتدى به في هذه الحالة خلاف، وتبعه بعض الشراح وليس كذلك فيهما، وهذا خلاف ما يأتي للتوضيح في مسألة الضاد والظاء كما نبينه؛ فإن قلت: ما ذكرته: من أن العاجز الذي لا يقبل التعليم تصح صلاته مفردًا أو إمامًا ولو وجد من يأتم به لأنه من جملة الألكن، وقد ذكر (المص) جواز إمامة الألكن كما يأتي مخالف لما تقدم في قوله: فيجب تعلمها إن أمكن وإلا ائتم إذا جعلوا من جملة ما يدخل في قوله: وإلا ائتم من لا يقبل التعليم.
قلت: ذاك فيمن يجب عليه تعلم الفاتحة ليحفظها ولا يقبل ذلك وهذا فيمن يتعلم الصواب فيما يلحن فيه ولا يقبل ذلك، فهو يحفظ ما يطلب بقراءته في الصلاة والفرق بينهما جلي، فليتأمل وقولنا: وائتم به من هو أقرأ منه وأما لو ايتم به من هو مثله أو أدنى منه فتصح صلاته قطعًا كما تقدم هذا هو الذي يجب المصير إليه. والذي يظهر لي من كلامهم أن محل الخلاف فيمن يلحن معتقدًا أنه صواب أو معتقدًا الخطأ وهو عاجز عن إزالته وقت النطق به ولو كان تم من يعلمه واتسع الوقت، ويدل عليه قوله في توجيه القول الرابع وهو صحة صلاة اللاحن مطلقًا؛ لأن القارئ لا يقصد ما يقتضيه اللحن بل يعتقد بقراءته ما يعتقد فيها من لا يلحن، ومن الحجة في ذلك ما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= روي أنه عليه الصلاة والسلام مر بالموالي وهم يقرؤون ويلحنون فقال: "نِعْمَ ما تقرؤون" ومر بالعرب وهم يقرؤون ولا يلحنون فقال: "هكذا أنزل"، ويدل له ما أتي من قول الفاكهاني ومنشأ الخلاف بين القولين الأولين يعني: البطلان مطلقًا وعدمه مطلقًا هل اللحن يخرج الكلمة الملحونة عن كونها قرآنًا أولًا؛ فإن قلنا: يخرجها فكأنه متكلمًا في الصلاة متعمدًا فتبطل صلاته وصلاة من خلفه إن أمكنه التعليم وإن قلنا: إن ذلك لا يخرجها عن كونه قرآنا فتصح صلاته وصلاة من خلفه، ووجه القول بالتفرقة بين الفاتحة وغيرها تعارض الشوائب في الكلمة الملحونة فإن الناطق بها لم يقصد إلا القرآن فينبغي أن يغلب عليها حكم الكلام باعتبار الفاتحة لكونها ركنًا لا تصح الصلاة إلا بها وحكم القراءة باعتبار غيرها. انتهى. فقد جعل مبنى القول بالصحة كون اللحن لا يخرج ما وقع فيه اللحن عن كونه قرآنًا ولم يقيده بإمكان التعليم ولا سبعة الوقت وقيد القول بالبطلان بإمكان التعليم وهو يقدح فيما جعله (ح) ومن تبعه محل الخلاف فيمن يمكنه التعليم وضاق الوقت عنه ولم يجد من يعلمه.
الثاني: القول الأول في كلام (المص) مقيد بما إذا لم يستو حالة المأموم مع الإمام كما نقله ابن عرفة عن ابن يونس عن القاضي، والقول الثاني في كلام (المص) مقيد بذلك أيضًا كما نقله ابن يونس عن ابن اللباد.
قلت: وظاهر هذا الصحة حيث استوت حالتهما سواء وجد غير لاحن يؤثم به أم لا وبهذا يتبين لك أن قول بعض الشارحين بعد ما أشرنا إليه عن (ح) قلت فيخصص الخلاف في الاقتداء باللاحن بأن يكون الإمام عاجزًا عن الصواب والمقتدي عاجز عن الائتمام بغير اللاحن. انتهى. فيه نظر إذ يقتضي جريان الخلاف فيما إذا كان المأموم مساويا للإمام في اللحن حيث لم يجد من يأتم به مع أنه متفق على صحة صلاة كل منهما كما يستفاد من تقييد القول الأول والثاني وظاهره وجد غير لاحن يؤتم به أم لا، وإنما محل الخلاف حيث كان الإمام يلحن والمأموم لا يلحن أصلًا أو لحنه أقل من لحن الإمام وسواء في الحالتين وجد من يأتم به أم لا، والحاصل أنه يستفاد من القولين في كلام (المص) ومن تقييدهما بما ذكرنا الاتفاق على الصحة حيث استوت حالتهما سواء وجد غيره لاحن يؤتم به أم لا، ونحو هذا نحو ما قدمناه في القول الثاني والخلاف فيما إذا اختلفت حالتهما وسواء وجد غير لاحن يؤتم به أم لا، فكلام بعض الشارحين مخالف لهذا فلا يعول عليه وما ذكره (د) عن بعض شيوخه من أن القول بالصحة إذا استوت حالتهما ينبغي أن يقيد بعدم وجود غيرهما. انتهى. غير ظاهر واللَّه اعلم الثالث لا يخفي إن كلام (المص) في بطلان صلاة المقتدي باللحان وأما بطلان صلاته هو وصحتها فقد قدمناه".