الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركعة، قال ابن القاسم: لا يقرأ الفاتحة، ويبتدئ البقرة؛ لأن الركن لا يكرر.
الثاني: لا خصوصية لختم الإمام القرآن في التراويح؛ ففي الذخيرة: أنكر العلماء ومالك على من يقتصر على بعض القرآن، ولو كان أفضل من غيره، فإن اللَّه -تعالى- أنزل القرآن ليخاف من وعيده، ويرجى وعده، ويتأدب بقصصه، فينبغي أن يتلى جميعه.
[إجزاء السورة فيها: ]
وسورة تجزئ في التراويح في الشهر كله، مع فوات المستحب.
[عدد ركعاتها: ]
والتراويح ثلاث وعشرون ركعة بالشفع والوتر (1)، وعلى هذا التقدير
(1) ذهب بعض أهل العصر أن صلاة التراويح ثلاثًا وعشرين من البدع المذمومة التي ينبغي تركها، وأن فاعل ذلك يعد مبتدعًا في عين هذه المسألة ما دام ليس كذلك في سائر الشرائع والاعتقادات، وفي الحق أن ما رآه هو قول بعض الأصحاب، يقول الألباني في كتاب له أسماه: صلاة التراويح، ص 86، وما بعدها:"وجوب التزام الإحدى عشرة ركعة والدليل على ذلك: لقد تبين لكل عاقل نص أن لا يصح عن أحد من الصحابة صلاة التراويح بعشرين ركعة وأنه ثبت عن عمر رضي الله عنه الأمر بصلاتها إحدى عشرة ركعة كما تبين أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلها إلا إحدى عشرى ركعة فهذا كله مما يمهد لنا السبيل لنقول بوجوب التزام هذا العدد وعدم الزيادة عليه اتباعًا لقوله صلى الله عليه وسلم: ". . . فإنه من يعش منكم من بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" زاد في حديث آخر: "وكل ضلالة في النار" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.
ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في كثير من المسائل الفقهية ومنها ما نحن فيه من عدد ركعات التراويح فقد بلغ اختلافهم فيه إلى ثمانية أقوال:
الأول (41). الثاني (36). الثالث (34). الرابع (28). الخامس (24). السادس (20). السابع (16). الثامن (11) ولما كان الحديث المذكور قد بين لنا المخرج من كل اختلاف قد تقع الأمة فيه وكانت هذه المسألة مما اختلفوا فيه وجب علينا الرجوع إلى المخرج وهو التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم وليست هي هنا إلا الإحدى عشرة ركعة فوجب الأخذ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بها وترك ما يخالفها ولا سيما أن سنة الخلفاء الراشدين قد وافقتها ونحن نرى أن الزيادة عليها مخالفة لها لأن الأمر في العبادات على التوقيف والاتباع لا على التحسين العقلي والابتداع كما سبق بيانه في الرسالة الأولى ويأتي بسط ذلك في الرسالة الخاصة بالبدعة إن شاء اللَّه تعالى ومن العجيب أن العامة قد تنبهوا لهذا فكثيرًا ما تسمعهم يقولون بهذه المناسبة وغيرها: "الزايد أخو الناقص" فما بال الخاصة؟
ويعجبني بهذه المناسبة ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني وصاحب لي كنا في سفر فكنت أتم وكان صاحبي يقصر فقال له ابن عباس: "بل أنت الذي كنت تقصر وصاحبك الذي كان يتم" وهذا من فقه ابن عباس رضي الله عنه حيث جعل التمام والكمال في اتباع سنته صلى الله عليه وسلم وجعل النقص والخل فيما خالفها وإن كان أكثر عددًا كيف لا وهو الذي دعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل؟ ".
والحقيقة أن من كان فقيهًا حقًا لا يسعهن أن يتعدى قول ابن عباس هذا بل يجعله أصلًا في كل ما جاءت به الشريعة الكاملة لأن عكسه يؤدي إلى نسبة النقص أو النسيان إلى الشارع الحكيم؟ وما كان ربك نسيًا؟ ولتفصيل هذا موضع آخر إن شاء اللَّه تعالى.
ويعجبني أيضًا قول شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على ابن المطهر الشيعي: وزعم أن عليًا كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ولم يصح ذلك ونبينا صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد في الليل على ثلاث عشرة ركعة ولا يستحب قيام كل الليل بل يكره، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد اللَّه بن عمر بن العاص:"إن لجسدك عليك حقًا" وقد كان عليه السلام يصلي في اليوم والليلة نحو أربعين ركعة وعلي كان أعلم بسنته وأتبع لهديه من أن يخالفه هذه المخالفة لو كان ذلك ممكنًا، فكيف وصلاة ألف ركعة مع القيام بسائر الواجبات غير ممكن إذ عليه حقوق نفسها من مصالحها ونومها وأكلها وشربها وحاجتها ووضوئها ومباشرته أهله وسراريه والنظر لأولاده وأهله ورعيته مما يستوعب نصف الزمان تقريبًا فالساعة الواحدة لا تتسع لثمانين ركعة إلا أن تكون بالفاتحة فقط وبلا طمأنينة وعلي كرم اللَّه وجهه أجل من أن يصلي صلاة المنافقين التي هي نقر ولا يذكر اللَّه إلا قليلًا كما في الصحيحن". من "المنتقى من منهاج الاعتدال" (ص 169 - 170)، فتأمل كيف نزه عليًا رضي الله عنه عن الزيادة على سننه صلى الله عليه وسلم بقوله: "وعلي كان أعلم بسنته وأتبع لهديه من أن يخالفه هذه المخالفة".
ذكر من أنكر الزيادة من العلماء:
ولذلك نقول: لو ثبتت الزيادة على الإحدى عشرة ركعة في صلاة القيام عن أحد من الخلفاء الراشدين أو غيرهم من فقهاء الصحابة لما وسعنا إلا القول بجوازها لعلمنا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بفضلهم وفقههم وبعدهم عن الابتداع في الدين وحرصهم على نهي الناس عنه، ولكن لما لم يثبت ذلك عنهم على ما سلف بيانه لم نستجز القول بالزيادة، وسلفنا فى ذلك أئمة فحول فى مقدمتهم الإمام مالك في أحد القولين عنه، فقال السيوطي في "المصابيح في صلاة التراويح" (2/ 77 من الفتاوى له): "وقال الجوري -من أصحابنا- عن مالك أنه قال: الذي جمع عليه الناس عمر بن الخطاب أحب إلي، وهو إحدى عشرة ركعة، وهي صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قيل له: إحدى عشرة ركعة بالوتر؟
قال: نعم وثلاث عشرة قريب.
قال: ولا أدري من أين أحدث هذا الركوع الكثير؟ ".
وقال الإمام ابن العربي في شرح الترمذي بعد أن أشار إلى الروايات المتعارضة عن عمر وإلى القول أنه ليس في قدر ركعات التراويح حد محدودة "والصحيح: أن يصلي إحدى عشرة ركعة: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وقيامه فأما غير ذلك من الأعداد فلا أصل له، ولا حد فيه. فإذا لم يكن بد من الحد فما كان النبي عليه السلام يصلي. ما زاد النبي عليه السلام في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
وهذه الصلاة هي قيام الليل فوجب أن يقتدى فيها بالنبي عليه السلام، ولهذا صرح الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني في "سبل السلام" أن عدد العشرين في التراويح بدعة قال: وليس في البدعة ما يمدح بل كل بدعة ضلالة".
قلت: لكن ابن عبد البر قد قال في الاستذكار (2/ 69، ما بعدها): "وقد روى مالك عن يزيد بن رومان، قال: كان الناس يقومون في زمن عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة.
وهذا كله يشهد بأن الرواية بإحدى عشرة ركعة وهم وغلط، وأن الصحيح ثلاث وعشرون وإحدى وعشرون ركعة، واللَّه أعلم.
وقد روى أبو شيبة واسمه إبراهيم بن علية بن عثمان عن الحكم عن ابن عباس أن رسول اللَّه عليه السلام كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر، وليس أبو شيبة بالقوي عندهم، ذكره بن أبي شيبة عن يزيد بن رومان عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان.
وروي عشرون ركعة عن علي وشتير بن شكل وابن أبى مليكة والحارث الهمداني وأبي البختري، وهو قول جمهور العلماء، وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء، وهو الصحيح عن أبي ابن كعب من غير خلاف من الصحابة.
وقال عطاء: أدركت الناس وهم يصلون ثلاثًا وعشرين ركعة بالوتر، وكان الأسود بن يزيد يصلي أربعين ركعة ويوتر بسبع.
وذكر ابن القاسم عن مالك: تسع وثلاثون، والوتر ثلاث، وزعم أنه الأمر القديم.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وذكر ابن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن داود بن قيس، قال: أدركت الناس بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان يصلون ستًا وثلاثين ركعة، ويوترون بثلاث.
وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن داود: قيام رمضان عشرون ركعة سوى الوتر، لا يقام بأكثر منها استحبابًا.
وذكر عن وكيع عن حسن بن صالح عن عمرو بن قيس عن أبي الحسين عن علي أنه أمر رجلًا يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة، وهذا هو الاختيار عندنا، وباللَّه توفيقنا.
وذكره أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي".
اختياري:
وما اختاره ابن عبد البر أختار؛ لأنه الذي تدل عليه النصوص الصحيحة، التي منها بسندي إلى أبي بكر بن أبي شيبة في مصنفه:
1 -
حدثنا وكيع، عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، أن عمر بن الخطاب أمر رجلًا يصلي بهم عشرين ركعة.
قلت: وهذا السند وإن كان منقطعًا بين يحيى وعمر، إلا أن الواسطة بينهما لا بد أن تكون مقبولة من حيث الرواية؛ لسببين:
الأول: أن يحيى بن سعيد من الخامسة، وجل رواية هذا الطبقة عن كبار التابعين، ولم نعلم أحدًا من هذه الطبقة قد كذب، أو اتهم به، أو ضعف ضعفًا شديدًا، بل إن أسوأ ما يكون عليه من ينتسب لهذه الطبقة أن يكون مستورًا؛ لقلة روايته، وذلك كمثل إسحاق بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، أو مجهولا مثل حريث بن ظهير بالمعجمة المضمومة الكوفي، إلا فيما ندر، والنادر لا حكم له.
الثاني: أنه ما علمنا أحدًا مدنيًا من الطبقة الثانية أو الثالثة قد كان ممن يضعف لأجله الحديث، بل إن درجته في أسوأ حال أن يكون مقبولًا، وذلك كجعفر بن عياض، وجهمان الأسلمي، والحارث بن بلال بن الحارث المزني، عبد اللَّه بن سعد التيمي مولى عائشة، عبد اللَّه بن سليط، أخو ميمونة من الرضاعة، عبد الرحمن بن بهمان، وأما عبد الرحمن بن البيلماني مولى عمر، فلينه أبو حاتم بلا دليل، ووثقه ابن حبان.
فكيف، إذا انضم إلى ذلك ما سبق من قول ابن عبد البر:"وروي عشرون ركعة عن علي وشتير ابن شكل وابن أبي مليكة والحارث الهمداني وأبي البختري، وهو قول جمهور العلماء، وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء، وهو الصحيح عن أبي بن كعب من غير خلاف من الصحابة". =
لا يكون هذا العدد مستحبًا؛ إذ لو أراده لأتى بالواو، كما في غيره، ويحتمل كونه نائب فاعل لفعل محذوف، تقديره: وندب.
وعلى هذا العدد استمر الفعل في زماننا شرقًا وغربًا، ثم جعلت هذه
= وقول ابن رشد في البيان (2/ 309 - 310): "قال محمد بن رشد: لما كان قيام رمضان مرغبًا فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". وكان للجمع فيه أصل للسنة، وكان العمل قد استمر فيه على هذا العدد من يوم الحرة إلى زمنه؛ وذلك أن عمر بن الخطاب كان أمر أبي بن كعب، وتميمًا الداري، أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، فكانا يطيلان القيام، حتى لقد كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا في فروع الفجر؛ فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمرهما أن يزيدا في عدد الركوع، وينقصا من طول القيام؛ فكانا يقومان بالناس بثلاث وعشرين ركعة، وكان القارئ يقرأ بسورة البقرة في ثمان ركعات؛ فإذا قام بها في اثنتي ركعة، رأى الناس أنه قد خفف؛ فكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة، ثم شكوا ذلك ملا اشتد عليهم، فنقصوا من طول القيام، وزادوا في عدد الركوع، حتى أتموا تسعًا وثلاثين ركعة بالوتر؛ ومضى الأمر على ذلك من يوم الحرة، وأمر عمر بن عبد العزيز أن يقوموا بذلك، وأن يقوؤوا في كل ركعة بعشر آيات؛ فكره مالك أن ينقص من ذلك، إذ لا ينبغي أن يحمل الناس على انتقاص الخير، وإنما ينبغي أن يرغبوا في الازدياد فيه، ويحملوا على ذلك إذا أمكن، وكان بالناس عليه طاقة، وغليه نشاط، وباللَّه تعالى التوفيق".
2 -
حدثنا وكيع، عن نافع بن عمر، قال: كان ابن أبي مليكة يصلي بنا في رمضان عشرين ركعة ويقرأ بحمد الملائكة في ركعة.
ولو كان ما فعل منكرًا، لأنه بدعة، لأنكر عليه السلف صنيعه.
3 -
حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن عبد العزيز بن رفيع، قال: كان أبي بن كعب يصلي بالناس في رمضان بالمدينة عشرين ركعة ويوتر بثلاث.
قلت: هذا سند بيِّن الصحة، والحسن بن صالح قال فيه وكيع: هو عندي إمام، وإنما أمسك بعضهم عن الرواية عنه لرأيه في الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان.
4 -
حدثنا ابن نمير، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: أدركت الناس وهم يصلون ثلاثًا وعشرين ركعة بالوتر.
وعطاء هذا هو ابن أبي رباح، وهو من الطبقة الثالثة، أي: يكون المراد بقوله: (أدركت الناس) الصحابة في الغالب، يقول ابن حجر في التقريب (1/ 75):"الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين، كـ: الحسن وابن سيرين".