الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[صفة دخول بلده: ]
وسواء دخلها اختيارًا أو غلبة، وعليه بالغ بقوله: وإن بريح، غير أن ما قبل المبالغة يصدق بما إذا رده غاصب، وقد قال المازري: إنه يقصر.
[ما لا يقطع القصر في بلده: ]
ثم استثنى من ذلك ما لا يقطع القصر إذا رجع لمكان كان توطنه، بقوله: إلا متوطن كمكة رفض سكناهما، وخرج منها لموضع تقصر فيه الصلاة، ورجع منه لها ناويًا السفر، ونوى بها إقامة (1)، لا يلزمه فيها إتمام
(1) قال الأجهوري: " (وقوله) رجع ناويًا السفر يقتضي أنه يتم حيث رجع ناويًا الإقامة أو لا نية له والأول مسلم والثاني غير مسلم إذ حكمه حكم من رجع ناويًا السفر، فلو قال: ورجع غير ناوي الإقامة لسلم من هذا وطابق ما في ابن الحاجب الموافق لما في كلام غيره كما يأتي ثم أنه إنما تفترق نية الإقامة من غيرها في حال دخول المحل الذي رجع إليه فإن من نوي الإقامة يتم ومن لم ينوها يقصر لا في حال الرجوع لأنه إن كان رجوعه بعد مسافة القصر فالأمر واضح لأن الراجع لبلده وما في حكمه من مسافة القصر يقصر في رجوعه فأولى في هذا وإن كان رجوعه قبل مسافة القصر فهو غير راجع لبلده وما في حكمه ولا شك أن من رجع لغيره بلده وما في حكمه من دون مسافة القصر يقصر حيث كان خروجه لسفر مسافة القصر وأدخل الكاف على مكة ليفيد أن هذا الحكم ليس خاصا بمن أقام بمكة الإقامة القاطعة بحكم السفر بل يجري في غيرها أيضًا وهذا الاحتمال اقتصر عليه غير واحد كالشيخ (ح) وعليه فالاستثناء في كلام (المص) على ما يتبادر منه منقطع وعلى كل حال فالمستثنى منه شامل لما إذا رجع بعد مسافة القصر أو قبلها والمستثنى في من رجع بعد مسافة القصر على ما ذكره (ح) أو فيمن رجع بعد مسافة القصر أو قبلها على ما بيناه فكلام (ح) في التنبيه الآتي عنه فيه نظر ويحتمل أن يكون أشار به إلى من رفض سكنى وطنه ثم رجع له غير ناوي الإقامة القاطعة وقد كان خروجه منه لسفر قصر؛ فإنه يقصر سواء كان رجوعه له بعد ما بلغ مسافة القصر أو قبل ذلك وبعد وصوله لمبدأ القصر و (ح) فقوله: رفض سكناها في محله وأما قوله ورجع ناوي السفر فليس بصواب على هذا الاحتمال أيضًا والصواب ورجع غير ناوي الإقامة ويشهد لما ذكرناه من الاحتمال الثاني قول سند: لو نزل قرية كان أهله بها وما توافي الموازية يتم ما لم يرفض سكناها. انتهى. وهو يفيد أن رفض سكناها مع وجود أهله بها لا يعتبر وهو واضح إذ المراد بالأهل الزوجة في هذا المحل، ويشهد لما ذكرناه من الاحتمال الأول قول المدونة، قال مالك: ومن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دخل مكة وأقام بها بضعة عشر يومًا فأوطنها ثم أراد أن يخرج إلى الجحفة ليعتمر ثم يعود لمكة فيقيم بها اليوم واليومين ثم يخرج منها، فقال مالك: يتم في يوميه، ثم قال: يقصر، قال ابن القاسم: وهو أحب إلي، قال أبو الحسن: قوله: فأقام بها بضعة عشر المراد أنه نوي أن يقيم بها مدة تقطع حكم السفر، وقوله: فأوطنها، أي: أنها صارت بمنزلة الوطن في قطع حكم السفر ابن يونس وجه القول بالإتمام أنه لما أوطنها وأتم الصلاة بها صار لها حكم الوطن فإنه رجع إلى وطنه ووجه القول بالقصر أنها ليست وطنه في الحقيقة وإنما أتم بنية الإقامة وأما وطنه فلا يحتاج إذا رجع إليه إلى نية الإقامة فكان ما لا يتم فيه إلا بنية أضعف مما يتم فيه بغير نيته وقد سافر من ذلك الموضع سفر قصر فإذا رجع إليه فهو على نيته السفر حتى ينوي إقامة أربعة أيام أيضًا ولو كان اعتماره من الجعرانة أو ما لا تقصر فيه الصلاة ثم رجع إلى مكة ونوي أن يقيم بها اليوم أو اليومين لأتم في ذلك بلا خلاف من قوله؛ لأنه على نيته الأولى في الإتمام فلا يزيلها إلا خروجه إلى سفر الإقصار. انتهى. ونحوه للخمي قاله (ح) و (ق).
قلت: ولما ذكر أبو الحسن توجيه القولين قال: وحاصل هذا الوطن المعنوي هل هو كالوطن الحسي فيتم أو ليس كالحسي فيقصر. انتهى. وقد مهد ابن الحاجب لما ذكره في المدونة بقوله: فإن تقدم استيطان فيه ما في قول (المص): إلا متوطن ولو قال: فإن تقدم إقامة تقطع حكم السفر فرجع إلخ لوافق المراد، وقوله: غير ناوي والإقامة أحسن من قوله ناويًا السفر بل هو الصواب، وقوله: ورجع من الطويل صادق بما إذا رجع إليه قبل مسافة القصر وكذا في كلام المدونة وابن يونس حيث قال: فإذا رجع إليه فهو على نية سفره فإن هذا القدر موجود فيمن رجع قبل سفر ما تقصر فيه وكذا قوله فيمن خرج ليعتمر من مكان قريب لأنه على نية الإتمام فلا يزيلها إلا خروجه إلى سفر الإقصار فجعل خروجه إلى سفر الإقصار يزيل نية الإتمام سواء رجع قبل إتمامه أم بعده وذكر (ق) عند قوله: وإن بريح ما يفيده فإنه قال فيها لمالك لوردته الريح إلى الموضع الذي خرج منه فليتم ما حبسه الريح حتى يظعن ثانية قال سحنون: هذا إن كان له وطن والأقصر فيه إلا أن ينوي إقامة أربعة برد أيام، ابن يونس فإن لم يكن له وطنًا إلا أنه نوي الإقامة فيه أربعة أيام فأكثر فكان يتم فيه ثم خرج فردته الريح إليه فهذا يدخل فيه اختلاف، قول مالك فيمن أوطن مكة ثم رفض سكناها ورجع ينوي السفر. انتهى. فظاهر هذا سواء ردته الريح بعد بلوغه مسافة القصر أو قبله وبه يتبين لك أن قول (ح).
تنبيه: علم مما تقدم من كلام المدونة وما بعده أن الموجب للقصر في مسألة المستثناة كونه رجع بعد أن سافر مسافة القصر وإلا لم يكن فرق بين حكم به أو لا في قوله: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقطعه دخول بلده وبين ما استثناه، لكن ليس في كلام (المص) ما يدل على ذلك. انتهى. فيه نظر إذ الموجب للقصر في المستثنى خروجه إلى سفر قصر سواء رجع بعد مسافة القصر أو قبله؛ لأنه رجع لغير وطنه ولغير بلده والموجب للإتمام في المستثنى منه دخول محل يقطع حكم السفر سواء دخله بعدما سافر مسافة القصر أو قبله، وقوله: ليس في كلامه ما يدل عليه لا يقال، بل في كلامه ما يدل عليه وهو قوله: ولا راجع لدونها إلخ. لأنا نقول: لا نسلم ذلك إذ هو فيمن رجع لبلده كما هو ظاهره، أي: أو وطنه وما نحن فيه الرجوع فيه لمحل أقام به إقامة تقطع حكم السفر وهنا أمور؛ الأول: علم مما قررناه أن من خرج من محل أقام به أربعة أيام لسفر قصر أنه يقصر في رجوعه إليه ولو رجع إليه قبل بلوغه مسافة القصر، وقد قدمنا ما يدل عليه وهو خلاف ما ذكره (ح) وتقدم البحث معه، الثاني قوله: رفض سكناها يصح على الاحتمال الثاني، وتقدم أن رفض سكنا وطنه أو بلده إنما يعتبر حيث مات أهله به حين رفضه ولا يصح على الاحتمال الأول أيضًا كما بيناه وقد بينا أيضًا أن قوله ورجع ناويًا السفر غير ظاهر وأنه لو قال: ورجع غير ناوي الإقامة كما في ابن الحاجب لآتي بالمراد الثالث في كلام (المص) هذا وفي قوله وقطعه دخول بلده وقوله بعد وقطعة دخول وطنه نوع تكرار فلو قال: وقطعه مكان زوجة دخل بها أو سرية أو وطنه وإن نوى عدم الإقامة به كدخوله محلًا كان أقام به إقامة تقطع حكم السفر إن نواها به كوطنه الذي رفض سكناها وليس به زوجة ولا سرية لسلم مما ذكرنا مع زيادة الفائدة وجمعه للمسائل المذكورة على وجه بين وحاصله أنه إن دخل وطنه، أي: المحل الذي نوى به الإقامة به على التأييد أو أقام به بنية عدم الانتقال فإنه ينقطع بذلك حكم السفر ولو نوى عدم الإقامة القاطعة حكم السفر به ودخوله بلده كذلك، بل هذا أولى بهذا الحكم وهذا ما لم يرفض سكناه فإن رفضه فسيأتي حكمه ومثل دخوله بلده أو وطنه دخول مكان زوجة دخل بها أو سرية، إلا أن الرفض لا يؤثر فيه على ما بينته، وأما أن أقام بمحل إقامة تقطع حكم السفر فإن دخول وطنه وما معه بقطع حكم السفر ولو دخل ناويًا للسفر ودخول محل أقام به لا يقطع حكم السفر ولو كان بينه وبينه دون مسافة القصر بخلاف نية دخول وطنه وما معه وانظر إذا نوى دخول محل أقام به الإقامة القاطعة لحكم السفر على أن يقيم به ما يقطع حكم السفر هل يكون كنية دخول وطنه وليس بينه وبينه المسافة وهو الظاهر مما تقدم أم لا.
الرابع: من أقام بمكة إقامة تقطع حكم السفر ثم خرج لعرفة للشك ثم عادلها بعد تمام الشك فإنه يقصر ما لم ينو إقامة أربعة أيام أو يعلم بها عادة وهذا يفهم من قول (المص): إلا متوطن كمكة إلخ على ما بيناه.
وفي كلام (ح) نوع تعقيد بيناه في الشرح الكبير، الخامس: من أقام بمحل إقامة تقطع =