الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم تتمحض زيادة، فإن تمحضت سجد بعد السلام، كما لو استخلفه قبل ركوع الثانية، وقال له: أسقطت ركوعًا وسجودًا، ثم قضى ما فاته بعد كمال صلاة إمامه، هذا راجع لقوله:(سجد قبله)؛ لأنه موضع سجود إمامه الذي كان يفعله، وهذا نائبه.
وقيل: بعد كمال صلاة نفسه؛ تغليبًا لحكم صلاته في نفسه.
* * *
فصل ذكر فيه أحكام صلاة السفر
[صلاة القصر: ]
ولما كانت الفريضة تقع مرة:
- تامة غير مجموعة مع فرض آخر.
- ومجموعة.
- ومرة مقصورة مجموعة.
- وغير مجموعة.
وقدم التامة غير المجموعة، شرع فيما عداها، بادئًا بالقصر على الجمع وبالحكم، فقال:
[حكمها: ]
سن على المشهور لمسافر رجل وامرأة.
[شروطه: ]
[1]
غير عاص بجر غير صفة لمسافر، أو نصبه على الحال من مسافر، به -أي: السفر المفهوم من مسافر- فلا يقصر العاصي به، كعاق وقاطع طريق ونحوهما، وإن جاز له أكل الميتة على الأصح.
ويدخل في قوله: (عاص به) من طرأ له ذلك في أثنائه، وشمل سفر العصيان:
الواجب، كـ: حج وغزو.
والمندوب: كل ما فيه قربة.
والمباح، وهو: ما يصل به عيشه.
والمكروه، كـ: صيد اللهو.
[2]
ثم أخرج المكروه بقوله: وغير لاه به على الأصح، ولم يعلم كلامه حكمه، وفي المدونة في الصائد للهو: لا أحب له أن يقصر.
ابن ناجي: الظاهر حمل (لا أحب) على بابها؛ لأن صيد اللهو مكروه المشهور.
[3]
أربعة برد: مفعول (مسافر)، بيان لسفر القصر، واختلف: هل تحديد أو تقريب؟ قولان (1).
(1) قال في المنتقى: "الخلاف في أقل مقادير سفر القصر: فالمشهور عن مالك أن أقل سفر القصر أربعة برد وهي ستة عشر فرسخًا وهي ثمانية وأربعون ميلًا وإلى ذلك ذهب الشافعي، وروي عنه مسيرة يوم وليلة وروى ابن القاسم أن مالكًا رجع عنه، قال القاضي أبو محمد عن بعض أصحابنا أن قوله: مسيرة يوم وليلة ومسيرة أربعة برد واحد وأن اليوم والليلة في الغالب هو ما يسار فيه أربعة برد فيكون معنى قول ابن القاسم ترك التحديد باليوم والليلة أنه ترك ذلك اللفظ إلى لفظ هو بين منه قال ابن حبيب: وتقصر في أربعين ميلًا وهذا قريب من أربعة برد، وروى أشهب عن مالك القصر في خمسة وأربعين ميلًا وروى أبو زيد عن ابن القاسم من قصر في ستة وثلاثين ميلًا فإنه لا يعيد قال ابن المواز عن ابن عبد الحكم يعيد في الوقت فإن قصر في أقل من ذلك أعاد أبدًا وقال أبو حنيفة: لا تقصر الصلاة في أقل من مسيرة ثلاثة أيام وقال داود إن سافر لحج أو عمرة قصر الصلاة في قصير السفر وطويله ودليلنا على ما نقوله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها ذو محرم" فوجه الدليل من ذلك أنه ثبت هذا الحكم لهذا المقدار وجعله سفرًا ولا خلاف أن للمرأة الخروج إلى الموضع القريب دون ذي محرم فإذا =
كل بريد أربعة فراسخ، كل فرسخ ثلاثة أميال، فهي ثمانية وأربعون ميلًا، وهل الميل ألفا ذراع، أو ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة ذراع، أو أربعة
= جعله النبي صلى الله عليه وسلم حدًا للسفر وجب أن يتعلق به هذا الحكم ويحدد منه قياسًا فنقول إنه سفر لا تخرج فيه المرأة إلا مع ذي محرم فجاز أن يتعلق به حكم القصر أصله مسيرة ثلاثة أيام ودليلنا على أنه لا يجوز القصر في الميل والميلين أن هذه مسافة لا تلحق المشقة بقطعها غالبًا فلم يتعلق بها حكم القصر كالخروج إلى المسجد والسوق".
وأما معارضة حديث مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيرة ذلك.
قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد.
بمخالفة عقيل عن ابن شهاب فقال وذلك نحو ثلاثين ميلًا.
وكذلك رواه عبد الرزاق عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللَّه أن عبد اللَّه بن عمر كان يقصر الصلاة في مسيرة اليوم التام.
قال سالم: وخرجنا مع عبد اللَّه إلى أرض له بريم، وذلك من المدينة على نحو من ثلاثين ميلًا فقصر عبد اللَّه الصلاة يومئذ.
فقد قال في الاستذكار: (2/ 232، وما بعدها): "أما رواية عبد الرزاق عن مالك فأظنها وهمًا فخلاف ما في الموطأ لها وإنما رواية عقيل عن ابن شهاب فإن لم تكن وهمًا فيحتمل أن يكون ريم موضعًا متسعًا كالإقليم عندنا فيكون تقدير مالك إلى آخر ذلك، وتقدير عقيل في روايته إلى أول ذلك.
ومالك أعلم بنواحي بلده، قال بعض شعراء أهل المدينة:
فكم من حرة بين المنقى
…
إلى أحد إلى جنبات ريم
إلى الروحاء ومن ثغر نقي
…
عوارضه ومن ذلك وخيم
ومن عين مكحلة المآقي
…
بلا كحل ومن كشح هضيم
وجنبات ريم ربما كانت بعيدة الأقطار".
وقال في المنتقى: "وما رواه جماعة رواة الموطأ عن مالك أولى وهو أعلم بذلك لتكرره عليه ونشأته به وإخباره بمسافته إخبار من يروح إليه ويغدو منه وهذا كله ليس فيه دليل على أقل مقادير القصر وإنما فيه دليل على جواز القصر في مثل تلك المسافة، وإنما يخبر كل إنسان منهم بما يشاهد من ذلك وتختلف عباراتهم فبعضهم يحد ما رواه بالمسافة وبعضهم بالزمان وبعضهم بالأميال ويعود ذلك كله إلى معنى واحد، واللَّه أعلم".
وقد روى مالك عن نافع أنه كان يسافر مع عبد اللَّه بن عمر البريد فلا يقصر الصلاة، وهذا يرد ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة: إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر الصلاة.