الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الاستغفار والدعاء فيها: ]
وبدل التكبير الذي في خطبة العيد بالاستغفار، فلا يكبر أول خطبته، ولا في أول كل ركعة من صلاته، ونبه بذلك على خلاف أبي يوسف، ويأمرهم أن يستغفروا باستغفاره؛ لقوله تعالى:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)} .
وبالغ الإمام في الدعاء آخر الخطبة الثانية -أي: بعد فراغها- حال كونه مستقبلًا القبلة، ومبالغته في الدعاء ليس فيه منع غيره من ذلك؛ ففي المدونة: يدعو الإمام قائمًا، ويدعون وهم قعود. انتهى.
وقوله: (وبالغ) يحتمل بأن يطيل فيه، ويحتمل الإتيان بجيده، ويحتملهما معًا، لكن لما سئل ابن القاسم عن قول مالك فيه، قال: لا أحفظ عنه فيه شيئًا، ولكن وسطًا من ذلك.
سند: يستحب لمن قرب منه أن يؤمن على دعائه.
تنبيه:
قال في الطراز: من فاتته الصلاة وأدرك الخطبة فليجلس لها، ولا يصلي لفوات سنة الاستسقاء التي اجتمع الناس لها، وإذا فرغوا إن شاء صلى وإن شاء ترك.
وسكت المؤلف عن كون الدعاء جهرًا أو سرًا، وفي الطراز وغيره: جهرًا، خلافًا للشافعي.
وسكت أيضًا عن رفع اليدين فيه، وسمع ابن القاسم: لا يعجبني رفعهما في الدعاء.
ابن رشد: ظاهره خلاف إجازتها رفعهما فيه في مواضعه كالاستسقاء وعرفه والمشعر الحرام ومقامي الجمرتين (1).
(1) ومواضع النهي عن رفع اليدين بالدعاء في المذهب:
- قال في البيان: (1/ 249، وما بعدها): "قال مالك: بلغني أن أبا سلمة رأى رجلًا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قائمًا عند المنبر وهو يدعو ويرفع يديه، فأنكر عليه وقال: لا تقلصوا تقليص اليهود. فقيل له ما أراد بالتقليص؟ قال: رفع الصوت بالدعاء ورفع اليدين.
قال محمد بن رشد: إنما كره رفع الصوت بالدعاء لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرفقوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا" وقد روي أن قول اللَّه عز وجل: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} نزلت في الدعاء. وأما رفع اليدين عند الدعاء فإنما أنكر الكثير منه مع رفع الصوت لأنه من فعل اليهود، وأما رفعهما إلى اللَّه عز وجل عند الرغبة على وجه الاستكانة والطلب فإنه جائز محمود من فاعله، وقد أجازه مالك في المدونة في مواضع الدعاء وفعله فيها، واستحب في صفته أن تكون ظهورهما إلى الوجه وبطونهما إلى الأرض، وقيل في قول اللَّه عز وجل:{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} إن الرغب بكون بطون الأكف إلى السماء، والرهب بكونها إلى الأرض، وقد وقع لمالك بعد هذا في رسم المحرم من هذا السماع أنه لا يعجبه رفع اليدين في الدعاء، ومعنى ذلك الإكثار منه في غير مواضع الدعاء حتى لا يختلف قوله، واللَّه أعلم، وبه التوفيق".
- وفي البيان (374، وما بعدها): "وسئل مالك عن رفع اليدين في الدعاء، قال: ما يعجبني ذلك، فقيل له: فرفع اليدين في الصلاة عن التكبير؟ فقال: لقد ذكر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك إذا كبر وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا ركع، وما هو بالأمر العام، كأنه لم يره من العمل المعمول به. فقيل له: فالإشارة بالأصبع في الصلاة؟ قال: ذلك حسن، ثم قال على أثر ذلك حجة لتضعيف رفع اليدين في الصلاة: إنه قد كان في أول الإسلام أنه من رقد قبل أن يطعم لم يطعم من الليل شيئًا، فأنزل اللَّه عز وجل:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فأكلوا بعد ذلك.
قال محمد بن رشد: كره مالك رحمه الله، رفع اليدين في الدعاء، وظاهره خلاف لما في المدونة، لأنه أجاز فيها رفع اليدين في الدعاء في مواضع الدعاء كالاستسقاء وعرفة والمشعر الحرام والمقامين عند الجمرتين على ما في كتاب الصلاة الأول منها، خلاف لما في الحج الأول من أنه يرفع يديه في المقامين عند الجرتين. ويحتمل أن تتأول هذه الرواية على أنه أراد الدعاء في غير مواطن الدعاء، فلا يكون خلافًا لما في المدونة، وهو الأولى، وقد ذكرنا هذا المعنى في رسم شك في طوافه".
- وفي البيان (2/ 187): "قال ابن القاسم: رأيت مالكًا إذا صلى الصبح يدعو ويحرك أصبعه التي تلي الأبهام -ملحًا، وإذا أراد أن يدعو رفع يديه شيئًا قليلًا يجعل ظاهرهما مما يلي الوجه- أرانيه ابن القاسم".
- وفي البيان: (17/ 132): "قال مالك: رأيت عامر بن عبد اللَّه بن الزبير يرفع يديه وهو جالس بعد الصلاة يدعو فقيل له: أترى بذلك بأسًا؟ قال لا أرى بذلك بأسًا. =