الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الإتمام سهوًا أو جهلًا: ]
وأما إن دخل على القصر فأتم سهوًا أو جهلًا وتبعه مأمومه سهوًا أو جهلًا لم تبطل؛ إذ لا مقتضي للبطلان، وأما الإعادة ففي الوقت الضروري؛ فالألف واللام فيه للعهد، ويسجدون بعد السلام.
[تسبيح المأموم: ]
وسبح مأمومه إن لم يجهل، ولم يسه، فإن رجع لتسبيحه سجد لسهوه، وصحت.
[فعل المسافر: ]
ولا يتبعه المأموم في قيامه لما بعد الثانية، إن لم يرجع وجلس يتشهد لفراغه، وسلم المأموم المسافر بسلامه؛ لدخوله على متابعته.
[فعل غير المسافر: ]
وأتم غيره -أي: غير المسافر من المقيمين- صلاته بعده -أي: السلام- أفذاذ، إلا مقتديان بغيره؛ إذ لا يقتدي بإمامين في صلاة واحدة إلا في الاستخلاف.
[إعادة الإمام دون المأموم: ]
وأعاد الإمام فقط صلاته في الوقت الضروري، ولا يعيد من خلفه؛ لأنهم لم يتبعوه في سهوه، ولو تبعوه لأعادوا كهو.
[اقتداء مسافر بمقيم خطأ: ]
وإن دخل مصلّ مع مصلين ظنهم سفرًا، وصلى معهم، فظهر خلافه، أي: إنهم مقيمون سبقوه بركعتين أعاد الصلاة أبدًا (1)، قاله ابن القاسم.
(1) قال في البيان: (1/ 227): "قال مالك: فيمن مر بقوم فصلى معهم، فلما صلوا ركعتين سلم إمامهم، فتبين له أنهم مقيمون وسبقوه بركعتين، وكان يظن أنهم قوم سفر، قال: يعيد أحب إلي. قال سحنون: وذلك إذا كان الداخل مسافرًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال محمد بن رشد: قول سحنون مفسر لقول مالك، لأنه لو كان مقيمًا لأتم صلاته ولم يضره وجوده القوم على خلاف ما حسبهم عليه من القصر والإتمام، لأن الإتمام واجب عليه في الوجهين، فلا تأثير لمخالفة نيته لنية إمامه في ذلك.
وقول مالك: يعيد أحب إلي، يريد في الوقت وبعده، أتم صلاته بعد صلاة الإمام أو سلم معه من الركعتين على ما اختاره ابن المواز وقاله ابن القاسم في رسم استأذن من سماع عيسى.
وقال ابن حبيب: إنه يتم صلاته ويعيد في الوقت، وقيل: لا إعادة عليه وهو قول أشهب في أول سماع سحنون.
ووجه قول مالك في إيجاب الإعادة عليه أبدًا مخالفة نيته لنية إمامه، لأنه إن سلم معه من الركعتين فقد خالفه في النية والفعل، ففسدت صلاته عنده بذلك، وإن أتم صلاته فقد خالفه في النية خاصة وأتم صلاته على خلاف ما أحرم به.
ولم يراع ابن حبيب شيئًا من ذلك فقال: إنه يعيد في الوقت على أصله في المسافر إذا أتم صلاته أنه يعيد في الوقت وإن كان صلى في جماعة ما لم تكن الجماعة في المساجد الثلاث أو جوامع الأمصار، ولا راعى أشهب شيئًا من ذلك فقال: إنه لا إعادة عليه.
وأما إذا دخل المسافر مع القوم وهو يظنهم حضريين فألفاهم مسافرين سلموا من ركعتين، فقال مالك فيما يأتي بعد هذا في هذا الرسم: إن صلاته تجزيه، وذلك خلاف أصله في هذا المسألة في مراعاة مخالفة نيته لنية إمامه، وخلاف مذهبه في المدونة لأنه قال فيها في المسافر. إذا أحرم بنية أربع ركعات ثم بدا له فسلم من ركعتين أنها لا تجزيه.
وقال ابن حبيب وأشهب: إن صلاته جائزة على أصله في ترك مراعاة مخالفة نيته لنية إمامه في الحضر والسفر وإتمامه على خلاف ما أحرم به من ذلك.
ولابن القاسم في كتاب ابن المواز أن صلاته لا تجزيه على أصل مالك في هذه المسألة، وهو اختيار ابن المواز، أن صلاته لا تجزيه في الوجهين جميعًا لمخالفة نيته لنية إمامه في ذلك.
وقال سحنون في هذا الرسم: إنه يعيد في الوقت.
ولو دخل المسافر خلف القوم يظنهم مقيمين فلما صلوا ركعتين سلم إمامهم فلم يدر إن كانوا مقيمين أو مسافرين لأتم صلاة مقيمين أربعًا، ثم أعاد صلاة مسافر، قاله في رسم استأذن من سماع عيسى، لاحتمال أن يكون الإمام مسافرًا.
ولو دخل خلفهم ينوي صلاتهم وهو لا يعلم إن كانوا مقيمين أو مسافرين لأجزأته صلاته قولًا واحدًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والحجة في ذلك ما جاء من أن علي بن أبي طالب وأبا موسى الأشعري قدما على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع محرمين، فسألهما، عليه السلام:"بم أحرمتما"، فكلاهما قال قلت لبيك إهلالًا كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فصوب فعلهما وأمرهما بما يعملان في بقية إحرامهما.
ومما يتعلق بهذه المسألة ويختلف هل يوافقها في المعنى والقياس أم لا، مسألة الرجل يأتي المسجد يوم الجمعة وهو يظنه يوم الخميس، أو يوم الخميس وهو يظنه يوم الجمعة، فقيل: إنهما متفقان في المعنى، وإن الذي يأتي يوم الخميس وهو يظنه يوم الجمعة بمنزلة المسافر يدخل خلف القوم وهو يظنهم مسافرين فيجدهم مقيمين، لأنهما دخلا مع الإمام جميعًا بنية ركعتين فصليا معه أربعًا؛ وإن الذي يأتي يوم الجمعة ويظنه يوم الخميس بمنزلة المسافر يدخل مع القوم وهو يظنهم مقيمين فيجدهم مسافرين، لأنهما جميعًا دخلا مع الإمام بنية أربع فصليا معه ركعتين. فعلى هذا يدخل في كل مسألة منهما ما في صاحبتها من الأقوال، فيتحصل في كل واحدة منهما أربعة أقوال: أحدها: أن الصلاة جائزة في الوجهين جميعًا.
والثاني: أنها لا تجوز في الوجهين جميعًا.
والثالث: الفرق بين الوجهين، فتجوز إذا دخل بنية أربع ركعات فصلى اثنتين، ولا تجوز إذا دخل بنية ركعتين فصلى أربعًا، وهو الذي يأتي على قول مالك في هذا الرسم في مسألة الحضر والسفر.
والرابع: الفرق بين الوجهين أيضًا بعكس هذه التفرقة، وهو الذي يأتي على ما في المدونة في مسألة الخميس والجمعة.
وقيل: إنهما مفترقان في المعنى، وإلى هذا ذهب أشهب وابن المواز، فقال كل واحد منهما في مسألة الخميس والجمعة خلاف قوله في مسألة الحضر والسفر. رأى أشهب الصلاة جائزة في مسألة الحضر والسفر وغير جائزة في مسألة الخميس والجمعة.
ووجه الفرق بينهما في المعنى عندهما أن صلاة الجمعة والخميس لا تنتقل واحدة منهما عما هي عليه في حق الرجل بدخوله مع الإمام فيها وهو يظنه غير ذلك اليوم، فإذا صلاهما معه رأى ابن المواز أنهما تجزئانه لأنه صلاهما كما وجبتا عليه، ولم يضره عنده أن يحرم بنية الجمعة ويصلي ظهرًا، ولا أن يحرم بنية الظهر ويصلي جمعة، قياسًا على ما قال مالك في الرجل يدخل خلف الإمام يوم الجمعة بعد أن رفع رأسه من الركوع وهو يظنه في الركعة الأولى فإذا هو في الثانية أنه يقوم إذا سلم الإمام فيصلي أربعًا بذلك الإحرام.
ورأى أشهب أنهما لا تجزئان لإحرامه بهما على غير الصفة التي وجبت عليه؛ ورأى =
وقيده سحنون بكون الداخل مسافرًا، واعتبر المصنف القيد، فقال: إن كان مسافرًا؛ لمخالفته إمامه، لأنه إن سلم من اثنتين خالفه نية وفعلًا، وإن أتم فقد خالفه في النية وفعل خلاف ما دخل عليه.
ومفهوم الشرط: لو كان مقيمًا لأتم الصلاة، ولا يضره كونهم على خلاف ظنه من القصر أو الإتمام؛ لوجوب الإتمام عليه في الحالين، فلا تؤثر مخالفة نيته لنية إمامه.
ثم شبه في البطلان فقال: كعكسه، البساطي: هو المقيم يظن جماعة مقيمين، فيدخل معهم فإذا هم مسافرون، هذا ظاهر كلامه، والمسألة مفروضة في المسافر في الحالين، ولا يبعد حمل كلامه عليه. انتهى.
وقد يقال: أراد بالعكس قوله في توضيحه عن ابن رشد بعد ذكر المسألة السابقة: إذا دخل المسافر مع قوم يظنهم حضريين فألفاهم مسافرين سلموا من ركعتين، فقال مالك في العتبية: صلاته تجزئه، وذلك خلاف أصله في هذه المسألة في مخالفة نيته لنية إمامه وخلاف مذهبه في المدونة في المسافر إذا أحرم بنية أربع، ثم بدا له فسلم من ركعتين؛ لأنها لا تجزئه.
ثم قال: ولابن القاسم في الموازية أن صلاته لا تجزئه، وهو اختيار ابن المواز لا تجزيه في الوجهين؛ لمخالفة نيته لنية الإمام. انتهى.
= ابن القاسم في المدونة أن تجزئه نية الجمعة عن نية الظهر ولا تجزئه نية الظهر عن نية الجمعة.
قال: لأن الجمعة لا تكون إلا بنية.
ووجه قوله أن الأصل هو الظهر والجمعة طارئة عليه فلا تؤثر نية الفرع في الأصل، وتؤثر نية الأصل في الفرع لأن المسافر تنتقل صلاته من القصر إلى الإتمام بدخوله خلف الإمام المقيم، علم أنه مقيم أو لم يعلم، فرأى ابن المواز أنه إذا دخل خلف المقيم وهو يظنه مسافرًا فوجده مقيمًا، أو وهو يظنه مقيمًا فوجده مسافرًا، فلا تجزئه صلاته مراعاة لقول من يرى أن القصر عليه واجب وأنه إن أم وحده أو في جماعة أعاد أبدًا؛ ورأى أشهب أن صلاته جائزة مراعاة لقول من يرى أنه مخير بين القصر والإتمام، فهذا وجه القول في هذه المسألة موعبًا، وباللَّه التوفيق".