الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
ما ذكره صاحب الإرشاد من كراهة إمامته قال المصنف: لا أعلم له موافقًا. انتهى.
وذكرنا في شرح الإرشاد أنه يحتمل أنه أراد بالكراهة خلاف الأولى (1)، فقد ذكر ابن ناجي في شرحه للمدونة في باب الأذان: هل إمامة البصير أفضل لتوقيه النجاسة لرؤيته، أو عكسه، أو هما سواء، ثلاثة أقوال، ذكرها ابن بشير، وهو فرع غريب، قل من يحفظه.
وقول خليل: (قدم أصحابنا البصير على الأعمى) وهمٌ.
[الاقتداء بالمخالف في الفروع: ]
وجاز اقتداء مخالف في الفروع الظنية، كـ: المالكي بحنفي أو شافعي أو حنبلي (2).
(1) قلت: لعل مراد صاحب الإرشاد من القول بالكراهة أنه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدًا وراءه بالمدينة إلا في غزواته، وقد كان من يتخلف عنها معدودا من زمرة المنافقين، إذا لم يكن من أهل الأعذار، فكان صلى الله عليه وسلم يستخلف ابن أم مكتوم لعدم من هو أولى منه، ويشهد بذلك أنه استخلف عليًا رضي الله عنه لما تخلف في بعض غزواته صلى الله عليه وسلم، واللَّه -تعالى- أعلم.
(2)
قال الأجهوري: " (و) جاز اقتداء (بمخالف في الفروع) الظنية كالمالكي بحنفي أو شافعي أو حنبلي، وحكى المازري إجماع حذاق الأصوليين على ذلك؛ لأنه إن كان كل مجتهدًا مصبيًا فواضح وإن كان أحدهم فكذلك لعدم التحقق ونوزع في دعواه الإجماع ومقتضي التعليل صحة الاقتداء به ولو رآه يأتي بمناف، وهو نحو قول ابن ناجي يقوم عندي من قولها: إن صلاة المالكي خلف الشافعي جائزة ولو رآه يفعل ما يخالف مذهب المقتدي، وهو خلاف ما كان شيخنا حفظه اللَّه تعالى ينقله عن عز الدين بن عبد السلام ويفتي به من أنه إنما هو حيث لا يراه وإلا فلا. انتهى. ومثل ما عند ابن ناجي للقراء في الفروق ومثل ما عند شيخه له في الذخيرة ولسند في طرازه وتحقيق ذلك أنه متى تحقق فعله للشرائط جاز الاقتداء به وإن كان لا يعتقد وجوبها، كما لو مسح الشافعي جميع رأسه ولا يضر اعتقاد سنيته بخلاف ما لو أم في الفريضة بنية النافلة أو مسح رجليه. انتهى. وذكر العوفي طاء بطاء من عند نفسه وهو إن ما =
وأطلق المؤلف الجواز ولم يعتبر تقييد من قيده بأن لا يراه يفعل ما يخالف؛ لأنّا إن قلنا: كل مجتهد مصيب (1)، فلا إشكال، أو: المصيب واحد فمجزئة؛ لعدم تحققه.
= كان شرطًا في صحة الصلاة لا تضر المخالفة فيه وما كان شرطًا في صحة الإتمام فإن المخالفة فيه تضر فالأول يأتم مالكي بمن لا يتدلك والثاني كان يأتم مفترض بمتنفل أو بمعيد الصلاة.
قلت: وهذا الأخير يتعين المصير إليه ولا ينبغي أن يجعل مقابلًا للمذهب وقال الفيشي رحمه اللَّه تعالى في شرح قول العزية: وتصح الصلاة خلف المخالف في الفروع الظنية كالمالكي خلف الشافعي، أي: وغيره فقد نقل المازري الإجماع على صحة الاقتداء بالمخالف في الفروع الظنية وظاهره مطلقًا، أي: رآه بمناف لمذهبه أو لا وقال سند: لا تصح إذا رآه يأتي بمناف، أي: مبطل وجمهور المتأخرين على أنه خلاف المشهور واختار الشيخ (صر) أن كلام سند تقييد لإطلاق أهل المذهب".
(1)
قال في مجموع الفتاوى (20/ 19، وما بعدها)، وقد سئل: هل كل مجتهد مصيب؟ أو المصيب واحد والباقي مخطئون؟ فأجاب: "قد بسط الكلام في هذه المسألة في غير موضع وذكر نزاع الناس فيها وذكر أن لفظ الخطأ قد يراد به الإثم؛ وقد يراد به عدم العلم. فإن أريد الأول فكل مجتهد اتقى اللَّه ما استطاع فهو مصيب؛ فإنه مطيع للَّه ليس بآثم ولا مذموم. وإن أريد الثاني فقد يخص بعض المجتهدين بعلم خفي على غيره؛ ويكون ذلك علمًا بحقيقة الأمر لو اطلع عليه الآخر لوجب عليه اتباعه؛ لكن سقط عنه وجوب اتباعه لعجزه عنه وله أجر على اجتهاده ولكن الواصل إلى الصواب له أجران كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر".
ولفظ "الخطأ" يستعمل في العمد وفي غير العمد قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)} والأكثرون يقرؤون (خطئًا) على وزن ردءًا وعلمًا. وقرأ ابن عامر (خطأ) على وزن عملًا كلفظ الخطأ في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} . وقرأ ابن كثير: (خطاء) على وزن هجاء. وقرأ ابن رزين: (خطاء) على وزن شرابًا. وقرأ الحسن وقتادة: (خطأ) على وزن قتلًا. وقرأ الزهري (خطا) بلا همز على وزن عدى. قال الأخفش: خطأ يخطأ بمعنى: أذنب وليس معنى أخطأ؛ لأن أخطأ في ما لم يصنعه عمدًا يقول فيما أتيته عمدًا: خطيت؛ وفيما لم يتعمده: أخطأت. وكذلك قال أبو بكر ابن الأنباري الخطأ: الإثم يقال: قد خطأ يخطأ إذا أثم وأخطأ يخطىء إذا فارق الصواب. وكذلك قال ابن الأنباري في قوله: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} فإن المفسرين كابن عباس وغيره قالوا: لمذنبين آثمين في أمرك وهو كما قالوا فإنهم قالوا: {يَاأَبَانَا=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} وكذلك قال العزيز لامرأته: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} ، قال ابن الأنباري: ولهذا اختير خاطئين على مخطئين وإن كان أخطأ على ألسن الناس أكثر من خطا يخطي؛ لأن معنى خطا يخطي فهو خاطئ: آثم ومعنى أخطأ يخطىء: ترك الصواب ولم يأثم. قال: عبادك يخطئون وأنت رب تكفل المنايا والحتوم وقال الفراء: الخطأ: الإثم الخطأ والخطا والخطاء ممدود. ثلاث اللغات. قلت: يقال في العمد: خطأ كما يقال في غير العمد على قراءة ابن عامر فيقال لغير المتعمد: أخطأت كما يقال له: خطيت ولفظ الخطيئة من هذا. ومنه قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} وقول السحرة: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51)} . ومنه قوله في الحديث الصحيح الإلهي: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم" وفي الصحيحين عن أبي موسى؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه: "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني اللَّهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي". وفي الصحيحين: عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول قال: أقول: اللَّهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللَّهم نقني من خطاياي كما ينفى الثوب الأبيض من الدنس، اللَّهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد".
والذين قالوا: كل مجتهد مصيب والمجتهد لا يكون على خطأ وكرهوا أن يقال للمجتهد: إنه أخطأ هم وكثير من العامة يكره أن يقال عن إمام كبير: إنه أخطأ وقوله: أخطأ لأن هذا اللفظ يستعمل في الذنب كقراءة ابن عامر: {إنه كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} ولأنه يقال في العامد: أخطأ يخطىء كما قال: "يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم" فصار لفظ الخطأ وأخطأ قد يتناول النوعين كما يخص غير العامل، وأما لفظ الخطيئة فلا يستعمل إلا في الإثم. والمشهور أن لفظ الخطأ يفارق العمد كما قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} الآية ثم قال بعد ذلك: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} . وقد بين الفقهاء أن الخطأ ينقسم إلى خطأ في الفعل؛ وإلى خطأ في القصد.
فالأول: أن يقصد الرمي إلى ما يجوز رميه من صيد وهدف، فيخطئ بها، وهذا فيه الكفارة والدية.
والثاني: أن يخطئ في قصده لعدم العلم؛ كما أخطأ هناك لضعف القوة وهو أن يرمى من يعتقده مباح الدم ويكون معصوم الدم كمن قتل رجلًا في صفوف الكفار ثم تبين أنه كان مسلمًا والخطأ في العلم هو من هذا النوع؛ ولهذا قيل في أحد القولين: إنه =