الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من غير أن يجمعهما على كتفيه. انتهى.
ولا ينافيه إطلاق الأول، واللَّه أعلم.
[القبض: ]
وهل يجوز القبض لكوع يده اليسرى بيده اليمنى، ويجعلهما تحت صدره فوق سرته في صلاة النّفل مطلقًا، طال أم لا، أو يجوز إن طول، ويكره إن قصر: تأويلان.
واختلف هل كراهته في الفرض للاعتماد لشبهه بالمستند، وهو تأويل عبد الوهاب، فلو فعله استئنافًا لا للاعتماد لم يكره، أو كراهته خيفة اعتقاد وجوبه، وليس واجبًا، أو كراهته خوف إظهار خشوع -أي: وليس موجودًا في الباطن- وهو تأويل عياض، وعليه فلا يختص ذلك بفرض ولا نفل: تأويلات.
ولم يذكر المؤلف من علل الكراهة كونه مخالفًا لعمل أهل المدينة (1).
(1) أدلة السدل على ما قال العلامة محمد المحفوظ بن محمد الأمين التنواجيوي الشنقيطي، هي:
(1)
حديث الطبراني في الكبير ولفظه (كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا كان في صلاته رفع يديه قبال أذنيه فإذا كبر أرسلها) اهـ. المراد منه، وهو يوافق معناه ما جاء في حديث أبي حميد الساعدي الآتي.
(2)
ومن الأدلة للسدل كذلك حديث أبي حميد الساعدي الذي أخرجه البخاري وأبو داود، وهو في سنن أبي داود من طريق أحمد بن حنبل قال:(اجتمع أبو حميد مع نحو عشرة من الصحابة من بينهم سهل بن سعد، فذكروا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قالوا: ولم، فواللَّه ما كنت بأكثرنا له تبعًا ولا أقدمنا له صحبة، قال: بلى، قالوا: فاعرض، قال: كان إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلًا ثم يقرأ ثم يكبر فيركع). انتهى. المراد منه، ولما فرغ قالوا له: صدقت، ومعلوم أن موضع اليدين من الإنسان القائم جنباه لا صدره، وسهل بن سعد راوي حديث (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على اليسرى) بين الحاضرين، ولو لم يكن يعلم أن الحديث ترك العمل به لقال له تركت وضع اليد على اليد، وهو إنما قال له صدقت، انظر: سنن أبي داود (1/ 194). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولأبي حميد رواية أخرى في نعت كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم بالفعل ترك فيها اليدين حتى استقرتا في موضعهما، وهذه الرواية الفعلية التي ذكرها الطحاوي وابن حبان.
(3)
ومن أدلته أيضًا ما نقل عن الحافظ ابن عبد البر في كتاب العلم أنه قال: (لقد نقل مالك حديث السدل عن عبد اللَّه بن الحسن) اهـ.
(4)
ومنها ما روي من كون العلماء قد أثبتوا كون عبد اللَّه بن الزبير كان لا يقبض ولا يرى أحدًا قابضًا إلا فك يديه، وقد نقل الخطيب في تاريخ بغداد كون عبد اللَّه بن الزبير أخذ صفة الصلاة من جده أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهذا يظهر منه على هذا القول كون أبي بكر رضي الله عنه كان لا يقبض، وهذه الرواية عن عمله، وروى عنه علمه بوقوع القبض، والظاهر تأخر العمل.
(5)
ومنها ما نقله ابن أبي شيبة عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسعيد بن المسيب وابن سيرين وسعيد بن جبير، فقال: إنهما كانوا لا يقبضون في الصلاة، وهم من كبار التابعين الآخذين عن الصحابة رضي الله عنهم ومعترف لهم بالعلم والورع.
ومثلهم أبو مجلز وعثمان النهدي وأبو الجوزاء، فقد نقل هؤلاء أن القبض خاص بأحبار اليهود وبالمسيحيين، فقد سئل ابن سيرين عن وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فقال: إنما ذلك من أجل الروم، وقال الحسن البصري: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كأني أنظر إلى أحبار اليهود واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة)، نقلًا عن ابن أبي شيبة".
(6)
ومن الأدلة أيضًا: كون السدل قال العلماء: إنه إما ندب أو مباح، وحين حاول أحد علماء الشافعية أن يقول: إنه مكروه رد عليه الآخرون بأن الإمام الشافعي في الأم قال: إنه لا بأس به لمن لا يعبث بيديه في الصلاة. وأما القبض ففيه مع قول الندب قول بالكراهة وقول بالمنع، فصار من الشبه التي يطلب تركها بالحديث المتفق عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات. . " الحديث، وحرمته نقلها محمد السنوسي في كتابه (شفاء الصدر باري المسائل العشر) وكذلك نقلها الحطاب وغيره عند الكلام على القبض في الصلاة.
(7)
ومن الأدلة أيضًا حديث المسيء صلاته الذي ذكرته رواية الحاكم عنه، وهي على شرط الشيخين، وفيها فروض الصلاة ومندوباتها ولم يذكر فيها القبض، ولفظه -بعد أن طلب المسيء صلاته أن يُعلَّم- قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه تلزمه الطهارة، ثم يكبر فيحمد اللَّه ويمجده ويقرأ من القرآن ما أذن اللَّه فيه، ثم يكبر فيركع ويضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله ويستوي، ثم يقول: سمع اللَّه لمن حمده، ويستوي قائمًا حتى يأخذ كل عظم مأخذه، ثم يقيم صلبه ثم يكبر فيسجد فيمكن جبهته من السجود حتى تطمئن مفاصله، ويستوي ثم يكبر فيرفع رأسه ويستوي قاعدًا على مقعدته ويقيم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= صلبه"، وصفَ الصلاة هكذا حتى فرغ ثم قال: "لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك" فرواية هذا الحديث من طريق الحاكم مصرحة بانحصار ما يفعل في الصلاة من الفروض والمندوبات ولم تذكر القبض، وقد قال ابن القصار وغيره: إن هذا من أوضح الأدلة على عدم طلب القبض في الصلاة.
(8)
ومن الأحاديث المماثلة له في الدلالة على عدم ذكر القبض بين مندوبات الصلاة: ما أخرجه أبو داود وصححه عن سالم البراد قال: أتينا عقبة بن عامر فقلنا له: حدثنا عن صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقام في المسجد فكبر، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك وجافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه، ثم قال: سمع اللَّه لمن حمده، فقام حتى استقر كل شيء منه، ثم كبر وسجد ووضع كفيه على الأرض ثم جافى بين مرفقيه حتى استقر كل شيء منه، ثم كبر ورافع رأسه فجلس حتى استقر كل شيء، ففعل ذلك أيضًا، ثم صلى أربع ركعات مثل هذه الركعة، ثم قال: هكذا رأيناه صلى الله عليه وسلم يصلي، فهذا حصر عند العلماء لم يبق بعده شيء دال على طلب القبض بصفته مندوبًا لأن المندوبات جاءت بالتمام، فهو دال على أن آخر عمله صلى الله عليه وسلم تركه للقبض إن صح فعله له.
(9)
ومن الأدلة كذلك: حديث النهي عن الاكتتاف في الصلاة، والقبض عندهم هو الاكتتاف، والحديث أخرجه الإمام مسلم، ولفظه هو: أن عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما قال لمن رآه يصلي ضافرًا رأسه: لا تفعل، فإني سمعت رسول اللَّه ي يقول:"إن مثل هذا كمثل من يصلي وهو مكتوف" أهـ.
وقال القرطبي (20/ 220): "وأما ما روي عن علي عليه السلام: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة: خرجه الدارقطني (فقد أختلف علماؤنا في ذلك على ثلاثة أقوال: الأول: لا توضع فريضة ولا نافلة لأن ذلك من باب الاعتماد ولا يجوز في الفرض ولا يستحب في النفل، الثاني: لا يفعلها في الفريضة ويفعلها في النافلة استعانة لأنه موضع ترخص، الثالث: يفعلها في الفريضة والنافلة وهو الصحيح لأنه ثبت أن رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) وضع يده اليمنى على اليسرى من حديث وائل بن حجر وغيره قال ابن المنذر: وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وحكى ذلك عن الشافعي واستحب ذلك أصحاب الرأي، ورأت جماعة إرسال اليد. وممن روينا ذلك عنه ابن المنذر والحسن البصري وإبراهيم النخعي. قلت: وهو مروي أيضًا عن مالك قال ابن عبد البر: إرسال اليدين ووضع اليمنى على الشمال كل ذلك من سنة الصلاة".
وممن ذهب إلى ترجيح القبض صاحب كتاب نصرة القبض، ولأهمية ما فيه أذكره لك بنصه: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم وصلى اللَّه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال العلامة المحقق الفهامة المدقق ناصر السنة المحمدية وينبوع المعارف الربانية سيدي محمد بن أحمد بن المسناوي تغمده اللَّه برحمته وأنالنا من بركاته آمين:
الحمد للَّه الذي جعل العلما مصابيح الاهتدا وأباح لعباده [. . .] بمن شاء منهم والاقتدا والصلاة والسلام على سيدنا محمد المتبوع الحقيقي في الانتها كالابتدا وعلى آله وأصحابه الذين من تمسك بشيء من مذاهبهم القويمة فقد رشد واهتدى وبعد: فلما وقع في هذه الأعصار التي هطلت فيها سحايب الجهل على البوادي والأمصار إنكار القبض على من فعله من المالكية في صلاة الفرض وبولغ في التشنيع عليه حتى نسب إلي ما لا يحب أحد أن ينسب إليه رسمنا في ذلك هذا التقييد وذكرنا فيه من نصوص الأئمة ما ليس عليه مزيد وضمناه ثلاثة مباحث: الأولان منها توطئة للثالث ترجمناه برسالة نصرة القبض والرد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض واللَّه ولي الإعانه والهادي إلى الصواب سبحانه.
المبحث الأول: في حكم القبض في صلاتي النفل والفرض:
اعلم أن قبض اليسرى باليمنى في قيام الصلاة وبدله مختلف فيه في مذهب مالك على أربعة أقوال مذكورة في مشاهير كتب أئمة مذهبه كمختصر ابن الحاجب وابن عرفة وغيرهما: الاستحباب والكراهة والجواز والمنع، فأما القول باستحبابه في الفرض والنفل وترجيحهما فيه على الإرسال والسدل فهو قول مالك في الواضحة وسماع القرينين أيضًا، واختاره غير واحد من المحققين كالإمام أبي الحسن اللخمي والحافظ أبي عمر بن عبد البر والقاضيين أبو بكر ابن العربي وأبي الوليد بن رشد وعده في مقدماته من فضائل الصلاة وتبعه القاضي عياض في قواعده، وكذا القرافي في كتاب الذخيرة صدر بأنه من الفضائل، ثم ذكر بعد ما فيه من الخلاف ومن اصطلاحه فيه تقديم المشهور على غيره كما نبه عليه في خطبته قال: وهو في الصحاح عنه صلى الله عليه وسلم ومثل ما للقرافي لابن جزي في قوانينه ونسبه عياض في الإكمال إلى الجمهور وهو أيضًا في الذخيرة للقرافي والميزان للشعراني. قول الأئمة الثلاثة الشافعي وأبي حنيفة وابن حنبل وزاد ابن عبد البر في الاستذكار على نسبته لمن ذكر نسبته لسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وداود بن علي وأبي جعفر الطبري وغيرهم من أئمة المذاهب قال القباب في شرح قواعد عياض: "قال اللخمي: إن القبض ثابت للحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم ولأنها وقفة العبد الذليل لربه وحديث البخاري المشار إليه هو ما رواه في باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة: عن عبد اللَّه بن سلمة عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال ح [لعله يريد الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه تعالى]: قوله: "كان =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الناس يؤمرون": هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي وقوله: "أبو حازم: لا أعلمه"، أي: سهل بن سعد "إلا ينمي": بفتح أوله وسكون النون وكسر الميم وفي رواية إسماعيل بن أبي أويس عن مالك ببناء ينمي للمفعول وعليها قالها في أعلمه: ضمير شأن والحديث على هذا مرسل لأن أبا حازم لم يعين من نماه قال أهل اللغة: نميت الحديث إلى غيري: رفعته وأسندته قال ابن حجر: "وفي اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي: نميت فمراده يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يقيد". اهـ واعترض بعضهم هذا وقال: إنه معلول لأنه ظن أبي حازم قال ابن حجر: ورد أن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه الخبر لكان في حكم المرفوع لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابي في مقام الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة: "كنا نؤمر بقضاء الصوم" فإنه محمول على أن الآمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. وأطلق البيهقي في أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل، واللَّه أعلم. ثم قال ابن حجر: "فإن قيل: لو كان مرفوعًا ما احتاج أبو حازم إلى قوله: لا أعلمه إلى آخر الحديث فالجواب: أنه أراد الانتقال إلى التصريح فالأول لا يقال له مرفوع وإنما يقال له حكم المرفوع". اهـ. وحديث مسلم هو ما أخرجه في باب وضع اليمنى على الأخرى في الصلاة عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فانظر لفظه فيه وقال المواق. ابن عرفة وروى القرينان: "يستحب، أي: القبض في الفريضة والنافلة" ابن رشد: وهو الأظهر لأن الناس كانوا يؤمرون به في الزمن الأول وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله" ونقل المواق أيضًا عن ابن العربي أنه قال: "كره مالك وضع اليد على الأخرى في الصلاة وقال: أنه ما سمع بشيء في قوله سبحانه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} ابن العربي: قد سمعنا وروينا محاسن والصحيح أن ذلك يفعل في الفريضة". اهـ وذكر في سنن المهتدين عن ابن عبد البر أنه قال في تمهيده: "لا وجه لكراهة وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة لأن الأشياء أصلها الإباحة ولم ينه اللَّه ورسوله عن ذلك فلا معنى لمن كره ذلك هذا لو لم ترو إباحته عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكيف وقد صح عنه فعله والحض عليه" وقال ابن حجر: "قال ابن عبد البر: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة". اهـ. ونص ما في موطأ مالك: عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال: "من كلام النبوة: "إذا لم تستح فافعل ما شئت" ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة تضع اليمنى على اليسرى وتعجيل الفطر والاستينا بالسحور". اهـ. وعبد الكريم هذا وإن كان ضعيفًا حتى قيل: إنه أضعف رجال الموطأ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قد توبع على هذا في الموطأ أيضًا عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك. اهـ وقد رواه البخاري كما تقدم بعض الكلام عليه وقال ابن حجر أيضًا: قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أنه يحصل بها اشتغال اليدين وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع وكان البخاري لاحظ ذلك فعقبه بباب الخشوع ومن اللطائف قول بعضهم: القلب موضع النية والعادة أن من احترز على شيء جعل يديه عليه. وقال عياض في الإكمال: وذهب جمهور العلماء من أئمة الفتوى إلى أخذ الشمال باليمين في الصلاة وأنه من سننها وتمام خشوعها وضبطها عن الحركة والعبث وهو أحد القولين لمالك في الفرض والنفل، ورأت طائفة إرسال اليدين في الصلاة منهم الليث وهو القول الآخر لمالك ثم قال: والآثار بفعل النبي صلى الله عليه وسلم والحض عليه صحيحة والاتفاق على أنه ليس بواجب وعن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} أن معناه وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة يعني: على الصدر عند النحر، وقيل في معنى ذلك غير هذا: من نحر الأضحية وصلاة العيد، وقيل: نحر البدن بمنى وصلاة الصبح بجمع اهـ بلفظه. ويرجح القبض أيضًا نص الأئمة كما في المواق على أن ما اختلف في مشروعيته أرفع درجة من المباح، قال عز الدين بن عبد السلام الشافعي في قواعده:"إن كان الخلاف في المشروعية فالفعل أفضل" فما كرهه أحد الأئمة رآه غيره ففعله أفضل كرفع اليدين في التكبيرات قال: "وإنما قلنا هذا لأن الشرع يحتاط لفعل المندوبات كما يحتاط لفعل الواجبات" اهـ. وهذا مقتضى مذهب مالك أيضأ فإنه نص في الموطأ على أن [. . .] المباح لا يوفي به وذهب فيما كرهه واستحبه غيره إلى أنه يلزم الوفاء به ألا ترى أنه قد كره هدي المعيب ونذره والإجارة مع الحج مع قوله: يلزم نذره وتنفيذ الوصية بالحج ترجيحًا لما اختلف على مشروعيته في المباح ومقتضى هذا كما قال الشيخ علي الأجهوري موافقة مذهب مالك لما ذكره عز الدين، كما أن مقتضاه أيضًا أن فعل القبض أفضل من تركه لاندراجه في هذه القاعدة وأما القول بكراهته فيهما فقد ذهب طائفة منهم الليث بن سعد إمام أهل مصر وهو القول الأخير لمالك ومذهب المدونة في الفريضة قال فيها:"ولا يضع يمناه على يسراه في فريضة وذلك جائز في النوافل لطول القيام" قال صاحب البيان: "ظاهره أن الكراهة في الفرض والنفل إلا أن أطال في النفل فيجوز"[. . .] وذهب غيره إلى أن مذهبه الجواز في النافلة مطلقًا لجواز الاعتماد فيها من غير ضرورة وقال الليث: "سدل اليدين في الصلاة أحب إلا أن يطول في القيام فلا بأس أن يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة" واختلف في توجيه الكراهة المروية عن مالك على أقوال، والذي عليه المحققون كالقاضي عبد الوهاب =