الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط: بعضها للصحة، وبعضها للكمال، بين ذلك مبتدئًا بشروط الصحة.
[شروط صحة الإمامة: ]
مشيرًا إليها بذكر نقائضها، فقال: وبطلت صلاة:
[الاقتداء بكافر: ]
[1]
باقتداء بمن -أي: بإمام- بان -أي: ظهر- في أثنائها أو بعدها كافرًا؛ لأن شرطه أن يكون مسلمًا، وسواء أسر أو جهر، أسلم أو لا، كان آمنًا أو لا.
تنبيه:
قال المشذالي: المفهوم من قوة كلامهم كونه بشرًا، ولو فرضنا جنيًا مؤمنًا: فهل تصح الصلاة خلفه أو لا.
قال صاحب أحكام الجان (1): تصح (2)؛ لأنه مكلف، وانظر بقية كلامه في الكبير.
(1) هو: محمد بن عبد اللَّه الشبلي الدمشقي، أبو عبد اللَّه، بدر الدين بن تقي الدين، (712 - 769 هـ = 1312 - 1367 م): فاضل متفنن، من فقهاء الحنفية، ولد بدمشق، وكان أبوه (قيم الشبلية) فيها، ورحل إلى القاهرة، وولي قضاء طرابلس الشام سنة 755 واستمر في القضاء إلى أن توفي بها.
وفي الدرر: قال ابن حبيب: كان يتثبت في أحكامه، ويحقق ما يبديه على ألسنة أقلامه، ويرابط في السواحل، ويلبس السلاح ويقاتل، وكان ذا محاضرة مفيدة ومنظوم ومنثور.
من كتبه (محاسن الوسائل إلى معرفة الأوائل - خ) و (آكام المرجان في أحكام الجان - ط)، و (تثقيف الألسنة بتعريف الأزمنة - خ) بخطه، سنة 743 في خزانة لا له لي بإستنابول، الرقم 1686 (كما في مذكرات الميمني - خ) و (الينابيع في معرفة الأصول والتفاريع - خ) في شسشربتي، (الرقم 3544). ينظر: الأعلام (6/ 234).
(2)
قال في آكام المرجان في أحكام الجان، ص 73:"الباب السادس والعشرون في حكم الصلاة خلف الجني، نقل ابن أبي الصيرفي الحراني الحنبلي في فوائده عن شيخه أبي البقاء العكبري الحنبلي أنه سئل عن الجن: هل تصح الصلاة خلفه؟ فقال: نعم لأنهم مكلفون والنبي صلى الله عليه وسلم مرسل إليهم، واللَّه أعلم".
ثم قال صاحب أحكام الجان: هل يدخل مؤمنهم الجنة أم لا؟ وأكثر أهل العلم على دخولهم فيها، والمأثور عن مالك والشافعي عدم دخولهم، وإنما هم في رياضها، بحيث يراهم المؤمنون ولا يرونهم.
وهل يرون اللَّه تعالى أو لا؟ قال عز الدين (1) في قواعده الصغرى: لا يرونه كما لا تراه الملائكة، وإنما الرؤية مختصة بالبشر، ولا يحكم بإسلام من بان كافرًا عند مالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة: إن كان بمسجد حكم بإسلامه؛ لأنه من شعار الإسلام، وإلا فلا (2).
(1) هو: عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، عز الدين الملقب بسلطان العلماء، (577 - 660 هـ = 1181 - 1262 م): فقيه شافعي بلغ رتبة الاجتهاد. ولد ونشأ في دمشق، وزار بغداد سنة 599 هـ فأقام شهرًا، وعاد إلى دمشق، فتولى الخطابة والتدريس بزاوية الغزالي، ثم الخطابة بالجامع الأموي، ولما سلم الصالح إسماعيل ابن العادل قلعة (صفد) للفرنج اختيارًا أنكر عليه ابن عبد السلام ولم يدع له في الخطبة، فغضب وحبسه. ثم أطلقه فخرج إلى مصر، فولاه صاحبها الصالح نجم الدين أيوب القضاء والخطابة ومكنه من الأمر والنهي. ثم اعتزل ولزم بيته، ولما مرض أرسل إليه الملك الظاهر يقول: إن في أولادك من يصلح لوظائفك. فقال: لا. وتوفي بالقاهرة.
من كتبه "التفسير الكبير" و"الالمام في أدلة الإحكام" وقواعد الشريعة - خ" و"الفوائد - خ" و"قواعد الإحكام في إصلاح الأنام - ط" فقه، وغير ذلك، وكان من أمثال مصر: "ما أنت إلا من العوام، ولو كنت ابن عبد السلام". ينظر: الأعلام (4/ 21).
(2)
نص ما فيه ص 67، وما بعدها: "الباب الرابع والعشرون: في دخول مؤمنيهم الجنة: اختلف العلماء في مؤمني الجن هل يدخلون الجنة على أربعة أقوال:
أحدها: أنهم يدخلون الجنة وعليه جمهور العلماء وحكاه ابن حزم في الملل عن ابن أبي ليلى وأبي يوسف وجمهور الناس قال وبه نقول، ثم اختلف القائلون بهذا القول إذا دخلوا الجنة هل يأكلون فيها ويشربون؟ وساقه منذر بن سعد في تفسيره فقال: حدثنا علي بن الحسن حدثنا عبد اللَّه ابن الوليد العدني عن جويبر عن الضحاك فذكره. وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا أحمد بن بجير حدثنا عبد اللَّه بن ضرار بن عمر وحدثنا أبي عن مجاهد أنه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة؟ قال: يدخلونها ولكن لا يأكلون ولا يشربون يلهمون من التسبيح والتقديس ما يجده أهل الجنة من لذة الطعام والشراب، وذهب الحارث المحاسبي إلى أن الجن الذين يدخلون الجنة يوم القيامة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= نراهم فيها ولا يروننا عكس ما كانوا عليه في الدنيا.
القول الثاني: أنهم لا يدخلونها بل يكونون في ربضها يراهم الإنس من حيث لا يرونهم، وهذا القول مأثور عن مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد حكاه ابن تيمية في جواب ابن مري وهو خلاف ما حكاه ابن حزم عن أبي يوسف، وقال أبو الشيخ: حدثنا الوليد بن الحسن بن أحمد بن الليث حدثنا إسماعيل بن مهرام حدثنا المطلب بن زياد أظنه قال: عن ليث بن أبي سليم قال: مسلمو الجن لا يدخلون الجنة ولا النار، وذلك أن اللَّه تعالى أخرج أباهم من الجنة فلا يعيده ولا يعيد بنيه.
القول الثالث: أنهم على الأعراف، وفيه حديث مسند سيأتي ذكره إن شاء اللَّه تعالى.
القول الرابع: الوقف.
واحتج أهل القول الأول بوجوه:
أحدها: العمومات كقوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)} ، وقوله تعالى:{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} وقوله صلى الله عليه وسلم: "من شهد أن لا إله إلا اللَّه خالصًا دخل الجنة" فكما أنهم يخاطبون بعمومات الوعيد بالإجماع فكذلك يكونون مخاطبين بعمومات الوعد بطريق الأولى، ومن أظهر حجة في ذلك قوله تعالى:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47)} إلى آخر السورة، والخطاب للجن والإنس فامتن عليهم سبحانه بجزاء الجنة ووصفها لهم وشوقهم إليها فدل ذلك على أنهم ينالون ما امتن عليهم به إذا آمنوا وقد جاء في حديث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه لما تلا عليهم هذه السورة:"الجن كانوا أحسن ردًا وجوابًا منكم ما تلوت عليهم من آية إلا قالوا ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب" رواه الترمذي.
الوجه الثاني: ما استدل به ابن حزم من قوله: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} وبقوله تعالى: حاكيا عنهم ومصدقًا لمن قال ذلك منهم: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ} وقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} ، وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} إلى آخر السورة. قال: صفة تعم الجن والإنس عمومًا لا يجوز البتة أن يخص منها أحد النوعين ومن المحال الممتنع أن يكون اللَّه تعالى يخبرنا بخبر عام وهو لا يريد إلا بعض ما أخبرنا به ثم لا يبين ذلك وهو ضد البيان الذي ضمنه اللَّه تعالى لنا فكيف وقد نص على أنهم من جملة المؤمنين الذين يدخلون الجنة ولا بد.
الوجه الثالث: روى منذر وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن مبشر بن إسماعيل قال: تذاكرنا عند ضمرة بن حبيب أيدخل الجن الجنة؛ قال: نعم وتصديق ذلك في كتاب اللَّه تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} للجنيات والإنس للإنسيات. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الجمهور: فدل على تأتي الطمث من الجن؛ لأن طمث الحور العين إنما يكون في الجنة.
الوجه الرابع: قال أبو الشيخ حدثنا إسحاق بن أحمد حدثنا عبد اللَّه بن عمران حدثنا معاوية حدثنا عبد الواحد بن عبيد عن الضحاك عن ابن عباس قال: الخلق أربعة؛ فخلق في الجنة كلهم وخلق في النار كلهم وخلقان في الجنة والنار، فأما الذي في الجنة كلهم فالملائكة، وأما الذي في النار كلهم فالشياطين وأما الذين في الجنة والنار فالإنس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب.
الوجه الخامس: أن العقل يقوي ذلك وإن لم يوجبه، وذلك أن اللَّه تعالى قد أوعد من كفر منهم وعصى النار فكيف لا يدخل من أطاع منهم الجنة وهو سبحانه وتعالى الحكم العدل الحليم الكريم، فإن قيل: قد أوعد اللَّه تعالى من قال من الملائكة إنه إله من دونه ومع هذا ليسوا في الجنة؛ فالجواب من وجوه.
أحدهما: أن المراد بذلك إبليس لعنه اللَّه قال ابن جريج في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} ومن يقل منهم إني إله من دونه فلم يقله إلا إبليس لعنه اللَّه دعا إلى عبادة نفسه فنزلت هذه الآية فيه -يعني إبليس- لعنه اللَّه وقال قتادة: هي خاصة بعدو اللَّه إبليس لعنه اللَّه لما قال ما، قال لعنه اللَّه وحوله شيطانا رجيمًا قال:{فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} حكى ذلك عنهما الطبري.
الوجه الثاني: أن ذلك وإن سلمنا إرادة العموم منه فهذا لا يقع من الملائكة عليهم السلام بل هو شرط والشرط لا يلزم وقوعه وهو نظير قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ، والجن يوجد منهم الكافر ويدخل النار.
الوجه الثالث: أن الملائكة وإن كانوا لا يجازون بالجنة إلا أنهم يجازون بنعيم يناسبهم على أصح قول العلماء.
واحتج أهل القول الثاني بقوله تعالى حكاية عن الجن أنهم قالوا لقومهم: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)} قالوا: فلم يذكر دخول الجنة فدل على أنهم لا يدخلونها لأن المقام مقام تبجح والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أنه لا يلزم من سكوتهم أو عدم علمهم بدخول الجنة نقية.
الوجه الثاني: إن اللَّه أخبر أنهم ولوا إلى قومهم منذرين فالمقام مقام إنذار لا مقام بشارة.
الوجه الثالث: أن هذه العبارة لا تقتضي نفي دخول الجنة بدليل ما أخبر اللَّه تعالى عن الرسل المتقدمة أنهم كانوا ينذرون قومهم العذاب ولا يذكرون لهم دخول الجنة كما أخبر عن نوح عليه السلام في قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} ، وهود =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عليه الصلاة والسلام: {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ، وشعيب عليه الصلاة السلام:{عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ، وكذلك غيرهم، وقد أجمع المسلمون على أن مؤمنهم يدخل الجنة.
الوجه الرابع: إن ذلك يستلزم دخول الجنة؛ لأن من غفر ذنبه وأجير من عذاب اللَّه تعالى وهو مكلف بشرائع الرسل فإنه يدخل الجنة، وقد ورد في القول الثالث حديث ساقه الحافظ أبو سعيد عن محمد ابن عبد الرحمن الكنجرودي في أماليه فقال: حدثنا أبو الفضل نصر بن محمد العطار نا أحمد بن الحسين بن الأزهر بمصر حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي حدثنا الوليد بن موسى حدثنا منبه عن عثمان عن عروة بن رويم عن الحسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب" فسألنا عن ثوابهم وعن مؤمنيهم فقال: "على الأعراف وليسوا في الجنة" فقالوا: ما الأعراف قال: "حائط الجنة تجري منه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار" قال شيخنا الحافظ أبو عبد اللَّه الذهبي تغمده اللَّه تعالى برحمته هذا منكر جدًا، واللَّه تعالى أعلم.
الباب الخامس والعشرون: في أن مؤمنيهم إذا دخلوا الجنة هل يرون اللَّه تعالى أم لا؟ قد وقع في كلام ابن عبد السلام في القواعد الصغرى ما يدل على أن مؤمني الجن إذا دخلوا الجنة لا يرون اللَّه تعالى وأن الرؤية مخصوصة بمؤمني البشر؛ فإنه صرح بأن الملائكة لا يرون اللَّه تعالى في الجنة، ومقتضى هذا أن الجن لا يرونه فإنه صرح قال: وقد أحسن اللَّه تعالى إلى النبيين والمرسلين وأفاضل المؤمنين بالمعارف والأحوال والطاعات والإذعان ونعيم الجنان ورضا الرحمن والنظر إلى الديان مع سماع تسليمه وكلامه وتبشيره بتاييد الرضوان ولم يثبت للملائكة مثل ذلك ولا شك أن أجساد الملائكة أفضل من أجساد البشر وأما أرواحهم فإن كانت أعرف باللَّه تعالى وأكمل أحوالا بأحوال البشر فهم أفضل من البشر وإن استوت الأرواح في ذلك فقد فضلت الملائكة البشر بالأجساد؛ فإن اجسادهم من نور وأجساد البشر من لحم ودم وفضل البشر الملائكة بما ذكرناه من نعيم الجنان وقرب الديان ورضاه وتسليمه وتقريبه والنظر إلى وجهه الكريم وإن فضلهم البشر في المعارف والأحوال والطاعات كانوا بذلك أفضل منهم وبما ذكرناه مما وعدوا به في الجنان ولا شك أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد والصبر ومجاهدة الهوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ الرسالات والصبر على البلايا والمحن والرزايا ومشاق العبادات لأجل اللَّه تعالى، وقد ثبت أنهم يرون ربهم ويسلم عليهم ويبشرهم بإحلال رضوانه عليهم أبدًا ولم يثبت مثل هذا للملائكة عليهم الصلاة والسلام وإن كان الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون فرب عمل يسير أفضل من تسبيح كثير وكم من نائم أفضل من قائم، وقد قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} ، =