الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن وهب: (لا يسأمون). وخير ابن حبيب عنه.
[ما ليس من عزائم السجود: ]
لا في ثانية الحج؛ لأنها في مقابلة الركوع الذي هو أحد أركان الصلاة.
ولا في سجدة النجم، مع أنها أول سورة أعلن رسول صلى الله عليه وسلم اللَّه بقراءتها في الحرم، والمشركون يسمعون، وفيها سجد وسجد معه المؤمنون والمشركون والجن والإنس غير أبي لهب (1)، فإنه رفع حفنة من تراب إلى جبهته، وقال: يكفي هذا (2)، ذكره صاحب البحر، وهو عند مالك محمول على النسخ؛ لإجماع قراء المدينة وفقهائها على ترك ذلك، مع تكرر القراءة ليلًا ونهارًا، ولا يجمعون على ترك السنة، قاله في الذخيرة.
ولا سجود في الانشقاق، وقال ابن حبيب: يسجد في آخرها. الباجي: عند قوله: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)} .
ولا في سورة القلم، وأثبته ابن وهب وابن حبيب فيها، والإحدى عشرة الأولى تسمى عزائم مبالغة في فعل السجود فيها؛ مخافة أن يترك (3).
(1) هو: عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، (000 - 2 هـ = 000 - 624 م) من قريش: عم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأحد الاشراف الشجعان في الجاهلية، ومن أشد الناس عداوة للمسلمين في الإسلام. كان غنيًا عتيًا، كبر عليه أن يتبع دينًا جاء به ابن أخيه، فآذى أنصاره وحرض عليهم وقاتلهم. وفيه الآية {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} وكان أحمر الوجه، مشرقًا، فلقب في الجاهلية بأبي لهب. مات بعد وقعة بدر بأيام ولم يشهدها. ينظر: الأعلام (4/ 12).
(2)
رواه البخاري (4/ 1460، رقم: 3754).
(3)
قال في الاستذكار (2/ 502، وما بعدها): "باب ما جاء في سجود القرآن:
450.
ذكر فيه مالك عن عبد اللَّه بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قرأ لهم: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سجد فيها، وهذا حديث طرقه عن أبي هريرة كثيرة صحاح كلها قد ذكرنا في التمهيد كثيرًا منها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومنها ما رواه أبو داود الطيالسي قال حدثنا قرة بن خالد قال حدثنا محمد بن سيرين قال حدثنا أبو هريرة قال سجد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} [الانشقاق: 1]، و:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] ومن هو خير منهما، وذكره النسائي عن إسحاق بن راهويه عن المعتمر عن قرة عن أبي بكر عن أبي هريرة مثله سواء وتابع بن سيرين على زيادة:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]، وفي هذا الحديث عن أبي هريرة أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعطاء بن ميناء والأعرج وروى الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قال: رأيت عمر وعبد اللَّه يسجدان في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .
والثوري عن عاصم عن زر عن علي رضي الله عنه قال العزائم أربع: ألم تنزيل السجدة، وحم السجدة، والنجم، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} .
والثوري ومعمر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مثله.
وسليمان بن مسلم بن جماز الزهري عن أبي جعفر يزيد بن القعقاع القارئ أنه أخبره أنه رأى أبا هريرة يسجد في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} .
وفي الموطأ عند جماعة من رواته عن مالك أنه بلغه عن عمر بن عبد العزيز قال لمحمد بن قيس القاضي اخرج إلى الناس فمرهم أن يسجدوا في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} .
فهذه مسألة فيها الحديث الصحيح المسند وعمل الخلفاء الراشدين وجماعتي الصحابة والتابعين وذلك نقيض السجود في المفصل.
451 -
وروى مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر سجد في {وَالنَّجْمِ} .
وقد روى ابن وهب عن مالك إجازة ذلك وقال لا بأس به، وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق وأبي ثور وأحمد بن حنبل وداود، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعمار وأبي هريرة وابن عمر على اختلاف عنه وعمر بن عبد العزيز وجماعة من التابعين، ورواه ابن القاسم وجمهور من أصحاب مالك عن مالك وهو الذي ذهب إليه في موطئه أن لا سجود في المفصل، وهو قول أكثر أصحابه وطائفة من المدينة وقول ابن عمر وابن عباس وأبي بن كعب، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وطاوس وعطاء وأيوب كل هؤلاء يقولون ليس في المفصل سجود بالأسانيد الصحاح عنهم وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: أدركت القراء لا يسجدون في شيء من المفصل.
وروى يحيى بن يحيى في الموطأ قال: قال مالك: الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء.
ورواية يحيى هذه عن مالك في الموطأ الأمر المجتمع عليه عندنا، كذلك رواه ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= القاسم والشعبي وابن بكير والشافعي رحمه الله عن مالك في الموطأ.
وإنما قلت: إن رواية يحيى صاحبنا أصح وأولى من رواية غيره لأن الاختلاف فى عزائم سجود القرآن بين السلف والخلف بالمدينة معروف عند العلماء بها وبغيرها، ورواية يحيى متأخرة عن مالك، وهو آخر من روى عنه وشهد موته بالمدينة ويحتمل أن يكون قوله المجتمع عليه أراد به أنه لم يجتمع على ما سوى الإحدى عشرة سجدة كما اجتمع عليها، تأول هذا ابن الجهم، وهو حسن.
ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عكرمة بن خالد أن سعيد بن جبير أخبره: أنه سمع ابن عباس وابن عمر يعدان كم في القرآن من سجدة فقالا: الأعراف والرعد والنحل وبنو إسرائيل ومريم والحج أولها والفرقان وطس وآلم تنزيل وص وحم السجدة إحدى عشرة سجدة قالا وليس في المفصل منها شيء.
هذه رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس، وروى أبو حمزة الضبعي مثله، وروى عطاء عنه أنه لا يسجد في (ص)، ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أنه عد سجود القرآن عشرًا.
ومن حجة من لم ير السجود في المفصل حديث الليث عن ابن الهاد عن أبي سلمة أنه قال لأبي هريرة حين سجد بهم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} [الانشقاق: 1]: لقد سجدت في سجدة ما رأيت الناس يسجدون فيها. قالوا: هذا دليل على أن السجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} كان الناس قد تركوه وجرى العمل بتركه.
وحجة من خالفه رأى الحجة في السنة لا فيما خالفها، ورأى من خالفها محجوج بها، ومن حجة من لم ير السجود في المفصل حديث مطر الوراق عن عكرمة عن ابن عباس: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة.
وهذا حديث منكر؛ لأن أبا هريرة لم يصحبه إلا بالمدينة وقد رآه يسجد في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]، وحديث مطر لم يروه عنه إلا أبو قدامة، وليس بشيء.
واحتج أيضًا من لم ير السجود في المفصل بحديث عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت قال قرأت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] فلم يسجد فيها.
وهذا لا حجة فيه لأن السجود ليس بواجب عندنا ومن شاء سجد ومن شاء ترك على أن زيدا كان القارئ ولم يسجد فلذلك لم يسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد روى عبد اللَّه بن مسعود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سجد في {وَالنَّجْمِ} .
452 -
وذكر مالك في هذا الباب أيضًا عن نافع مولى ابن عمر أن رجلًا من أهل مصر أخبره: أن عمر بن الخطاب قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين، ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 453 - وعن عبد اللَّه بن دينار أنه قال رأيت عبد اللَّه بن عمر يسجد في سورة الحج سجدتين، وهذه السجدة الثانية من الحج اختلف فيها الخلف والسلف وأجمعوا على أن الأولى من الحج يسجد فيها.
وقال الطحاوي: كل سجدة جاءت بلفظ الخبر فلم يختلفوا في أنه يسجد فيها واختلفوا فيما جاءت بلفظ الأمر.
وأما اختلافهم في السجدة الآخرة من الحج فقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما ليس في الحج سجدة إلا واحدة وهي الأولى، وروي ذلك عن سعيد بن جبير والحسن البصري وجابر بن زيد.
واختلف فيها عن ابن عباس، وقال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري في الحج سجدتان، وهو قول عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد اللَّه بن عمر وأبي الدرداء وأبي موسى الأشعري وعبد اللَّه بن عباس على اختلاف عنه، وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي العالية الرياحي.
وقال أبو إسحاق السبيعي: أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين.
وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل كم في الحج من سجدة؟ فقال: سجدتان، قيل له: حدث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الحج سجدتان" قال: نعم، رواه ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في الحج سجدتان ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما".
يريد فلا يقرأهما إلا وهو طاهر، قال: وهذا يؤكد قول عمر وابن عمر وابن عباس أنهم قالوا فضلت سورة الحج بسجدتين.
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن عمر وابن عمر كان يسجدان في الحج سجدتين قال: وقال ابن عمر لو سجدت فيها واحدة كانت السجدة الآخرة أحب إلي.
واختلفوا في سجدة (ص)، فذهب مالك والثوري وأبو حنيفة إلى أن فيها سجودًا، وروي ذلك عن عمر وابن عمر وعثمان وجماعة من التابعين، وبه قال إسحاق وأحمد وأبو ثور، واختلف في ذلك عن ابن عباس، وذهب الشافعي إلى أن لا سجود في (ص) وهو قول بن مسعود وعلقمة.
وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: إنما هي توبة نبي ذكرت وكان لا يسجد فيها، يعني (ص).
وقال ابن عباس: ليست سجدة (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسجد فيها، وقد ذكرنا الآثار المسندة وغيرها في سجدة (ص) في التمهيد.
واختلفوا في جملة سجود القرآن، ذهب مالك وأصحابه إلى أنها إحدى عشرة سجدة =