الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: الحكم فيما إذا أخذ الإمام من المقترض ما استقرضه من غنيمة غانم، وكانت العين باقية، وتفرق الجند وعسر فضّ وتوزيع مُدٍّ من طعامٍ على مائة ألف
.
هذه المسألة في الطعام يقرضه غانمٌ لغانم آخر، وكانت العين باقية، وأخذ الإمام الطعام من المقترض، وقد تفرق الجيش وعسُر توزيع الطعام؛ لقلته وكثرة الجند، كأن يكون مدًّا، والجيش مائة ألف.
للعلماء في ذلك أقوال:
القول الأول: إن لم تُقسم الغنائم رَدُّوها إلى المغنم، وإن قُسمت الغنيمة فإن كانوا أغنياء تصدقوا به على الفقراء، وإن كانوا فقراء انتفعوا به، وهو قول الحنفية (1).
القول الثاني: تصدق به على الفقراء، بعد إخراج خُمسه للإمام، وهو قول المالكية (2).
القول الثالث: يصرفه الإمام إلى خُمس الخمس (سهم المصالح)، ويجعل كأن الغانمين أعرضوا عنه، وهو المعتمد عند الشافعية (3)
واختاره الصيدلاني (4).
القول الرابع: سبيله سبيل الفيء، وهو وجه عند الشافعية (5).
(1) بدائع الصنائع (7/ 124)، مجمع الأنهر (1/ 644).
(2)
المدونة (1/ 523)، النوادر والزيادات (3/ 209، 351)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/ 180)، مختصر خليل (ص: 89)، شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (3/ 205)، شرح مختصر خليل للخرشي (3/ 116)، أسهل المدارك (2/ 11).
(3)
نهاية المطلب (17/ 439)، روضة الطالبين (10/ 264)، أسنى المطالب (4/ 198)
قال: الإمام: ولا ريب أن إخراج الخمس منه ممكن، وإنما هذا في الأربعة الأخماس. مغني المحتاج (6/ 45).
(4)
في نهاية المطلب (17/ 439): "قال الصيدلاني: الإمام يصرفه إلى خمس الخمس، عنى بذاك سهمَ المصالح، ويجعل كأن الغانمين أعرضوا عنه". وانظر: روضة الطالبين (10/ 264).
(5)
انظر: نهاية المطلب (17/ 439).
القول الخامس: أقرع الإمام بين الجند فيها، وهو قول الحنابلة (1).
تعليل القول الأول:
1.
قالوا: يرد الثمن إلى الغنيمة؛ لأن الثمن بدل مال تعلق به حق الغانمين، فكان مردودًا إلى المغنم (2).
2.
ولتعذر قسمته على الغزاة؛ لكثرتهم وقلته، فأشبه اللقطة (3).
3.
وإن كانت لم تقسم الغنائم ردوها إلى المغنم؛ لزوال حاجته واندفاع الضرورة (4).
تعليل القول الثاني:
قالوا: لأنه كمالٍ جُهلت أربابه، فيعطى الإمام الخمس، ويتصدق عنهم الباقي (5).
تعليل القول الثالث:
القياس على الغانمين إذا أعرضوا عن الغنيمة (6).
تعليل القول الرابع:
قالوا: لأنه خرج عن حكم المغنم؛ فيكون مثل الفيء (7).
ونوقش:
بأنه ضعيف لا أصل له؛ إذ لو كانوا كذلك، لما وجب الرّد إلى المغنم إذا أمكن الردّ. وقد اتفق الشافعية على وجوب ذلك (8).
(1) انظر: المغني (9/ 281)، الإنصاف (4/ 155)، الإقناع (2/ 21)، مطالب أولي النهى (2/ 560).
(2)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 124)، مجمع الأنهر (1/ 644).
(3)
بدائع الصنائع (7/ 124).
(4)
نفس المرجع.
(5)
انظر: شرح مختصر خليل للخرشي (3/ 116).
(6)
انظر: نهاية المطلب (17/ 439).
(7)
نفس المرجع. والفيء: ما أخذ من أموال الكفار بغير قتال. انظر المبسوط (10/ 7)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 477)، الأم (4/ 139)، كشاف القناع (2/ 420).
(8)
انظر: نهاية المطلب (17/ 439).
تعليل القول الخامس:
قالوا: لأنه لا مرجح غير القرعة (1).
الترجيح:
الذي يظهر -والله أعلم- القول الأخير؛ وهو أن يقرع الإمام بين الجند؛ لأن الاستحقاق مشاع بين الجند، ولا مرجِّح لبعضهم دون بعض غير القرعة.
* * *
(1) انظر: مطالب أولي النهى (2/ 560)، كشاف القناع (3/ 75).